الخميس. أكتوبر 31st, 2024

شهد العقد الأخير اهتماما متصاعدا من كوريا الجنوبية بتطوير علاقاتها مع القارة الإفريقية مدفوعة بمجموعة من الأهداف “الإستعمارية” الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية انه انجاز تقول سؤول أن واشنطن ترحب به .

فالخطوات الكورية الجنوبية لتعزيز نفوذها في أفريقيا جاءت وفق سياق عالمي يشهد تنافسا محموما تعد القارة السمراء إحدى ساحاته الساخنة وبين عام 2006 الذي شهد انعطافة كبيرة في إرساء مقاربة جديدة بين “سيول” والقارة السمراء، وانعقاد القمة الكورية الأفريقية خلال 2023، حيث يمكن رصد نشاط كوري جنوبي دؤوب تعمل سيول من خلاله لتأمين نفوذها في سياق جيوسياسي، تزداد حدة المنافسة فيه على موارد القارة السمراء وتتميز المقاربة الكورية الجنوبية في تعاطيها مع أفريقيا بقدر كبير “من العمل المؤسساتي”، “مشروع حزام الأرز”

يعد “المنتدى الكوري الأفريقي” من أول وأقدم هذه المؤسسات، إذ تم إطلاقه عام 2006 تحت إشراف وزارة الخارجية، ويعقد دورة كل 3 سنوات، ويهدف إلى تعزيز الشراكات وتبادل الخبرات التنموية.في حين يعقد “مؤتمر التعاون الاقتصادي الكوري الأفريقي” دوراته كل عامين تحت إشراف وزارتي الاستراتيجية والمالية، ويمثل أداة للتعاون بين بنك التنمية الأفريقي وكوريا الجنوبية، بغرض مناقشة الفرص التي توفرها السوق الأفريقية للشركات الكورية.

وفي محاولتها للتقرب من دول القارة، تتبنى سول خطابا قائما على “تاريخهم المشترك من الفقر”، وما يمكن وصفه بالمعجزة التي انبعثت “من رماد الحرب الكورية”، وفقا لوزارة الخارجية الكورية التي تؤكد أن مساعدة المجتمع الدولي فتحت الطريق أمام سول للانتقال من كونها أفقر دولة في العالم إلى الاقتصاد الرابع في آسيا.وهي تجربة ترغب كوريا الجنوبية في مشاركة دروسها مع الدول الأفريقية، من خلال بناء الجسور القائمة على شعار مصطنع وهو ماضي الفقر المشترك

مبادرة “حزام الأرز الكوري”

يعد هذا المشروع من أهم المبادرات الكورية الجنوبية في أفريقيا، وأطلقته وزارة الزراعة والغذاء والتعاون الريفي في 2023، في إطار برنامج “المساعدة الإنمائية الرسمية” لتحقيق الأمن الغذائي للقارة التي تعاني من صعوبات كبيرة في هذا المجال.

ويتم ذلك من خلال تزويد 8 دول أفريقية بمجموعة متنوعة عالية الجودة من بذور الأرز والآلات الزراعية، والمساعدة في تطوير البنية التحتية، ومشاركة خبراتها الزراعية.وتضمّ المبادرة مشاريع في السنغال وغامبيا وغينيا وغانا والكاميرون وأوغندا وكينيا وغينيا بيساو، وتعتمد كوريا الجنوبية في تسويقها لهذه المبادرة على امتلاك سول إرثا من الخبرة الزراعية، حيث كان الاقتصاد الكوري حتى ستينيات القرن الماضي معتمدا على القطاع الزراعي.

ووفقا ل “جامعة كوريا الوطنية “، فإن “سيول” تمتلك تقنيات زراعية فريدة قادرة على إحداث تغيير جذري في الدول المتلقية، ولا سيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي.ويهدف حزام الأرز إلى التوسع التدريجي في إنتاج بذور الأرز لتحقيق عائد سنوي قدره 10 آلاف طن بحلول عام 2027 لتوزيعها على المزارع المحلية، وبالتالي توفير إمدادات غذائية مستقرة لحوالي 30 مليون شخص في أفريقيا.

ووفقاً لأرقام صادرة في 2024، فقد تم حصاد أكثر من 231 طنا من بذور الأرز في غينيا وأوغندا وغانا وغامبيا والكاميرون والسنغال.وتذهب بعض التحليلات إلى أن لهذه المبادرة أبعادا تتجاوز الأمن الغذائي، إذ تمثل مدخلا لتسهيل الشراكات الاقتصادية بين كوريا والدول الأفريقية، وتعزيز الروابط التجارية في مجالات كإدارة سلسلة التوريد، والاستجابة لتغير المناخ، والرعاية الصحية.ولذا فإن نجاح المبادرة في تحقيق أهدافها سيمثل حافزا للشركات المرتبطة بالزراعة في كوريا لدخول السوق الأفريقية، كما أنه سيعزز من قوة سول الناعمة ونفوذها السياسي في القارة.

يعد تطوير التبادل الاقتصادي مع أفريقيا من القطاعات التي تضعها سول نصب عينيها، حيث تمثل التجارة مع الدول الأفريقية حالياً أقل من 2% من إجمالي واردات وصادرات كوريا الجنوبية، وقد تعهد الرئيس الكوري الجنوبي في القمة الأفريقية الكورية بتخصيص 14 مليار دولار لتشجيع الشركات الكورية على تصدير منتجاتها إلى الأسواق الأفريقية.

ومع احتوائها على نحو 30% من الموارد المعدنية، تزداد القيمة الاستراتيجية للقارة السمراء بالنسبة لسول التي تعتمد على الاستيراد في توفير أكثر من 95% من احتياجاتها من المعادن الخام، وهو ما يعززه احتياطيات القارة من المعادن الضرورية لإنتاج البطاريات القابلة لإعادة الشحن وغيرها من التقنيات المتقدمة المرتبطة بالطاقة النظيفة وغيرها كالكروم والمنغنيز والكوبالت.

وفي هذا السياق، تمثلت إحدى مخرجات القمة الكورية الأفريقية في الاتفاق على إطلاق حوار رفيع المستوى بين كوريا الجنوبية وأفريقيا، يناقش من خلاله تأمين إمدادات المعادن من دول القارة الغنية بها كما سيتم أيضا تقرير الكيفية التي يمكن من خلالها للشركات الكورية الاستثمار في قطاعات استخراج المعادن.

نقلا عن موقع كوريا تايمز عن النائب الأول لمدير الأمن القومي” كيم تاي هيو” جاء فيه “يمثل التعاون والتنسيق الدبلوماسي أحد أهم أهداف كوريا الجنوبية من تطوير علاقاتها مع القارة الأفريقية وهناك بعد آخر للرؤية السياسية لسيول يتمثل في علاقاتها المتوترة مع كوريا الشمالية حيث تطمح سيول إلى الحصول على دعم الدول الأفريقية في القرارات المتعلقة بجارتها الشمالية في الأمم المتحدة، بما يفضي إلى ممارسة ضغوط أكثر فعالية عليها…”وهذا المشروع ليس الا بداية لصحوة كورية جديدة في القارة الإفريقية ولكن في غفلة من الشعوب التي تعودت على الإستعمار.

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *