الخميس. ديسمبر 26th, 2024

إعداد قسم البحوث الأمنية والعسكرية

مراجعة الدكتورة بدرة قعلول

دخلت الهدنة يومها الرابع والأخير وسط انضباطٍ حذِر تحاول فيه “إسرائيل” المناورة حتى اللحظة الأخيرة لأنها وبحسب المعطيات تريد ان تمدد الهدنة فخسائر الحرب كبيرة جدا على جميع المستويات وخاصة المستوى المادي ومستوى المجتمع الدولي الذي انقلب عليها وبانت حقيقتها البشعة له فكيان الإحتلال قد تعرى وانكشفت ملامحه البشعة وكذبته الكبيرة.

بينما تنقسم احتمالات اليوم الرابع للهدنة بين التمديد والعودة إلى التصعيد بتجديد الكيان حربه الوحشية على قطاع غزة، يرجح البعض أن تبني هذه الهدنة أرضية جيدة يبنى عليها تجديداً آخر، خاصة مع حرص المقاومة الفلسطينية على إطلاق المزيد مقابل المزيد إضافة للانتقادات التي باتت تواجهها إسرائيل داخلياً ودولياً، نتيجة ارتكابها لجرائم الحرب دون تحقيق اي من أهدافها ولم يعد للكيان الصهيوني أي تبريرات للداخل وللخارج.

تواجه “إسرائيل” ضغوطاً دولية عديدة قد تكون في جانب من جوانبها تشكل سابقة من حيث شدة الانتقادات التي ساهمت بها ضعف الرواية الاسرائيلية التي  تقدمها كتبرير للجرائم والقصف العشوائي الممنهج والحصار اللانساني على الشعب الفلسطيني.

ونتيجة لهذا الواقع، باتت الإدارة الأميركية  بدورها محط انتقادات أيضاً، كونها من يتولى تقديم الدعم السياسي واللوجستي للكيان، واصبح بايدن وإدارته وحزبه في إحراج كبير بل أنهم يتبنون الكذبة الإسرائلية وهذا ما إستغلته المعارضة لبايدن ليصبح رئيسا كاذبا بل هناك من أصبح يشكك في مداركه العقليةوقدرته على إدارة الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربعة سنوات أخرى.

ونقلت وسائل إعلام غربية عدداً من النقاشات الداخلية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تحث فيها الأولى على ضرورة المضي بالهدنة والتهدئة والإبتعاد عن الإستفزاز لمشاعر الرأي العام العالمي.

 وبحسب ما نقل عن مسؤول إسرائيلي فإن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ما كان ليوافق على الصفقة بالصيغة التي مضت بها لولا أن ضغط عليه الرئيس الأميركي جو بايدن.

وفيما يشار إلى أن وزير الحرب، يوآف غالانت، يتابع التخطيط  لجولة التصعيد المقبلة، تطرح أسئلة هي بمثابة التشكيك بجدوى العودة للمربع الأول من الحرب: كيف ستتعامل واشنطن مع الاصرار الإسرائيلي على متابعة العمليات العسكرية؟ وكيف سيتعامل الجيش الإسرائيلي مع المقاومة التي تستثمر الهدنة في التنظيم والتخطيط والتي تخبئ مفاجآت لم يعلن عنها بعد، وهو ما يجعل استئناف القتال أكثر ثقلاً على الجيش الاسرائيلي وأكبر  كلفة؟

أوضحت هذه الصفقة أن المقاومة قادرة على فرض شروطها، فيما بدا الكيان هو الطرف المتلقي يبدي رأيه في التمنع أو التعديل مع الحفاظ على السقوف الموضوعة ودون المس بالخطوط الحمراء.

تقف إسرائيل في موقف ضعيف بعد عجزها عن إطلاق سراح الأسرى في العمليات العسكرية البرية بل أن كل المعايير العسكرية تقول بأن جيش الإحتلال بترسانته العسكرية “العملاقة” قد خسر الحرب وأصبح المتلقي والمنفذ للشروط، وهو ما جعل من استمرار القصف العشوائي الهمجي غير مبرر لدى الرأي العام العالمي. وبهذا أشعل الصراع شرارة حرب الروايات، التي أدت إلى تفاقم التوترات داخل العديد من المجتمعات، وخاصة في الغرب. فقد أدى إلى زيادة استقطاب العلاقات بين بلدان الشمال والجنوب العالمي، وغرس نفسه في الانقسامات الداخلية، وأثار تساؤلات حول الأعراف الدولية وخاصة القانون الدولي الذي تمّ إختراقه ببشاعة وبعنهجية في سابقة تاريخية.

ما يدفع إلى ذلك هو مجموعة من الأسباب المعقدة، أبرزها الغضب من القتل الجماعي للمدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ وقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة وقطع الأشجار وقطع الماء وغير من مظاهر البربرية والوحشية والإرهاب، فالكيان الصهيوني يمكن اليوم تصنيفه ضمن الكيانات الإرهابية.

وعلى الجانب الإسرائيلي، كان الدافع وراء ذلك أيضًا هو الشعور المحطم بالأمن. وبالنسبة لأولئك الذين يدعمون الفلسطينيين، فهي قصة احتلال طويل، اتسم بعقود من الحرمان، والعيش في ما يوصف بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم في غزة، وعدم تكافؤ عميق في السلطة، وانعدام الأفق السياسي.

إن الثمن الكارثي الذي دفعه سكان غزة، حيث استشهد أكثر من 15 ألف شخص، نصفهم الأطفال، دفع طفلاً فلسطينياً، عندما سُئل عما يريد أن يصبح عندما يكبر، إلى الرد بأن الأطفال الفلسطينيين لا يكبرون.

الاقتحام العظيم الذي حققته “الرواية الفلسطينية” والتي نقل بها رواد العالم الافتراضي مأساة الشعب وصموده إلى العالم، يشكل اليوم أحد أبرز أوراق الضغط على إسرائيل.

تجتمع عوامل عدة قد تسمح بتمديد الهدنة:

عدم قدرة كيان الاحتلال على اثبات أنه قادر على تحقيق ما لم يحققه خلال ما يقارب 50 يوماً من الحرب، مع اضطراره للرضوخ إلى التفاوض مع المقاومة الفلسطينية وهو الأمر الذي اقترحته الأولى منذ  الساعات الأولى للحرب.

والموقف الحرج للولايات المتحدة وللإتحاد الأوروبي الذي بات رئيسها يحصد  أقل تأييد  له منذ وصوله إلى البيت الأبيض، وضغط الشارع الاسرائيلي على الحكومة لإكمال عودة بقية الأسرى لدى غزة.

By Zouhour Mechergui

Journaliste