الخميس. ديسمبر 26th, 2024

إعداد: فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

مراجعة الدكتورة بدرة قعلول

تقديم :

إيرَان قوة عظمى،  تقع غرب قارة اسيا، وهي ثاني أكبر دولة بالشرق الأوسط  بمساحة تبلغ 195. 1.648 كم و تعد إيران نقطة اقليمية استراتيجية بامتياز ، اذ تحتل مركزا هاما في أمن الطاقة الدولية  بحسب للوكالة الدولية للطاقة الذرية  ذلك بسبب إحتياطاتها الكبيرة  كثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي  في العالم ورابع أكبر احتياطي مؤكد من النفط.

تشق إيران طريقا نحو النادي النووي، فمنذ عهد الشاه “محمد رضا بهلوي”،  حمل الإيرانيون حلم إمتلاك السلاح النووي  تيقنا وأنه السبيل والبوابة لفرض حضورإيران ومجابهة كل تهديد خارجي أمريكي اسرائيلي، وتغيير معالم المنطقة وإعادة توزيع الأدوار الجيواستراتيجية  فيها إلا أن السياسة تقوم على ركيزة جوهرية في المخطط الإيراني وهي” الغموض ” اذ ان الخطاب الرسمي لصناع القرار يبدو متناقضا وغامضا بخصوص السياسة النووية الإيرانية…ورغم سعي الوكالات الاستخباراتية العالمية التي تعمل على اختراق  هذا التحوط الإيراني حول امتلاكها لبرنامج نووي ضخم والعثور على عينات تؤكد وجود اليورانيوم المخصب وحجم أسلحة الدمار الشامل…تقف إيران عتبة لم يتم حتى الأن الكشف عنها بما يتيح لها الوقت الإضافي من أجل بلوغ  العتبة النووية.

لقد كان لظهورُ تقريرٍ، لأحد مُفتِّشي الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، يقول فيه إن المفتشين عثروا على آثار يورانيوم مُخصَّب بنسبة 84%، ويفيد بتطوُّر عالي للبرنامج النووي الإيراني أمر أثار حفيظة غضب المجتمع الدولي في مقدمته الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل، وأطلق العنان لهواجس القوى الإقليمية، إذ قدّم إشارة بالغة الدلالة على إقتراب إيران من الحدود التقنية الكافية لصنع القنبلة النووية.

 تجري اليوم لقاءات أمنيّة وعسكريةأمريكية إسرائيلية على أعلى مستوى في ضرفيه يصفها خبراء القانون الدولي بالأسوء على الأطلاق في منطقة الشرق الاوسط  في ثلاثي مسلح، متكالب لبلوغ هاجس يكسر إتفاقية الحد من إنتشار التسلح وحظر إمتلاك  النووي و برامج أسلحة الدمار الشامل وتتحدى إيران هذا الاتفاق الدولي بسرية تامة:

  1. سياسة السرية النووية الإيرانية والمخاوف الإسرائيلية الامريكية

لقد شكل  بروز إيران كقوة إقليمية صاعدة، أكبر تهديد مباشر بالنسبة الى الغرب عامة وإسرائيل خاصة. فإيران تسعى لتطوير برنامجها النووي الذي وصل إلى مراحل جد متقدمةرغم الاتفاق الأخير لعام 2015 والذيإستخدمته إيران كخدعة لكسب المزيد من الوقت نحو تحقيق حلم القنبلة النووية الإسلامية، و ذلك راجع للاهتمام الذي أولته القيادات الإيرانية المتعاقبة.

ولقد أدركت إسرائيل أن السلاح النووي له وظائف إستراتيجية ذات أهداف سياسية، خاصة في ظل قوته التدميرية الهائلة، بسعيها لكي تكون أول دولة في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك السلاح النووي دون الإعلان عنه، بإبقائه تحت مبدأ الشك والاحتكار، وحتى تكون الدولة الوحيدة أيضا عن طريق مراقبة ومتابعة كل المشاريع النووية في المنطقة، ومحاولة إفشالها عند الإحساس بالخطر على أمنها القومي، وهو ما تحاول القيام به مع إيران.

