الأربعاء. نوفمبر 13th, 2024

تونس 22-12-2023

في قمة بريكس الخامسة عشرة، تم الإنتهاء بالفعل من تشكيل جوهر العالم متعدد الأقطاب.

اتخذت قمة بريكس الخامسة عشرة قراراً تاريخياً بقبول 6 دول أخرى في المنظمة هي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقد أكمل هذا بشكل فعال تشكيل جوهر عالم متعدد الأقطاب.

وبالرغم من أن مجموعة “بريكس”، المعروفة سابقاً باسم “بريك”، كانت عبارة عن رابطة مشروطة لدول شبه محيطية (وفقاً لـ فالرشتاين) أو دول “العالم الثاني”، فإن الحوار بين هذه الدول، التي لا تشكل جزءاً من هيكل الغرب الجماعي (حلف شمال الأطلسي وغيره من المنظمات أحادية القطب بشكل صارم التي تهيمن عليها الولايات المتحدة)، قد حدد تدريجياً معالم النظام العالمي البديل.

وإذا كانت الحضارة الغربية تعتبر نفسها الوحيدة، وهذا هو جوهر العولمة والأحادية القطبية، فإن دول “بريكس” تمثل حضارات ذات سيادة ومستقلة، وهي مختلفة عن الغرب، كما أنها ذات تاريخ طويل ونظام أصيل تماماً للقيم التقليدية.

في البداية، ضمت رابطة “بريك”، التي تم إنشاؤها عام 2006 بمبادرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين ومثّلت البرازيل، وهي القوة الأكبر في أميركا الجنوبية، قارة أميركا اللاتينية.

في حين أن كل من روسيا والصين والهند تتمتع في حد ذاتها بالحجم الكافي لاعتبارها حضارات واسعة النطاق، أي إنهم أكثر من مجرد دول قومية. فروسيا هي طليعة أوراسيا، “المجال الأكبر” الأوراسي.

والصين مسؤولة عن مساحة كبيرة من القوى المجاورة للهند الصينية وغيرها الكثير (وتعتبر مبادرة مشروع “حزام واحد وطريق واحد” هي الطريقة الملموسة لإنشاء هذا “المجال الأكبر” الصيني على أساس التعاون السلمي).

كما تمد الهند نفوذها إلى ما هو أبعد من حدودها ـ على الأقل إلى بنجلاديش ونيبال-وتم تمثيل أكبر دولة أفريقية بشكل رمزي عندما انضمت جنوب أفريقيا إلى دول بريكس في عام 2011 ومن هنا جاء اختصار “C” في نهاية “بريكس” دلالة على جنوب أفريقيا.

ولكن في القمة الخامسة عشرة، والتي عقدت في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023 في جوهانسبرج، تم التشكيل النهائي للنادي متعدد الأقطاب. بحيث كان دخول القوى الإسلامية الثلاث (إيران الشيعية والسعودية السنية والإمارات العربية المتحدة) هو أمراً أساسياً.

وهكذا تم ضمان المشاركة المباشرة في العالم المتعدد الأقطاب للحضارة الإسلامية برمتها، ممثلة بفرعيها (السنة والشيعة).

بالإضافة إلى ذلك، انضمت الأرجنتين الناطقة بالإسبانية، إلى جانب البرازيل الناطقة بالبرتغالية، وهي قوة أخرى قوية ومستقلة، إلى مجموعة “بريكس”، وحتى في منتصف القرن العشرين، كان منظرو توحيد أميركا الجنوبية في “المجال الأكبر” الموحّد ــ ومنهم في المقام الأول الجنرال الأرجنتيني خوان بيرون والرئيس البرازيلي جيتوليو فارغاس ــ يعتبرون أنّ التقارب الحاسم بين البرازيل والأرجنتين هو المبدأ الأول لهذه العملية. وإذا تم تحقيق ذلك، فإن عملية التكامل في عالم أميركا اللاتينية (مصطلح أ.بويلا) ستكون لا رجعة عنها.

وهذا هو بالضبط ما يحدث الآن في سياق انضمام القوتين الرئيسيتين في أميركا الجنوبية، البرازيل والأرجنتين، إلى النادي المتعدد الأقطاب.

كذلك يعتبر قبول إثيوبيا أيضاً رمزياً للغاية، فهي الدولة الأفريقية الوحيدة التي ظلت مستقلة طوال الحقبة الاستعمارية، محتفظة بسيادتها واستقلالها وثقافتها الفريدة (الإثيوبيون هم أقدم شعب مسيحي).

وبالتشارك مع جنوب أفريقيا، تعمل إثيوبيا على تعزيز وجودها في هذا النادي متعدد الأقطاب والذي سينعكس على القارة الأفريقية ككل.

وفي الواقع، فإنه من خلال التركيبة الجديدة لمجموعة “بريكس” نحصل على نموذج كامل لتوحيد جميع الأقطاب-الحضارات، “المساحات الكبرى”، باستثناء الغرب، الذي يسعى جاهداً للحفاظ على هيمنته وأسلوبه الأحادي القطب، ولكنه الآن لا يواجه بلداناً متباينة ومجزأة ومليئة بالتناقضات الداخلية والخارجية، بل يواجه قوة موحدة تتألف من أغلبية البشرية، وعازمة على بناء عالم متعدد الأقطاب، ويتكون هذا العالم من الحضارات التالية:

الغرب (الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وأتباعهما، الذين يضمون، للأسف، اليابان التي كانت ذات يوم فخورة وذات سيادة، وتحوّلت الآن إلى دمية سلبية في أيدي الغزاة الغربيين).

الصين (+تايوان) مع أقمارها الصناعية.

روسيا (كوحدة متكاملة للفضاء الأوراسي بأكمله).

الهند ومنطقة نفوذها.

أمريكا اللاتينية (مع قلبها البرازيل + الأرجنتين).

أفريقيا (جنوب أفريقيا + إثيوبيا، مع مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغيرها، المحررة من النفوذ الاستعماري الفرنسي).

العالم الإسلامي (في كلا الإصدارين-إيران الشيعية والسعودية السنية والإمارات العربية المتحدة).

وفي الوقت نفسه، تدّعي إحدى الحضارات – الحضارة الغربية – الهيمنة، وتنكر هذا الحق على الحضارات الست الأخرى، ولا تقبل بنظام متعدد الأقطاب وتعترف بالغرب باعتباره واحدة فقط من الحضارات، إلى جانب حضارات أخرى. وربما يبقى الأقوى (نسبياً وليس لفترة طويلة جداً) ولكنه ليس فريداً.

لذا فإن رؤية صموئيل هنتنغتون، الذي رأى المستقبل في عودة الحضارات، قد تأكدت عملياً، في حين أصبح واضحاً مغالطة رؤية فوكوياما، التي اعتقدت أن الهيمنة العالمية للغرب الليبرالي (نهاية التاريخ) قد تحققت بالفعل.

فلذلك، لم يعد أمام فوكوياما سوى إلقاء المحاضرات على النازيين الجدد الأوكرانيين، وهو الأمل الأخير لدعاة العولمة القائلة بوقف ظهور التعددية القطبية، هذه التعددية التي تقاتل روسيا من أجلها اليوم في أوكرانيا.

