الأحد. نوفمبر 24th, 2024

إعداد فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

مراجعة الدكتورة بدرة قعلول

تقديم :

منذ السابع من أكتوبر تلقت اسرائيل هزيمة على جميع المستويات أهمها إستخباراتية وإستراتيجية كشفت عن ضعف المنظومة الأمنية الصهيونية تكتيكيا وإستراتيجيا، منظومة سقط عنها القناع رضخت تحت ضربة قاسمة استبسلت خلالها فرق المقاومة الفلسطينية المسلحة في الدفاع عن الأرض والعرض، هذا ويؤكد الخبراء الدوليين أن المقاومة الفلسطينية المسلحة لم ترتكب أيا من الجرائم التي ترتقي الى الإبادة أو ضد الإنسانية خصوصا في إظهار تعاملها الإنساني مع الرهائن والأسرى الإسرائيليين…

ففيما يظهر الإعلام العسكري “أبو عبيدة” قائد فصائل المقاومة المسلح، بزي حربي مشمرا على ساعديه بكل جاهزية وثقة… تبدو اسرائيل في حالة إنهيار نفسي كبير فحرب الأعصاب لم تنفك أبدا عن إدارة القيادة العسكرية لناتنياهو الذي لا يكاد يظهر الا وهو يرتدي الأسود للعزاء او يشبك أصابعه، دليل واضح على الارتباك والذعر في صفوف جنوده  وعدم إمتلاك السيطرة عن الوضع.

لقد نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة الى إختراق المنظومة الدفاعية الصهيونيةأي الجيش الاسرائيلي المصنف في المرتبة التاسعة عالميا ورغم أن العتاد العسكري لـلمقاومة  يبدو متواضعا أمام القدرات العسكرية الضخمة لإسرائيل والحليف الأمريكي المزود بأحدث أنواع الأسلحة والصواريخ وحتى البوارج وحاملة الطائرات…من حيث الكم والنوع والتطور التقني ناهيك عن العدد البشري الضخم من الجيوش الأمريكية لا بل تطور ذلك الى تشكيل تحالف دولي شاركت فيه كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، إذ وصل إجمالي المساعدات الأميركية الملتزم بها لإسرائيل الى نحو 260 مليار دولارومعظم المساعدات الأميركية لإسرائيل تذهب إلى القطاع العسكري، وقد بلغ حجم المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023، بحسب التقديرات الأميركية الرسمية، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي. ناهيك عما تمتلكه أمريكا من ثكنات عسكرية في كل من الكويت والإمارات والبحرين والعراق وافغانستان والعربية السعودية خاصة بالمناورات .

إن القدرة الدفاعية العالية من حيث الكم لهذا التحالف الدولي، جعلت وأنه من باب الجنون أن يكون الحديث عن مقارنة بين أجنحة المقاومة الفلسطينية المسلحة بما تمتلكه من وسائل حربية بعضها مصنع بطريقة بسيطة على غرار الطائرات المسيرة لفصائل المقاومة وعدد بشري محدود لا يوازي جيوش… فإن هذه الحرب الغير المتكافئة قد أدخلت تاريخ المقاومة الفلسطينية المسلحة في مرحلة جديدة جعلت المقاومة تكتسح المجال العسكري الصهيوني.

ولقد بدأت هذه النجاحات من حرب نفسية  ايديولوجية وضعت العدو في حالة إرتباك وصدمة بل توازي ذلك مع حرب إعلامية قادها الاعلام العسكري لفصائل المقاومة المسلحة بقيادة ناطقها الرسمي ابو عبيدة،ذلك من خلال اكتساح  كل شبكات الاتصالات والأنترنات الدولية فلا ينفك الساتيليت الدولي في تناقل أخبار الإنجازات التي تحققها الكتائب في دائرة المعركة بقطاع غزة،  تقول أحد الصحف العبرية وان الإعلام العسكري لفصائل المقاومة نجح في التأثير على الرأي العام العالمي بل للكيان الصهيوني ذاته في تصحيح المغالطات التي إصطنعها اللوبي الإعلامي الصهيوني حيث كان ناتنياهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الصهيونية  وهو في مجلسه الحربي يشاهد العملية الجراحية التي قام بها أحد كتائب المقاومة الفلسطينية  لأحدى الأسيرات  الإسرائيليات في نقل اعلامي مباشر وهو مشهد أذهل الرأي العام الدولي في قدرة على تصحيح المفاهيم التي شيطنها اللوبي الإعلامي الصهيوني عن المقاومة الجهادية الفلسطينية لما نالت تأييدا من الرأي العام الدولي.

