تونس 02-12-2023
أنتجت الهمجية والجرائم الصهيونية في قطاع غزة وما تبع ذلك من مشاهد إرهابية وضد الإنسانية، رأيًا عالميًا يدين إرهاب الكيان الصهيوني، والعدوان الذي تجاوز كل أعراف الإنسانية، يناهض الصهيونية، وهو ما دفع الكثير من النشطاء والمؤثرين في العالم الغربي، للتعبير عن تضامنهم مع غزة واستنكار العدوان والوحشية اللامتناهية.
فالعالم كله اليوم قد اكتشف الوجه الحقيقي لكيان الاحتلال، وبالتالي قد خرجت دعوات لإنهاء وجود الحركة الصهيونية المسؤولة بشكل مباشر عن “الإرهاب” ضد الشعب الفلسطيني.
هذا الهجوم الواضح والمباشر من شعوب العالم بكل طوائفه وخاصة الدول الغربية أثار قلقًا واسعًا في الإعلام العبري الذي أخذ يناقش الفرق بين مناهضة الصهيونية ومعاداة السامية.
يتم الخلط عمداً بين معادة الصهيونية ومعاداة السامية لقمع الانتقادات المشروعة للسياسات الإسرائيلية وإخمادها، وطبعا هذا ملعبهم فالتلاعب بالمفاهيم والمغالطات وخاصة الكذب هو “فن” صهيوني بإمتياز.
وكلما ازدادت حدة المجازر الإسرائيلية أطلّت سردية “معاداة السامية” برأسها في الإعلام العبري والغربي بتواطؤ مع نخب المؤسسات السياسية.
وفي هذا السياق، ناقشت الصحف الإسرائيلية والبريطانية عددًا من الموضوعات المرتبطة بحرب غزة، من بينها علاقة “معاداة الصهيونية بمعادة السامية” و”مشاعر اليهود حول العالم”، فأدّت حركة النشطاء في الغرب التي تُعلن إدانة الصهيونيّة وتدعو لتفكيكها إلى ظهور حالة قلق في الوسط الصهيوني ترجمته المظاهرات الإسرائيليّة الداعمة للصهيونيّة ومقالات الصحف العبرية التي أخذت تدين هذه الظاهرة بشدّة.
في مقال افتتاحي في صحيفة جيروزاليم بوست بعنوان “معاداة الصهيونية تعني معادة السامية”: تقول الصحيفة: إنه بالرغم من وجود أقلية من اليهود يعبّرون عن مناهضتهم للصهيونية فإن هذا لا يجعلها (الصهيونية) أقل شرعية، ولا يجعل مناهضتها أقل عداء للسامية.
وكانت جماعات مثل (IfNotNow) و(Jewish Voice for Peace) ومنظمات أخرى في مقدمة المظاهرات الحاشدة المناهضة لإسرائيل، حسب المقال، الذي لا يرى ذلك دحضاً لكون معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية.
بشكل واضح، تعريف المعادي للسامية هو الشخص الذي يكره اليهود باعتبارهم يهودًا، أما مناهض الصهيونية هو الشخص الذي يعارض “إسرائيل كدولة يهودية حصرية”، أو يتحدى المشروع الاستعماري الصهيوني.
لكن الدعاية الصهيونية وعلى مدى عقود كررت سردية “معاداة السامية” على كل منتقد من أجل إسكاته، ومن أجل صرف الانتباه عن القضايا الحقيقية: الاستعمار الإسرائيلي، والفصل العنصري الإسرائيلي، وانتهاكها المنهجي لحقوق الإنسان للفلسطينيين، وحرمانهم من حقهم في الاستقلال وإقامة دولتهم. يصور المروجون باستمرار الحركة المناهضة للعنصرية (معاداة الصهيونية) على أنها حركة عنصرية (معاداة السامية).
مظاهرات مناهضة للصهيونية
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة يتجمع عشرات آلاف المتظاهرين في عدة مدن أوروبية، في مسيرات للتعبير عن دعمهم لفلسطين ضد الهجمات الوحشية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني المدني.
وقد برز في أماكن عديدة خلال هذه المظاهرات شعارات مناهضة للصهيونية، فعلى سبيل المثال في ستوكهولم، خرج عدد كبير من المتظاهرين في مسيرة الى أن وصلوا الى السفارة الإسرائيلية وهتفوا بشعارات “لا للاحتلال” و”فلسطين حرة” و”إسرائيل صهيونية”،. بالإضافة إلى مجموعات مناهضة للصهيونية في الغرب حيث تعد “مجموعة الأدوات” وسيلة شائعة يستخدمها الناشطون لتبادل المعلومات وتنظيم الحركات الاحتجاجيّة حول موضوع أو مطلب سياسي، بدءًا من قرارات المجالس البلدية وحتى إجراءات الكونجرس.
ومنذ 7 أكتوبر، تنشط هذه المجموعات بشكل فاعل خاصة في القضية الفلسطينية وتندد بجرائم الكيان الصهيوني.
شخصيات مناهضة للصهيونية: “جورج غالواي” و”جوستين ساكس”
وصف النائب البريطاني السابق جورج غالواي الصهيونية بأنها “تجديف ضد اليهودية وضد الله”، وأشاد بشرعية حماس ودعا علناً إلى تفكيك الكيان الإسرائيلي.
تعليقات غالواي، بما في ذلك الدعوة إلى حظر الجنسية البريطانية الإسرائيلية المزدوجة، جاءت خلال مظاهرة مناهضة للاحتلال الإسرائيلي في دائرته الانتخابيّة في برادفورد.
وقال فيها: “نحن لا نكره اليهود. نحن نكره الصهيونية، ونكره إسرائيل، ونكره القتل والظلم. إسرائيل تجدف على التوراة عندما تسمي نفسها دولة يهودية”.
في مقال للكاتب جوستين ساكس بعنوان “يا أيها الصهاينة الصغار الحنقى” تحدث عن جرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين منذ بدء تنفيذ المشروع الصهيوني، الذي يقضي بطرد الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم واستيطان دولتهم.
ويصف ساكس الصهيونية بأنها أيديولوجية مصابة بجنون العظمة والتآمر، ويضيف “ومن أجل إنشاء هوية قومية يهودية مستقرة يجب أن تخاطب رغبتنا في تجاوز تاريخنا من القمع ومعاداة السامية”.
مشيراً إلى أنه “يتم تحقيق هذا القدر من الخدعة الأيديولوجية من خلال حرماننا من قدرتنا على رؤية الفلسطينيين كبشر”.