اعداد: فاتن جباري باحثة بقسم العلاقات الدولية و الشؤون الاستراتيجية
الواجهة المتوسطية تعود الى واجهة الأحداث كرمز لسوء إدارة ازمة المهاجرين في اوروبا فأكثر من 127 ألف مهاجر هو العدد المسجل منذ مطلع 2023، وهو ضعف عدد الواصلين الى السواحل الايطالية في الفترة ذاتها في 2022 . ففي الوقت الذي تناشد فيه ايطاليا مجهودات المجتمع الدولي بمعاضدة جهودها وتقاسم اعباء المسؤولية تنفذ القوات الأمنية التونسية عمليات مشتركة عالية المستوى بتعليمات من رئيس الجمهورية قيس سعيد ادت الى الاطاحة بشبكات إجرامية تورطت في صناعة قوارب الموت و تكوين عصابات للإتجار بالمهاجرين و مايسمى في تونس” بالحرقة ” في عرض البحر .
نزيف الهجرة يتصدر أزمات اوروبا من جديد
في ايطاليا ، و في زيارة أشبه بأن تكون دبلوماسية ماراتونيةتحط رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاينبخطاها في مدينة لامبيدوزا الإيطالية جنبا الى جنب مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونيفي أزمة أعادت فتح الجدل بشأن تقاسم المسؤوليات بين دول الاتحاد الأوروبي. حيث تسعى إيطاليا جاهدة الى تصدير قضية الهجرة على القارة كاملة و التحصيل التضامن الأوروبي لمساعدة روما على إدارة تدفق المهاجرين الوافدين عبر البحر المتوسط بما يفوق القدرات الاستيعابية للجزيرة الإيطالية الصغيرة. وعرضت فون دير لاين خطة طارئة من عشر نقاط لمساعدة إيطاليا وتشكل أزمة الهجرة محور جهود دبلوماسية أوروبية مكثفة منذ ثلاثة أيام.
كما قد يستمر ضغط المهاجرين خلال هذه الفترة على السواحل الأوروبية بشكل غير مسبوق بسبب خفض المهربين للأسعار على المهاجرين المغادرين من ليبيا تونس في خضم منافسة شرسة بين الجماعات الإجرامية ، “الهجرة غير القانونية هي تحد أوروبي يحتاج إلى رد أوروبي” رد جاء على لسان رئيسة المفوضية داعية الى ضرورة تقاسم الأعباء في الاستقبال الطوعي للمهاجرين .
فعلى رصيف مرفأ لامبيدوزا عاينتا كل من رئيسة المفوضية و جيورجيا ميلوني مراكب المهاجرين التي توصلهم الى ايطاليا و عنوان هذه الزيارة ” التضامن الأوروبي لدعم ايطاليا في تحمل اعباء المهاجرين ” اللذين وصلوب اعداد تفوق عدد سكان الجزيرة السبعة الاف وانتقلت فون دير لاين وميلوني إلى ميناء لامبيدوزا حيث رست عشرات المراكب الصغيرة التي ينتقل على متنها طالبو اللجوء، وتنطلق غالبيتها من السواحل التونسية غير البعيدة .وتنتقد ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع بلادها التي تعد أبرز نقطة وصول في القارة للمهاجرين الوافدين عبر المتوسط، واستقبلت هذا العام نحو 130 ألفا منهم.
و وفق معلومات ذكرها الصليب الأحمر الإيطالي الذي يدير مركز استقبال المهاجرين في لامبيدوزا ، صرح بوجود 1500 شخص في المركز الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 400 شخص فقط كما توجهت سفن الإنقاذ التابعة لمنظمات غير حكومية مثل “جيوبارنتس” و”أطباء بلا حدود” إلى موانئ رئيسية في إيطاليا بعدما نفذت خلال الفترة الماضية 11 عملية تم خلالها انقاذ نحو 500 شخص لكن هذه المجهودات تكاد تكون عاجزة امام عشرات المراكب التي تحاول يوميا عبورالمتوسط نحو شواطئلامبيدوزا حيث بات نظام التعامل مع الوافدين يواجه صعوبة في التعامل مع عدد القادمين إلى الجزيرة اثر ما تعرفه بلدان القارة الافريقية المجاورة من موجات تردد بشري غير مسبوقة هروبا من الحرب و الانقلابات العسكرية و الفقر و الجوع و الكوارث الطبيعية بحثا عن مناطق اكثر امنا لهم فزيادة عن اللجوء الإنساني ينضاف اللجوء البيئي .
