بقلم / إحسان كاظم
بدخولنا منتصف عام 2023 يكون قد مرعلى قيام الجمهورية التركية 100 عام تقريباً، وقد تجهت دولة تركيا نحو أداء إقليمي مهم وحيوي في مطلع القرن الحادي والعشرين مع وصول حزب العدالة في سدة الحكم.
وتعد تركيا دولة إقليمية مهمة في الشرق الأوسط، وتهدف سياساتها في الخليج العربي إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي والتنمية. ومع ذلك، فإن تركيا تواجه تحديات متزايدة في الخليج بسبب التوترات الإقليمية والدولية. وفي العام 2023، شهدت السياسة التركية في الخليج تحولات مستمرة، وخصوصًا مع تطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن الملاحظ إلى أن تطبيع تركيا العلاقات مع السعودية والإمارات جاء بعد استمرار الخلافات والتوترات بين الجانبين، مثل التوتر الناجم عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول في عام 2018، والذي أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين. وكذلك، التوتر مع الإمارات العربية المتحدة بسبب الدعم الإماراتي للمنظمات الإرهابية في سوريا وليبيا، ودعمها للانقلاب العسكري في مصر عام 2013.
وتستفيد السياسة الخارجية التركية المُبادِرة من العديد من أدوات التعاون السياسية والاقتصادية والإنسانية والثقافية التكميلية، وتطبق دبلوماسية تفكر على مستوى العالم، ولكنها تظهر فعالية على صعيد محلي في كافة أرجاء العالم. وتمتلك تركيا 260 بعثة دبلوماسية وقنصلية، وهي بذلك “تمتلك خامس أكبر شبكة دبلوماسية على مستوى العالم.
حرصت دولة تركيا في ان تولي اهتمامًا وحرصاً بتنمية العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، من خلال سعيها إلى تعزيز التعاون في مجالات مختلفة، بما في ذلك النفط، والغاز، والصناعات الثقيلة، والسياحة. وقد وقعت تركيا اتفاقيات مع دول الخليج لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة، وذلك بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
يجب الإشارة إلى أن تركيا تواجه تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك الضغوط الدولية المتزايدة على حكومتها بسبب الانتهاكات لحقوق الإنسان والديمقراطية، وهذا أثر بشكل سلبي على سياستها في الخليج وعلاقاتها مع دول المنطقة. وقد أدت هذه الضغوط إلى تدهور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤثر على استقرار الإقليم والتعاون الاقتصادي.
ومن الجدير بالذكر أن تركيا تواجه أيضًا تحديات خارجية، مثل العلاقات المتوترة مع دول الغرب، خاصةً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سياساتها الداخلية والخارجية، وفي الخليج، تواجه تركيا تحديات من دول المنطقة بسبب مواقفها في بعض النزاعات وتدخلاتها العسكرية في ليبيا وسوريا.
و في عام 2023، شهدت العلاقات بين تركيا والسعودية والإمارات محاولات لتحسين العلاقات بين الجانبين، وقد أدى ذلك إلى تطبيع العلاقات بين تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة بعد فترة من التوترات والخلافات.
ومن المهم الإشارة إلى أن تركيا تولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول الخليج، وتسعى إلى تحقيق ذلك من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون في مجالات مختلفة.
ومع ذلك، فإن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على علاقات تركيا بدول الخليج في المستقبل، مثل الخلافات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وكذلك التوترات الإقليمية والدولية. ولذلك، يلزم تركيا بذل جهود مستمرة لتحسين علاقاتها مع دول الخليج وتجاوز التحديات التي تواجهها.
وهناك بعض من الخطوات التي يمكن أن تتخذها تركيا لتجاوز التحديات التي تواجهها في العلاقات مع دول الخليج وتحسين وتعزيز أواصل العلاقات:
الحوار المباشر: يمكن أن يساعد الحوار المباشر بين تركيا ودول الخليج على تحسين العلاقات بينهما، وتوضيح المواقف والمخاوف المشتركة والتوصل إلى حلول مشتركة.
تعزيز التعاون الاقتصادي: يمكن لتركيا تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول الخليج، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون في مجالات مختلفة مثل الاستثمار والتجارة والطاقة، والصناعة، والزراعة، والسياحة.
احترام السيادة الوطنية: يجب على تركيا احترام السيادة الوطنية لدول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
تخفيف التوترات الإقليمية: يمكن لتركيا تخفيف التوترات الإقليمية من خلال التعاون مع دول الخليج في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتحديات الأمنية الإقليمية والدولية الأخرى.
التركيز على المصالح المشتركة: يمكن لتركيا التركيز على المصالح المشتركة مع دول الخليج، وعلى تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات التي تخدم مصالح البلدين.
الحفاظ على الدبلوماسية: يجب على تركيا الحفاظ على جودة الدبلوماسية في التعامل مع دول الخليج، وتجنب أي إجراءات أو تصريحات قد تؤدي إلى تصعيد الخلافات وتفاقم التوترات.
هناك ايضاً العامل الإيراني: تشكل احتمالية توقيع الولايات المتحدة مع إيران اتفاقًا جديدًا بخصوص برنامجها النووي، مع ما سيفيده ذلك للأخيرة، هاجسًا مشتركًا لتركيا ودول الخليج، التي ينظر بعضها لإيران بعين الخصومة والخطر بينما تنظر لها تركيا بعين التنافس فهذا الموضوع من شأنه التعاون فيما بين المملكة العربية السعودية ودولة تركيا.
ولكن يجدر بنا في ختام هذا المقال، بأن نشير وبأنه يجب على تركيا ودول الخليج العمل معًا بصورة بناءة ومستمرة لتجاوز التحديات وتحقيق الاستقرار والتعاون الإقليمي.