الأحد. نوفمبر 24th, 2024

اعداد صبرين العجرودي قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية

بالتعاون مع قسم البحوث الأمنية والعسكرية

المراجعة والإشراف: الدكتورة بدرة قعلول

تونس 06-12-2023

 سلّط التقرير السادس عشر الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة “انطونيو غودريش” الضوء على التهديدات التي لازال يشكّلها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على الأمن الدولي لسنة 2024، ومدى نجاعة استراتيجيات الأمم المتحدة في مساعدة الدول على التغلب على هذه التهديدات.

وقد أشار التقرير إلى أنّ “داعش” كان قد تعرّض منذ أربعة سنوات لهزيمة “ساحقة” في آخر المناطق التي كان يسيطر عليها في “الباغوز” في سوريا، إلاّ أنّ ذلك لا يعكس تراجعا لنشاط التنظيم أو للتهديدات المتوقعة خاصّة في القارة الإفريقية.

كما يؤكّد أنّه على الرغم من المخاطر المتوقّعة إلى غاية اليوم، فإنّ قوّة التنظيم وبنيتها أصبحت مختلفة على ما كانت عليه سابقا، خاصّة مع الجهود المستمرة على مدار سنوات في كبح جماح هذه الجماعات والقضاء عليها في مختلف مناطق نفوذها، ممّا أدّى إلى ضعف مواردها المالية.

وما يمكن أن يأتي إلى أذهاننا في ظلّ الانتهاكات الحالية الحاصلة في فلسطين منذ السابع من أكتوبر هي الأسباب التي تقف وراء تسليط الضوء على قضية الارهاب من طرف الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الظروف الخانقة ولماذا رجع ملف الإرهاب الى السطح ولماذا التطرق إليه في الوضعية المتدهورة في الشرق الأوسط.

 ولا يخفى أنّه في المراحل الأولى من الحرب على حماس كان تركيز أمريكا على تقديم الدعم الدفاعي من خلال المساعدة الأمنية والدعم العسكري المباشر بالتوازي مع توفير كل هذه المساعدات لأوكرانيا ولقواتها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعكس من ناحية القدرات الأمريكية في حفاظها على  التأهب و”المقاتلة بشكل غير مباشر” دون القيام بنشر قواتها، ولكن في الظرفية الحالية ومع الحرب في فلسطين إضطرت أمريكا الى تقديم الدعن المباشر خاصة من ضباط إستشاريين من المخابرات الأمريكية وضباط لقيادة العمليات في فلسطين وكل هذا تحت شعار الدفاع على النفس للكيان الصهيوني وحمايته.

وتعتبر سياسة التضليل من بين أهمّ الأساليب التي ستعتمدها أمريكا في دعمها  للعدوان الصهيوني على قطاع غزّة.

أو أنّها إحدى آليات التضليل المعتمدة لتضليل العالم وتشتيت الأنضار عن الأزمة الإنسانية التي تحدث في فلسطين ومنها تشتيت التركيز العالمي والذهاب بهم الى عمليات إرهابية محتملة وتكون ربما أكثر شراسة ودموية وبعدها مباشرة ينعقد مجلس الأمن ويجرم “حماس” والمقوامة الفلسطينية لتصبح “تنظيم إرهابي”؟

يشير الخبراء ضمن هذا التقرير إلى أربعة نقاط رئيسية متعلّقة بالتهديدات الحالية التي يشكّلها داعش، تتعلّق الأولى بالاستقرار الداخلي للتنظيم، بحيث انّه على الرغم من مقتل زعيمه “أبو حسن الحسين القرشي” في الأشهر الماضية، إلاّ أنّه وقع إستبداله بسرعة ليتم تنصيب “أبو حفص الهاشمي القرشي”، وهو ما يعكس على حد قولهم استقرار التنظيم وصموده لتحقيق أهدافه على حد قولهم ومن هنا تبرز النويا والعديد من نقاط الإستفهام…

 في حين أنّ تراجع المد التيارات الإسلاموية وخاصة تنظيم الإخوان المسلمين، على المستوى المحلي في كل من سوريا والعراق بسبب التجربة السيئة التي عانت منها المجتمعات المحلية من الجماعات الإرهابية عندما كانت في ذروتها من تنظيم الدولة الإسلامية و”جبهة النصرة” ساهم في فشل عودة التنظيم للمشروع السياسي الفاشل والذي لم تعد تدعمه لا أمريكا ولا الدول الغربية وكذلك إضافة الى المأزق الأكراني الذي جعلهم يتخبطون ورفعوا أيديهم على تنظيم الإخوان، وكذلك النقطة المهمة بالنسبة إليهم أنهم قد ضمنوا تطبيع أغلب الحكام العرب مع الكيان الصهيوني هذا من ناحية.

