فاتن الجباري- باحثة بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس
تقديم
منذ إستقلال البلاد التونسية و حتى اليوم ، يظلّ ملف الثروات الطبيعية أحد أهم الألغاز التي لم تسمح الأنظمة السياسية المتعاقبة بالخوض فيها، فمنذ نشأة دولة الاستقلال بدأت الأجهزة الدعائية الرسمية تروّج لفقر تونس من الثروات الطبيعية وأن الثروة الوحيدة هي القدرات البشرية العلمية، وأنّ “المادة الشخمة” هي الثروة الوحيدة التي تملكها بلادنا و في رقعة جغرافيا ضيقة وسط عملاقين من النفط والغاز هما ليبيا والجزائر الا وان تونس دولة فقيرة الموارد بشكل عام، لكن فيها بعض الفوسفات والبترول والغاز والرصاص وخامات الحديد والزنك والملح.… !
لقد اثار ذلك استغراب الرأي العام الوطني وحتى وكالات الأنباء الدولية ، في حقيقة يراها التونسي ولكنه لا يصدقها فكيف لتونس التي تتمتع بتنوع بيئي كبير بسبب امتدادها بين الشمال والجنوب زيادة على تنوع مجالها الجغرافي الواقع على ضفاف البحر الابيض المتوسط والمحاذية لكل من الجزائر و ليبيا بمساحة 163,610 كم مربع ، بمقابل نسبة نمو للناتج الداخلي الخام لاتتجاوز 2.2 بالمائة في سنة 2023 بينما من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 8 بالمائة وفق تقرير جديد أصدره البنك الافريقي للتنمية تحت عنوان ” أداء وآفاق الاقتصاد الكلي لإفريقيا” حتى يصل الامر الى تراجع الترقيم السيادي وخفض التصنيف الائتماني الذي يعكس عدم اليقين بشأن قدرة البلاد على جمع التمويل الكافي لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة…
1- ثروة افريقيا : وقود أوروبا
هذا التعتيم الذي بدأ منذ الاستقلال نظرا إلى العلاقة المباشرة بين اتفاقية الاستقلال والمجال الاقتصادي، وخاصة العقود النفطية منه :يتجاوز القضية بكثير بحثا عن الحلول الممكنة لإسترجاع السيادة الوطنية على ثرواتنا و سلطة الدولة الفعلية على قطاع الطاقة باعتبارها بقيت مقيدة بعقود أبرمت تحت الحماية الفرنسية و الوقوف على حقيقة ما تملكه الدولة التونسية من ثروات، فضلا عن سبل التخلّص من التبعية الجاثمة على محرّك الاقتصاد التونسي رغم “الاستقلال الوهمي”. و هذا الأمر ينطبق على اتفاقيات الاستقلال الداخلي المبرمة في 3 جوان 1955، والتي تنص فيها بنودها وان الحكومة التونسية تلتزم بعدم مراجعة الاتفاقيات سواء النفطية منها أو الثروات عموما إلا بموافقة الطرف المقابل وهو ما قد يشير الى ان أكثر من ثلث العقود النفطية في تونس لازالت تحت سيطرة منظومة قانونية للأمر العلي لسنة 1948 أي قبل الاستقلال بعشرية كاملة، وهذه العشرية كانت تحضر فيها فرنسا لضمان تواجدها الاقتصادي الدائم في تونس بعد خروجها العسكري، أي بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو ما تمّ فعلا بمقتضى اتفاقية جوان 1955”.
غياب سياسة عمومية للتصرف بالثروات الطبيعية يجعلها موضع مزايدات سياسية من ناحية، وحقلاً من حقول الفساد والمحسوبية من ناحية أخرى. والفساد هنا لا يتعارض كثيراً مع أجندات رأس المال العالمي الذي يبحث عن مزيد من الربح امام متغيرات دولية جعلت البلاد في مخطط استهداف مقنع قد يبدو في ظاهره بحثا عن مصالح أوروبية مشتركة ولكن في باطنه سياسة غربية مقنعة لا تؤمن الا باستعمار الثروات و فرض السيطرة على مجالاتها الحيوية وبسط النفوذ حتى تحمي موروثها الاستعماري فثروة إفريقيا هي وقود أوروبا الذي لا يجب أن ينقطع أبدا .
1- المركزية وتهميش الجهات نمط إستعماري متواصل
لقد اعتمد المنهج الاستعماري نموذجا قمعيا مجحفا بحق الشعب التونسي بقي متوارثا . فالخيارات السياسية التي انتهجتها السلطة في تونس لم تقطع مع شبح الاستعمار الذي قام بتفكيك الأساس المادّي للمجتمع التونسي التاريخي عبر السيطرة على الأسواق والأراضي التي أصبح فيها المالك متسوغا في أرضه او “خماسا ” كما كانوا يسمونه الى حد تفقيره .
أدى هذا الخيار إلى بروز حركات الهجرة و النزوح نحو مراكز المدن ليزداد ثقلها الديمغرافي في الوقت الذي همشّت فيه الأرياف و المناطق الداخلية و دواخل البلاد التاريخية والثقافية مع ظهور مراكز جديدة يحتاجها نظام الاستعمار الفرنسي اقتصاديا…بل أن الصناعات الملوثة و المستنزفة وقع تركيزها عنوة حتى لا يبقى أي اثر لجمال هذه المدن التي عانت التهميش و الفقر و التلوث .