 تولي القيادة الإسرائيلية المشروع النووي الإيراني أهمية قصوى، لأن تمكن إيران من تطوير مشروعها النووي والحصول على القنبلة النووية سيؤدي إلى تبلور واقع جيوستراتيجي جديد لغير صالح إسرائيل التي سعت منذ سنوات طويلة، إلى منع إيران من تطوير مشروعها النووي، وحرصت على أن تُظهِر أن هذا المشروع يشكل خطرا على السلم العالمي ويهدد الاستقرار وتوازن القوى في المنطقة لقد أدى ذلك إلى تعامل الجهاز الإسرائيلي مع وكالة المخابرات الأمريكية سعيا وراء الإطاحة بالبرنامج النووي الإيراني وبالتالي استنتاج  النقاط التالية:وفقا لتقرير أجهزة المخابرات الأميركية: علمت إسرائيل جزئيا بمضمون  هذا التقرير قبل نشره، فقد حصل وزير الدفاع الإسرائيلي والمسؤول عن ملف الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، على معلومات أولية محدودةتفيد أن إيران أوقفت تطوير برنامجها النووي العسكري منذ العام 2003،التقرير خلق واقعا جديدا على مستوى متخذي القرار الأميركي والمستوى الداخلي الأميركي وعلى الصعيد الدولي، وأن الخيار العسكري -سواء الأميركي أو الإسرائيلي- لم يعد قائما، إلى أن يظهر تقرير آخر نقيض ذلك.

الموقف الإسرائيلي تجاه مشروع إيران النووي لم يتغير رغم تقرير المخابرات الأميركية، فإسرائيل تبني سياستها على أساس أن طهران مستمرة في تطوير مشروعها النووي العسكري. وهي ضربة كبيرة غير متوقعة للجهود الإسرائيلية التي كانت تهدف إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران وفرض حصار دولي عليها.

عقدت الحكومة الإسرائيلية المصغرة اجتماعا لبحث تقرير المخابرات الأميركية، الا ان موقف إسرائيل تجاه مشروع إيران النووي لم يتغير، حيث ان طهران مستمرة في تطوير مشروعها النووي وفي نشاطها لتخصيب اليورانيوم،  فيما ستبذل اسرائيل  كل ما في وسعها لكشف خطة إيران النووية ونشاطاتها السرية الهادفة إلى تطوير السلاح النووي.

فيما  اتجهت الإدارة الأمريكية إلى تكثيف الضغوط الدولية على إيران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها والعمل على عزلها حتى تنفذ قرارات مجلس الأمن وتوقف تخصيب اليورانيوم. تسعى إسرائيل إلى إزالة الأضرار الناتجة عن تقرير المخابرات الأميركية عليها بأسرع وقت ممكن، وهي مستمرة في جهودها المكثفة لمنع إيران من تطوير مشروعها النووي، وتعتقد أنه ما زالت أمامها رزمة من الخيارات لتحقيق ذلك.أن الملف الإيراني وتحديدا المشروع النووي، والتموضع الإيراني في سوريا ثم فلسطين مدعوما بفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة ونفوذ طهران بالشرق الأوسط، بات قضية مؤثرة بانتخابات “الكنيست” عامة بما في ذلك الحكومة الإسرائيلية لبن يامين ناتنياهو والحومة الأمريكية لجو بايدن حكومتان وضعتا الرهان على منع طهران من امتلاك أسلحة نووية، ووضع الخيار العسكري وتوجيه ضربة للمنشآت الإيرانية على اولى اولويات أجندة اللوبي الصهيوني في ملف الشرق الأوسط.

اعتماد الأجندة الصهيونية في تدمير القوة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط 

تولي القيادة الإسرائيلية المشروع النووي الإيراني أهمية قصوى وتضعه منذ سنوات في مقدمة أجندتها. وإذا تمكنت إيران من تطوير مشروعها والحصول على القنبلة النووية -كما تدعي إسرائيل- فإن المنطقة ستعرف واقعا جيوستراتيجيا جديدا يتمثل في النقاط التالية:


 –  وضع حد لإحتكار إسرائيل السلاح النووي وبالتالي  تهديد وجود إسرائيل وإحداث تغيير إستراتيجي في ميزان القوى في الشرق الأوسط بصورة جذرية وغير مسبوقة بما في ذلك  خلق حالة من الخوف والهلع داخل المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يمكن أن يقود في المراحل الأولى إلى وقف الهجرة إلى إسرائيل وزيادة الهجرة المعاكسة وانخفاض الاستثمارات في إسرائيل.

خلق واقع جديد تصبح فيه إيران دولة إقليمية قوية للغاية وذات مكانة وتأثير ونفوذ في المنطقة، كما تصبح محورا قويا وهاما جدا في مواجهة السياسة الإسرائيلية. إن من شأن حدوث ذلك وفق تل أبيب، أن يحجّم من مكانة إسرائيل في المنطقة ومن نفوذها، وأن يقود إلى تعزيز قوة ونفوذ القوى المناهضة والمقاومة لإسرائيل والمتحالفة مع إيران، خاصة سوريا وحزب الله وحماس والجهاد، وأن يحد من قدرة إسرائيل على الاعتداء عليهم وإلحاق الأذى بهم، كما يمكن أن يمنحهم مظلة نووية في مواجهة إسرائيل التي تطمح الى قيادة الشرق الأوسط بأن تكون قوة النووية.

