الاعداد: الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية
أكبر دولة مصدرة للأرز تفرض قيودا كبيرة على جميع صادراتها الزراعية وهذا ما أثار مخاوف العالم وخاصة حكومات آسيا وغرب افريقيا.
وأغلب الملاحظين في العالم يقولون أن الهند استغلت الفرصة لترفع من نسب عائداتها وبالتالي قد تسببت في هزّة كبيرة وغير مسبوقة للأسواق العالمية، حتى أنهم اتهموها بأنها تريد تجويع العالم.
وبحسب التقديرات فقد قفزت أسعار الأرز في آسيا بالقرب من أعلى مستوى لها منذ 15 عاما تقريبا. ففي نهاية شهر أغسطس فرضت الهند المزيد من القيود على الأرز المسلوق والبسمتي وكانت هذه الأصناف المتبقية التي لم تخضع لقيود التصدير، ما أدى إلى وصول حملة التشديد الأخيرة إلى ذروتها والتي بدأت بفرض حظر منذ يوم 20 جويلية 2023 على شحن بعض الحبوب.
من جانبه، قال الأستاذ الفخري بجامعة هارفارد، بيتر تيمر، الذي درس الأمن الغذائي لعقود من الزمن، إن “الارتفاعات الحادة في أسعار الأرز تضر دائما بالمستهلكين الفقراء أكثر من غيرهم”.
“إن القلق الأكثر إلحاحاً الآن هو ما إذا كانت تايلاند وفيتنام تتبعان الهند وتضعان ضوابط كبيرة على صادراتهما من الأرز. وإذا حدث ذلك، فسنشهد ارتفاع أسعار الأرز العالمية إلى أكثر من 1000 دولار.
ملاحظة:
يعتبر الأرز عنصرا حيويا في النظام الغذائي لمليارات الأشخاص، ويساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الناس في أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا. ويبلغ السعر القياسي حالياً 646 دولاراً للطن، وقد يؤدي الطقس إلى زعزعة السوق بشكل أكبر.
وبحسب الخبراء فإن الهند تستغل الظروف الطبيعية من أجل التحكم في سوق الأرز ويأتي ذلك، من خلال تهديد ظاهرة “النينيو” هذا العام بتدمير العديد من مناطق النمو الرئيسية في جميع أنحاء آسيا، حيث حذرت تايلاند بالفعل من ظروف الجفاف في أوائل عام 2024.
كما أن أكبر منتج ومستورد في العالم الصين الشعبية، قد نجت من سوء الأحوال الجوية حتى الآن وانقذت محصولها من الأرز، في حين تحتاج مناطق النمو الرئيسية في الهند إلى مزيد من الأمطار.
وكانت تكلفة الأرز في العاصمة نيودلهي لا تزال أعلى مما كانت عليه منذ السنة الماضية 2022 حتى 31 أغسطس 2023، ولكن منذ حظر التصدير في يوليو، استقرت الأسعار عند 39 روبية يعني 47 سنتا للكيلوغرام.
وقال وزير الغذاء “سانجيف شوبرا” في مقابلة يوم الجمعة الماضي إنه بفضل احتياطيات الحبوب الوفيرة، بالإضافة إلى محصول الأرز الجديد الوشيك، فإن وضع الإمدادات في البلاد ليس مثيرا للقلق.
وأضاف أنه لا توجد حالياً مقترحات بشأن أي قيود أخرى على التصدير، ومع ذلك، لا تزال القيود التي تفرضها الهند يتردد صداها في دول أخرى، لأن هناك دول تعوّل كثيرا على القمح والأرز الهندي لتعويضه بالقمح الروسي والأرز الصيني.
واضطرت الفلبين الأسبوع الماضي إلى وضع حد أقصى لأسعار الأرز في جميع أنحاء البلاد بسبب الزيادة “المثيرة للقلق” في أسعار التجزئة والتقارير عن اكتناز التجار للسلع.
وفي المقابل أرسلت غينيا وزير التجارة الخاص بها إلى الهند، في حين طلبت سنغافورة وموريشيوس وبوتان من نيودلهي إعفاءها من القيود على أساس الأمن الغذائي – وهو بند أضافته الدولة الواقعة في جنوب آسيا عند حظر أحد الأصناف.
بدورها، قامت ثاني أكبر دولة مصدّرة للأرز في العالم بجولة ترويجية في الأسابيع الأخيرة حاملة رسالة ” إذا كنت تريد الأرز، لدينا ذلك”، حيث قام مسؤولوها التجاريون برحلات إلى الفلبين وإندونيسيا وماليزيا واليابان.
وتقدم فيتنام بعض الدعم للسوق، قائلة الشهر الماضي إن البلاد من المرجح أن تتجاوز هدف التصدير لهذا العام، وهو إنجاز يمكن أن تحققه دون تعريض أمنها الغذائي للخطر.
وأظهرت بيانات الجمارك أن الأحجام الواردة إلى إندونيسيا ارتفعت خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، في حين أن الشحنات إلى الصين كانت أعلى أيضاً. لكن طموحات ميانمار تراجعت في الآونة الأخيرة.
واقترح اتحاد الأرز في البلاد وقفا مؤقتا للشحنات لتهدئة الأسعار المحلية المتزايدة، وهو الاقتراح الذي رفضته الحكومة، وكان الاتحاد قد قال مؤخراً فقط إنه يمكنه شحن المزيد.
من المتوقع أن يقوم اتحاد مصدري الأرز التايلاندي بتحديث سعر الأرز الأبيض المكسور بنسبة 5% بعد اجتماعه الأسبوعي يوم الأربعاء القادم، وسيراقب المستثمرون المؤشر الآسيوي لمعرفة ما إذا كان الهدوء أو القلق يتزايد.