الأحد. نوفمبر 24th, 2024

رباب-حدادة- باحثة بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس

إنّ فاغنر هي شركة القتال الخاصة وتعرف بـ”Tch.VK. wagner”، وتلف حولها حالة من الغموض، فلا تاريخ تأسيس واضح و لا مقر رسمي معروف.

وتشكلت نواة المجموعة من مقاتلين روس يحملون أفكارا قومية وارتبطت الشركة بشخصيتين مثيرتين للجدل وهما القائد العسكري ديمتري اوتكين ورجل الأعمال يفغيني بريغوجين ،وقد تمّ رصد مقاتلين من الشركة في عدد كبير من الدول كأّكرانيا وسوريا اللتان تعيشان أوضاعا صعبة سياسية وتوتّر أمني  .

  • كيف بدأت القصة ؟

وبدأت قصّة شرطة فاغنر في 2013 في سوريا، حين تم إرسال مجموعة متشكّلة من 267 مقاتل من أصول روسية من أجل تأمين المنشآت النفطية في سوريا، وأشرف على إرسال المقاتلين شركة حرب خاصة تحمل اسم”سلايفك كوربس/Slavic Corps” تأسست في نفس السنة في الأرجنتين على يد “ديمتري اوتكين”،وفقالموقع الروسي “فونتانكا/fontanka“.

وقد وجدت المجموعة نفسها قي زوبعة الحرب وتكبّدت خسائر جسيمة، وعاد الناجون من المهمة إلى موسكو في نهاية 2013 حيث تمّ تتبّعهم قضائيا بتهمة إمتهان أعمال المرتزقة.

وقبل ضمّ “شبه جزيرة القرم” دعمت روسيا في 2014 الحركة الانفصالية للجزيرة للانفصال عن أكرانيا و بدأ حينها مجموعة من القادة العسكريين من أبرزهم ديمتري اوتكين بتشكيل مجموعات شبه عسكرية من جديد للقتال في منطقة “دونيتسك” شمال اكرانيا إلى جانب الجيش الروسي، فتمّ تدريب هذه المجموعات المقاتلة من قبل قادة للقوات الخاصة بإشراف من وزارة الداخلية الروسية، قرب منطقة “روستوف على الدون”.

واجتاز المقاتلون الحدود الأكرانية أول مرة في يونيو 2014 و كانت من بينها مجموعة تحت قيادة اوتكين.

  • فاغنر و مؤسيسيها

ويعرف ديميتري اوتكين بجندي بوتين الغامض الذي راجت حوله العديد من الشائعات التي تشبه الأساطير كقتاله بخوضة تحمل قرنين وممارسته لشعائر دينية غريبة وحمله لوشم للصليب المعقف، رمز النازية.

 واوتكين هو قائد سابق للمجموعة الثانية من القوات الخاصة للاستخبارات العسكرية الروسية ويُعرف بأفكاره القومية وبتعاطفه مع الفكر النازي ولذلك لُقّب بفاغنر على إسم العازف الألماني الشهير “ريتشارد فاغنر” الذي يعرف بكرهه لليهود والذي استوحى منه النظام النازي أفكاره.

وحمل  مقاتلو اوتكين لقبه وعرفوا ب “مجموعة فاغنر” ومن هذه التسمية أخذت الشركة القتالية إسمها لتكون الشركة الثانية التي يؤسّسها اوتكين على أنقاض Slavic Corps.

 وفي 2017 أضافت وزارة الخزانة الأمريكية إسم اوتكين على قائمة الخاضعين لعقوبات من أجل “نشاطاته في اكرانيا”.

أما خارج جبهات القتال فقد  ارتبط اسم الشركة ب”ايفجيني بريغوجين” رجل الأعمال الروسي  المستثمر في مجال المطاعم و النزل و يُعرف بطباخ الكريملين لعلاقاته المتينة مع الرئيس الروسي،  ويمول بريغوجين شركة فاغنر و يعتبره البعض المؤسس لها.

من هو يفغيني بريغوجين؟

هو رجل عصابات سابق حُكم عليه ب 12 سنة سجنا سنة 1981 من أجل أعمال سرقة وعنف، وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي فتح محلات للماكولات السريعة الأمريكية و بعدها مطعما فاخرا في سان بيترسبورغ ،حيث تعرّف على الرئيس الروسي بوتين في بداية التسعينات، سريعا ما نال ثقة بوتين الذي عرف بالخوف من محاولات التسميم و أصبح مزود الكريملين بالاطعمة و من هناك جاء لقبه “طباخ الكرملين”.

