فاتن جباري قسم العلاقات الدولية و الشؤون الاستراتيجية
تقديم :
أبهرت المقاومة الفلسطينية العالم، مع بدء عملية “طوفان الأقصى”، التي هزت كيان الاحتلال الإسرائيلي وأصابته بشلل تام على الصعيدين العسكري والاستراتيجي، وكانت “وحدة النخبة” في طليعة القوات القتالية لحركة المقاومة الفلسطينية التي نجحت بشكل كبير، وفق محللين عسكريين، في تحقيق هدفها. وعلى مدار عقود، وضعت إسرائيل نُصب أعينها تدمير “وحدة النخبة”، التي توصف بـ”الكوماندوز”، وبأنها الأفضل بين القوات والوحدات التي تملكها حماس، والتي وضعتها الشاباك الصهيونية نصب اعينها .
شكّلت وحدة “الكوماندوز البحري” التابعة لكتائب الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية المسلحة ، مفاجأة للقيادة العسكرية الإسرائيلية حيث يُبدي الجيش والمؤسسات الاستخبارية للكيان الصهيوني اهتماماً واسعاً برصد مدى تطور هذا الفيلق البحري ، بسبب طابع العمليات التي نفذها ، إلى جانب تراكم المخاوف من إمكانية أن تقوم هذه الوحدة بعمليات ذات طابع استراتيجي خلال المواجهات العسكرية البحرية .
تكشف تقارير صادرة عن شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” وسلاح البحرية الصهيونية رصدا بشكل خاص إقدام قيادة “الكوماندو البحري” لـ”حماس” على الاعتماد على خبرات ذاتية في تطوير منظومات قتال بحرية خاصة بعناصرها، من أجل تمكين كل عنصر من عناصرها من قطع عدة كيلومترات من دون أن تتمكن وسائط الرصد الإلكتروني الخاصة بسلاح البحرية الإسرائيلي من رصد تحركاتهم تحت الماء.
ويبذل جيش الاحتلال الصهيوني جهودا كبيرة في مراقبة وتعقب الحدود المائية الفاصلة بين شمال قطاع غزة ومنطقة “زيكيم”، والتي تضم واحدة من أكبر القواعد البحرية للجيش الإسرائيلية، والتي تعرضت لهجوم من قبل عناصر “الكوماندوز البحري لحماس” حيث أن سلاح البحرية أوكل لـ”وحدة 916″ المسؤولة عن تأمين الساحل الجنوبي مهمة مراقبة أنشطة كوماندوز حماس البحري، وتبيّن أن عناصر الوحدة الإسرائيلية يستخدمون “قنابل شظايا” يقومون بإلقائها باتجاه أي هدف عندما تثار الشبهات حول حركة مريبة تحت الماء، ويصل مدى شظايا هذه القنابل إلى عشرات الأمتار، ما يزيد من فرص إصابة أي عنصر من الكوماندوز البحري إن وجد في المحيط. كما يستخدمون أيضاً قنابل تزن الواحدة 28 كيلوغراماً تنفجر في عمق البحر، وتغطي شظاياها مساحة واسعة لزيادة فرص إصابة “الكوماندوز”.
استراتيجيا تمكن الكوموندوز البحري التابع لحركة المقاومة من تجاوز الحاجز البحري وصولا إلى قاعدة “زيكيم” واستهدافهم لأهداف أكثر عمقاً سواء في الموانئ الإسرائيلية أو أهداف أخرى في عمق البحر. وعلى الرغم من الحصار المفروض على غزة إلا ان الاعتماد على القدرة الفنية للفصائل وخبراتها في إنتاج منظومات قتال بحري بشكل ناجح ومتقن يكشف مدى تميز وتخصص فصائل المقاومة ،كما ان تطوير إمكانات “الكوماندوز البحري” يأتي في إطار استراتيجية “حماس” للاستعداد للحرب ، كما ان المركّبات الأخرى لهذه الاستراتيجية تتضمن تطوير مدى الصواريخ، وإنتاج طائرات من دون طيار، ومواصلة بناء شبكات الأنفاق الهجومية والدفاعية.
الكابوس الذي تخشاه إسرائيل هو تسلل “كوماندوز حماس” إلى حقول الغاز في عمق البحر:
الكتيبة البحرية المعروفة “كوماندوز ” باتت اليوم تضم المئات من العناصر، والذين يتدربون بشكل متواصل على الغوص، على اعتبار وان منظومات الغوص التي طوّرتها تتضمن منظومة تُمكّن المقاتل من التنفس تحت الماء على مدى كيلومترات عدة، ما يقلّص من قدرة سلاح البحرية الإسرائيلية على رصد تحركات عناصره.
وفي ضل فشل الأمن الإسرائيلي من تفكيك اغلب العمليات التي يضطلع بها فيلق الكوموندوز البحري تتواتر التخوفات بشدة لدى اجهزة الامن الصهيوني و الذي يتمثل في إمكانية أن يتمكن عناصر “كوماندوز حماس البحري” من التسلل إلى حقول الغاز التي تشغلها إسرائيل في عمق البحر، وتفجيرها مع العلم أن هذه الحقول تمثّل أهم مصادر الذخر الجيوستراتيجي لإسرائيل. ولم تستبعد المصادر أن يهاجم عناصر “الكوماندوز” الموانئ المهمة والقواعد العسكرية الى جانب تحالفات اخرى مع الكتائب السورية وكذلك اليمنية و اللبنانية المستهدفة للقواعد البحرية الأمريكية و الإسرائيلية، لا سيما ميناء أسدود، والقاعدة البحرية الكبرى التي تجاوره.