واكتسبت تأييدا للقضية بشكل تخطى كل الحدود والمقاييس فخرجت المظاهرات المليونية الداعمة للقضية الفلسطينية  في لندن بريطانيا ونيوزلندا، سالفادور، البوسنة  والهرسك، وأغلب الدول العربية رافعة راية دولة فلسطين مقترنة برمز المقاومة الفلسطينية كتائب القسام…لقد بدأنا نفهم كيف ثارت الشعوب ضد حكامها أنصافا للغزاويين  وللقضية ككل.

  • كيف تمكنت المقاومة الفلسطينية من كسر حاجز القوة الصهيوني في ضل حرب غير متكافئة ؟
  • ماهي أبرز خصائص التكتيك القاعدي العسكري للمقاومة “حماس” ، “الأنفاق ” الصندوق الاسود للمقاومة؟
  • هل تمتلك المقاومة فصيلا مختصا في الإعلام  الحربي الدولي مكنها من بث أيديولوجيا كسبت تأييد الرأي العام  العالمي؟

في الوقت الذي تتالت فيه ردود أفعال دولية عن بلوغ المقارنة المستحيلة بين القدرة العسكرية للجيش الإسرائيلي مقارنة بالقدرة التكتيكية لحماس إلا ان الفكرة أصبحت ممكنة للتقويض، حيث  تخوض المقاومة لـ”حرب دفاعية” وتستخدم  تكتيكات قتال فعالة ينفذها مقاتلون تلقوا تدريبات عالية وهذايمثل أكبر عقبة أمام الجيش الإسرائيلي الذي أعلن أنه سيقوم بعملية إجتياح بري لغزة، منذ بدء القصف الجوي الا أن ذلك لم يحصل حتى الان…فأنفاق غزة مثلت تحديا بل رعبا كبيرا في عملية الاجتياح البري الصهيوني حتى أنها وصفت من قبل خبراء عسكريين بكونها عملية إنتحار للدفاع الإسرائيلي.

  • القدرات  التنسيقية والتدريبية والتكتيك السري  والقتال تحت الأرض يعطي حماس ميزة تكتيكية كبيرة ما هي؟

رغم التفاوت الهائل في موازين القوى العسكرية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إلا أن الهجوم المفاجئ “طوفان الأقصى” الذي نفذته المقاومة يوم السبت 7 أكتوبر، كشف عن مستوى جيد من التسليح والتدريب، وظهور أسلحة نوعية بيد حماس وهي اسلحة متطورة جدا منها – صواريخ أرض أرض وقذائف الهاون  وكورني ومضادات الدبابات والقسام ومداه يتراوح الى 160 كم كذلك صواريخ غراد 55 كم وسجيل 55 كم، ثم نجد صواريخ طويلة المدى أهمها “ام” 75 كم و “اس اتش” 85 كم و “الغ-فجر” 100 كم و “ار” 160 كم و “عباس” 250 كم… ورجوم قصير 114 ملم كما تمتلك منظومة دفاع جوية ومسيرات كوموندوز ووحدات  منها سرب صقر العسكرية وطائرات إستطلاع “ك فاش” و”التي ساعدت على التسلل الجوي لمستوطنات غزة كذلك طائرات عمودية ومسيرات الزواري الانتحارية ومسيرة شهاب المتطورة ومنظومة  متبر 1 وصواريخ أرض جو علاوة على نظام رصد جزي متطور يعتمد على كاميرات متخفية كما أن حماس تمتلك فرق  كوموندوز بحرية  وفرق أخرى مختصة منها الجناح الاعلامي  العسكري … أما مخزون حماس من الصواريخ فيتجاوز ال 30 الف أي ما يكفي لخوض حرب لأشهر طويلة.

كما استخدمت حماس صواريخ كورنيت الروسية الصنع المضادة للدبابات، وقد أثبتت الصواريخ الموجهة بالليزر فعاليتها ضد دبابات ميركافا الإسرائيلية، وكذلك نظام صاروخي مضاد للدبابات يسمى بولسي BULSAEوهو فعال في التصدي للآليات والمدرعات الإسرائيلية، حسبما أفاد موقع إنسايدر الأمريكي.