يشكل بروز إيران النووية ضغطا على العديد من الدول -خاصة مصر التي بادرة بمشروعها الضخم “الضبعة النووي”المدعوم من روسيا ثم أيضا السعودية  التي سبق وأن أشارت إلى إحتمال استنادها إلى هذا الخيار، فقد قال رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق تركي الفـيصل، إنه يتحتم علينا القيام بكل ما هو ضروري، بما فـي ذلك تطوير قنبلة نووية لكي ندافع عن أنفسنا ضد احتمالية أن تكون إيران مسلحة نوويا، وهذا الخيار بات يحظى باهتمام رسمي من جانب الرياضعلى نحو بدا جليا فـي تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمانوالتي قال فـيها: إنه  “إذا امتلكت إيران القنبلة النووية فسنفعل الشيء نفسه فـي أسرع وقت”… وسوريا وتركيا والجزائر… ودافعا لها إلى محاولة اللحاق بها.

وفي هذا السياق جاء ادعاء إسرائيل بأن المشروع الإيراني يعرض وجودها للخطر، لذلك ارتأت السياسة الإسرائيلية أنه يتوجب على المجتمع الدولي -خاصة الولايات المتحدة وأوروبا- اتخاذ الإجراءات الملائمة الكفيلة بمنع حصول طهران على السلاح النووي، فدعت وسعت إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية مؤلمة ومستمرة على تحت مظلة مجلس الأمن الدولي، واستنزافها إلى أقصى مداها.

وفي حال عدم تحقيقها هذه الأهداف المنشودة، وعند اقتراب إيران من المرحلة التي يمكنها فيها صنع القنبلة النووية، يتوجب استعمال القوة العسكرية لمنعها من الحصول على السلاح النووي.

الإسرائيلي الأمريكي يلوح بالحرب

الخيار العسكري:

لا يزال هناك شبه إجماع في إسرائيل وامريكا اليوم مفاده البدأ بتنفيذ الخيار العسكري الذاتي لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا ما بلغت طهران مرحلة القدرة على إنتاج القنبلة النووية.

 وتبذل أمريكا ومن ورائها إسرائيل جهودا جمة على جميع المستويات لاستكمال الاستعدادات اللازمة لإنجاح ضربة عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وتمتلك إسرائيل القدرة العسكرية للقيام بمثل هذه العملية، باستخدام سلاحها الجوي وطائراتها الأميركية الصنع وصواريخها البعيدة المدى. إلا أن تحديات ومشاكل عديدة تقف أمام مثل هذه العملية العسكرية أهمها:من جهة، بعد المنشآت النووية الإيرانية عن إسرائيل والذي يتراوح ما بين 1200-1500 كلم ثم،انتشار هذه المنشآت في أماكن مختلفة من إيران، الأمر الذي يتطلب التنسيق لضرب عدة أهداف في نفس الوقت لضمان المفاجأة.ضرورة التزود بالوقود في الجو، سواء مرة واحدة إذا مرت الطائرات من الأجواء الأردنية والعراقية، أو مرتين إذا مرت عبر البحر الأحمر فالمحيط الهندي، الأمر الذي يعقد العملية ويزيد من خطورتها بسبب سهولة إمكانية إسقاط طائرات التزويد بالوقود. وهذا ما بدى واضحا من خلال تموضع القواعد العسكرية البحرية والجوية الامريكية  الأن  في منطقة الخليج الفارسي وغيره من القواعد الاخرى باختيار امريكي وهو محاط بالهدف الإيراني يخشى منه الاستعداد الحربي الكامل في منطقة الشرق الاوسط …

هذا وتقوم إسرائيل منذ عدة سنوات بالاستعدادات العسكرية من حيث التزود بالطائرات الأميركية “أف16” وتجهيزها بالمعدات اللازمة وتدريب الطيارين وجمع المعلومات الدقيقة عبر قمرها الصناعي الذي أطلق أساسا لهذا الغرض، وعبر أجهزة مخابراتها، والتزود بالقنابل الذكية المناسبة ذات القدرة على اختراق المواقع المحصنة تحت الأرض، وبالقنابل ذات القدرة التدميرية الهائلة التي يصل وزنها إلى طنين. ويسود الاعتقاد في إسرائيل بأنه لا يمكنها القيام بالعملية العسكرية دون الحصول على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لما يترتب عليها من نتائج وردود فعل إيرانية قد توجه ضد واشنطن.

