الأحد. نوفمبر 24th, 2024

وقع الاتحاد الأوروبي مساء الأحد، اتفاقات في مصر بقيمة 7.4 مليار يورو على مدى 4 أعوام في مجالات عدة، تشمل قروضا واستثمارات وتعاونا في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.

 الرئيس السيسي قال أن هذه الاتفاقية  سترفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الاتحاد الاوروبي ويأتي الاتفاق الأوروبي مع مصر، بعد اتفاق ماراتوني مماثل مع كل من موريتانيا ووصف بالمفاوضات الفاشلة في تونس.

بين الإعلان عن قمة مصرية أوروبية والحديث عن اتفاقيات متوقعة بمليارات الدولارات، تظهر التساؤلات حول سر توقيت التمويل الملياري الأوروبي لمصر، وأسباب ذلك ومدى استفادة الجانبين من “الشراكة الاستراتيجية” في خضم تصعيد كارثي تعيش على وقعه منطقة الشرق الأوسط وتعطل الملاحة الدولية بسبب الأقطاب المتحاربة والحرب على غزة واجتياح رفح وأزمة اللاجئين وتفاقم الهجرة من سواحل المتوسط نحو أوروبا القارة التي باءت تشهد ذروة الاقتصاد الخانق بسبب وتيرة الحرب الدولية؟

القمة الشاملة المنعقدة بالقاهرة والتي شملت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون ديرلايين”، في حضور رؤساء خمس دول وحكومات أوروبية، وقع من خلالها الاتحاد الأوروبي اتفاقيات بقيمة 7.4 مليارات يورو بما يعادل 8.06 مليار دولار، مع مصر على مدى أربعة أعوام في مجالات مختلفة بدءا من التجارة وملف الطاقة وقضية الهجرة كما تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات.

هذا ويشمل التمويل مساعدات مالية قدرها خمسة مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو ومنح قدرها 600 مليون يورو، حيث سيتم صرف تمويل طارئ قدره مليار دولار من ضمن المساعدات المالية بصفة فورية لدعم الاقتصاد المصري المتعثر

كما يهدف التمويل إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي الممول من صندوق النقد الدولي ويشير إلى التعاون والشراكة “الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والعسكرية”، بين مصر ودول كبيرة في الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا

تشعر الحكومات الأوروبية منذ فترة طويلة بالقلق بشأن خطر عدم الاستقرار في مصر، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 106 ملايين نسمة والتي تكافح من أجل الحصول على العملة الأجنبية، وحيث دفعت الصعوبات الاقتصادية أعدادا متزايدة للهجرة في السنوات الأخيرة.

يشير الخبراء الاقتصاديون في مصر، إلى أن التمويلات مرتبطة بموافقة مصر على مقترحات عديدة تم تقديمها من الاتحاد الأوروبي فمن الواضح أن الاتحاد يعاني من مشكلات كبيرة بسبب تصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وتعثر حركة التجارة والملاحة الدولية بسبب هجمات الحوثي وهو ما أدى الى تعطيل وصول الأدفاق والبضائع والسلع من بحر الحرب تجاه الموانئ الأوروبية.

 هذا وتعد قناة السويس، بوابة لحركة التجارة بين آسيا وأوروبا يمثل فيها حجم التجارة العالمية المارة عبر القناة بنسبة 8.5% من حجم التجارة العالمية المنقولة بحراً.

وبالنسبة للإدارة المصرية إذا تم تنفيذ التمويل على أرض الواقع ولم يكن مجرد “وعود” فأن ذلك سيساهم في تعزيز حركة الإستثمار ومشاريع دولية ضخمة حيث تكون حركة الملاحة الدولية بالقناة ومنفذ كبديل استراتيجي حيال الطرق التجارية البحرية المستهدفة والأوضاع المتأزمة بالبحر الأحمر بين الأقطاب المتحاربة.

بالنسبة  للإتحاد الأوروبي، هناك مخاوف أوروبية كبيرة  من “عودة تدفقات الهجرة غير النظامية” بوتيرة قياسية على القارة بسبب الحرب على غزة خصوصا ما إذا تم تنفيذ الإجتياح العسكري الإسرائيلي برفح. 

وبسبب ذلك تقدم دول الإتحاد الأوروبي دعما يضمن استقرار دول منطقة الشرق الأوسط، وخاصة المنطقة الحرجة “فلسطين- الأردن- مصر” مع عدد سكان يبلغ 106 ملايين نسمة فإن “مصر هي البلد العربي الأكبر ديموغرافيا والثالث في إفريقيا ناهيك عن معدلات النزوح ومخيمات وتدفقات اللاجئين من الجانب الحدودي مع قطاع غزة.

ووفقا لتقارير صادرة عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تستضيف مصر ما يقدر بنحو تسعة ملايين مقيم أجنبي من بينهم أربعة ملايين سوداني و1.5 مليون سوري الأمر الذي يؤكد حرص قادة أوروبا من أجل الحفاظ على الإستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بمصر.

 على اعتبار خطر الهجرة غير الشرعية المهددة لأمن أوروبا، وأزمة الطاقة والتجارة خاصة العابرة عبر قناة السويس تشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الأوروبي الذي يعي جيدا وأن أي أزمات أوعدم استقرار بالأراضي المصرية أو جوارها الإقليمي سيؤدي لتدفقات بالملايين لمهاجرين غير شرعيين على القارة العجوز، ولذلك تحرص أوروبا على “أمن واستقرار” مصر كمصلحة استراتيجية أوروبية.

هناك زيادة في عدد المصريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا، ويقدم الاتحاد الأوروبي بالفعل التمويل الذي يهدف إلى الحد من هذه التدفقات، وتعمل مصر على منع الهجرة غير الشرعية إلى حد كبير من سواحلها الشمالية خاصة وأن ليبيا تعاني من عدم الإستقرار الأمني السياسي وبالتالي فهي”دولة غير متمكنة من حدودها” بما يثير مخاوف أوروبية حول وجود طريق تهريب جديد في البحر المتوسط.

الدعم الأوروبي لمصر يستهدف في النهاية مصلحة دول الاتحاد الأوروبي، في وقت بدأت عوارض الأزمة تعصف بالاقتصاد المتعثر ونقص الموارد ومصادر النهب…

ناهيك عن الحرب الروسية الأوكرانية وانقطاع سلاسل الإمداد بالبحر الأحمر كالنفط والغاز والبترول وتضرر الملاحة الدولية للغرب بالنسبة للسلع والبضائع والأغذية المستوردة مع تدفق منسوب المهاجرين بمعدلات قياسية دون القدرة على مواجهة هذه الازمات.

سياسة فرضت من جديد بنود صندوق النقد الدولي المجحفة والسياسة الغربية البراغماتية التي تحاول التوصل الى مخرج  تصدت لها حكومات وواجهتها ندا للند بمغادرة شراكة الاتحاد الاوروبي، الى تنويع شركائها من الأقطاب والقطع مع استعمار الوكلاء فيما اعتنقتها حكومات أخرى في ظرفية دولية تستجيب لدواعي هذه الصفقة المليارية وتهيئ لها الأرضية من جديد.      

By Zouhour Mechergui

Journaliste