الثلاثاء. ديسمبر 24th, 2024

الدكتورة بدرة قعلول : مركز الدراسات الامنية والاتسراتيجية

2019 من هي أميمة عابدي؟ “أميمة عابدي ” ولدت في جويلية 1984 في مدينة هامبورغ الألمانية، تبلغ من العمر 35 سنة وهي مواطنة ألمانية ذات أصول تونسية ذهبت إلى سوريا وهناك انضمت إلى صفوف تنظيم “داعش” ..بعد وفاة زوجها الإرهابي “نادر” تزوجت ً بإرهابي ألماني بارز، غير أن المرأة نفسها رجعت إلى ألمانيا وكأنها لم تسافر إلى سوريا ولم تلتحق بتنظيم إرهابي ولم تتزوج من إرهابيين.. عادت إلى ألمانيا بسر لتعيش حياة هادئة.
كيف انخرطت أميمة في التنظيم؟ فتحت أميمة مشروعا صغيرا في سنة 2012 عبارة على متجر إلكتروني هي و أختها أسمته “متجر المؤمن” ومنذ ذلك الوقت بدأت علامات التغيير تظهر على حياة أميمة، لكن قبل هذا المشروع كانت أميمة تعمل مترجمة ومنظمة مناسبات في ألمانيا.
ولم تمكث طويلا حتى سافرت في نفس السنة من هامبورغ إلى فرانكفورت، حيث تعرفت على نادر حضرة، وهو ألماني متطرف تزوجته لاحقاً، ويبدو أن أميمة تعرفت على نادر عبر شبكات التواصل الإجتماعي، وقد يكون استقطبها قبل أن تذهب إلى فرنكفورت وتتزوجه،وقد أنجبت اميمة منه ابنة سمّاها فردوس. وفي زواجها الثاني أنجبت طفلين.
وسافر”نادر حضرة” زوج أممية إلى سوريا ليلتحق بمقاتلي داعش سنة 2015، وبعد ذلك بأشهر التحقت به أميمة مع طفلتها فردوس إلى سوريا.
وبعد مقتله تزوجت بقيادي بارز في داعش، يعتقد أنه قتل هو الآخر. ولكن بعد فترة من الزمن تسللت ورجعت إلى ألمانيا في غفلة من البوليس الألماني لتعاود عيشها وعملها بسلام كأي مواطن عادي كأن شيئا لم يكن أو لم تَنْتمِ إلى التنظيم الإرهابي ولم تتزوج من إرهابيين ولم تتدرب على السلاح ولا تحمل فكرا متطرفا، وهو وضع مثير للإستغراب.
فكيف كشف أمر أميمة عابدي ؟ عثرت جنان موسى، مراسلة حربية لقناة “الآن” التلفزيونية على الهاتف الخاص لأميمة عابدي وفيه قنابل من آلاف الرسائل والصور والفيديوهات والأوراق الشخصية لأميمة ويحتوي على صور شخصية من حياتها في ألمانيا وسوريا، ونسخٍ من وثائق رسمية توثق رحلتها من ألمانيا إلى سوريا، ومقاطع فيديو وهي تعيش في “دولة الخلافة”.
تلقت الصحفية جنان موسى، هاتف أميمة المحمول بما فيه من محتويات من “مصدر موثوق” لديها تعودت التعامل معه، وعند اطلاعها على محتوى الهاتف تأكدت من أنها تحصلت على كنز دفين وأن محتويات الهاتف الخاص “توفر نظرة رائعة على حياة المرأة الشابة داخل تنظيم داعش”.
على حد تعبير حنان موسى. كتبت حنان موسى على حسابها في تويتر: ” آلاف الصور تظهرها تحمل مسدسا، وتسلح طفلها، وتتزوج الجهادي ديزي دوغ.
وقد رجعت الآن إلى هامبورغ وتعيش كأن شيئا لم يحدث”. و على ما يبدو فإن اميمة قد عادت إلى ألمانيا في اواخر 2016 أو بداية 2017 .
محتويات الهاتف الجوال تثبت أنها إرهابية داعشية كشفت الصحافية جنان موسي عن مجموعة من الصور التقطت بداية عام 2015 تعطي نظرة وانطباعات أولية عن الحياة في ظل تنظيم داعش..
صور تبرز الحياة اليومية لإرهابية داخل التنظيم تريد أن تقنع نفسها والآخرين بجمال ورغد العيش في “مدينة داعشية” بأعلام سوداء تتدلى من أعمدة الإنارة، ولقطات من ملصقات الدعاية.
وكما وجدت موسي صورا لأطفال قالت إنهم أولاد أميمه – يلبسون لباس داعش مثل العمائم ويحملون أعلامه ويلعبون بالسلاح كذلك نشرت موسي صورة أخرى لأميمة تحمل بندقية كلاشنيكوف.
