اعداد الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية
من قبل دخولها الى البريكس تعتبر الإمارات العربية المتحدة من أهم الشركاء الاستراتجيين لجمهورية الصين الشعبية وتتميز هذه العلاقة بروابط اقتصادية وتجارية واسعة ومتعددة فهيمن أهم الشركاء الاستراتيجيين للدولة على المستوى العالمي وكذلك مع الدول التي ستكون مساهمة في الممرات التجارية لطريق الحرير التي ستربط الشرق بالغرب.
فمنذ إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” تعد دولة الإمارات بإمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في منطقة الخليج العربي مشاركاً فاعلاً في المبادرة.
كما لا يجب أن ننسى أن الاشتراك والمشاركة في مبادرة الحزام والطريق بالنسبة لدولة الإمارات المتحدة هي بمثابة فرصة مواتية لتطلعات الدولة التنموية والاستثمارية إقليمياً ودولياً.
لا سيما وأن المبادرة تركز على دور الإمارات المحوري في التجارة الدولية وتتماشى مع توجهات الإمارات، وكذلك من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي انتهجتها قبل سنتين من الآن، ومع دخول 4 اتفاقيات دولية حيز النفاذ جنبا إلى جنب مع دعم حركة إعادة التصدير التي تشكل ركنا أساسيا من تجارة الإمارات غير النفطية حيث تساهم بنسبة تقترب من 30% من تجارة الإمارات غير النفطية.
وشاركت الإمارات في أعمال الدورة الثامنة من قمة “مبادرة الحزام والطريق” التي تعقد في “هونغ كونغ”، وذلك بهدف تعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك على مستوى القطاعين الحكومي والخاص وبناء الشراكات التجارية والتنموية في قطاعات الاقتصاد الجديد والتكنولوجيا وريادة الأعمال.
و تتمتع الإمارات بقدرات لوجستية متطورة ممثلة في مطاراتها المتطورة وموانئها العالمية التي باتت تصنف كأكبر مناول للحاويات في منطقة الشرق الأوسط وذلك علاوة على قدراتها في نقل كميات كبيرة من البضائع والتي يمكن أن تستخدم في دمج الطرق البرية مع الممرات الملاحية في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية .
ماهي مساهمات مبادرة الحزام والطريق بالنسبة الى دولة الإمارات المتحدة؟
وفي ظل هذه الميزة التنافسية للإمارات فإن مبادرة “الحزام والطريق” ستسهم في:تعزيز قوة ومكانة الدولة كمركز عالمي للتجارة السلعية والخدمات اللوجستية وهو ما يرسخ من مكانتها كنقطة اتصال استراتيجية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا .
وتنعكس مشاركة الإمارات ودعمها للمبادرة إيجابا على زيادة التجارة ومشاريع البنية التحتية والنقل وتقليل كلفة الاستثمار وهو الأمر الذي سيفتح المجال أمامها لتأسيس شراكات اقتصادية وتجارية جديدة .
كما تمتلك الإمارات عضوية فاعلة ونشطة كعضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين ويسعى إلى تعزيز علاقات التنمية في القارة الآسيوية والدول الأخرى.
مبادرة “حزام واحد – طريق واحد”
وتمثل دول مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” ، التي يبلغ عددها 65 دولة، نسبة 30% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتشير التوقعات إلى أن هذه الدول ستمثل بحلول عام 2040 ما يقرب من ثلثي إجمالي الناتج المحلي العالمي مما يجعلها من أهم محركات النمو الاقتصادي المؤثرة ومعبراً لمرور حركة التجارة لمختلف دول العالم.
وقد ضخت دولة الإمارات عشرة مليارات دولار في صندوق استثمار صيني – إماراتي مشترك لدعم مشاريع المبادرة في شرق أفريقيا، ووقعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018، للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.
كما أن دولة الإمارات عضو مؤسس في البنك “الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” AIIB.
مع العلم وصل حجم تجارة الامارات مع دول آسيا وأفريقيا وأوروبا خلال عام 2022 إلى 560 مليار دولار والتي تستحوذ على 90% من تجارة الإمارات غير النفطية خاصة وتأتي الصين والهند والسعودية والعراق وتركيا واليابان وسلطنة عمان والكويت وهونغ كونغ ضمن قائمة أهم 10 شركاء تجاريين للإمارات حيث أن التجارة غير النفطية للإمارات مع هذه الدول خلال عام 2022 قد حققت نمواً بنسبة 20% مقارنة مع 2021.
وتشير بيانات النصف الأول من العام الجاري 2023 إلى أن قيمة تجارة الإمارات غير النفطية مع الدول الواقعة ضمن مبادرة الحزام والطريق بلغت 305 مليارات دولار والتي تساهم بنسبة 90% من تجارة الإمارات غير النفطية خلال تلك الفترة وحققت نمواً بنسبة تجاوزت 13% مقارنة مع النصف الأول 2022 .
كما أن 88% من واردات الإمارات من الدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” تمثل ما نسبته 94% من صادرات الإمارات غير النفطية إلى هذه الدول وكذلك 92% من إعادة التصدير يتجه إلى هذه الدول.
وهذه المؤشرات تمثل ركيزة أساسية وداعمة لتنفيذ هذه المبادرة بالشراكة مع جميع الدول المساهمة في إنعاش التجارة بين دول هذه المناطق التي تشمل آسيا وأفريقيا وأوروبا.
الخلاصة:
جدير بالذكر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ طرح مبادرة “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و “طريق الحرير البحري” للقرن الــ 21 أثناء الجولة التي قام بها في أوائل شهر سبتمبر من عام 2013 في دول آسيا الوسطى، وقد لقيت هذه الفكرة اهتماما واسعا محليا ودوليا، حيث يستند “حزام طريق الحرير الاقتصادي” على مفهوم طريق الحرير القديم، ويشكل منطقة التنمية الاقتصادية الجديدة في غرب الصين، ورؤية اقتصادية طموحة تسعى لبناء جسر يربط بين دائرة اقتصادية في آسيا والمحيط الهادئ شرقا و دائرة اقتصادية أوروبية متقدمة غرباً، ليكون أطول ممر اقتصادي رئيسي ذوي إمكانات أكبر في العالم.
وتشكل مبادرة الحزام والطريق جسرا لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين نحو 75% من سكان العالم.
و تحتفل المبادرة، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، بمرور عشر سنوات من التعاون المشترك مع أكثر من 152 دولة في العالم، وتهدف المبادرة إلى بناء شبكة تجارة وبنية تحتية، تربط آسيا في أوروبا وأفريقيا سعياً إلى تحقيق التنمية والازدهار على نحو مشترك، ويشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية، التي ربطت بين الصين وأوروبا مروراً بالشرق الأوسط، بطول يتعدى عشرة آلاف كلم.