كانت المسيرات، سواءً القاذفة أو الانتحارية، من المفاجآت التي أظهرتها حماس في هذه المواجهة، ونشرت الحركة فيديو لعملية استهداف جنود إسرائيليين بقنبلة أسقطتها مسيرة محلية الصنع، وفيديو أخر لإستهداف أبراج مدافع رشاشة في موقع إسرائيلي على طول الحدود.

كشفت المقاومة الفلسطينية عن سلاح نوعي هام وهو الطائرات الشراعية، التي نقلت مقاتلي المقاومة الفلسطينية إلى داخل البلدات الإسرائيلية ومعهم الأسلحة والمتفجرات، وبحسب تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية، فمن الصعب أن يرصدها الردار الإسرائيلي لضعف بصمتها الردارية فضلا عن طيرانها على إرتفاعات منخفضة.

لقد إستطاعت المقاومةإستغلال أسلحة بسيطة مثل الطائرات المسيرة الانتحارية، التي يتم تصنيعها بتكلفة بسيطة وإستخدامها في تنفيذ مهام قتالية مؤثرة ضد الجيش الإحتلال الإسرائيلي، نجح بعضها في تدمير دبابة “ميركافا” وأبراج مراقبة وتنفيذ هجمات انتحارية ضد مواقع عسكرية إسرائيليةوبحسب خبراء عسكريين، فإن “حماس” تعمل على تطوير أنظمة تشويش تمكنها من شن حرب إلكترونية عسكرية ضد إسرائيل، وهو ما يمكن أن يقلب موازين القوى، إن حدث.

  • العملية المباغتة لطوفان الأقصى كشفت ان الأجهزة الإسرائيلية “أجهزة عمياء ”

 تفسر حقيقة الهجوم الذي تمكن خلال دقائق من تحطيم أسس النظرية الأمنية الإسرائيلية القائمة على 3 أركان: “قوة الردع، والأسوار، ودعاية الجيش الذي لا يقهر”.

وهنا أدت عملية طوفان الأقصى إلى إنهيار الإستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع غزة وحكم حركة حماس فيها، كما أنها كشفت الفشل الذريع لمختلف مكونات المنظومة العسكرية والأمنية التي استندت إسرائيل إليها في تنفيذ إستراتيجيتها.

ويُسجَّل الفشل الأكبر في إخفاق الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان” والمخابرات العامة “الشاباك” في توقّع العملية أو الوصول إلى معلومة بشأنها، إضافة إلى الفشل الكبير في هشاشة الجدار الأمني الذي بنته إسرائيل حول غزةوراهنت على قدرته في منع المقاتلين الفلسطينيين من اختراقه.

مما يسلط الضوء على حدود الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، كما يؤكد أن حماس نفسها لم تتخيل أن عمليتها يمكن أن تصل إلى الحجم الذي وصلت إليه، وينفي أيضا وجود تنظيم مشترك مع إيران وحزب الله اللبناني.

قائد كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس ومدبر عملية “طوفان الأقصى” اكد أن وراء إستراتيجية التوغلات البرية عبر الأنفاق تحت الأرض الفيلق العسكري الدفاعي لفصائل المقاومة المسلحة دون غيره وحسب الأجهزة الإسرائيلية.

في تقرير صدر، عن لومونديؤكد إستخلاص المعلومات الأميركي أن الجناح السياسي لحركة حماس، كان قد “أُبعد عن إعداد الهجوم العسكري”، وأن الفرع العسكري وحده من أعد العملية  كما أشار الأميركيون إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية والخارجية إذا كانت لديها مصادر بشرية داخل هذه الحركة، فإنها مرتبطة أساسا بفرعها السياسي.