وبالتالي يمكن اعتبار أغسطس 2023 عيد ميلاد العالم متعدد الأقطاب. فلقد تم تأسيس التعددية القطبية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها نوعاً ما، وقد حان الوقت لإلقاء نظرة فاحصة على كيفية تفسير الأقطاب الحضارية للوضع الذي يجدون أنفسهم فيه.

وهنا يجب أن نأخذ في عين الاعتبار أن كل حضارة ذات سيادة تقريباً ولديها فكرتها الخاصة عن بنية التاريخ، وطبيعة الزمن التاريخي، واتجاهه، والهدف والنهاية.

 وعلى عكس فوكوياما، الذي أعلن طموحاً عن نهاية واحدة للتاريخ (في نسخته الليبرالية)، فإن كل حضارة ذات سيادة تعمل بفهمها وتفسيرها ووصفها الخاص لنهاية التاريخ. لذا دعونا نفحص هذا الوضع بإيجاز.

إن كل قطب من أقطاب العالم هو “متعدد الأقطاب”، بمعنى أن كل حضارة لديها نسختها الخاصة من علم “الأمور الأخيرة”، تختلف كل نسخة بدرجة وضوحها عن الأخرى فتكون أكثر أو أقل وضوحاً، و”الأخرويات” هي عقيدة نهاية العالم أو نهاية التاريخ، ورغم أنّ علم “الأمور الأخيرة” يشكل جزءً أساسياً من المذاهب الدينية، ولكن له نسخ علمانية أيضاً، بمعنى أنّ الفكرة القائلة بـ”الاتجاه الخطي للعملية التاريخية ونهايتها المفترضة” يمكن اعتبارها أيضاً “علم الأمور الأخيرة”.

وفيما يتكون العالم متعدد الأقطاب من “حضارات عدة” أو “مساحات عظيمة”، مع نظام فريد وأصلي من القيم التقليدية، فإنّ هذا هو القطب (وليس الدولة الفردية)، باعتبار أنّ القطب هو “الحضارة” على وجه التحديد، ولكل حضارة فكرتها الخاصة عن طبيعة العملية التاريخية، واتجاهها وهدفها، وبالتالي فكرتها الخاصة عن علم “الأمور الأخيرة “الخاص بها.

وفي بعض “المساحات الكبيرة” هناك عدة إصدارات من علم الأمور الأخيرة، وعدد من التشكيلات السياسية الصغيرة نسبياً، والتي لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تدّعي أنها قطب، ومع ذلك في بعض الأحيان يكون لها علم أخروي خاص وحتى متطور. لذا دعونا نحدد الأنواع المختلفة بمصطلحات عامة جداً.

لقد كان للمسيحية الغربية في الأصل نفس العقيدة الأخروية مثل المسيحية الشرقية، لكونها حضارة واحدة في المسيحية سواء في الكاثوليكية أوالأرثوذكسية (وحتى البروتستانتية)، وهذه العقيدة  تعتبر نهاية العالم حتمية، لأن العالم وتاريخه محدودان والله غير محدود.

فبعد مجيء المسيح، يتحرك العالم نحو نهايته، ويُنظر إلى عودة المسيح نفسها على أنها ستحدث “في الأيام الأخيرة”، كما أن تاريخ الكنيسة المسيحية بأكمله هو إعداد لنهاية الزمان، والدينونة الأخيرة، والمجيء الثاني للمسيح، وتعلم المسيحية أيضاً، أنه قبل المجيء الثاني سيكون هناك ارتداد عام عن الإيمان (الردة) وستبتعد الأمم عن المسيح وكنيسته وتعتمد فقط على قوتها الخاصة (الإنسانية).

 ولاحقاً ستتدهور البشرية تماماً، وسيستولي على السلطة رسول الشيطان، “ابن الهلاك”، ولكن لن يملك الحكم ضد المسيح سوى لفترة قصيرة 3.5 سنة، (“زمان وزمانين ونصف زمان”)، وسيدينه ويندد به القديسون والأنبياء إيليا وأخنوخ، الذين سيعودون إلى الأرض، ثم المجيء الثاني، وستحدث قيامة المسيح والحكم الأخير، وهذا ما يجب على كل مسيحي أن يؤمن به.

وفي الوقت نفسه، اعتقدت الكاثوليكية، (التي انفصلت تدريجياً عن الجذع الأرثوذكسي الموحد)، أن معقل المسيحيين يجب أن يكون الكنيسة الكاثوليكية وتحت قيادة البابا، “مدينة الله”، وأنّ التراجع لن يؤثر إلا على الكيانات السياسية الدنيوية، “مدينة الأرض”، فهناك معركة روحية بين سياسة الفاتيكان السماوية والسياسة الأرضية للملوك العلمانيين، أما في الأرثوذكسية، فهي على عكس الكاثوليكية، وترى أنّ الإمبراطورية المقدسة، “روما الأبدية” هي العقبة الرئيسية في طريق المسيح الدجال.

ولقد ساد علم الأمور الأخيرة المسيحي التقليدي ومثل هذه النظرة المتشائمة إلى حدٍ ما لمنحى التاريخ في أوروبا حتى بداية عصر الحداثة. وعلى وجه التحديد، هذه هي الطريقة التي يستمر بها الكاثوليك التقليديون الحقيقيون، في التفكير في نهاية العالم، غير متأثرين بروح الحداثة والتنوير، والذين يتضاءل عددهم في الغرب.

فيما تعتبر الأمور الأخيرة البروتستانتية أكثر غرابة لدى القائلين بتجديد عماد مونستر أو الهوسيين التشيكيين، بأنّ المجيء الثاني سبقه تأسيس المساواة العالمية (الشيوعية الأخروية)، وإلغاء التسلسل الهرمي الطبقي والملكية الخاصة.

كما قامت العديد من الطوائف البروتستانتية والكنيسة الأنجليكانية في الآونة الأخيرة، بمراجعة وجهة نظرهم في علم الأمور الأخيرة، وذلك تحت تأثير التحديث والصواب السياسي، مما أدى في النهاية إلى كسر التقليد المسيحي القديم.

تكمن الماسونية الأوروبية في أصول الحضارة الأوروبية الغربية الحديثة، وفي أوساطها ولدت الفكرة الغريبة غير المتماسكة القائلة بـ”التقدم الاجتماعي”، حيث أنّ فكرة التقدم هي النقيض المباشر للفهم المسيحي للتاريخ، فهي ترفض الردة، والمسيح الدجال، والدينونة الأخيرة، وقيامة المسيح، ووجود الروح ذاته.

ويعتقد الماسونيون أن البشرية تتطور تدريجياً: في البداية هناك “وحشية” (وليست الجنة الأرضية)، ثم البربرية (وليس المجتمع التقليدي)، ثم الحضارة (والتي يعتبر ذروتها العصر الأوروبي الحديث وعصر التنوير، أي المجتمعات الإلحادية العلمانية القائمة على النظرة العلمية المادية للعالم).