وفي المقابل فضح هذا التيار التكفيري لدى المجتمعات المحلية، وحالة الوعي التي شملت المجتمعات نتيجة للتجارب السيئة التي عاشتها في البداية كوقوع آلاف الضحايا تحت غطاء التكفير وتحت غطاء “الإسلام المشوه”، بالتالي وجدت الحل في النظام المدني خاصّة مع تماسك الأنظمة الحاكمة في الوقت الحالي على حساب “نظام الخلافة” المتآكل.

أمّا العنصر الثاني فهو استمرارية قيام داعش بهجماتها والعمل على تحقيق أهدافها المتطرفة، وهو عنصر التمويل، إذ أنّه على الرغم من التراجع الهام لموارد داعش المالية مقارنة بالفترة الممتدة بين 2014 و 2017، إلاّ أنّ التقرير المتعلّق بتنظيم الدولة الإسلامية لعام 2023 أشار الى أنّ الصندوق الإجمالي لتمويل نشاطات الجماعة يعد كافيا لتغطية رواتب مقاتليها وإعالة أسرهم بعد سجنهم أو موتهم، حيث تمّ حصره بين 25 إلى 50 مليون دولار هذا طبعا بحسب الأمم المتحدة الراعية لتنظيم الإرهاب داعش والتي خسرت مصداقيتها بعد سياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها وتفرضها على الشعوب الفقيرة والتي تعمل بقانون الولايات المتحدة الأمريكية.

والحال أنّ التنظيم خسر الكثير من مصادر التمويل في خزانته، خاصّة مع تراجع عائدات النفط التي كانت تمثّل بالنسبة له مصدرا هامّا للتمويل، حيث أدّى ذلك الى خفضه في رواتب مقاتليه وفرض ضرائب وعقوبات قاسية وبالتالي لم يعد قادرا على إستقطاب عناصر جديدة يمكن أن يدربها…

 ومع تواصل عمليات المكافحة والهجوم ضدّ التنظيم لإضعافها خصوصا في مناطق نفوذها، خسر داعش الكثير من الأراضي التي يسيطر عليها ممّا أدى إلى تراجع نشاطاته وتركيزه فقط على الاستمرارية، والحال انّ هذه الاستمرارية لا يمكن تحقيقها دون موارد بشرية بمقاتلين جدد، حيث يحتاج مشروع العودة للخلافة الى عدد هام من العناصر القتالية الذي لا يمكن الحصول عليهم نتيجة فشله في الاستقطاب، ومع ذلك حاول تحرير مقاتليه المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية من خلال هجومه على سجن الصناعة في محافظة الحسكة لكنّه فشل في ذلك… ولكن داعش يحتاج الى التشبيب ضمن عناصره ولكن هذا يحتاج الى المال والدعم الكبير… والسؤال على أي خلفية الأمين العام للامم المتحدة يتحدث عن إستراتجية داعش والعودة في سنة 2024 الاّ اذا كان هناك مخطط لتشبيبه وتجديدة وختصة تحريكه وإحيائه من جديد…

كما أكّد التقرير على انتشار الأسلحة التقليدية والارتجالية لداعش في إفريقيا، خاصّة الأنظمة الجوية بدون طيار وهو ما يشكّل عنصر من عناصر التهديد الذي يعكسها التنظيم على قوات التحالف ومختلف الجهات العاملة على مكافحة التنظيم، والواقع أنّ هناك خسارة فادحة على مستوى انتشار الأسلحة حيث أشار تقرير مؤسسة “كارينغي” الى أنّ “عدم توفر السلاح كما ونوعا سوف يجبر التنظيم على البقاء في حالة عسكرية تتناسب مع تلك الإمكانيات، وهي حرب العصابات وحروب الاستنزاف، وهذا النموذج من التكتيكات العسكرية يساهم في بقائه كمنظمة هدفها الإزعاج لا الإنجاز، أما عودته ضمن مشروع سياسي فتحتاج لكميات كبيرة من الأسلحة كالتي حازها بعد سيطرته على الموصل والتي ساهمت في تواجده كمشروع بين عامي 2014 وحتى سقوط “الباغوز” في 2019″.

أخيرا يكثّف التنظيم هجماته على مرافق الاحتجاز التي تضم مقاتلي داعش الأجانب وعائلاتهم في العراق وسوريا ممّا يزيد من ضغط الحاجة إلى العمل على إعادة المحتجزين إلى بلدانهم وعائلاتهم، حيث لم يتمّ إعادة سوى 2500 عراقي و 500 فرد من بلدان مختلفة في عام 2022 من جملة 5600 امرأة وقاصر في مخيم الهول و 10.000 رجل وفتى محتجزين في السجن.

وقد شهد تنظيم داعش مقتل قياداته طيلة سنوات، وهو لا يدل إلاّ على الضعف الداخلي للتنظيم على عكس ما يقع ترويجه من تغيير للاستراتيجيات.

By Zouhour Mechergui

Journaliste