الجمعة. ديسمبر 27th, 2024

إعداد فاتن الجباري قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية

إشراف قسم البحوث الأمنية والعسكرية

تونس 17-01-2024

الشرق الاوسط هي المنطقة المعروفة بأهمية جغرافيتها السياسية الدولية كمسرح جيواستراتيجي، حيث تشكّل مساحة تماسٍّ بين القارات الأوروبية والآسيوية والأفريقية.

يشير عمومًا إلى منطقة بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية والأناضول بما في ذلك تركيا ومصر والعراق وايران.

كما أنّ معظم دول الشرق الأوسط هي جزء من  العالم العربي. والدول الأكثر اكتظاظًا في المنطقة هي مصر وإيران وتركيا، في حين تعد المملكة العربية السعودية الأكبر من حيث المساحة.

 يشكل العرب المجموعة الإجتماعية العرقية الرئيسية في المنطقة، ويتبعهم الأتراك والفرس والأكراد ،والأذريون، والأقباط واليهود والآشوريون، والتركمان والعراقيون واليونان والقبرصيون .

مستقبل هذه المنطقة يبدو قاتما وفق أغلب الخبراء، بالنسبة لمستقبل سكان المنطقة البالغ عددهم 500 مليون نسمة، كما يرسم صورة لآفاق المنطقة تنذر بالخطر هو ليس فقط بخطر التناحر بين المذاهب والاديان بل هو ثغرة التدخلات العسكرية التي يتسرب منها الغرب عموما وعلى شاكلة تحددها أمريكا أو غيرها من التحالفات الوازنة بالمنطقة.

وأيضا مزيد من استراتيجيات نهب الثروات واستهلاك المقدرات تفقيرا لشعوب هذه الدول تحت غفلة استدامة الأزمات منها الاقتصاديات الهشة والإطاحة بكل المشاريع النامية دون الإبقاء على أي فرصة للتطور أو الإزدهار هناك فما فتئت الدول العربية إلا أن تكون ملاجئ، ويقع إفتعال الحروب وأنشاء المستوطنات لتتسع شيئا فشيئا من فلسطين الى كل من لبنان وسوريا ومصر… وهكذا وصل الحد فكرة استنباط مخططات تهجير جماعي.

مؤشرات النظام سياسي في طور الانهيار

إن النظام السياسي بالشرق الأوسط  هو حقا في طور الانهيار، فكل المعايير تشير الى ذلك والأمثلة كثيرة ولعل من بينها السودان

وما ماثلها ويرجع ذلك الى مثلث الإستبداد ما بعد الاستعمار، والدعم الغربي للقادة العملاء حيث تعقد “صفقات البقاء في الحكم تحت تنازلات ” مقابل التدخل العسكري، وإثارة التطرف وصناعة الإرهاب…

 وإن كل من هذه القوى والهياكل تغذي بعضها البعض في حلقة مدمرة تمنع ظهور حكم مدني وديمقراطي في جميع أنحاء المنطقة.

الاستخدام الشامل للعقوبات الاقتصادية هي إحدى العقوبات الذكية التي تستخدمها القوى العالمية المتغطرسة إزاء أي “نظام مارق” عن الحكم العالمي كما هو الحال في ايران وغيرها ثم أن النظام العالمي وضع نوعا جديدا من هذه العقوبات يتمثل في تشريعات الولاية القضائية العالمية، والتي تم إستخدامها لتقديم المسؤولين الأفراد إلى المحاكمة بتهم تضعها الولاية القضائية العالمية .

ثم هناك مجموعة من التساؤلات المتعلقة بتأثير التكنولوجيات الجديدة “الذكاء الاصطناعي”، بالنسبة الى الشرق الاوسط أدت التكنولوجيا الحربية المستخدمة بمنطقة الشرق الأوسط إلى مزيد  تفاقم الصراع الإقليمي أين خلفت الملايين من القتلى في عملية طوفان الأقصى، لقد تم توظيف الذكاء الاصطناعي ليس  لحل المشاكل الناتجة عن تزايد عدد السكان والتوسع الحضري السريع وتغير المناخ بل في قتل الألاف وتشريد الملايين وقطع الغذاء وسد المنافذ وغيره من الازمات الإنسانية.

خفض توقعات النمو الاقتصادي في ظل استمرار الحرب

وتشير مذكرة حديثة صادرة عن خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن الصندوق يخفض توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مضيفة أن الصراع واسع النطاق ومن المرجح أن تشكل هذه الأزمة، التي تشمل عدة دول تحديا اقتصاديا كبيرا للمنطقة بأكملها في عام 2024 وما بعده.

ومع استمرار الحرب الراهنة، سيستمر أيضًا الدمار والتشريد والحرمان والمرض وسوف تتضاعف مؤشرات الكارثة الدولية، وسوف يهرب المزيد إلى مناطق اخرى، وقد تدخل مجموعات مسلحة جديدة وجماعات متمردة حيث سيكتسب اقتصاد الحرب زخمًا و عائدات أكبر، في ضل رواج سوق السلاح العالمي وأسعار المحروقات والنفط وارتفاع مستوى طلب تجنيد الشباب في إطار مجمعات مدربة .

على طاولة المفاوضات، عجزت الهيئات الدولية أو الإقليمية على مراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار فلم تعد فكرة فض النزاعات بالطرق السلمية أمرا ذا جدوى، فلغة التدخل العسكري استحوذت على منطق السلام العالمي .

ناهيك عن حالة تمزق وقطيعة بين مختلف حكومات الشرق الأوسط معا وهو السبب الأساسي الذي أدى إلى إستشراء الحرب وعدم  نجاح  هذه الأنظمة مجتمعة في الضغط على الجهات الخارجية لوقف تأجيج الحرب أو حتى إقناع الأطراف المتصارعة بإستئناف الوساطة كما هو الحال في جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي في قضية السودان، الصراع العربي الإسرائيلي، الموقف التركي المصعّد ضد كل من أكراد العراق وسوريا وغيره …

خلاصة :

قد يكون الوصف الأكثر ملائمة حيال الوضع الحالي، هو مزيد من تصدير حالة الفوضى وإتساع رقعة الحرب الإقليمية بالانزلاق  نحوها.

 حيث أدى تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله إلى تزايد المخاوف من امتداد الصراع في غزة إلى لبنان ثم سوريا، كما أن اليمن أصبحت إحدى أهم  محاور هذه الحرب خاصة في ظل أزمة الملاحة في البحر الأحمر مع الدعم الايراني لجهود المقاومة وهو ما عزز الحضور العسكري الغربي هناك.

مصر هي الأخرى ليست بمنأى عن التصدع الإسرائيلي بالنسبة إلى محور فيلادلفيا أما الحرب الأهلية بالسودان فهي تبقى قائمة في ظل  عدم وجود جهود التهدئة الدولية لنزع فتيل شبح حرب إقليمية.

وعليه يبدو الشرق الأوسط أمام احتمالين أساسيين:

1 – حصول “صفقة كبرى” من المستبعد حصولها في المدى القريب تؤدى إلى ترتيب المنطقة من خلال اقتسام الغنائم بين الأقطاب الكبرى المتصارعة القائمة على التفاهمات والصفقات،

2-  أو الاستمرار في سياقات التفجير والإنهيار ومحاولات محاصرة الفوضى لمنعها من الإنزلاق وهذا هو المرجح.

By Zouhour Mechergui

Journaliste