وتمر “الحضارة” (بصيغة المفرد!) في تطورها بعدد من المراحل من الطوائف التقليدية إلى العبادة الإنسانية للمهندس العظيم للكون، ثم إلى الديمقراطية الليبرالية، حيث سينتصر العلم والإلحاد والمادية بشكل كامل.

 إضافة إلى ذلك، فإنه عادة ما تتوقف الماسونية المحافظة المتمثلة بـ(الطقوس الاسكتلندية) عند عبادة المهندس العظيم للكون (أي عند الربوبية والاعتراف بـ “إله” غير طائفي غير محدد)، ودعت محافل “الشرق الكبير” الأكثر ثورية نحو المضي قدماً والإلغاء الكامل للدين والتسلسل الهرمي الاجتماعي.

حيث تمثل الطقوس الاسكتلندية الليبرالية الكلاسيكية (رأس المال الكبير)، فيما يمثل الشرق الكبير والمحافل الثورية الأخرى الديمقراطية الليبرالية  وهي (النمو المكثف للطبقة الوسطى وإعادة توزيع رأس المال من البرجوازية الكبيرة إلى البرجوازية المتوسطة والصغيرة).

ولكننا نرى أنّ الماسونية بنسختيها لديها توجهاً واضحاً موجه نحو نهاية التاريخ، أي نحو بناء حضارة عالمية تقدمية حديثة، وهذه هي أيديولوجية العولمة في النسختين المحافظة (التدريجية) والهجومية (الديمقراطية الثورية).

تطورت نظرية الملكية الخامسة في الأوساط البروتستانتية خلال ثورة كرومويل الإنجليزية، وتحت تأثير الأوساط اليهودية والسبتية (خاصة الحاخام الهولندي منسى بن إسرائيل)، حيث أُعلن أن العقيدة المسيحية التقليدية لممالك العالم الأربع (البابلية والفارسية واليونانية والرومانية) هي عقيدة غير كافية، وكانت المملكة الخامسة قادمة، بعد سقوط روما (وهو ما يعني بالنسبة للبروتستانت رفض الاعتراف بسلطة البابا والإطاحة بالنظام الملكية، وقتل الملك)، وسبق وأن نشأت فكرة مماثلة في البرتغال فيما يتعلق بالإمبراطورية البحرية البرتغالية والمهمة الخاصة لـ”الملك المختفي” سيباستيان، وتم نقل النسخة البرتغالية والمتمحورة حول “الملكية الصوفية” إلى المتحولين اليهود البرتغاليين “مارانوس” كذلك نقلت إلى اليهود المنفيين إلى هولندا والبرازيل وكان أحدهم منسى بن إسرائيل، ومنه انتقلت هذه النظرية إلى البروتستانت الإنجليز والدائرة الداخلية لكرومويل (ت. هاريسون).

واعتبر أنصار هذه النظرية أن كرومويل نفسه هو العاهل العالمي المستقبلي للإمبراطورية الخامسة وكان من المقرر أن تتميز الملكية الخامسة بإلغاء الكاثوليكية، والسلطة الملكية الوراثية، والعقارات، وتمثل انتصار الديمقراطية البرجوازية والرأسمالية.

واستمر ذلك من خلال تيار “الإسرائيلية البريطانية” الذي أعلن أن الإنجليز هم “قبائل إسرائيل العشرة المفقودة” ونشر الإيمان بالهيمنة العالمية القادمة لإنجلترا والعرق الأنجلوسكسوني، وتم اعتبار الحكم العالمي لـ “الإسرائيليين الجدد” (الأنجلوسكسونيين) هو حكم خارج نطاق الممالك الأربع وانفصل عن علم الأمور الأخيرة المسيحي التقليدي، حيث كانت الملكية الخامسة تعني تدمير الممالك المسيحية التقليدية وحكم “الشعب المختار” (ولكن هذه المرة ليس اليهود بل الإنجليز).

ومن ثم نقلت الطوائف البروتستانتية المتطرفة هذه الأفكار من إنجلترا إلى الولايات المتحدة، التي تم إنشاؤها كتجسيد تاريخي للملكية الخامسة، ومن هنا جاء علم الأمور الأخيرة الأميركي في أساطير دبليو بليك (في “نبوءة أميركا” التي تمثل الولايات المتحدة الأميركية من خلال العملاق أوركوس الذي يحرر نفسه من قيود “الإله القديم”)، والذي كان أيضاً من أتباع النظرية “الإسرائيلية البريطانية”، وقد جسّد بليك هذه الأفكار في قصيدته “القدس” التي أصبحت النشيد غير الرسمي لإنجلترا.

تطورت أفكار “الإسرائيلية البريطانية” والملكية الخامسة في بعض الطوائف البروتستانتية في الولايات المتحدة، وأصبحت أساساً لتيار خاص من التدبيرية يعتمد على أفكار إخوان بليموث (الواعظ جون داربي) ونشر كتاب سكوفيلد “النظام التدبيري” الكتاب المقدس المشار إليه، حيث يتم دمج التفسير الأخروي بطريقة تدبيرية في النص الكتابي بطريقة تبدو للناس العاديين وكأنها رواية واحدة.

وتعتبر التدبيرية الأنجلوسكسونيين والبروتستانت (“المولودين من جديد”) هم الشعب المختار، وتطبق عليهم كل النبوءات المتعلقة باليهود، ووفقاً لهذا المذهب، تعيش البشرية في نهاية “التدبير” الأخير للدورة، وسيأتي المجيء الثاني للمسيح قريباً وسيُؤخذ جميع المؤمنين إلى السماء (النشوة)، ولكن هذه المعركة ستسبقها معركة أخيرة (هرمجدون) مع “ملك روش وماشك وتوبال”، والتي يقصد بها روسيا منذ القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر، وقبل ذلك يجب على روسيا أن تغزو فلسطين وتقاتل هناك “المولودين من جديد” (الأنجلوسكسونيين) ومن ثم تهزمهم، وبعد ذلك، يجب أن يكون هناك تحول جماعي لليهود إلى البروتستانتية والصعود إلى السماء (بواسطة المعجزات أو المركبات الفضائية).

وفي العقود الأخيرة، اندمج هذا التيار مع الصهيونية السياسية وأصبح أساس الأيديولوجية والجغرافيا السياسية للمحافظين الجدد الأميركيين.

تطورت نظرية أخروية للملك العظيم، في فرنسا، منذ أواخر العصور الوسطى وفجر العصر الحديث، وادعت هذه النظرية بأنه في نهاية الزمان، سيظهر ملك فرنسي سري، يختاره الله، وينقذ البشرية من الانحطاط والبروتستانتية والمادية. وهذه النسخة من علم الأمور الأخيرة هي ذات مركزية فرنسية ومحافظ، ويتم تداولها في دوائر الطبقة الأرستقراطية ذات التوجه الصوفي، وهي تختلف عن علم الأمور الأخيرة الكاثوليكي التقليدي من حيث أن الملك الفرنسي هو الذي سيقف كحاجز أمام المسيح الدجال وليس كرسي الفاتيكان.