وبالتاليفإن أجهزة الأمن الإسرائيلية ظلت عمياء عن أنشطة الجناح العسكري لحماس، مع أن الاستخلاص الأميركي لا ينفي أن يكون بعض أعضاء الجناح السياسي وخاصة في غزة قد حصلوا على معلومات مسبقة على أساس فردي، ولكنه يؤكد أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم يكن لديها مخبرون بينهم واستنتجت أن “الفصل الصارم بين الفرعين السياسي والعسكري لحماس قد يكون أحد المفاتيح لفهم العملية التي أفلتت من كل الرادارات” و هي إحدى أبرز وأهم تقنيات التكتيك السري، الإستعلاماتي للصندوق الاسود للمقاومة” …

  • الأنفاق مدينة تحت الارض: الصندوق الأسود

 شبكة تكاد تكون أشبه بالمدينة التكنولوجية المتطورة تحت الارض او بمترو الانفاق  ولكنها مدينة أشباح خلقت رعبا لإسرائيل لذ  تواجه إسرائيل تحديا كبيرا لم تواجهه أي قوة عسكرية عانت من مشكلة الأنفاق  حيث قامت حماس بحجز 200 رهينة كانت قد أسرتها في الهجوم السابع من أكتوبر.

لا أحد يعرف حجم مدينة حماس تحت الأرض أو طول أنفاقها بشكل دقيق، ولا تكشف حماس عنهافالأنفاق هي رئة حياة الحركة الإسلامية وسلاحها ضد القوات الإسرائيلية، وكانت قد لعبت دورا محوريا في كل هجوم تواجهه. كما أنها ملجأ آمن لإخفاء الرهائن حسب ما أعلنته الحركة.

وقد استخدمتها المقاومة الفلسطينية في عام 2006 لأسر الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط” خلال هجوم استهدف موقعا حدوديا في رفح جنوب القطاع و في 2013، اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقا بطول 2.5 كلم يربط غزة بإسرائيل. ومنذ ذلك الوقت سعت إسرائيل إلى تدمير الأنفاق إلا أنها لم تنجح في ذلك، وأصبحت أنفاق غزة تحديا لإسرائيل ومصدر قوة المقاومة الفلسطينية.

أنفاق غزة تنقسم إلى قسمين، يتمثل الأول في قسم الأنفاق الإستراتيجية والتي تضم أنفاقا قتالية هجومية ودفاعية أما القسم الثاني فيتمثلفي الوصلات الداخلية تعرف بقصر طولها تستخدم في الخطوط الخلفية للمقاتلين للربط بين مناطق قريبة هدفها تقديم التعزيزات وتسهيل مهمات المقاتلين في الانتقال والتمركز والمتابعة وقت الحرب.

ولهذا رأى بعض الخبراء أنه إذا نفّذت إسرائيل هجوما بريا على غزة ستتكبد خسائر كبيرة نظرا للأهمية التي تكتسبها هذه الأنفاق حيث وصفها بعض الخبراء بكونها شريان حياة المقاومة المسلحة. فمدينة الأنفاق تحت غزة عبارة عن “شبكة عنكبوت” حسب وصف رهينة أفرج عنها مؤخرا ليضيف قائلا  “أنفاق كثيرة جدا، سرنا كيلومترات تحت الأرض”. بينما وصفها أحد الخبراء بأنها “أكبر بعشرة أمثال من أنفاق فيت كونج  أي الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام.

واذ تمتلئ الحدود البرية بين غزة ومصر والبالغ طولها 14 كيلومترا، بالمئات من الأنفاق التي تستخدم عادة لتهريب المقاتلين والأسلحة وغيرها من البضائع والمؤن الاستهلاكية التي يفتقر إليها القطاع المحاصر.

وقد يصل عمق البعض من هذه الأنفاق إلى 30 أو 40 مترا تحت الأرض، ما يسمح للمسلحين بتغيير مواقعهم للاحتماء من الضربات الإسرائيلية لكن يبقى المدى الحقيقي لتلك الشبكة غير معروف.

ويمكن لبطاريات قاذفات الصواريخ المخبّأة على عمق بضعة أمتار تحت السطح أن تخرج من خلال نظام الباب المسحور لتطلق النار وتختفي مرة أخرى.

لقد سعت أجهزة الاستخبارات في إسرائيل  الى معرفة مسار جزء على الأقل من شبكة الأنفاق الفلسطينية إلا أن باقي الأجزاء الأخرى تبقى سرية ما سيجعل أي عملية برية إسرائيلية في قطاع غزة شبه مستحيلة.

