الخميس. ديسمبر 26th, 2024

صبرين العجرودي قسم البحوث والدراسات الإستراتجية 07-05-2024

تتمتّع تونس بثاني أكبر مخزون في العالم من مادّة الجبس أو ما يطلق عليه “الذهب الأبيض” في ولاية تطاوين وتحديدا في الصحراء، تصل نسبة جودته الى 90 بالمائة، ويسمح لها هذا المخزون بأن تغطي حاجتها لـ 400 سنة بحسب عبد السلام لزعر رئيس جمعية تونس الأمل للباحثين عن العمل بتطاوين.

هذا وعبّر رئيس الجمعية في عام 2019 عن استغرابه من عدم استثمار السلطات الوطنية في هذا القطاع وتفريطها في مثل هذه الثروة للخواص، كما أكّد على ضرورة دفع مؤسسات الدولة الى الاستثمار في هذا القطاع من خلال إبرام شراكات مع الدول الأجنبية، حيث أنّ ذلك من شأنه أن ينهض بالشأن الاقتصادي ويساهم في تحسين وضع العملة التونسية خاصّة لأهمية مادّة الجبس على المستوى العالمي التي من شأنها أن ترتقي بتونس بأن تجعلها تدخل المنافسة في هذا المجال.

ومن المشاكل التي يتعرّض لها مجال “الجبس” هو فقدان التمويل العمومي من الدولة ممّا يجعل الحفاظ على اليد العاملة أمر في غاية الصعوبة بالنسبة للصناعيين.  

يوجد بولاية تطاوين مصنعان تحديدا بوادي الغار تفصلهم ما يقارب 15كم عن المدينة، كما كانا يوفّران حوالي 500 موطن شغل في تحويل وصناعة هذه المادّة التي استخدمت لقرون عديدة في فترات الإعمار في بناء أهم القصور الصحراوية والقرى الجبلية البربرية التي تعد اليوم وجهات هامّة للسياح وللسياحة عموما في تونس ووسيلة لدخول العملة الصعبة للبلاد.

في يوم 26 نوفمبر 2018 تلقت هذه المصانع اشعارا من الشركة الوطنية لتوزيع البترول بعجزها عن توفير البنزين الثقيل لها والذي يعد مادة طاقية أساسية لإنتاج الجبس، ممّا جعل إمكانية مواصلة أشغال إنتاج الجبس أمرا مستحيلا، وبعد توقّف دام أشهر تم التوصل الى حل للنظر في أزمة مصنع الحمامي للجبس الذي توقّف مدّة طويلة عن العمل، توقّفت معه 500 موطن شغل، ولكن ومع ذلك تواصلت الاحتجاجات المندّدة بالوضع الرديء للعمال  الذين طالبوا بتحسين وضعهم المادي بالتوازي مع الزيادات التي اقرتها الحكومة، وباعتبار أيضا أنّ مادة الجبس تعد مادّة مطلوبة كثيرا على المستويين الوطني والدولي واسعارها عالية.

ويعد الاستثمار في هذا المجال شحيحا رغم أهميته على المستويين الوطني والدولي، ويعود ذلك وفقا لما أدلى به كاتب الدولة للمناجم هاشم الحميدي الى الشروط المفروضة من الدولة على المستثمرين والتي من أكثرها عرقلة، هو إلزام المستثمر الانطلاق في عملية إنتاج مادّة الجبس بعد عامين من حصوله على الترخيص، وقد أشار في نفس السياق الى أنّ الوزارة تمتهن سبل التضييق على المستثمرين، حيث قامت بإلغاء 5 امتيازات استغلال بسبب بعض المخالفات، إلاّ أنها قد بدأت من سنوات في التفكير وفقا لقوله في تحيين مجلة المحروقات بما يؤدي الى التقليل من القيام بالمخالفات التي من شأنها ان تضيّق على المستثمر وتدفعه عن التفكير في الاستثمار في هذا المجال لكن ذلك لا يشمل سوى المساحات ذات 400 هكتار والممنوحة خلال الرخص.

وطبقا لذلك، كانت من بين مخطّطات وزارة الطاقة تمكين المستثمرين من 6 امتيازات استغلال تساعد على إنتاج 800 ألف طن من الجبس، وكان من المرجّح أن تبلغ قيمة هذه الاستثمارات 60 مليون دينار وتوّفر ما يقارب 500 موطن شغل.

ويجدر الإشارة الى أنّه هناك تعتيم واضح منذ الاستقلال بشأن البيانات التي تشمل قطاع الجبس من حيث التبادلات التجارية الخاصة به ومعطيات الاستثمار ما قد يدفع للتأويل بإمكانية وجود مخالفات في هذا القطاع الهام الذي من شأنه أن ينهض باقتصاد البلاد، من خلال فتح الباب للمستثمرين الأجانب دون تقييدهم بقوانين استثمارية صارمة لا منفعة من تطبيقها، فقط التفريط في ثروة مهمة بالنسبة لتونس للفاسدين ومنع البلاد من الاستفادة منها، حيث تمّت المطالبة في السنوات الفارطة وزيرة الطاقة والمناجم بمدهم بالمعطيات اللازمة حول مادة الجبس، ولكنّها ظلّت مجرّد مطالب ورقية لم يتم الاستجابة لها الى هذا اليوم.

By Zouhour Mechergui

Journaliste