فيما يعتبر بعض الباحثين أن الديغولية هي النسخة الجيوسياسية العلمانية والمبسطة لعلم الأمور الأخيرة للملك العظيم، حيث كان الجنرال ديغول يؤيد توحيد شعوب أوروبا (الفرنسيين والألمان والروس في المقام الأول) ضد الهيمنة الأنجلوسكسونية وحلف شمال الأطلسي، وأطلق عليه الكاتب الفرنسي ج. بارفوليسكو (متبعاً ر.أبيليو) اسم “البعد الغامض للديغولية”. ولكن الغالبية العظمى من الطبقة الحاكمة الفرنسية يهيمن عليها علم الأمور الأخيرة الماسوني – بالمعنى المعاكس تماماً.

كانت المواجهة بين العرش الروماني والقوة الإمبراطورية متفاقمة للغاية أحياناً بعد أن أعلن شارلمان نفسه “الإمبراطور” في العصور الوسطى، وأدى ذلك إلى إنشاء حزبين: الغويلفيون (أنصار البابا) والغيبلينيون (أنصار الإمبراطور)، فكانت الأكثر انتشاراً في إيطاليا، وكانت حيازتها أساساً للاعتراف بالملوك الألمان كأباطرة للإمبراطورية الرومانية (الغربية) بعد تتويجهم في روما.

فيما كان الشاعر دانتي من مؤيدي الغيبلينيين وقد شفّر التعاليم الأخروية للغيبلينيين، في قصيدته “الكوميديا الإلهية” بأنه بعد الحكم المؤقت للغويلفيين والتدهور الكامل للكنيسة الكاثوليكية، سيأتي ملك غيبليني حقيقي إلى أوروبا من شأنه إحياء أخلاق وروحانية الحضارة الغربية/ ويتم تمثيله رمزياً في شكل “كلب الصيد”

(il Veltro) وبالرقم الغامض DXV (515)، مما يعطي بعد إعادة ترتيب الحروف/الأرقام كلمة DVX، “القائد”. وقد شرح دانتي أفكار الملكية العالمية في أطروحة منفصلة، وهنا يرتبط الموضوع الأخروي أيضاً بالسلطة الملكية، وبدرجة أكبر من ارتباطه بالكنيسة الكاثوليكية، وبالنسبة لدانتي، كانت الملكية الفرنسية تقف إلى جانب المسيح الدجال، وكذلك عرش روما التي تمردت على الإمبراطور.

إنّ النسخة الأصلية من علم الأمور الأخيرة مذكورة في فلسفة هيغل، وهو يرى التاريخ كعملية جدلية لتشتيت الروح في الطبيعة، ومن ثم تجمع جديد لذرات الروح في مجتمع مستنير، ووفقاً لهيغل فإنّ ذروة هذه العملية يجب أن تكون في إنشاء دولة ألمانية موحدة على أساس الملكية البروسية (لم تكن موجودة خلال حياته)، وفي هذه الملكية المستنيرة ستكتمل دورة تاريخ الروح. ولقد أثرت هذه الأفكار على الرايخ الثاني وبسمارك، ولاحقاً وبشكل مشوه أثرت على رايخ هتلر الثالث.

كما كان هيغل هو من طرح أطروحة “نهاية التاريخ” في سياق فلسفي والتي اتحدت في مزيج غريب من علم الأمور الأخيرة المسيحي (بما في ذلك شخصية الحاكم المسيحي) والتفسير الملكي الصوفي الخاص للتقدم الاجتماعي (كتفسير أولي)، (باعتباره المرحلة الأولية قبل إنشاء إمبراطورية الفلاسفة العالمية).

ولقد ربط الفيلسوف الألماني (الكاثوليكي) “كارل شميت” فكرة الرايخ بوظيفة الكاتشون، الحارس الذي يكبح الخطيئة، وهو معنى السلطة الإمبراطورية في بيزنطة والتي تم اغتصابها (بحسب الكنيسة الأرثوذكسية) في القرن التاسع من قبل الإمبراطور الفرنجي شارلمان، وكان هذا الخط يتماشى جزئياً مع التقليد الغيبليني.

فقد بنى اليهودي الألماني كارل ماركس نظرية الشيوعية (نهاية التاريخ) على نسخة مادية مقلوبة من الهيغلية، وحاول الفيلسوف الروسي ألكسندر كوجيف ربط نهاية التاريخ بالعولمة والانتصار العالمي لليبرالي، ولكن من المهم أن هيغل نفسه كان ملكياً ألمانياً أخروياً، على عكس مفسريه الطائفيين.

ارتبط علم الأمور الأخيرة في النسخة الإسبانية باستعمار الأميركتين ومهمة ملك هابسبورغ تشارلز الخامس وخلفائه من الأسر الحاكمة. وبما أنه في النبوءات حول نهاية العالم (مز ميثوديوس باتارا)، كانت علامة نهاية العالم هي نشر الإنجيل للبشرية جمعاء وإنشاء إمبراطورية مسيحية عالمية تحت حكم ملك عالمي كاثوليكي، ومنحت الاكتشافات الجغرافية وإنشاء مستعمرات واسعة من قبل إسبانيا سبباً لاعتبار آل هابسبورغ الإسبان – وخاصة تشارلز الخامس وفيليب الثاني – كمتنافسين على دور الملك العالمي.

وهذه النسخة الملكية الكاثوليكية، تتوافق جزئياً مع النسخة الفرنسية، ولكنها في المقابل تركزت على الأباطرة النمساويين، وهم المعارضون التقليديون للسلالة الفرنسية، كما كان كريستوفر كولومبوس من دعاة الإمبراطورية العالمية الأخروية في عهد الملوك الكاثوليك إيزابيلا وفرديناندو، وعكس وجهات نظره الأخروية في كتاب النبوءات، الذي تم تجميعه عشية رحلته الرابعة إلى الأميركتين واكتمل مباشرة بعد عودته.

وتلاشى هذا الخط الأخروي بعد حكم البوربون في إسبانيا، وأصبح بلا جدوى، ويمكن العثور على أصداء له في الأوساط الكاثوليكية في أميركا اللاتينية، وخاصة بين اليسوعيين.

فيما تعد الإمبراطورية الخامسة في النسخة البرتغالية وفرعها البرازيلي ككل متشابهان من حيث النوع من هذا الإصدار من علم الأمور الأخيرة.

تأسست دولة إسرائيل في عام 1948 في فلسطين لتحقيق التطلعات الأخروية لليهود في الشتات، والذين كانوا ينتظرون العودة إلى أرض الميعاد منذ ألفي عام، ويعتمد علم “الأمور الأخيرة” اليهودي على الإيمان باختيار اليهود ودورهم الخاص في نهاية الزمان، عندما يأتي المسيح اليهودي وسيحكم اليهود العالم، وهي أفضل نسخة مدروسة من علم الأمور الأخيرة، من نواحٍ عديدة، فإن علم الأمور الأخيرة اليهودي هو الذي شكل السيناريوهات الرئيسية لرؤى نهاية العالم في التقاليد التوحيدية.

ولقد تم إنشاء “إسرائيل” الحديثة كدولة معدة لمجيء المسيح، وإذا تم إخراج هذه الوظيفة من المعادلة، فإن وجودها ذاته سيفقد معناه تماماً خاصة في نظر اليهود أنفسهم.