يقول مدير الأبحاث في مركز صوفان للأبحاث في نيويورك كولين كلارك إن حركة حماس “تعرف أنفاقها عن ظهر قلب” و بعضها فيها فخاخ مضللة لذاك فالاستعداد للقتال في مثل هذه الأماكنسيتطلب معلومات استخباراتية واسعة النطاق  والتي قد لا يمتلكها الإسرائيليون.

  • إخفاق الجهاز الصهيوني، خضعوا إلى عملية خداع استراتيجي

في 2017، اتهم تقرير رسمي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والجيش الإسرائيلي بعدم تحضير البلاد جيدا للتصدي لهذا التهديد “الاستراتيجي” خلال حرب 2014 من ذ ذلك، لجأ الكيان إلى عدة أساليب لتدمير الأنفاق أو منع بنائها، بما في ذلك بناء جدار تحت الأرض مزود بأجهزة إستشعار لرصد أي نشاط حفر على الحدود مع قطاع غزة.

لكن إستمرار إستغلال شبكة الأنفاق هذه خصوصا من مقاتلي حماس، يثبت أن الحركة الإسلامية تبقى قادرة رغم المراقبة الإسرائيليةعلى الحفاظ على السرية بشأن قدراتها العسكرية.

حيث كشف ذات التقرير كيف أن هذه الممرات مبنية بالخرسانة وليس بالرمل، وهي مجهزة بسكك وكابلات هاتفية وكهربائية. حيث تصل “تكلفة هذه الأنفاق إلى مليون دولار”.ولا تمتلك تل أبيب خريطة دقيقة مفصلة بخصوص مواقعها وامتداداتها اذ تتكتم حماس عن تفاصيل ومكان تواجد هذه الأنفاق تعد “حرب الأنفاق” كما وصفها التقرير من أكثر الحروب صعوبة على مستوى التاريخ، حيث يمكن للطرف الذي أنشأ الأنفاق أن يختار المكان الذي ستبدأ فيه المعركة وغالبا ما يحدد كيف ستنتهي، نظرا لخياراته الواسعة في نصب الكمائن كما يعتقد أن حماس لديها الآن شبكة ضخمة تحت الأرض تمتد في جميع أنحاء غزة، مما يسمح لها بنقل الأسلحة والإمدادات والمسلحين بعيدا عن مرمى الطائرات الإسرائيلية المسيرة.

بل أنّ القتال في الانفاق اشبه “بقتال الأشباح” بل ان، القتال في المناطق الحضرية في شمال غزة هو مزيج من “الكمائن والفخاخ والمخابئ والقناصة بفضل شبكة الانفاق  ذلك أن الفخاخ المتفجرة يمكن أن تنفجر في أي وقت، مما يؤدي إلى دفن الجنود والرهائن أحياء وحتى مع هذه المخاطر يقول جيش الكيان وأنه يجب تدمير الأنفاق حتى تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها العسكرية.

تخطط اسرائيل الأن الى أن تكون عملية تطهير الأنفاق مع الرهائن المحتجزين بداخلها “بطيئة ومنهجية”، حيث يعتمد الإسرائيليون على الروبوتات وغيرها من المعلومات الاستخبارية لرسم خريطة للأنفاق والفخاخ المحتملة، كما  أن الولايات المتحدة وإسرائيل طورتا أساليب لقياس البصمات المغناطيسية والحرارية والصوتية لهذه المنشآت الواقعة تحت الأرضلكن ذلك لن يغني عن ضرورة دخول العناصر البشرية إلى الأنفاق، وهو ما يعني أنهم قد يتعرضون لكمائن ومتفجرات وألغام مخفيةوفقا لمركز صوفان، وهو مركز أبحاث أمني مستقل في نيويورك.

 لقد صنفتعمليةطوفان الأقصى كأكبر عملية خداع استراتيجي للجيش الإسرائيلي”… و”فشل استخباراتي إسرائيلي” اطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية.عملية لم تفاجئ فقط جيش الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته وأجهزته الأمنية، بل فاجأت العالم أجمع و مازالت المفاجآت. لقد فجر ذلك قاموس الحقد الدفين لليمين الصهيوني العالمي ولم يعد هناك حديث للسلام ولا لمفاوضات السلام.