 من يقدر على ايران ؟

رغم العقوبات المفروضة على إيران من طرف منظمة الأمم المتحدة بإرادة أمريكية وأوروبية، استطاعت إيران تخصيب اليورانيوم، إلى جانب 12000 جهاز طرد مركزي ينشط ويعمل تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا يعني أن إيران أصبحت من المنتجين لليورانيوم المخصب وتطوير السلاح النووي. وحسب المتتبعين فإن تطوير برنامج نووي إيراني لغايات عسكرية يبدو واضحا يوما بعد يوم، كما تتميز المنشآت النووية الإيرانية المحصنة جيدا، بأن جزءا كبيرا منها تحت الأرض، بالإضافة إلى ما لديها من دفاعات من الصواريخ والمدافع والطائرات، فذلك يوجب أن تكون القوة المهاجمة كبيرة نسبيا تشمل طائرات هجومية وطائرات إعتراض وطائرات تزويد الوقود في الجو.

ولكن نوايا الإيرانيين غير واضحة فهل الهدف الإيراني هو الوصول إلى “الحد الأدنى من التخصيب (يورانيوم منخفض التخصيب) دون تطويره إلى سلاح نووي كما تريد الولايات المتحدة؟

أو امتلاك السلاح النووي الذي سيعطي لإيران القدرة على الردع للحفاظ على أمنها المهدد من طرف إسرائيل والولايات المتحدة وحتى من دول مجاورة؟

وفي الحقيقة أن حصول إيران على السلاح النووي يبدو قريب الاحتمال، وما يعتبر تهديدا “وجوديا” للولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا وهذا ما تخفيه بعد وتعلله بالتضخيم الإعلامي.[1]

وهذا ما كشفته تقارير صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى زيادة كبيرة في مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، فيما أكدت الوكالة أنها أعادت تركيب معدات مراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية.

ويقدر مخزون إيران المقدر من اليورانيوم المخصب ب أكثر من 23  ضعف الحد المنصوص عليه في اتفاق 2015  بين طهران والقوى العالمية. وفق تقديرات الوكالة فإن هذا المخزون إرتفع بمقدار نحو طن بنسبة تفوق 25% منذ فيفري 2023،رقم يشير الى بلوغ إيران الهاوية النووية بنسبة 90 بالمائة.

على نحو يُقرِّبها بدرجة كبيرة من مستوى 90% اللازم لإنتاج القنبلة النووية، وقد دفع ذلك قوى دولية عديدة إلى التشكيك فـي نوايا إيران الخاصة ببرنامجها النووي، لا سيما أن استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية لا يتطلب الوصول إلى هذا المستوى من التخصيب، كما لا يستوجب إنتاج معدن اليورانيوم[2]

وينصرف ثانيها إلى تعثر المفاوضات التي تجرى فـي فـيينا بين إيران ومجموعة “4+1” وتشارك فـيها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مباشر، وهو ما يعود إلى حرص إيران -بعد تشكيلها وفد التفاوض من فريق من الأصوليين المتشددين بعد تولي “إبراهيم رئيسي” مقاليد منصبه كرئيس للجمهورية فـي 5 أغسطس 2021- على فرض شروطها وتعزيز موقعها التفاوضي فـي مواجهة القوى الدولية؛ من أجل الحصول على أعلى مستوى من الامتيازات من تلك القوى مقابل الوصول إلى صفقة جديدة. 

لقد رفضت إيران مرارا وتكرار الإمتثال لتعليمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاحصول على ذاكرة كمرات المراقبة في القواعد النووية الإيرانية ورغم محاولات الاختراق التي شنتها المخابرات الصهيونية الامريكية فلم تفلح بعد  وتحاول اسرائيل الأن الاقتراب شيئا فشيئا من الحد الإيراني في عملية طوفان الأقصى… 

سوف تدفع هذه الخطوة إيران إلى الإمعان فـي تعزيز حضورها فـي الإقليم ليس باعتبارها قوة إقليمية رئيسة فـيه، وإنما، حسب رؤية قياداته القوة الإقليمية الأولى فـيه، أو بمعنى أدق “القوة المهيمنة”، إذ سوف تستند فـي هذا السياق إلى الخلل الذي سوف ينتجه إمتلاكها القنبلة النووية على مستوى توازنات القوى فـي المنطقة بصفة عامة ومنطقة الخليج على نحو الخصوص.

