الثلاثاء. أبريل 30th, 2024

تقرير من اعداد قسم البحوث والدراسات العسكرية  

في وقت سابق ومنذ شهر جوان الماضي أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، أن كييف بحاجة إلى 48 مقاتلة أمريكية من طراز “أف–16” للعودة إلى ما سمته بـ”حدود عام 1991″، أي ما قبل عودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا.  

وكان الرئيس الأمريكي، جون بايدن، قد وافق خلال لقائه زيلينسكي، على هامش قمة مجموعة السبع في هيروشيما، على تدريب الطيارين الأوكران على قيادة مقاتلات “أف–16”. وأكدت الدنمارك وهولندا عزمهما على أن تكونا في طليعة أولئك الذين يدربون الطيارين الأوكران على المقاتلة الأمريكية. 

ما هي أهداف واشنطن من تزويد كييف بمقاتلات “أف-16″؟ 

يلاحظ أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا بمقاتلات “أف–16” يستهدف تحقيق عدد من الأهداف، يمكن تفصيلها على النحو التالي:  

1- تعويض أوكرانيا عن أسطولها الجوي:  

يلاحظ أنه مع استمرار المعارك مع روسيا، فإن أسلحة الجيش الأوكراني ذات التسليح السوفيتي تنفد، وهو ما يدفع الدول الغربية الداعمة له إلى إمداده بنظم أسلحة غربية لتعويض نقص الأسلحة السوفيتية، والتي تنتجها روسيا الآن  .وفي هذا الإطار، أمدت الدول الغربية أوكرانيا بالدبابة الألمانية “ليوبارد 2″، والأمريكية “أم 1 أبرامز”، والبريطانية “تشالنجر”، وذلك لتعويض الجيش الأوكراني عن الدبابات روسية الصنع من طراز “تي 72″، فضلاً عن مئتي دبابة أخرى من نفس الطراز حصل عليها من دول بولندا وجمهورية التشيك وعدد صغير من البلدان الأخرى، غير أن دمار أو تعطل أغلبها دفع الدول الغربية إلى إمداد أوكرانيا بدبابات بديلة، خاصة “ليوبارد الألمانية”، والتي يمتلكها عدد كبير من الدول الأوروبية.  وبالمثل، فإن الدول الغربية أمدت كييف بنظم دفاع جوي من طراز “باتريوت”، وذلك لتعويضها عن نظام دفاعها الجوي الروسي من طراز “أس 300″، والذي تمكن الجيش الروسي من استهداف أغلبه، فضلا عن نفاد الذخيرة الخاصة بها. ولذلك، فإن إمداد أوكرانيا بطائرات “أف–16” إنما يهدف إلى تمكين أوكرانيا من شن هجمات خاطفة ضد روسيا، والواقع الميداني يقول أن مثل هذا السلاح الجديد لن يساعد في تغيير موازين القوى الحالية بالضرورة  .ولعل ما يؤكد هذا المعنى إستمرار موسكو في توجيه ضربات عسكرية مكثفة إلى كييف، وذلك على الرغم من نشرها نُظم الدفاع الجوي الأمريكية من طراز “باتريوت”، فقد كان من اللافت أن روسيا شنّت حوالي 14 هجوما مكثفا ضد أوكرانيا، خلال شهر ماي، وذلك حتى يوم 29 ماي، والتي ركزت خلالها روسيا على استهداف منشآت عسكرية وبنى تحتية حيوية الجوية، فضلا عن استهداف بعض منظومات الدفاع الأمريكية من طراز “باتريوت”، كما في هجومي 17 و29 ماي. 

2- التغطية على خسارة باخموت:  

خسرت أوكرانيا مدينة باخموت الاستراتيجية، وذلك على الرغم من أنها استماتت في الدفاع عن المدينة، وتكبدت خسائر وصلت إلى آلاف المقاتلين، وفقا للصحف الأمريكية. وعلى الرغم من إعلان موسكو سيطرتها على المدينة في 21 ماي، فإن الجيش الأوكراني رفض الاعتراف بسقوطها، وربما يرجع ذلك إلى أن الاعتراف بسقوط المدينة سيُعد مؤشرا محتملا عن عجز أوكرانيا عن تنفيذ هجوم ناجح ضد روسيا، حتى في ظل الدعم الغربي.  