هناك أيضا صور بالهاتف توثق جانبًا مختلفًا من الحياة في ظل تنظيم داعش مثل الرحلات العائلية إلى محلات العصائر والنهر والعديد من الصور “السيلفي” البهيجة. كما عثرت موسى على ما أسمته دعاية داعشية على الهاتف: إحدى الصور تظهر إرهابيين ملثمين أمام “الرايخستاغ”: مبنى البرلمان الألماني في برلين. وكُتِب أسفل الصورة باللغة الألمانية: “الإنتقام سيكون على عتبة داركم”.
وعلى ما يبدو كانت أميمة ناشطة وتشتغل في الدعاية والإستقطاب عبر وسائل التواصل الإجتماعي التابعة لداعش.
كما أشارت الصحافية موسى إلى وجود أدلة تبين أن أميمة كانت تدير حسابات وسائل التواصل الإجتماعي لتنظيم “الدولة الإسلامية” في أثناء وجودها في سوريا.
وحسب الصور والمعلومات الموجودة بالهاتف كانت أميمة تقضي وقتها في المنزل تدير حسابا على مواقع التواصل الإجتماعي تقود فيه حملات دعائية لحساب داعش وترد على رسائل من يتواصل معها.
تم العثور أيضا على صور زواجها من مغني الراب الأكثر شهرة في ألمانيا يدعى دينيس كوسبرت الذي تحول إلى مقاتل في داعش والذي كان يطلق عليه اسم ديزو دوغ.
ويعتقد أن كوسبرت قتل في سوريا في مطلع عام 2018، وكان مسجلاً في قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة منذ مطلع عام 2015.
وتكشف مجموعة من صور تاريخ التحاقها بالتنظيم الإرهابي في سوريا، في شهر فيفري من سنة 2015 ..في إحدى الصور تظهر هي وابنتها فردوس البالغة ثماني سنوات بالنقاب، وفي صورة أخرى يظهر ابنها الصغير وهو يحمل سلاحاً ويرتدي ملابس عسكرية ويلعب بالسلاح، ويذهب إلى مدارس داعش.
كما أن لأميمة صورا تظهر حياتها الطبيعية مع العائلة: يتناولون العصير في أحد المحلات، وفي نزهة على ضفاف نهر. كيف غفل الأمن الألماني عن أميمة؟ اللافت للنظر أن السلطات الألمانية كانت على علم بسفر أميمة إلى سوريا. برز ذلك من خلال وثيقة رسالة رسمية تبلغها بقطع راتب الرعاية الإجتماعية الذي كانت تتلقاه بسبب السفر إلى شمال سوريا عبر تركيا.
على ما يبدو وحسب التحقيقات المبدئية فإن عودة “أميمة” كانت اضطرارية وذلك بعد اشتداد الحصار على داعش أكثر فأكثر.
تتوقف مسيرة توثيق حياة أميمة في سوريا، ويبدو أنها تمكنت من العودة مع أطفالها إلى ألمانيا ولكن إلى حد ألان لم يحدد تاريخ عودتها حيث لا تزال التحقيقات جارية على أثر القاء القبض عليها أمس الجمعة 13 سبتمبر 2019.
و ككل الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق وبؤر التوتر فإن “أميمة” تستعمل مبدأ التقية وتعيش كمواطنة عادية في هامبورغ بألمانيا تمارس حياتها بصفة عادية بدون شبهات ولا متابعة ولا مراقبة من قبل البوليس الألماني بالرغم من أن لديه معلومة بأنها قد سافرت إلى داعش.
ويشير موقع “دويتشه فيله” الألماني إلى أنه “وفقا للقانون الألماني، لا يمكن إصدار أمر اعتقال إلا في حالة وجود شك مُلِحٍ في أن الشخص المعني قد ارتكب بالفعل جريمة”.
والغريب وحتى وقت قريب، كان رأي المحاكم الألمانية عمومًا هو أن العيش ببساطة في الأراضي التي يسيطر عليها داعش، ليس كافيًا لتبرير الإجراءات الجنائية ضد شخص ما، وبدلاً من ذلك، كان على النيابة العامة أن تثبت أن امرأة مثل أميمة دعمت من خلال نشاط معين التنظيم الإرهابي”، يضيف الموقع.وهاهي “أميمة” اليوم في قبضة التحقيق الألماني وأصبحت القضية محل جدل واسع في ألمانيا وتخوفات كبيرة تشغل الرأي العام الألماني الذي أبدي تخوفه من تسلل الإرهابيين إليهم من دون رقابة.

By Zouhour Mechergui

Journaliste