الثلاثاء. نوفمبر 26th, 2024

ـتونس-تونس- رباب حدادة10-2-2021

1/التأسيس


تجمع دول الساحل والصحراء هو منظمة إقليمية تأسست في 4 فبراير 1998 بالعاصمة الليبية طرابلس بناءً على مبادرة من الزعيم الراحل معمر ألقذافي ، في إطار تأسيس منظمات اقتصادية حسب المناطق الإفريقية كما كان متفقا عليه عند تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية ،غير أن المنظمة لم تلتزم بالتقسيم الجغرافي للمناطق الإفريقية وامتدت إلى عديد المناطق Multirégionale” لتضم 29 دولة من تجمعها الحدود المشتركة .

مشروع التجمع كان تطبيقا لتوجه دبلوماسي ليبي منذ 1964 سعا إلى إقامة مؤسسات اتحادية عربية (اتحادية الدول العربية) أو افريقية(مشروع توحيد مصر، السودان،المغرب، تونس). ثم جاء مشروع هذا التجمع الذي يعد أضخم المبادرات الليبية ويمتد من شمال خط الاستواء على طول الخط الغربي إلى ساحل المحيط الأطلسي وعلى الخط الجنوبي إلى منطقة البحيرات العظمى حيث منابع نهر النيل .

ضم التجمع في البداية 6 دول مؤسسة هي ليبيا، تشاد، السودان ، النيجر،بوركينافاسو ومالي، وحضرت لقاء التأسيس دول مراقبة مثل مصر وتونس، والتحقت بالمنظمة 10 دول في سنتين ليصبح العدد عام 2000، 16 دولة بانضمام جيبوتي وإفريقيا الوسطى وغامبيا وإريتريا والكونغو الديمقراطية ومصروتونس والسنغال والمغرب ونيجيريا.

وفي 12 يوليو من نفس السنة تم الاعتراف بتجمع الساحل و الصحراء كتجمع اقتصادي إقليمي في إطار منظمة الوحدة الإفريقية كما منح صفة مراقب لدى الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة.


وأصبح التجمع يمثل ثاني أكبر مجموعة اقتصادية بعد الاتحاد الإفريقي، متجاوزا بذلك أكبر التنظيمات الاقتصادية في إفريقيا وهي الكوميسا والاكواس، من خلال امتداده على مساحة إقليمية تتجاوز 512 مليون كم2 بعدد سكان يناهز 400 مليون نسمة أي ما يعادل نصف سكان القارة الإفريقية.وتعد الزراعة المورد الأساسي للدول الأعضاء مشكلة 75 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للتجمع وتستقطب 65 بالمائة من اليد العاملة.
2/الأهداف والتنظيم الهيكلي
يهدف التجمع إلى تحقيق تعاون اقتصادي شامل على طريق التكامل والإندماج من خلال:

