الأثنين. أكتوبر 7th, 2024

شدد الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر المناخ، على ضرورة التوقف عن “حرق الوقود الأحفوري” نهائياً “لإنقاذ الكوكب”.

فيما تناوب المجتمعون على كيل “المزايدات” لدعم الجهود الرامية لتخفيف انبعاثات الكربون.

 اجتمع قادة الدول على بعد ألفي كيلومتر من حافة قطاع غزة المشتعل، الذي ألقي عليه أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات. على هذه الشاكلة، تعيد “إسرائيل” كل الجهود إلى نقطة الصفر.

وبكثير من النفاق والخبث تناور وزارة الدفاع الأميركية، أكبر مستهلك مؤسسي للنفط في العالم والمتسبب بواحدة من أكبر انبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

حضرت نائب الرئيس الأميركي، “كامالا هاريس” إلى الشرق الأوسط لمعالجة اثنين من التحديات التي أربكت البيت الأبيض لعقود: التغير المناخي والحرب على غزة. واللذان يشكلان المشهد قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية.

تراهن الإدارة الديمقراطية بجزء كبير من مستقبل الاقتصاد الأميركي على الطاقة المتجددة. وعمدت خلال العقود الماضية على وضع هذا الملف في سلم الأولويات الذي تقدمه إلى الجمهور الأميركي، كأحد أساليب “التعبئة” قبيل الانتخابات. لكن اللافت، أن معظم الجهود الرامية في هذا الإطار، كانت بمجملها مثيرة للشكوك:

الجماعات البيئية التي تضغط من أجل اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ تستخدم أيضاً جماعات الضغط التي تستخدمها صناعة الوقود الأحفوري.

 يشترك صندوق الدفاع عن البيئة في جماعات الضغط مع ExxonMobil وCalpine وDuke Energy، وجميعهم منتجون رئيسيون للغاز. كما يعمل أحد أعضاء جماعات الضغط في صندوق عمل مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية نيابة عن شركة التعدين BHP.

روّجت شركات التكنولوجيا الكبيرة لأوراق اعتمادها المناخية، لكن العديد منها يستخدم أيضاً جماعات الضغط المتحالفة مع الوقود الأحفوري.

توظف شركة أمازون، مثلاً، جماعات ضغط تعمل بالوقود الأحفوري في 27 ولاية. كما تشارك Apple أحد أعضاء جماعة الضغط مع شبكة Koch. ولدى Google عضو جماعة ضغط، لديه 7 شركات مختلفة للوقود الأحفوري كعملاء.

كما تستخدم مجموعة من الهيئات الثقافية والترفيهية جماعات الضغط التي تعمل بالوقود الأحفوري، على الرغم من الدعوة في كثير من الحالات إلى اتخاذ إجراءات بشأن أزمة المناخ.

فالمتحف الجديد في مدينة نيويورك، ومتحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون، ومعهد صندانس السينمائي في ولاية يوتا، تشترك جميعها في جماعات الضغط مع مصالح الوقود الأحفوري، كما تفعل أوركسترا سينسيناتي السيمفونية وفلوريدا أكواريوم.

ويقول عالم الاجتماع البيئي في جامعة براون، لتيمونز روبرتس، أن “صنّاع الوقود الأحفوري لديهم أفضل الموظفين، والإدارات القانونية الضخمة، والقدرة على توجيه الأموال المظلمة إلى قنوات الضغط والتأثير”.

مضيفاً “توضح قاعدة البيانات هذه، أنه عندما توظف جماعات الضغط الداخلية هذه، فأنت تعمل بشكل أساسي مع وكلاء مزدوجين. إنها بنادق للتأجير. المعلومات التي تشاركها معهم ستذهب على الأرجح إلى المعارضة”.

من ناحية أخرى، فإن الولايات المتحدة، “عرابة” البرامج المناخية، -مع اختلاف الملف كأولوية بين جناحي الكونغرس- عاجزة عن الحد من استخدام الحروب كسياسة لفرض أجندتها وتحقيق مصالحها في أي بقعة من العالم.

 وما يجعل الأمر مثيراً للسخرية، البيانات الصادرة عن شركات الأسلحة والتي يتعهدون فيها أن يأخذوا بعين الاعتبار المخاوف بشأن التغيّر المناخي، في تصنيعهم لأجيال جديدة من الأسلحة. وسط تقديرات بأن تصل مساهمة صناعة الأسلحة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في جميع أنحاء العالم إلى 25٪ بحلول عام 2050.

تشير التقارير، على أن الحروب المتتالية على قطاع غزة قد أنتجت مئات الآلاف من الأطنان من أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات وثاني أكسيد الكبريت بالإضافة إلى CO2. بحيث تستهلك المركبات العسكرية الوقود القائم على البترول بمعدل مرتفع للغاية، إضافة لتلك المنبعثة من الصواريخ والقنابل والأبنية والبنى التحتية المستهدفة.

تشكل حرب “إسرائيل” المستمرة على غزة، إحدى أهم الدلائل على النفاق السياسي لدى الساسة الأميركيين الذين يوقّعون بالقلم نفسه، قوانين صناعة الأسلحة وتوريدها ثم قرارات المشاركة في دعم معالجة أزمة المناخ.

وبالنسبة لدول الجنوب، إضافة لفلسطين وأفغانستان… فإن الأمر مختلف. غالباً ما يكون تقييم شعوب تلك الدول لأزمة المناخ، على أنها ناتجة عن نمط من التنمية يتم تنفيذه من خلال الرأسمالية الأميركية الأوروبية الإمبريالية. معتبرين أن مؤتمرات المناخ ما هي إلا وجه للعنف الاقتصادي والبيئي والجسدي الذي يربطونه بهذا النظام الاقتصادي: “مؤتمر المناخ هو استمرار للاستعمار حيث يأتي الناس ليس للاستماع إلينا، ولكن لكسب المال من أرضنا ومواردنا الطبيعية”.

لا شك في أن إعطاء التغير المناخي مساحة واعدة من الجهود هو أمر في غاية الأهمية. لكنه حتى الآن، على أقل تقدير، لا يعدو كونه أحد أوجه النفاق السياسي وتجارة السوق السوداء لجماعات الضغط في “دول العالم الأول“.

By Zouhour Mechergui

Journaliste