الأثنين. نوفمبر 25th, 2024

إعداد الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتجية الأمنية والعسكرية

تونس 10-01-2024

تعتبر عملية إغتيال صالح العاروري معقّدة جدا وخاصة وأنها حصلت في الضاحية الجنوبية لبيروت والطريقة كانت مستفزّة جدا للسيادة اللبنانية وخاصة لحزب الله أين كان الشهيد العاروري متحصنا.

عملية الإغتيال قد قفزت بتداعياتها فوق كل الخطوط الحمر التي رسمتها قواعد الاشتباك المحلية والإقليمية وبأسلوب لا يحتمل التأويل عن المنفذ والمظلّة التي حمته، وهو يغامر بعملية كادت أن تأخذ المنطقة إلى حرب لا تعرف تداعياتها ولا حدودها وإلى حدود الساعة لا يمكن التنبؤ بتداعيات العملية بإعتبار أن نفس الطريقة للإغتيال ونفس المنفذ لا يزال يستفز وينفذ وبشكل همجي وخارج عن كل حسابات القيادات الإقليمية والدولية.

وقد جاءت عملية الاغتيال تلك ضمن سلسلة من العمليات المماثلة التي افتتحت باغتيال الجنرال رضي موسوي في سوريا كما تزامنت مع عمليات تفجير في كرمان استهدفت زوار مرقد قائد قوة القدس الشهيد الحاج قاسم سليماني، وعملية اغتيال في قلب بغداد استهدفت أحد قادة الحشد الشعبي من كوادر حركة النجباء الحاج أبو تقوى السعيدي، وبعدها إغتيال قيادي من حزب الله واليوم كذلك إستهداف وبنفس الطريقة سيارة فيها قيادات من حزب الله وبالتالي الملاحظ لجوهر الإغتيالات الصهيونية يتأكد من منطق واحد لدى نتياهو وحكومته المتطرفة القفز الى الأمام وفتح جبهة لبنان وبعدها ستكون جبهة مصر إن لم توافق مصر على تسليم قيادة محور فيلادلفيا لنتنياهو وجيشه الضعيف المتهور.

الكيان الصهيوني أمام الفشل التكتيكي والخطة “أ” إنهارت

يبدو أن العدو الباحث عن صورة نصر “استراتيجية”، اختار أن يجلبها من أي مكان في العالم طالما فيها قادة فلسطينيون بحجم ووزن الشهيد صالح العاروري وقيادات كبرى من حزب الله ومن سوريا وإيران العراق المهم هو جلب “نصر وهمي” يرضي به الداخل الإسرائيلي.

 ويبدو أن محاولة أخذ العدو هذه الصورة بتجاوز الخطوط الحمر في الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت أكثر مغامراته خطورة في هذه الحرب، لأنها كانت تنذر بتداعيات كارثية لولا مسارعة قيادة المقاومة في لبنان بإعادة تأكيد المسار المسموح به للشريكين الإسرائيلي والأمريكي في الميدان اللبناني، حيث أعادت تثبيت قاعدة اشتباك كبيرة حين التزمت بقطع ما اعتبره العدو استعمال “يده الطويلة” خارج الجبهة اللبنانية الممتدة من الناقورة إلى شبعا، أو محاولة إدخال الساحة اللبنانية ضمن سياق “المعركة بين الحروب” التي يخوضها العدو في الميدان السوري.

كذلك هذه العملية أراد منها كيان الإحتلال الإسراع بإخراج حزب الله الى ما بعد خط الليطاني بصورة أممية وبتنفيذ من مجلس الامن وخاصة وانها قد أعدت العدّة الديبلوماسية الى ذلك، وطبعا كان حزب الله متفطن لكل تحركات كيان الإحتلال وأمريكا وخاصة فرنسا التي تنوب إسرائيل في الملف اللبناني.

الكيان الصهيوني ينتقل الى الخطة التكتيكية “ب”

مع تراكم جبل الفشل الامريكي الإسرائيلي على جميع المجالات “الحرب على غزة – التصعيد في لبنان – تشكيل تحالف بحري لحماية السفن الإسرائيلية – منع المقاومة العراقية من نقل عملياتها إلى العراق”، تقرر الانتقال إلى الخطة التكتيكية “ب” والتي نفذّها التحالف الأمريكي الإسرائيلي وفق جدول عمل منسّق، كان الخيار المتخذ هو انضمام واشنطن بنسبة معينة إلى مبدأ “المعركة بين الحروب” التشغيلي.

يبدو أن العجز الأمريكي الإسرائيلي في الميدان وفي المنطقة بات ينعكس غارات وضربات مشتركة في إيران ولبنان والعراق وسوريا واليمن ضد أهداف لمحور المقاومة، ويظهر من مؤشرات عديدة أنها مستمرة وفي طور التعاظم، وهذا ما سيدفع عمليات المساندة للمقاومة في غزة إلى أطوار جديدة من القتال وإلى فرض قواعد اشتباك ملزمة كما بدأت في لبنان واليمن، وتتخذ طريقاً للتشكل في العراق، قد يكون إبقاء الوضع على ما هو عليه قبل بدء موجة الاغتيالات الخيار المرجح الذي سيلزم فيه محور المقاومة الحليفين الأمريكي الإسرائيلي.

الأمريكي دخل الى الخطة “ب” من دون كيان الإحتلال، فالأمريكي يبحث عن إنتصار سياسي وبليكن ينتقل من عاصة الى عاصمة عربية يضغط عليهم لقبول الرهان السياسي والصهيوني يقفز الى الأمام ويترك الأمريكي في حرج داخلي قبل أن يكون خارجي… والقادة العرب مكبّلين لا يفعلون إلاّ ما يطلب منهم بين مطرقة كراسييهم وسندان الغرور والوحشية الصهيونية.

الخلاصة

 الفشل المتتالي والمتراكم لمعالجة آثار وتداعيات عملية طوفان الأقصى بما فيه فشل الخيار العسكري في غزة أضرّ بواشنطن بمستوى يكاد يكون موازياً للضرر الذي لحق بالكيان المؤقت.

لم تستطع لا واشنطن ولا تل أبيب فهم وإدراك جبهات المساندة الإقليمية والدولية التي قامت بواجباتها لدعم ومساندة غزة، فقفزت الى المخطط “ب” وهي إشعال الحرب الإقليمية وكرّ قدم الجبهات الثلاث بعيداً عن الكيانحتى لا تظهر الهزيمة الكبرى في غزّة وإتساع الحرب سيغطي على هزيمتهم وخاصة إسترجاع ماء الوجه الذي سكب في الأرض وأعينهم التي فقئت أمام العالم وفي المنطقة وهم يدركون إن وضعت الحرب أوزارها فالمفاوضات ستتغير والسياسة في الشرق الأوسط ستنقلب رأسا على عقبا.

قرار شن حملة جوية ضد أهداف في لبنان والعراق وسوريا والتحرش باليمن، هو قرار أمريكي صهيوني مشترك وهو المخطط “ب” الذي سيعملون على الدفع نحوه ولا يجب أن نصدّق كثيرا ما يفعله وزير الخارجية الأمريكي الصهيوني بلينكن ففي جولته الأخيرة والتي لم تنتهي بعد هو يحاول الضغط على قادة المنطقة وينفث في سمومه عليهم حتى يدخلوا معه في تحالف لشن الحرب الإقليمية على محور المقاومة.

By Zouhour Mechergui

Journaliste