  • تسهيل تنقل الأشخاص وحرية الإقامة والعمل ودعم المبادرات الفردية لبعث مشاريع اقتصادية
  • تشجيع التجارة الخارجية والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء ودعم ثقافة الاستثمار
  • تطوير البنى التحتية و إرساء شبكات نقل بحرية وبرية يغطي كامل المجال الجغرافي للتجمع.
  • إرساء أنظمة حكم ديمقراطي من خلال دعم ثقافة الحقوق والحريات وتطبيق الامتيازات التي أقرتها الدساتير للمواطنين وإقرار المساواة في التمتع بنفس الحقوق داخل كل دول المنظمة.
    وكانت المبادرة تهدف في البداية إلى تحقيق تكتل اقتصادي قوي غير أن المشروع تدعم أكثر واتخذ منحى أمنيا وسياسيا بعد الفشل الذي أبدته كل من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية في حل الأزمات، لذلك أصبحت كل مجموعة اقتصادية صغرى تسعى إلى حماية مصالحها الاقتصادية من خلال الإلتقاء في استراتيجيات أمنية وعسكرية مشتركة بين المناطق، وعلى ضوء ذلك تمت إضافة ملحق إلى الميثاق التأسيسي لمجوعة دول الساحل والصحراء وتبنّيه في العاصمة التشادية نجامينا عام 1999 والذي جاء فيه بالخصوص”
    “نظرا لاتساع تهديد وتشابك مشاكل الأمن التي تعاني منها القارة الإفريقية بصفة عامة والدول الصحراوية بصفة خاصة، فإن دول الساحل الصحراوية اتفقت على:
    1- ميثاق أمن دول س.ص لحفظ الأمن و الاستقرار
    2- تلتزم الدول الأعضاء بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها الأخر واحترام سيادتها، وحفظ وحدة أراضيها ومواطنيها وممتلكاتها وثرواتها.
    3- تلتزم الدول أعضاء المنظمة بمنع استعمال أراضيها في عمل ضد سيادة الطرف الآخر وضد سلامة أراضيه
    4- تلتزم دول أعضاء المنظمة بعدم تقديم أي مساعدة مباشرة أو غير مباشرة، سياسية أو عسكرية للعناصر المناوئة لأحد الأعضاء
    5- يلتزم الأعضاء بعدم استعمال القوة أو التهديد بها أو التحريض ضد أحد أعضاء التجمع.
    6- تلتزم دول التجمع بحل خلافاتها ونزاعاتها الحدودية وغيرها بالطرق السلمية باستعمال وسائل التفاوض والتحكيم ولجان المساعدة التي تكوّن لهذا الغرض
    7- تلتزم الدول الأعضاء بترسيخ قيم التسامح ونبذ كل شكل من أشكال العنف والتطرف والإرهاب.
    8- يلتزم الأعضاء بتطوير التعاون في مجالات الأمن العام ضد التهريب والهجرة والتطرف والجريمة المنظمة ومحاربة تهريب الأسلحة والذخائر وكل تهريب ممنوع.
    9- تجتمع الجهات الأمنية في الدول الأعضاء بصفة دورية للتعاون المشترك للبحث والكشف عن المجرمين والجناة ضد دولهم وتبادل المعلومات للوصول إلى الأهداف المشتركة
    10- تلتزم دول س.ص بانسجام مواقفها في المحافل الدولية والإقليمية فيما يتعلق بكل شؤون الأمن ذات المصلحة المشتركة المتعلقة بوحدة الأراضي والسيادةو والاستقرار في دولها.
    هذه الأهداف تطبّق من خلال سياسات مشتركة للدول الأعضاء ترسمها وتعمل على تحقيقها شبكة مؤسساتية تتكون أساسا من 5 هياكل :
    *المجلس الرئاسي :هو السلطة الأعلى في المنظمة ويتكون من رؤساء الدول والحكومات ويعقد ندواته في دورات سنوية في عواصم الدول الأعضاء بالتناوب.. ومن مهام هذا المجلس اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ البرامج والسياسيات المتفق عليها داخل المنظمة
    *المجلس التنفيذي :يتكون من أمناء ووزراء يشرفون على ثلاث مجالات أساسية هي الاقتصاد والعلاقات الخارجية والأمن الداخلي للدول، يجتمع مرتين بالسنة ويتكفل بإعداد البرامج والسياسات لدعم الوحدة الاقتصادية الإقليمية للدول الأعضاء ثم يقع عرضها على المجلس الرئاسي .
    *الأمانة العامة: يترأسها الأمين العام الذي يشرف على متابعة وتنفيذ أهداف المعاهدة التأسيسية وقرارات سلطات التجمع
    *المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي : يقع مقر المجلس في مدينة باماكو بمالي ويتولى مهمة استشارية تتمثل في دعم عمل باقي الأجهزة وإعداد سياسات وخطط وبرامج التنمية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ويتكون من أربع لجان :
     لجنة التخطيط والاقتصاد والمالية.
     لجنة التربية والثقافة والعلوم والإعلام والتنمية الريفية.
     لجنة الشؤون الاجتماعية والصحة والبيئة.
     لجنة النقل والاتصالات والطاقة.
    *مصرف س .ص للتنمية والتجارة: وهو مؤسسة مالية إقليمية لتجمع س.ص نصت عليه المادة الرابعة من الميثاق التأسيسي للمنظمة، وتأسس فعليا بمقتضى اتفاق 1999 ويعمل المصرف على استقطاب الموارد المالية العامة والخاصة وتوظيفها للمساهمة في تمويل برامج التنمية لدول تجمع الساحل والصحراء.
    3/نجاعة المنظمة في تحقيق أهدافها
    أراد الزعيم الليبي الراحل معمر ألقذافي إرساء منظمة تمتد من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي ليكون قاعدة للاتحاد الإفريقي،وأراد أن يكون في إفريقيا منظمتان اقتصاديتان فقط تحت الاتحاد الإفريقي وهما مجموعة التنمية للجنوب الإفريقي SADC تضم دول الجنوب، والثانية تضم باقي المناطق الإفريقية وهي تجمع دول الساحل والصحراء.
    كان التجمع يسير بخطى حثيثة نحو إرساء وحدة اقتصادية وسياسية فعلية بدعم ليبي ومبادرات ريادية من قبل القائد الإفريقي معمر القذافي،غير أن عدوان حلف شمال الأطلسي أدى إلى سقوط النظام ودخول ليبيا في حالة فوضى عارمة، الأمر الذي جعل المجموعة تعيش حالة من التشتت والضعف.
    وبعد الأحداث التي عصفت بعدد من بلدان شمال إفريقيا دعا المغرب إلى اجتماع استثنائي في 2012 للقيام بتعديلات هيكلية تضمن للمجموعة نجاعة أكبر وتم إصدار بيان الرباط في 12 يونيو 2012 .

وبالرغم من أن الهدف الأساسي للمجموعة كان تحقيق اندماج اقتصادي كلي غير أن مؤشر الاندماج الإقليمي للمجموعة ضعيف بالنسبة للجهود المبذولة، ولم تحرز المجموعة تقدما كبيرا في مجال البنى التحتية والتكامل التجاري ، وتظل كل من ساحل العاج والسنغال والمغرب أكثر دول حركية مع باقي الأعضاء في مستوى المبادلات التجارية والمشاريع العامة المشتركة.
في بداية ظهور التجمع اعتقد الجميع أنها ستكون قوة إقليمية توازي الاتحاد الإفريقي مع إمكانية تصاعد التنافس بين المنظمتين غير أن ما عاشته ليبيا في العقد الأخير كان له دور سلبي للغاية في إضعاف وحدة التجمع، وضاعت بذلك فرصة كبيرة على المنطقة والقارة برحيل الزعيم معمر القذافي.

By Zouhour Mechergui

Journaliste