ومن الناحية الجيوسياسية، لا تستطيع إسرائيل أن تدعي أنها حضارة مستقلة، أو إمبراطورية، ذات حجم ضروري للمشاركة الكاملة في العمليات الأخروية العالمية، ورغم ذلك، إذا أخذنا في عين الاعتبار التقارب بين الصهاينة السياسيين في الولايات المتحدة والمحافظين الجدد والبروتستانت التدبيريين، ودور اليهود في القرن الماضي في المحافل الماسونية، وتأثير الشتات في النخب الحاكمة وخاصة الاقتصادية في الغرب، فستتغير الصورة بأكملها، ويتبين أنّ أساس الأحداث الأخروية الخطيرة أساس مهم.

ويصف التفسير القبالي لطريق الهجرة للجزء الرئيسي من الشتات اليهودي بأنه حركة تتبع الشخينا (حضور الله) في المنفى (بحسب الحاخام ألون أنافا). وفي بداية الجالوت (التشتت)، تركزت الكتلة الرئيسية لليهود في الشرق الأوسط (المزراحيين).

ثم بدأت في الصعود إلى الشمال والقوقاز (خازار كاغانات)، ومن هناك أدى طريق الشخينا إلى روسيا الغربية ودول البلطيق وإلى أوروبا الشرقية (الأشكناز)، ثم بدأت حركتها الأشكنازية تتعمق في أوروبا الغربية، وانتقل السفارديم من شبه الجزيرة الأيبيرية إلى هولندا والمستعمرات الأميركية. وأخيراً، تركز الجزء الأكبر من اليهود في الولايات المتحدة، حيث لا يزالون يمثلون الأغلبية مقارنة بالجاليات اليهودية في البلدان الأخرى، لذلك تبقى شيكينا في الولايات المتحدة، ثاني أكبر مجتمع لليهود موجود في إسرائيل، وعندما تتغير النسب لصالح إسرائيل، فهذا يعني أن الشكينا، بعد أن أكملت دورة ألفي عام، قد عادت إلى فلسطين.

وبعد ذلك، علينا أن نتوقع بناء الهيكل الثالث ومجيء موشياخ، وهذا هو منطق الإيمان بالآخرة اليهودي، والذي يمكن تتبعه بوضوح في العمليات السياسية الجارية حول إسرائيل، ويعتنق هذه الفكرة أغلبية الصهاينة المتدينين، الذين يشكلون نسبة كبيرة من اليهود في إسرائيل وفي الشتات، ولكن أي يهودي، بغض النظر عن مكان وجوده وبغض النظر عن الأيديولوجية التي يعتنقها، فإنه لا يمكنه إلا أن يكون على دراية بالطبيعة الأخروية لدولة إسرائيل الحديثة، وبالتالي، بالأهداف بعيدة المدى لحكومتها.

تطورت نظرية أخروية لدى السكان الأرثوذكس في اليونان، حول مجيء ملك محرر أرثوذكسي، الإمبراطور الرخامي، وذلك بعد سقوط بيزنطة واستيلاء العثمانيين على السلطة، وتم تفسير شخصية الملك أحياناً على أنها عودة قسطنطين الثاني عشر باليولوجوس، الذي وفقاً للأسطورة، لم يمت عندما استولى الأتراك على القسطنطينية، ولكن حمله ملاك بعيداً إلى البوابة الرخامية وهناك ينتظر ساعته لتحرير الأرثوذكس (اليونانيين) من ظلم الأجانب. وفي بعض إصدارات الأسطورة الأخروية، عُهد بهذه المهمة إلى “ملك الشمال ذو الشعر الأحمر”، والذي فهم العديد من الرهبان الأريوسيين في القرن الثامن عشر الإمبراطور الروسي.

هذه هي أصداء العقيدة البيزنطية الكلاسيكية للكاتيون، “الحارس”، الذي من المقدر له أن يصبح العقبة الرئيسية في طريق “ابن الهلاك” (الرسالة الثانية للقديس الرسول بولس إلى أهالي تسالونيكي) وعن الملك المخلص من كتاب “مز ميثوديوس باتارا”، وقد احتفظ الفكر السياسي الديني اليوناني بهذا العنصر الأخروي خلال الفترة العثمانية، على الرغم من أنه بعد التحرر من الأتراك، بدأت الدولة اليونانية في البناء على قوالب ديمقراطية ليبرالية ماسونية (على الرغم من فترة الحكم القصيرة من قبل عدد من السلالات الأوروبية)، وانكسرت تماماً مع التراث البيزنطي.

اتخذ علم الأمور الأخيرة في روسيا شكلاً مستقراً بحلول نهاية القرن الخامس عشر، وهو ما انعكس في نظرية موسكو – روما الثالثة، والتي أكدت أن مهمة الكاتيخون، انتقلت إلى روسيا موسكو، التي أصبحت نواة الإمبراطورية الأرثوذكسية الوحيدة بعد سقوط القسطنطينية – أي روما، وغيّر دوق موسكو الأكبر وضعه وأصبح القيصر، باسيليوس، الإمبراطور “كاتيخون”.

ومنذ ذلك الحين، كانت مهمة روسيا والشعب الروسي هي إبطاء مجيء “ابن الهلاك”، المسيح الدجال، ومقاومته بكل الطرق الممكنة، وقد شكّل هذا جوهر الإيمان بالآخرة الروسي، وأضفى الطابع الرسمي على مكانة الشعب الروسي باعتباره “حاملاً لله”.

ورغم أنّ فكرة موسكو باعتبارها روما الثالثة كانت منسيّة في عصر الإصلاحات الغربية لبطرس وأتباعه، لكنها عادت وانتعشت مرة أخرى في القرن التاسع عشر تحت تأثير السلافوفيين، ثم أصبحت موضوعاً مركزياً في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في الخارج. وبعد الانقسام، انتشر علم الأمور الأخيرة على نطاق واسع بين المؤمنين القدامى والطائفيين، إذ يعتقد المؤمنون القدامى بشكل عام أن سقوط روما الثالثة قد حدث بالفعل بشكل لا رجعة فيه، في حين أن الطائفيين (خليستي أو سكوبسي، الخصائيون)، على العكس من ذلك، فهم يؤمنون بالمجيء الوشيك لـ “المسيح الروسي”.

ولقد تبنى البلاشفة النسخة العلمانية من الإيمان بالآخرة الطائفي “المتفائل” وأخفوها تحت النسخة الماركسية لنهاية التاريخ عند هيغل، وفي الفترة الأخيرة من عمر الاتحاد السوفييتي، تلاشى الإيمان الأخروي بالشيوعية، وانهار النظام والبلاد.

وأصبح موضوع علم الأمور الأخيرة الروسي ذا صلة مرة أخرى في روسيا، عندما تفاقمت الأمور وأصبح موضوع المواجهة مع الحضارة الماسونية الليبرالية والمادية الملحدة في الغرب حاداً للغاية، وبطبيعة الحال، فإنه مع ترسيخ روسيا لنفسها كحضارة منفصلة، فإن دور علم الأمور الأخيرة والأهمية المركزية لوظيفة التعليم المسيحي سيتزايد فقط.