3- دعم تنفيذ الهجوم المضاد:  

تسعى أوكرانيا إلى شن هجوم مضاد ضد الجيش الروسي لاستعادة أراضيها المحتلة، غير أن أوكرانيا تشتكي من نقص الأسلحة والذخيرة الغربية التي تؤهلها لتنفيذ مثل هذا الهجوم، وهو المبرر الذي ساقته لتبرير تأخر هجومها المضاد ضد الجيش الروسي، وإعلان مواعيد متضاربة حيال الأمر وعلى الجانب الآخر، فإن تأخر أوكرانيا في تنفيذ الهجوم المضاد ربما يرجع إلى انتظارها للحصول على مزيد من الأسلحة المتقدمة، خاصة وأن تقييمات الجيش الروسي ترى أن القوات الأوكرانية المدربة في الدول الغربية، والتي سوف يتم الاعتماد عليها في تنفيذ الهجوم المضاد، لم يتم نشرها بعد على خطوط التماس مع القوات الروسية بعد.   

4- دعم معنوي مهم: 

أشارت التقارير إلى أن المقاتلة الأمريكية من طراز “أف–16” لن تستطيع مواجهة أحدث المعدات العسكرية الروسية. المقاتلة لن تتمكن من تدمير مدفعية، أو دفاعاته الجوية، أو مقاتلاته، لأنها سوف يتم رصدها بسهولة من قبل رادارات الجيش الروسي، خاصة وأن نظم الدفاع الجوي “أس 400” مصممة لإسقاط مقاتلات الجيل الرابع، مثل المقاتلة “أف-16”. ولذلك، فإن الفائدة الأساسية للمقاتلة هي في تنفيذ عمليات دفاعية بحتة، أو القيام بهجمات إنتحارية، أي القيام بتوجيه ضربات ضد الجيش الروسي في مهمة هجومية واحدة، يترتب عليها في الغالب إسقاط المقاتلة. المقاتلة لن تكون مفيدة في دعم الهجوم الأوكراني المضاد  

5-  تقييمات مماثلة متحفظة للبنتاغون:  

أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، مارك ميلي، أن “10 طائرات أف-16 تكلف مليار دولار”، أي أن 48 طائرة من هذا النوع قد تكلف 5 مليارات، ولا تبدو وزارة الدفاع الأمريكية مستعدة لدفع تلك التكلفة، إذ أكد ميلي أنه “إذا تم إرسال الطائرات الآن، فسيكون ذلك على حساب تمويل القدرات الأخرى التي جعلت أوكرانيا تتقدم، في إشارة إلى أنظمة الدفاع الصاروخية المتطورة”. 

6- تورط أمريكي أكبر في الصراع: 

 اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بتعرض منظومة للدفاع الجوي “باتريوت” للتلف في كييف يوم 17 ماي 2023، نتيجة لتعرضها لهجوم روسي. وكانت روسيا أعلنت تدمير خمس منصات إطلاق “باتريوت” بصاروخ “كينجال” فرط الصوتي، وهو ما نفته أوكرانيا. وفي حالة قررت واشنطن نشر مقاتلات “أف–16” في أوكرانيا بسرعة، فإن هذا الأمر سوف يعني قيادة طيارين غربيين غير أوكران لها، وهو ما يعني أن الحرب تدريجياً تتحول من حرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى حرب بين روسيا من جهة والقوات الأوكرانية والغربية من جهة أخرى.  

الخلاصة:  

يمكن القول إن إمداد أوكرانيا بالمقاتلة “أف-16” لن يغير موازين القوة العسكرية بشكل كبير، وفقا للتقييمات الأمريكية نفسها، إذ أن هدفه الأساسي هو تعويض أوكرانيا عن سلاح الجو السوفيتي الذي دمر أغلبه في المعارك، فضلا عن تأكيد استمرار حلف “الناتو” في تقديم الدعم لأوكرانيا على المدى الطويل. 

By amine