من صفاته أنه غامض وبارد ومستفز، وهي صفات تحدّث عنها كل من تعرف على بريغوجين وحسب،Roman Dobrokhotov، الصحفي  الاستقصائي لمجلة” ذو اينسايدر/ The Insider”،”بريغوجين هو أحد أكثر الرجال غموضا على قمة الدولة الروسية، و هو أيضا أحد أخطر و اسوأ الأشخاص التي قد تعمل معهم على تلك القمة .”

ويعتبر البعض ان ثروة بريجوجين قد تشكّلت من العقود الضخمة التي تحصل عليها بفضل علاقاته مع الكرملين أهمها عقود مع وزارة الدفاع الروسية وتطرّقت بعض التقارير الى امتلاكمه لـ« troll factory » وهي تنظيم رقمي متكون من مجموعات صغيرة من القراصنة الرقميين مهمتها القيام بحملات ضد النظام الأمريكي وصناعة البروباغندا لفائدة الرئيس الروسي.

وحسب صحيفة لوموند فان إسم بريغوجين يأتي ضمن اسماء الأشخاص الأكثر تعرّضا للعقوبات من واشنطن خاصة فيما يتعلّق بدعم الحملة الانتخابية لترامب بتوظيف الحملات السيبرانية التي قامت بها مجموعاته من القراصنة الرقميين.

وحسب تحقيق نشر لميديابارت سنة 2019 كانت مناطق الحرب في الشرق الأوسط وإفريقيا أكثر الأماكن التي رصدت فيها الطائرة الخاصة لبريغوجين ليس لتوجيه مجموعاته المسلحة كما يعتقد لكن من أجل عقد الصفقات.

في 2016 عقد بريغوجين صفقة مع النظام السوري برعاية وزارة الطاقة الروسية لفائدة شركة قتال جديدة له تحمل اسم “ايروبوليس”، وتولّت فيها مهمة إسترجاع حقل منجمي يقع شرقي الفرات من سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ” التي تدعمها الولايات المتحدة الامريكية مقابل الحصول على ربع ايرادات تلك المنطقة الى جانب سداد أجور مقاتلي فاغنر من أجل العمليات التي قامت بها في سوريا، على ضوء الإتفاق المبرم وقد فتحت ايروبوليس فرعا لها في دمشق في 2017.

وُيشرف بريجوجين بتزكية من بوتين ،على شبكة ممتدة من الشركات القتالية والمنجمية وكلها ترتبط بشكل او بآخر مع فاغنر النواة الاولى للجيش الخاص الذي أعدته روسيا.

  • نشاط فاغنر في افريقيا

تحدّثت تقارير عن رصد لتحركات لفاغنرفي كل من ليبياوالسودان ومدغشقروافريقيا الوسطى وجنوب وإفريقيا والكونغوالديمقراطية والموزمبيق،. ووصفت صحيفة جون افريك، ذلك الامتداد بغزو القارة السمراء.

ويشار إلى ان مقاتلو فاغنر يتمركزون بشكل شبه كلي في القارة السمراء خاصة في المناطق التي تُعرف بثرواتها المنجمية او بأهميتها الجغرا-سياسية .

ويتمّ توظيف شركة فاغنر من خلال الشركات المنجمية التي لها علاقة مباشرة بايفجيني بريغوجين أهمها ثلاث شركات منجمية تتبعها فروع تقدّم الخدمات الأمنية الخاصة:M-Finance, M-Invest ،Meroe Gold .

ويحرك بريجوجين مقاتلوه ضمن نظام محدّد طبّقه في كل من السودان و افريقيا الوسطى و هو التدخل عن طريق شركات منجمية تربطها بشركته كونكورد / Concordشركات وسيطة.

 وترتبط شركة M-Invest في السودان بكونكورد عن طريق شركة Megalite، هذه الشركات المنجمية تدخل للاستثمار في الدول الافريقية مرفقة بشركات قتالية خاصة لتأمين منشآتها والشركات المذكورة هي بطاقة دخول فاغنر وفق استراتيجيات بريجيوجين و من ورائه موسكو.

في السودان فرع مجموعة ام.فينانس و هي”ام فيناس للخدمات الامني/M-“Finance LLC security service وهي شركة قتال خاصة أبرمت عقدا مع السلطات الروسية تمكّنها من توظيف طائرات حربية و إدخالها الى السودان عام 2013 .