لا يتم وصف نهاية العالم بالتفصيل عند أهل السنة، كما أن الأفكار حول مستقبل القائد القادم للمجتمع الإسلامي، المهدي، تتضاءل أمام وصف الحساب الآخر الذي سيجريه الله في النهاية “يوم القيامة”. ومع ذلك فإن هذا الرقم موجود وموصوف بشيء من التفصيل في الأحاديث ويتعلق الأمر بظهور زعيم عسكري وسياسي للعالم الإسلامي سيعيد العدالة والنظام والتقوى التي تراجعت واضمحلت في نهاية الزمان.

ويوضّح الصوفي المعتمد ابن عربي بأن المهدي سوف يعاونه في الحكم “وزراء” يشكلون أساس الحكومة الأخروية، وحسب قوله، جميع وزراء هذه “الحكومة الميتافيزيقية”، مساعدين وإسقاطات للقطب الموحد.

(قطب) سيأتي من المجتمعات الإسلامية غير العربية، والمهدي سيهزم الدجال (الكذاب) ويقيم الحكم الإسلامي.

كما أنّ هناك نسخة غريبة من علم الأمور الأخيرة الإسلامية يعتنقها أنصار “داعش”، كذلك، ادعت شخصيات مختلفة في الإسلام دور المهدي، ومؤخراً، أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي التركي، “سادات”، عدنان تانريفردي، بأنّ أردوغان هو “المهدي”.

تم تطوير موضوع المهدي بشكل كامل، في المذهب الشيعي، ويشكل علم الأمور الأخيرة أساس التعاليم السياسية والدينية للشيعة، حيث يعتبر الشيعة أتباع علي، أن الأئمة، هم الحكام الشرعيون للمجتمع الإسلامي، ويعتقدون أن الإمام الثاني عشر الأخير لم يمت، بل اختبئ، وسيظهر للناس مرة أخرى في نهاية الزمان، وستكون هذه بداية صعود العالم الشيعي، ومن ثم سيظهر المسيح، الذي سيقاتل مع المهدي الدجال ويهزمه، ويؤسس نظاماً روحياً عادلاً لفترة قصيرة من الزمن وتكون قبل نهاية العالم مباشرة.

وتعترف الغالبية الشيعية بمثل هذه الآراء، أما في إيران فهي الأيديولوجية الرسمية التي تحدد إلى حد كبير الاستراتيجية السياسية بأكملها لهذا البلد.

ليس لنهاية العالم أهمية كبيرة في الهندوسية، على الرغم من أن عدداً من النصوص المقدسة المرتبطة بدورة الكلاتشاكرا تحكي عن ملوك أرض شامبالا الغامضة، حيث لا تزال ظروف العصر الذهبي سائدة. وفي اللحظة الأخيرة من التاريخ، فإن أحد هؤلاء الملوك، كالكي، والذي يُعتقد أنه الصورة الرمزية العاشرة لفيشنو، سيظهر في عالم البشر ويقاتل الشيطان كالي يوجا وسينهي انتصار كالكي العصر المظلم ويدل على بداية جديدة (ساتيا يوجا).

ويوصف كالي يوجا بأنه عصر تراجع الأخلاق والقيم التقليدية والأسس الروحية للحضارة الهندية، رغم من أن التقاليد الهندية منفصلة إلى حد ما عن التاريخ ودوراته، معتقدة أن الإدراك الروحي يمكن تحقيقه تحت أي ظرف من الظروف، إلا أن الزخارف الأخروية حاضرة تماماً في الثقافة والسياسة.

وفي الهند المعاصرة، تعترف بعض الدوائر التقليدية بالسياسي المحافظ الذي يتمتع بشعبية كبيرة ورئيس الوزراء ناريندرا مودي باعتباره تجسيد إلهي إما لكالكي نفسه أو لنذيره.

تم تطوير الزخارف الأخروية في التقليد البوذي أيضاً، ويُنظر إلى نهاية الزمان على أنها قدوم بوذا – مايتريا. وتتمثل مهمته في تجديد الحياة الروحية للسانغا، المجتمع البوذي، وتوجيه البشرية إلى طريق الصحوة الخلاصي.

واستندت بعض الأنظمة السياسية في بلدان جنوب شرق آسيا – اليابان، على البوذية، إلى جانب عبادة الشنتو الأصلية، والتي يقف في وسطها شخصية الإمبراطور الإلهي، وعدد من ولايات الهند الصينية، وفي بعض الحالات، أصبحت جاذبية شخصية بوذا مايتريا القادمة أساس للحركات السياسية والانتفاضات الشعبية.

كما وجدت البوذية الأخروية الدعم أحياناً في الأيديولوجية الشيوعية، مما أدى إلى ظهور أشكال توفيقية – كمبوديا وفيتنام وما إلى ذلك.

إن علم الأمور الأخيرة غائب تقريباً عن الكونفوشيوسية، وهو التيار السياسي الأخلاقي السائد في التقاليد الصينية، ولكن في الوقت نفسه تم تطويره بشيء من التفصيل في دين الطاويين الصينيين والتيارات التوفيقية الطاوية البوذية، فوفقاً للأفكار الطاوية حول الدورات، فإن تاريخ العالم ينعكس في تغيير السلالات الحاكمة في الصين، وهذا التغيير هو نتيجة لخسارة ما يسميه الطاويون “تفويض السماء”، الذي يلتزم كل حاكم شرعي للصين بتلقيه والاحتفاظ به، وعندما ينتهي هذا التفويض، تمر الصين باضطرابات وحروب أهلية وفوضى، ولا يتم إنقاذ الوضع إلا من خلال الحصول على ولاية جديدة من السماء وتتويج سلالة جديدة.

كما ينظر الصينيون أنفسهم إلى الإمبراطورية الوسطى الصينية على أنها صورة للتسلسل الهرمي الكوني، ففي الإمبراطورية مثل الكون، تندمج الثقافة والطبيعة لدرجة أنه لا يمكن التمييز بينهما. ولهذا السبب فإن الدورات الأسرية لديهم هي دورات كونية تقاس بها العصور.

ورغم أن التقاليد الصينية لا تعرف النهاية المطلقة للعالم، ولكنها تعتقد أن أي انحراف للنظام العالمي في أي اتجاه يتطلب استعادة متناظرة. وقد ساهمت هذه النظرية ضمنياً في الثورة الصينية ومازالت تحتفظ بأهميتها حتى يومنا هذا. وفي الواقع، يُنظر إلى شخصية الرئيس الحالي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، شينغ جين بينغ، على أنها مظهر جديد لإمبراطور شرعي حصل على تفويض سماوي.

كان أحد مؤسسي حركة إعادة الكرامة للشعوب الأفريقية هو الماسوني ماركوس هارفي، المولود في جامايكا، والذي طبق التقدمية الماسونية على السود ودعا إلى التمرد ضد البيض. واتخذ هارفي سلسلة من الإجراءات لإعادة السود الأميركيين إلى القارة الأفريقية، مواصلًا العملية التي بدأت في عام 1820 بإنشاء دولة اصطناعية على الساحل الغربي لأفريقيا، ليبيريا. حيث قامت حكومة ليبيريا بتقليد الولايات المتحدة، وكانت تتألف في الغالب من الماسونيين.

