الخميس. ديسمبر 26th, 2024

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى احتمال نشر قوات عسكرية فرنسية في أوكرانيا حالة جدل دولي واسعة خاصة في الإتحاد الأوروبي حتى أن الكثير من الإستراتجيين الفرنسيين أنفسهم أعتبروه “ضرب من الجنون الماكروني”.

هذه التصريحات تعتبر أحدث خطوة في المواجهة المتصاعدة بين موسكو وباريس لكن من الواضح أن المقترح غير متفق عليه، وأن الدول الأوروبية والولايات المتحدة لا ترغب في تصعيد الصراع مع روسيا أو الإنزلاق الأزمة إلى مواجهة عسكرية مباشرة بينهما.

يدرك الحلفاء الغربيون وروسيا خطورة انزلاق الحرب إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين وما سيترتب عليه من تداعيات غاية في الخطورة على الأمن والسياسة والاقتصاد العالمي، في وقت يعاني فيه العالم من دمار الحروب، لذلك يحاول كل طرف ضبط النفس والبعد تماما عن أية مسارات لجر الطرفين إلى حرب جديدة حيث تشير غالبية التقديرات للتفوق الروسي في الحرب زخاصة التفوق الروسي على الدجيش الفرنسي الذي يعاني الكثير من المشاكل خاصة على مستوى الموارد البشرية…

ويبقى مؤشر استخدام روسيا للسلاح النووي التكتيكي، في تمام الجاهزية وسط تحذير القائد الأعلى للقوات الاتحادية المسلحة، حيث تُظهر روسيا بالفعل بعض المؤشرات على أنها قد تُوسّع رقعة الحرب إلى” كالينينغراد”، وهي منطقة روسية معزولة تقع بين بولندا وليتوانيا ثم التوسع نحو ” مالدوفا”، وهي دولة مجاورة لأوكرانيا وتربط روسيا بعلاقات تاريخية كذلك زادت روسيا من نشاطها العسكري في بحر البلطيق مما أدى إلى تصعيد التوتر مع الدول الأعضاء في حلف الناتو مثل بولندا وإستونيا ولاتفيا

وسط رفض الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إرسال أي قوات للمواجهة المباشرة في روسيا منذ بداية الأزمة، كان لفرنسا اتجاه مغاير ضمن اقتحام ميدان الحرب وقد تعهدت روسيا من جهتها بالرد بشكل مباشر على تواجد أي قوات أوروبية في أوكرانيا في ضوء ما صرّح به ماكرون، ما أثار تخوفات من احتمالات حدوث مواجهة مباشرة بين الغرب وروسيا. هذا وحذر الكرملين حلفاء كييف الأوروبيين من أن إرسال قوات للقتال في أوكرانيا سيؤدي إلى “حتمية” الحرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي الناتو.

ويقول الكرملين إن ماكرون يثير التدخل الفرنسي في أوكرانيا من خلال تصريحات المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف  أن  “ماكرون يواصل تصعيد تورط فرنسا المباشر في الحرب في أوكرانيا، وهو ما لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع مصالح الشعب الفرنسي”.

1 وتُظهر روسيا بالفعل تصعيدًا في قدراتها العسكرية ووجودها في أوكرانيا، كما تشير التقديرات إلى أن روسيا لديها الآن ما بين 150 و 200 ألف جندي في أوكرانيا، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن 100 ألف جندي كانوا متواجدين في بداية الحرب.

2 بدأت روسيا باستخدام أسلحة أكثر قوة في حرب أوكرانيا، بما في ذلك “الصواريخ الباليستية” و”صواريخ كروز” و”القنابل الفراغية”. كما زادت روسيا من استخدام المدفعية والطائرات بدون طيار في القصف على المدن.

3 لقد حوّلت روسيا تركيزها العسكري مؤخرًا إلى “منطقة دونباس “في شرق أوكرانيا، حيث تسعى للسيطرة على “منطقتي لوهانسك ودونيتسك”، مستخدمةً قوتها العسكرية الجوية والبحرية والبرية بشكل مكثف.

4 تُواصل روسيا تطوير أسلحة جديدة ونشرها في ساحة المعركة في أوكرانيا. على سبيل المثال، نشرت مؤخرًا صاروخًا فرط صوتي جديد يُطلق عليه اسم “كينزال”.

5 الأخطر من هذا كله أن روسيا ألمحت إلى أنها قد تكون على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية في حرب أوكرانيا، مما أثار قلق المجتمع الدولي بشكل كبير.

يعتمد قرار استخدام الأسلحة النووية على النوايا والحسابات الداخلية للقيادة الروسية، وهو أمر يصعب التكهن به ولكن يبقى احتمال استخدام سلاح نووي قائماً، خاصة إذا شعرت أن وجودها مهدد بشكل خطير ويرتبط هذا الخيار أيضا باستمرار أو تكثيف الدعم  العسكري الغربي/الفرنسي لأوكرانيا أو تدخل في الحرب بشكل مباشر

بشكل عام، أوضحت الدول الغربية أن أي استخدام للأسلحة النووية من قبل روسيا سيواجه عواقب وخيمة خاصة على حلف الناتو وخاصة الإطاحة “بهيبة الردع” لهذا الحلف وهذا ما تريده روسيا فهناك تقارير إستخبراتية تقول أن روسيا تريد جلب حلف “الناتو” وتستفزه الى مربع المستنقع الأكراني.

 تمتلك روسيا ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية التكتيكية. وهي صواريخ وقذائف أصغر حجمًا وأقل قوة من الأسلحة النووية الاستراتيجية وتهدف الأسلحة النووية التكتيكية إلى استخدامها في ساحة المعركة لتحقيق أهداف عسكرية محددة.

ومع ذلك تعي روسيا جيدا مدى خطورة هذا التدبير الإحترازي بأنه الأعنف سيكون له عواقب كارثية، مما قد يتسبب في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية وهذه رسالة تحذيرية وجهها القائد العام للقوات المسلحة الروسية للغرب عامة وخاصة لأوروبا الضعيفة والمترهلة اليوم على جميع الأصعدة. 

إذا أصبحت فرنسا منخرطة في الحرب المباشرة فإن روسيا يحق لها من الناحية النظرية، توجيه ضربات إليها ومع ذلك تحظر القوانين الدولية استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى دون مبرر قانوني. وينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه يجب على الدول حل النزاعات سلميًا وتجنب استخدام القوة العسكرية.

اذ ان أي هجوم على فرنسا من قبل روسيا سيؤدي إلى تصعيد كبير للحرب وقد يُشعل حربًا في أوروبا وحربا عالمية ثالثة التي ستدمر العالم والإنسانية. وتعد فرنسا عضو في حلف الناتو، وهو تحالف عسكري دفاعي  وذلك يعني أن أي هجوم على فرنسا سيُعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء في حلف الناتو، والمرجح أن يتسبب في رد عسكري قوي من قبل الحلف على روسيا النواوية.

تشير غالبية التقديرات إلى أن الصراع لن يتوسع بفضل سقف التهديدات الروسية ضمن “مبدأ الردع والردع المضاد” وهو ما أدى الى تراجع الغرب – فرنسا الى الوراء.

 ترفض الدول الأوروبية والولايات المتحدة المقترح تماماً:

يحدث هذا وسط أتهام الرئيس الأوكراني “فلاديمير زيلينسكي” من حلفائه بالتراجع عن الدعم “لم تساعدونا كما ساعدتم إسرائيل” والغرب يتهم زلنسكي وحكومته بالفساد وبيع السلاح التي تبعثه أوروبا وأمريكا اليه.

By Zouhour Mechergui

Journaliste