وأدخلت نفس الشركة حسب الاستخبارات الاكرانية مجموعة من المقاتلين إلى إفريقيا الوسطى باستعمال طائرة خاصة تتبع برغوجين سنة 2017، وحسب ذات المصدر الذي يقود قوات “ام فيناس للخدمات الامنية”، الروسي Zakharov Valery Nikolaevich و هو أحد مقاتلي فاغنر، ويشغل اليوم منصب مستشار الامن لرئيس جمهورية افريقيا الوسطى “تواديرا”.

[1]

ان كان زاكاروف وشركته اذرع بريجوجين في افريقيا الوسطى فان ميكايل بوتكين/ Mikhaïl Potepkin هو ذراعه في السودان و هو الذي يشرف على شركتي , M-Invest وMeroe Gold.

وشغل بوتكين مهمّات مختلفة في المنظمات التابعة لبريغوجين مثل Internet Research Agency  و هو من أهم الاسماء المتّهمة من قبل واشنطن بالقيام بحملات رقمية ضدها بالتعاون مع Anna Bogatcheva التي لازالت في قائمة المطلوبين ل FBI.

الى جانب السودان وافريقيا الوسطى يعدّ حضور مقاتلي فاغنر في الموزنبيق الاكثر جدلا حيث تعرضت الشركة الى خسائر بشرية و دخلت في صراع مع قوات الجيش الموزنبيقي جعلت الطرفين عاجزين عن التنسيق بينهما في المهام القتالية.

ووقّعت الموزنبيق مع موسكو اتفاقية تعاون عسكري فني في 2015 كما قامت في 2019 بتوقيع اتفاقيات مع روسيا تخوّل لها الاستثمار في إستخراج المواد الطبيعية أهمها عقود Rosneft التي كانت أفضل عرض قدّمته الموزنبيق للشركات الأجنبية .

في 8 سبتمبر 2019 حطّت مروحيات تحمل مقاتلي فاغنر في كل من Mueda  وNacala  و تواصل دخولهم الى نهاية سبتمبر حيث دخلت مجموعة أخرى بين يومي 24 و 26 من نفس الشهر على متن طائرتينAntonov An-124/ MI -17، في المركز الجوي للطائرات المسيرة ب Nacala

بالرغم من نفي السلطات الروسية وجود مقاتلين لها في مقاطعة كابو دلغادو إلا أنّ مقاطع فيديو مصوّرة من قبل المتمردين و الارهابيين أظهرت إعدام مقاتلين تابعين لفاغنر و قد بلغ عددهم قرابة 12 مقاتل في فترة قصيرة جعلت الشركة تسحب قواتها و معداتها و تعيد تركيزهم في افريل 2020 .Pemba

خسائر فاغنر في الموزنبيق تعود لعدة أسباب أهمها اختلاف البيئة و المناخ عن اي بيئة عمليات سابقة نشطت فيها الشركة الى جانب عامل مهم آخر وهو العجز عن التعامل مع المجتمع الموزمبيقي المختلف في ثقافته و أعرافه.

وبعد 2015 أصبحت فاغنر تتولّى مهمّات تدريب عديدة في إفريقيا بدلا من الجيش الروسي، وعرفت بفاعلية مهماتها في مكافحة الارهاب والقرصنة البحرية والقتال ضدّ المجموعات غير النظامية الا ان فاغنر عرفت حسب الخبراء ايضا بالعجز عن قتال خصم بمعدات تكنولوجية متطورة.

و بات مقاتلوها يدمجون ضمن شركات خاصة اخرى تعمل كلها تحت اشراف بريغوجين، بعد خبرة طويلة في تأمين المنشآت النفطية ومكافحة التنظيمات الارهابية لتصبخ المهمتين مجال اختصاص مقاتلي فاغنر وعلى أساسها ضمّ توزيعها للعمل مع جيوش نظامية أو شركات حرب اخرى.

قائمة المراجع المعتمدة

  • COLOMA Tristan, la stratégie économico- sécuritaire russe Mozambique, Institut français des relations internationales,2020.
https://www.ifri.org/sites/default/files/atoms/files/coloma_strategie_russe_mozambique_2020.pdf

[1]https://www.ukrinform.net/rubric-society/2605301-sbu-exposes-putins-lies-about-russian-mercenaries-of-wagners-pmc-in-car.html

By Zouhour Mechergui

Journaliste