وفسر هارفي النضال من أجل حقوق السود ليس كوسيلة للحصول على المساواة، فقط، بل روج بنشاط لنظرية انتخاب الأفارقة كشعب خاص، والذي دُعي بعد قرون من العبودية لترسيخ هيمنته على الأقل في مساحة القارة الأفريقية، كما روّج للمطالبة بحقوق السلطة في الولايات المتحدة والدول الاستعمارية الأخرى، وأنه في وسط هذه الحركة العالمية يجب أن تقف المحافل الماسونية، حيث يُسمح للسود فقط، وكان الممثلون المتطرفون لهذا التيار هم منظمات Black Power وBlack Panthers ولاحقاً BLM.

في أفريقيا، ومن بين السكان الميلانيين (السود)، تم تطوير نسخهم الأصلية من علم الأمور الأخيرة، فجميعهم (كما هو الحال في علم الأمور الأخيرة لهارفي) يعتبرون الشعوب الأفريقية موهوبين بمهمة تاريخية خاصة (السود = إسرائيل الجديدة) ويتنبأون بولادة جديدة لأنفسهم وللقارة الأفريقية ككل. فالمخطط العام لعلم الأمور الأخيرة الأفريقي يعتبر أن عصر الاستعمار والعبودية هو بمثابة تجربة روحية عظيمة للجنس الأسود، تتبعها فترة مكافأة، أي عصر ذهبي جديد.

وفي إحدى نسخ هذا الإيمان بالآخرة، فإن جوهر الهوية الأفريقية هو إثيوبيا، ويُنظر إلى سكانها (الكوشيون والساميون ذوو البشرة الداكنة) على أنهم نموذج للحضارة الأفريقية. وإثيوبيا هي الكيان السياسي الأفريقي الوحيد الذي لم يتم استعماره، سواء من قبل القوى الأوروبية أو من قبل المسلمين. وفي هذا الإصدار، ُتعتبر جميع الشعوب الأفريقية مرتبطة بالإثيوبيين، ويُنظر إلى العاهل الإثيوبي – النجاشي – على أنه نموذج أولي لحاكم الإمبراطورية الأفريقية العظيمة، وكان هذا الخط هو أساس الراستافارية، التي أصبحت شائعة بين السود في جامايكا ثم انتشرت إلى السكان السود في أفريقيا وأميركا.

وهذا الإصدار هو السائد بالنسبة للشعوب المسيحية، ويكتسب علم الأمور الأخيرة المسيحي بين الإثيوبيين أنفسهم (المونوفيزيتيين) سمات أصلية مرتبطة بالمهمة الخاصة لإثيوبيا، التي تعتبر البلد المختار والشعب المختار (ومن هنا جاءت الأساطير القائلة بأن سلف الإثيوبيين كان ملكي صادق، التوراتي، ملك العالم)، وفي الراستافارية، يكتسب علم الأمور الأخيرة الإثيوبي هذا ميزات إضافية – وأحياناً بشعة جداً-.

وهناك نسخة أخرى من علم الأمور الأخيرة الأفريقي وهي “المسلمون السود” (أمة الإسلام)، التي ظهرت في الولايات المتحدة، حيث تدعي هذه العقيدة أن كلاً من موسى ومحمد كانا من السود، وأن الله يتجسد في القادة السياسيين والدينيين السود من دورة إلى أخرى. ويعد مؤسس هذا التيار الوالي فرد محمد الذي اعتبر نفسه مثل هذا التجسد (وهذا يتوافق مع طائفة خليستي الروسية)، وبعد وفاة الوالي فرد محمد، يتوقع المؤمنون عودته على متن سفينة فضائية.

وفي موازاة ذلك، فإنه يعلن حاجة السود إلى النضال في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، ليس فقط من أجل حقوقهم، ولكن من أجل الاعتراف بقيادتهم الروحية والعنصرية في الحضارة.

وحقق هذا التيار تأثيراً كبيراً في الولايات المتحدة في عهد الزعيم المعاصر لحركة أمة الإسلام، لويس فاراخان، وكان له تأثير كبير على التكوين الأيديولوجي للمسلمين السود في أفريقيا.

هناك نسخة أخرى من علم الأمور الأخيرة السياسي الأفريقي وهي تيار حزب الكومينتانغ (من الاسم المصري القديم لمصر نفسها)، والذي طور أفكار الفيلسوف الأفريقي الشيخ أنتا ديوب. كما طوّر هو وأتباعه نظرية مفادها أن مصر القديمة كانت دولة السود، وهو ما يتضح من اسمها “KMT”، في اللغة المصرية ويعني “الأرض السوداء” أو “أرض السود”. ويرى أنتا ديوب أن جميع الأنظمة الدينية الأفريقية هي أصداء للدين المصري، ويجب إعادة بنائها بالكامل.

وقام أتباعه كيمي سيبا بتطوير نظرية التوحيد الأفريقي، والتي هي أساس النظام الديني السياسي حيث يجب أن تناط السلطة في حكومة ميتافيزيقية تعبر عن إرادة الله (مثل وزراء المهدي في نسخة ابن عربي)، كما يجب أن تقوم الحياة على مبدأ المجتمعات السوداء المنغلقة – كويلومبو.

ومن خلال القيام بذلك، يجب على الأفارقة العودة إلى تقاليد شعوبهم، والسيطرة الكاملة على القارة الأفريقية، واستعادة لون البشرة الداكن قدر الإمكان (من خلال الزيجات ذات التوجه الميلاني) وإحداث ثورة روحية في العالم. ويجب أن تكون اللغة الأفريقية المقدسة الوحيدة هي اللغة المصرية القديمة المستعادة (medu netjer)، وينبغي استخدام السواحلية لتلبية الاحتياجات العملية. ووفقاً لمؤيدي نظرية الكومينتانغ، فإن السود هم حاملي القداسة والتقاليد وشعب العصر الذهبي. أما الحضارة البيضاء فهي انحراف وعلم أمراض ومعاداة للحضارة حيث تكون المادة والمال ورأس المال فوق الروح.

ويعتبر العدو الرئيسي للأفارقة والسود في جميع أنحاء العالم هو البيض، الذين يعتبرون حاملي الحداثة والاستعمار والمادية والانحطاط الروحي، وبالتالي فإن الانتصار على البيض هو ضمانة تحقيق السود لمهمتهم العالمية وتتويج الإنجاز في عملية إنهاء الاستعمار.

يرى عدد من الشعوب الأميركية الهندية الأصلية في بلدان أميركا اللاتينية أن النهاية المنطقية للاستعمار هي استعادة المجتمعات العرقية (الهندية) وتتطور هذه الاتجاهات بدرجات متفاوتة حسب البلد.

ويعتبر كثيرون أنّ تمرد توباك أمارو الثاني، سليل آخر حكام الإنكا، والذي قاد ثورة هندية ضد الوجود الإسباني في بيرو في عام 1780، كان بمثابة البداية الرمزية لمقاومة السكان الأصليين للاستعمار.