لكن فـي كل الأحوال ومع افتراض نجاح إيران فـي الوصول إلى هذه المرحلة فإن ذلك سوف ينتج تداعيات مباشرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط بل يضعها على أهبة الحرب، ويجر إيران الى النزول في هذه الحرب و توخي “الردع” الذي يعني رفع كُلفة أي عمل عسكري قد تتعرض له الدولة المالكة للقنبلة. 

 الخلاصة:

رغم المشهد الحربي الذي يروجه اللوبي الإعلامي، والذي نصفه بالضغط المرتفع  في إيهام العالم بفرض حالة الرعب الدولي حتى وان تحققت بعض الخسائر الا ان الاسرائيلي الأمريكي، في شك من ان  يغامر من جديد بالانخراط فـي حرب بالمنطقة تفرض عليها تكلفة بشرية واقتصادية عالية، كما أن إسرائيل بدورها لن تستطيع شن تلك الحرب بدون الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن قدرات إيران العسكرية لا تنحصر فـي قوتها الصاروخية أو البحرية، والتي تمثل القطاعات العسكرية الأكثر تقدمًا لديها، وإنما تمتد إلى قدرات وكلائها الذين يمتلكون القدرة على استهدافها، سواء عبر الحدود كما فـي حالة حزب الله بلبنان، أو من خلال المياه الإقليمية والدولية، كما فـي حالة حركة أنصار الله الحوثية فـي اليمن ومازالت الفيالق الفلسطينية والسورية والعراقية بيد الجهاد الإيراني ومالم يكشف عنه بعد…

أن نظام عدم الانتشار النووي أثبت فشله فـي التعامل مع الحالة الإيرانية، على نحو يقلص من أهمية الدور الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية فـي هذا الصدد اذ  لم يمنع إيران من تطوير أنشطتها النووية والوصول إلى تلك المرحلة، كما أن عمليات التفتيش التي قامت بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ثبت أنها يمكن الالتفاف عليها ودحضها كاملة ومن وراءها سياسة الضغط الدولي ضد ايران في امتلاك اسلحة الدمار الشامل وافتكاك العظمة الاقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وبالتالي تصبح ايران القوة الاولى وتجذب ما لف لفه على غرار الدول العربية المجاورة و برعاية روسية صينية… وهو ما تخشاه أمريكا واسرائيل فبلوغ الهاوية النووية يعني حقيقة فرض الاستحقاق الاستراتيجي الإيراني وفرضية الحرب الشاملة أصبحت قائمة.

المصادر المعتمدةموقع منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك

الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العرب

الوكالة الدولية للطاقة الذرية

إفاهيم كام, إيران النووية، تل أبيب، معهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب، 2007

وكالة المخابرات المركزية الامريكية

ايران انترناشيونال


[1]– وفي ضوء جدار العُزلة المُحاك من حولِه، كان النظام الإيراني بحاجة ماسّة إلى فتح نوافذ، تُتيح له فرصةَ التنفُّس، والتحرك. وكانت النافذة الأولى التي تمكّن النظام من فتحها، هي التوافق المبدئيّ مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي جنّبَ النظام تلقِّي قرارَ إدانةٍ جديدٍ من مجلس حُكّام الوكالة، وتمثّلت النافذة الثانية في التوافق على إعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية. إذْ شَكّل نبأ الاتفاق بين البلدين بعد جولة مفاوضات قصيرة في بيجين، مُفاجأةً وضعت اللاعبين الإقليميين والدوليين أمام احتمالات جديدة. وأكّد مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنّ الاتفاق السعودي-الإيراني أظهر نجاعةَ حملة الضغوط على إيران. وقد تؤدي هذه القناعة إلى تعزيز الضغوط التي يمارسها الغرب ضد إيران للحصول على تنازلات في ملف التعاون الإيراني-الروسي في الحرب على أوكرانيا، وفي الملف النووي.

[2]–  اللافت للنظر فـي هذا السياق أن ارتفاع مستوى تخصيب اليورانيوم توازى مع تطورات أخرى لا تقل خطورة، على غرار استخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تطورًا من طرازات مختلفة على غرار «IR4» و «IR6»، وتوسيع نطاق عمليات التخصيب لتشمل مفاعل فوردو -الذي أنشأته إيران تحت الأرض وبدأت فـي تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% داخله- إلى جانب منشأة نطنز التي ينص الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه فـي 14 يوليو 2015 على حصر عمليات التخصيب فـيها.

By Zouhour Mechergui

Journaliste