الخطة الطارئة من عشر نقاط :
وعرضت فون دير لاين خطة طارئة من عشر نقاط لمساعدة إيطالياتهدف إلى تحسين إدارة الوضع الراهن من خلال توزيع طالبي اللجوء بين الدول الأوروبية بشكل أفضل وتفادي تكرار تدفقهم بأعداد كبيرة على سواحل إيطاليا بشكل يستنزف قدراتها اللوجستية والإدارية.
وتنص الخطة على زيادة التعاون بين إيطاليا والوكالة الأوروبية للهجرة والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل “فرونتكس” لتسجيل المهاجرين وأخذ بصماتهم وغيرها من الإجراءات، على أن تعزز “فرونتكس” ووكالات أخرى مراقبتها البحرية ودراسة الخيارات لتوسيع عمليات البحرية في المتوسط.
كما تشمل الخطة تسريع الدعم المالي لتونس التي ينطلق منها غالبية المهاجرينوالتحاور مع أبرز الدول التي يأتون منها مثل غينيا وساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو لإعادتهم في حال لم يستوفوا شروط اللجوء.
العملية النوعية الأمنية – العسكرية في تونس بهدف تطويق الخلايا الاجرامية المتورطة في تنظيم الهجرة
اما في تونس ، فقد نفذت القوات الأمنية التونسية حملة واسعة النطاق و عمليات انزال جوي اضافة الى مداهمات و إطاحات شملت مفتشين عنهم و خلايا اجرامية تنشط في الهجرة والمخدرات منهم 54 منظما لعمليات هجرة وتهريب للبشر ، مدعومة بطائرات ووحدات مكافحة الإرهاب ، تستهدف مهربي البشر وتهدف إلى وقف موجات تدفق المهاجرين نحو إيطاليا. وجاءت الحملة الأمنية في الوقت الذي تواجه فيه جزيرةلامبيذوزا الإيطالية عددا كبيرا من المهاجرين الذين يصلون إليها على متن قوارب.
ووفق معطيات وزارة الداخلية فقد قامت وحدات من الحرس الوطني التونسي بمداهمة منازل تأوي مئات المهاجرين، واعترضت شاحنات تحمل مهاجرين باتجاه الشواطئ واحتجزت عديدا من القوارب كما طوقت المئات من العناصر الأمنية التونسية ،أماكن تعرف بأنها “نقاط أمنية سوداء” في مناطق جبينانةوقرقنةوالمساترية من ولاية صفاقس، التي أصبحت نقطة رئيسية لمغادرة قوارب الهجرة باتجاه إيطاليا هذاوتتعرض تونس لضغوط قوية من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، الذي تعهد أيضا بتقديم مليار يورو من أموال التكتل لمساعدة الاقتصاد التونسي مقابل وقف تدفق المهاجرين على اعتبار وان تونس هي من اكبر بلدان المنطقة المصدرة للمهاجرين حيث تقع جزيرة لامبيدوزا على بعد أقل من 150 كيلومترا من الساحل التونسي، وهي إحدى المحطات الأولى للمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط أملا في الوصول إلى أوروبا هذا و تعمل السلطات التونسية على مزيد تكثيف هذه العمليات النوعية اما ما تشهده حدودها من الارتدادات والانزلاقات الاقليمية في سياق مربع الحنف المجتدم بالمنطقة ككل .