وفي بوليفيا في عام 2006، تم انتخاب إيفو موراليس رئيساً، وهو أول ممثل لشعب الأيمارا الهندي على الإطلاق، والآن تعالت الأصوات على نحو متزايد ـ وخاصة في البيرو وبوليفيا ـ لصالح إعلان العبادة الهندية القديمة لإلهة الأرض باتشاماما كديانة رسمية.

وكقاعدة عامة، يتم دمج علم الأمور الأخيرة العرقي لهنود أمريكا اللاتينية مع التيارات اليسارية الاشتراكية أو الفوضوية لخلق تعاليم توفيقية.

تطورت في البرازيل نسخة معينة من علم الأمور الأخيرة، وهي نسخة مرتبطة بالأفكار البرتغالية حول الإمبراطورية الخامسة، وتتطورت هذه النسخة بعد نقل عاصمة الإمبراطورية البرتغالية إلى البرازيل بسبب الانقلاب الجمهوري في البرتغال، وحينها نشأ مبدأ مفاده أن نقل العاصمة لم يكن عرضياً وأن البرازيل نفسها لديها مهمة سياسية ودينية خاصة، وإذا كانت البرتغال الأوروبية قد نسيت عقيدة الملك سيباستيان واتبعت طريق الديمقراطية البرجوازية الأوروبية، فيجب على البرازيل الآن أن تتولى هذه المهمة في ظل الظروف الحرجة للدورة التاريخية، وتصبح المنطقة التي سيجد فيها الملك المفقود نفسه ولكن غير الميت سيباستيان.

وتحت راية هذه العقيدة، حدثت في البرازيل ثورات كاثوليكية – أخروية وإمبراطورية ضد الحكومة الليبرالية الماسونية – مثل كانودوس، وكونتيستادو، وما إلى ذلك.

وهكذا، في عالم متعدد الأقطاب، تتصادم مختلف الأمور الأخيرة أو تدخل في تحالف مع بعضها البعض.

وفي الغرب، يهيمن النموذج العلماني (التقدمية والليبرالية) بشكل واضح، مع إضافة كبيرة في شكل التدبيرية البروتستانتية المتطرفة  وهذه هي “نهاية التاريخ” بحسب فوكوياما، وإذا أخذنا في عين الاعتبار النخبة الليبرالية في الدول الأوروبية الخاضعة للسيطرة الأميركية الكاملة، فيمكننا أن نتحدث عن علم الأمور الأخيرة الخاص الذي يوحد جميع دول الناتو تقريباً، وينبغي علينا أيضاً، أن نضيف نظرية الفردية الراديكالية، وهي النظرية المشتركة بين الليبراليين، والتي تطالب بتحرير الإنسان من جميع أشكال الهوية الجماعية – حتى التحرر من الجنس (السياسات الجندرية) وحتى من الانتماء إلى الجنس البشري (ما بعد الإنسانية، الذكاء الاصطناعي). وبالتالي فإن العناصر الجديدة لعلم الأمور الأخيرة التقدمية الماسونية، إلى جانب “المجتمع المفتوح”، هي ضرورات إعادة تغيير الجنس، ودعم مبادئ مجتمع المثليين، وما بعد الإنسانية، والبيئة العميقة (التي ترفض مركزية الإنسان في العالم على أساس الجنس وهو ما أصرت عليه جميع الديانات التقليدية والمنظومات الفلسفية).

وعلى الرغم من أن الصهيونية ليست امتداداً مباشراً لهذه النسخة من الإيمان بالآخرة، إلا أنها في بعض أشكالها – وبشكل خاص من خلال تحالفها مع المحافظين الجدد الأميركيين – فإنها تتناسب جزئياً مع هذه الإستراتيجية، ونظراً لتأثير اليهود على النخب الحاكمة في الغرب، فإنه قد يتم عكس النسب.

وفي طريق هذه النهاية للتاريخ، تقف روسيا ووظيفتها التعليمية، التي تجمع بين الإيمان بالآخرة في روما الثالثة والأفق الشيوعي كإرث من الاتحاد السوفييتي، في الطريق بشكل صارخ.

أما في الصين، فأصبحت الماركسية الغربية، التي أعيدت صياغتها بشكل كبير في الماوية، تنمو بشكل علني على نحو متزايد في الثقافة الكونفوشيوسية، ويتم منح رئيس الحزب الشيوعي الصيني تفويضاً سماوياً لحكم “كل ما تحت السماء” باعتباره الإمبراطور التقليدي (تيانشيا – 天下).

وفي العالم الإسلامي، تنمو المشاعر الأخروية باستمرار في-سواء في المنطقة السنية أو الشيعية بشكل خاص (وفي إيران في المقام الأول)، ضدّ الحضارة الغربية الحديثة-وهي نفس الحضارة التي تقاتل روسيا الآن-وهي التي يتم تصويرها بالإجماع تقريباً على أنها الدجال لجميع المسلمين.

أما في الهند، فتتنامى تدريجياً المشاعر المستوحاة من الهندوتفا وهي (عقيدة الهوية المستقلة للهندوس باعتبارهم حضارة خاصة ومتفوقة، وليست أدنى بأي حال من الأحوال من الحضارات الأخرى) معلنة العودة إلى جذور التقاليد الهندوسية وقيمها (التي لا تتطابق على الإطلاق مع قيم الغرب)، ومن هنا يتم تحديد ملامح علم الأمور الأخيرة الخاص المرتبط بظاهرة كالكي والتغلب على كالي يوجا.

فيما تتطور الوحدة الأفريقية نحو تعزيز التعاليم الراديكالية حول عودة الأفارقة إلى هويتهم وجولة جديدة من النضال المناهض للاستعمار ضد “العالم الأبيض” (والذي يُفهم في المقام الأول على أنه دول استعمارية تنتمي إلى الحضارة الغربية)، ويصف هذا ناقل جديد لعلم الأمور الأخيرة الأسود.

وفي أميركا اللاتينية، ترتكز الرغبة في تعزيز سيادتها الجيوسياسية على كل من علم الأمور الأخيرة (الاشتراكي) اليساري والدفاع عن الهوية الكاثوليكية، وهو ما يتجلى بشكل خاص في البرازيل، حيث ينأى وعلى نحو متزايد كل من اليسار واليمين بأنفسهم عن العولمة وسياسة الولايات المتحدة، (وبالتالي مشاركة البرازيل المبكرة في كتلة بريكس)، وبالتالي فإن علم الإثنوشاتولوجيات الهندي (الأمور الأخروية للأصول العرقية)، بالرغم من ضعفه نسبياً، إلا أنه يضيف عموماً بعداً مهماً إلى المشروع الأخروي بأكمله.

وفي الوقت نفسه، فإن الإيمان بالآخرة الأرستقراطي الفرنسي (وإسقاطه العلماني في الديجولية)، والنسخة الألمانية من نهاية التاريخ في شخص الإمبراطورية الألمانية، وكذلك الخط البوذي والشنتوي للمهمة الخاصة لليابان واليابانيين الأباطرة لا يلعبون أي دور مهم (في الوقت الحالي على الأقل)، حيث تتفوق عليهم النخبة العالمية التقدمية المهيمنة واستراتيجيات الأنجلوسكسونيين.

By Zouhour Mechergui

Journaliste