  • كيف كانت العملية ؟

عملية فيها عبقرية رهيبة عجيبة، على المستوى من المباغتة لم يحدث، ولا حتى في حرب 1973، ” المقاومة تقوم الجيش الصهيوني والذي حليفه أكبر جيوش العالم، أمريكا…حركت نبض القضية الجامدة على المستوى الدولي من جديدة والتي تناساها العلم بمفعول المؤامرات والزمن أدى ذلك الى تحطيم معنويات الغرب أو حكام الغرب لأنهم كسبوا تأييد الشعوب الغربية التي خرجت تنادي”الجهاد الجهاد ” أما دهشة الحكام المتصهينين وهذه سابقة ففصائل المقاومة صارو يتفاوضون مع الصهاينة ندا للند ووجها لوجه على طاولة واحدة .

أما “أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فأنها لا تزال في حالة من الذهول، والثقة الإسرائيلية بالجيش إهتزت حتى النخاع وهذا ما نسميه أخذا بزمام المصير في القضية الفلسطينية ولشعب الجبارين، شعب فلسطين .

وتحت عنوان “لقد نمنا في أثناء الحراسة، وباغتونا وسروالنا في الأسفل”، كتب المحلل العسكري يوسي يهوشوع في صحيفة يديعوت أحرونوت “بعد 50 عاما ويوما من فشل تلك الحربأكتوبر 1973 ورغم عقود من الحديث عن الدروس المستفادة، وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة وسروالها في الأسفل… لقد تحطمت في وجوهنا كل التقديرات التي تقول إن حماس غير معنية بالحرب وتريد أن تحكم قطاع غزة ولا تنزلق إلى الصراع”.

يبقى أن نقول وأن وحدة القوى الفلسطينية يجب أن توحد كما الحال بالنسبةللصف العربي الواحد، وهذه نقطة ضعف إستهدفها الكيان الصهيوني في تشتيت فصائل المقاومة بما فيها حماس وسرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب جهاد جبريلونصر الله وحزب الله والتحرير…وبث الفتنة بينهم وضرب الأجنحة العسكرية نفهم ذلك من خلال المصطلح المستعمل وهو تبييض السجون في إشارة الى أن حماس تعي جدا ضرورة توحيد والدفاع عن كل الفصائل ومنها الأسرى التابعين لفصائل أخرى ولم شملها تحت سرب واحد سرب المقاومة.

لقد جاء ببعض التقارير الإستخباراتية التي تم نشرها مؤخرا وان اسرائيل قد لجأت الى اعتماد مخترقين مدربين على التمويه وذلك من خلال العمل على دسهم ضمن فصيل حزب الله وهو الجناح العسكري اللبناني وهذا الفصيل يكون هو الاقوى مقارنة بالفصيل حماس وهو مجهز بالعديد من الأسلحة ذات القوة التدميرية الكبيرة، إذ تتكون من جنود نظاميين وجنود احتياط، يتراوح عددها بين 50 ألفا إلى 100 ألف مقاتلوتضم القوات القتالية لحزب الله “قوة الرضوان”، وهي وحدة كوماندوز ذات خبرة قتالية من الحرب في سوريا، ويبلغ عددها نحو 2500 مقاتل أو أكثر، إضافة إلى الدعم الخارجي من المقاتلين من الدول المجاورة مثل أفغانستان وباكستان وسوريا والعراق وجماعة الحوثيين باليمن.

لا تتوقف عملية الإختراقعلى كشف تقديرات ترسانة حزب الله العسكرية والوحدات القتالية المتعددة، بل تتطرق أيضا إلى أساليب الهجوم، وهي أساليب “مثيرة للإعجاب للغاية”وتجمع التقديرات الإسرائيلية سواء لمركز الأبحاث أو الاستخبارات العسكرية “أمان”، أن قدرة حزب الله الصاروخية ضخمة للغايةوتتراوح ما بين 150 ألفا إلى 200 ألف صاروخ، وقذائف صاروخية وقذائف هاونولعل القدرة الصاروخية الأكثر فتكا، وتخشاها إسرائيل، مئات الصواريخ الدقيقة عالية التدمير التي يمكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي، ليس فقط مناطق الجليل وحيفاوفي حال توسع الحرب على الجبهة اللبنانية، ستكون إسرائيل ملزمة بتحويل المنظومات الجوية الدفاعية والمنظومات الصاروخية لحماية المنشآت المدنية والبنية التحتية والمنشآت العسكرية الحساسة التي ستكون في مرمى الصواريخ الدقيقة لحزب الله.

