2-7-2020
دفع النظام الرأسمالي العالمي ، لاسيما بعد هيمنته على الأسواق العالمية وتطور الرأسمالية الإمبريالية، إلى تعميق النزعة المادية الجشعة على المستوى العالمي ليصبح التكالب على جمع المال لدى الرأسماليين عن طريق الشركات الإحتكارية التي تنهب موارد البلدان النامية والفقيرة،المنهج المتبع في سياسات الأنظمة الليبرالية الجديدة على حساب دماء الشعوب وصحتها ومقومات حياتها.
هذه الرأسمالية المتوحشة هي التي أشعلت الحروب واعتدت عى سيادة الدول وسطت على الثروات ودبرت الإنقلابات من أمريكا الوسطى والجنوبية إلى إفريقيا والشرق الأوسط وصولا إلى البلدان الآسياوية،والشواهد على ذلك فاضحة جدا وموثقة،تفضح وتعري كل الإدعات الزائفة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
الغريب أن الرأسماليين الجشعين كلما شبعوا وكدسوا الثروات،كلما ازدادوا وحشية وعدوانية تجاه البشر،في حين أن أشرس الحيوانات على كوكب الأرض تتخلى عن مطارداتها وشراستها كلما شبعت!
صار التكالب على الإستغلال والإحتكار وجمع المال والنهب بطرق لاإنسانية جوهر تركيبة عقلية هؤلاء”البشر الوحوش”.
القطاع الخاصّ في العالم أصبح أداة الرأسمالية الأوّل ترجمة لتلك العقلية المفرطة في الأنانية والإنحدار الأخلاقي في كل السياسات المتبعة.
أنانية الغرب ورأسماليته ونموذحه المنحط الذي يحاول فرضه بالقوة وابتزاز الشعوب واستغلال ظروفها الحياتية القاسية الناجمة أصلا عن فترات الإحتلال،كلها عوامل أدت إلى إفقار الشعوب الصغيرة وتجهيلها،زما نراه اليوم من مجاعات وتشرد وأمراض ومآسي إنسانية في عديد مناطق العالم هو الشهادة والشاهد على حجم جرائم الرأسمالية.
ومن الواضح أن هؤلاء الإستغلاليين الرأسماليين لا تهزهم الصور الصادمة لملايين البشر الذين يضورون بل يموتون يوميا بالآلاف جوعا ومرضا وأوبئة،على غرار ما يعيشه اليمنيون وبخاصة الأطفال والنساء!
يعيش اليمن أزمة إنسانية وصفتها منظمة الصحة العالمية بالأسوإ في العالم، مشددة على أنّ الأمراض أوصلت نسبة كبيرة من السكان إلى شفا الموت، حيث سجلت إصابة نحو 700 ألف بمرض الكوليرا،ويعيش 16 مليون شخص يواجهون حالة سوء تغذية قاسية.
ودقّت اليونيسيف ناقوس الخطر بشأن أطفال اليمن في ظل تفشي وباء كورونا في خضم البيئة الصحية شديدة الترهُّل .
ويبدو أنّ أطفال اليمن على موعدٍ مع كلفة باهظة يتكبّدونها في المرحلة المقبلة، في واقع حرب وأوبئة كثيرة أنهكتهم .. جاء الفقر كـ”الغول” ليلتهم الجميع، لا سيّما الأطفال،في حين تعاني عشرة ملايين امرأة مرضعة وحاملا من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين.
صور هذه المأساة وسياسة الحصار والتجويع تكررت وتتكرر في عديد مناطق العالم، في سوريا وليبيا وكوبا وفنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا وإيران،والقائمة تطول…
الكوارث التي عاشها العالم عرّت أهداف الليبرالية الجديدة وممارساتها ، بل طرحت تساؤلات تتعلق بمستقبل البشرية في ظل السيطرة والنهب وسياية الإكراه.
ويبدو أن الرأسمالية المتوحشة قد استطابت الرقص على الجثث وقد أعمتها التخمة عن إدراك كل القيم الروحية والغايات الإلهية التي خلق الله من أجلها الإنسان.