ووفقا لمزاعم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فإن حزب الله تلقى من سوريا عددا محدودا من صواريخ “سكود سي ودي” التي يصل مداها إلى 700 كيلومتر، وعدة مئات من صواريخ “فتح “110”، التي تحمل نحو 500 كيلوغرام من المتفجرات، مجهزة بآليات ملاحية دقيقة تعتمد على نظام “تحديد المواقع العالمي” (GPS)، وتتمتع بقدر كبير من الدقة والتدمير.

كما أن حزب الله، وفق تقديرات “معهد أبحاث الأمن القومي”، مجهز أيضا بصواريخ أرض- بحر من طراز “سي 802” (C802)، عالية الجودة مصنوعة في الصين، وصواريخ “ياخونت” الروسية وقذائف صاروخية من طراز “كورنيت” المتطورة والمحسنة المضادة للدباباتإضافة إلى ذلك، فإن القوة القتالية لحزب الله مجهزة بطائرات بدون طيار، معظمها من إنتاج محلي، وذلك لمهام هجومية واستخباراتية وتكتيكية على مدى يصل إلى 400 كيلومتر، علاوة على ذلك، هناك قدرات إضافية في المجال الرقمي والألكترو – بصري.

خلاصة

  ينتهي التقرير بالقول وأن حزب الله يمتلك تكتيك دفاعي من أعلى طراز ما أتاح الدخول في المعترك الحربي الدولي… فحزب الله يضع إسرائيل أمام تحديات كبيرة من خلال تصعيد التوتر على الجبهة اللبنانية، بيد أن أسلوبه في التصرف وإدارة سير المعارك والاشتباكات الحدودية في هذه المرحلة أكثر دقة وحذراويهدف الحزب إلى توتر الحدود مع لبنان، ما يخفف وطأة القصف على الجبهة الجنوبية، وردع إسرائيل عن توغل بري واسع في غزة.

لكنه يحاول إبقاء النيران على فتيل منخفض.بينما تمتلك حماس قدرة تخطيطية عالية جدا كما لها جناح اعلامي متدرب  ويعتقد المختص بالصراع العربي الإسرائيلي أن حزب الله الذي لديه ترسانة وقدرة صاروخية عالية جدا تهدد الجبهة الداخلية لإسرائيل،

و بالتالي فإن المقاومة الفلسطينية المسلحة هي صندوق اسود يحمل فصائل قتالية جد متدربة ومجهزة على كل الأصعدة النفسية الأيديولوجية، العقائدية، الدفاعية، التكتيكية، التخطيطية والإعلامية  هذه الفصائل هي اجنحة متخصصة تتقاسم الأدوار والأهداف ثم تتمحور ثم تنفصل وتعيد التشكل تعمل في سرية خارقة جدا.

لها مخططات لم تنفذ بعد ولها أسلحة لم تجاهر بها حتى يصعب حصر العامل البشري المخزن وأكبر دليل ان كلمة المقاومة والكفاح والنصر اصبحت ايدلوجيا عالمية تعشش في الأدمغة وسكنت كل الفضائيات والعقول والمنازل والمدارس وكسبت تأييد دولي ساحق انها ليست “الهاغاناه”ولا  “السي أي ايه” ولا “فاغنر” بل هي عقيدة في قلوب من كانوا اطفال الحجارة الذين تدربوا منذ نعومة اضافرهم على رمز الكفاح والمقاومة  وحب الأرض والأيمان بمبدأ واحده اما الأرض او الاستشهاد فخلوا للحياة معنى وأمنو ان للموت كذلك معنى فأما حياة ونصر وإما جهاد واستشهاد ، فكرة أرعبت الذهن الصهيوني الذي لا يمتلك ملكة التفكير حتى وأمريكا أصبحت تعي جيدا أن صنيعتها باتت بدون فائدة ولا فاعلية، لماذا، لأنها أصيب بالشلل التام فلم يبقى في هذا الكيان الواهم إلا السلاح الذي تمده أمريكا وتقاتل به دون أي إكتراث للمجازر والإبادة التي تقوم بها.

By Zouhour Mechergui

Journaliste