هذه السياسة التي صنعها وخطط لها الاستعمار الغربي حذت حذوها الشركات الخاصّة والأجنبيّة المستثمرة مما زاد من تهميش جغرافيا الدواخل وخنق تواصلها مع المركز، وهو الأمر الذي ادى الى قطيعة تنموية بين مركز المدينة و بقية مدن الجمهورية حتّى أنّه تمّ إلحاق تمثيليات الشركات العموميّة والمياه والسكك الحديدية والبنوك العموميّة المنتصبة بالجهات الغربيّة ّإداريا بمدن الواجهة البحريّة مما خلق مركزة للسلطة السياسية والديمغرافية والرمزية في جهات على حساب أخرى وفاقمها مركزة الاقتصاد والصناعة والسياحة والثقافة والتنمية الجهوية في ولايات و جهات على حساب أخرى.
لقد ادت ظاهرة النزوح نحو المدن لتمركز أهم المرافق العمومية والادارات المركزية بالعاصمة و ما إلى ذلك من الجامعات و المستشفيات ونوادي الترفيه و الملاعب الرياضية و الاذاعات والاسواق المركزية و مراكز تجميع الموارد و غيرها ، أدت الى ارتفاع الكثافة السكانية وبروز ظاهرة الاحياء العشوائية و البناء الفوضوي والاختناق المروري والتلوث بشتى انواعه واندثار المناطق الخضراء ناهيك عن تردي البنية التحتية وانخرام التماسك الاجتماعي في مقابل تهميش للمناطق الداخلية و القرى والارياف وبالتالي ضعف مؤشر التنمية بهذه المناطق التي بقية سرحا تتناساه السلطة و في عقلية غالبية التونسيين مايزال الريف ذلك الكوخ الذي لا يعرف الحداثة و لا الرفاه بعيدا عن قصور المدينة و ضوضائها و هي فكرة تجاوزتها الدول المتقدمة كنماذج إسكندنافية (سويسرا ، السويد ، الدنمارك) يحتذى بها انها عقلية متخلفة يجب تحطيمها بالكامل وإعادة بنائها من الصفر … فعلى سبيل المثال مقرّ شركة فسفات قفصة ظلّ لعقود في العاصمة بينما يوجد الفسفات ويستخرج من الحوض المنجمي، كذلك مقرّ شركة مياه الشمال والتي توجد في الضواحي الجنوبية للعاصمة دون الشمال … كما يوجد المقر الرئيسي للمجمع الكيمياوي بالعاصمة وليس في قابس أو بنزرت وهذا الامر يفسر خيارات الدولة الاقتصادية والثقافية والسياسية المتخلفة والمتوارثة بفعل الاستعمار اين عمدت السلطات منذ سنواتها الأولى بتكثيف الحضور السياسي والاقتصادي لمدن بعينها، وسلبت حضور مدن أخرى حتّى في مجال نشاطها الاقتصادي او الثقافي و التاريخي .
2- غياب فرص التنمية الجهوية واللاعدالة بين الجهات
يمكن اعتبار أن بروز مفارقات الجغرافيا المزيفة في تونس هو من علامات فشل الدولة الوطنية وقصورها السياسي والتنموي ففي النماذج التنمويّة التي تظهر في السياسة المتبعة ، هناك محاولة لتعبئة موارد المناطق الداخلية لصالح المركز في تونس العاصمة والاقاليم الساحلية دون الوسط و الشمال والجنوب ولعل ذلك عائد بالذات الى استمرار تطبيق التجربة الاشتراكية منذ الاستقلال او تجربة الانفتاح الاقتصادي والتي اخضعت جلّ موارد المناطق الداخلية كمياه الشمال الغربي وحبوبه ومناجم الجنوب الغربي تحوّلت إلى العاصمة أو إلى موانئ المناطق الشرقية الساحلية.
ويستنتج من ذلك وان سياسة الدولة في توزيع الموارد غير متكافئة منذ الاستقلال إلى الآن، إذ أنها تستثمر الكثير من الأموال في قطاعات السياحة مثلا او صناعية باعتبارها بقيت قطاعات متطوّرة في المدن الصناعية بالعاصمة او على الشريط الساحلي ولكنها بقيت غائبة في المناطق الداخلية مما انعكس سلبا على تهميش قطاع استراتيجي هام بالبلاد التونسية و هو القطاع الفلاحي حيث ترتبط الفلاحة ارتباطاً وثيقاً بمسألتين حيويتين: الأمن الغذائي والسيادة الوطنية مما يعني أن مزيداً من تراجع هذا القطاع يمكن أن يؤدي إلى الجوع و التبعية الكاملة للخارج.
لقد غابت المشاريع الأساسية عن الأذهان للمساعدة في توفير فرص العمل وتنمية الصناعة وتوفير خدمات الرعاية الصحية والسكن، ومعه ساءت أحوال المناطق فغدت تعاني تهميشا مركبا كرس التباعد الإقليمي والمكاني والتراكمي وبرزت من خلال ذلك حالة حرمان اجتماعية اقتصادية وسياسية عميقة بين سكان الأرياف وسكان المدن.
اختيارات الدولة التنموية منذ السبعينات الفائتة ساهمت هي نفسها في تنفير الشباب والمجتمع عموماً من العمل الفلاحي فقد دعمت القطاعات الخدميّة والصناعية الخفيفة والصناعات الملوثة في المدن الساحلية كبرى و التي تتميز بموروث ثقافي ومحتوى تاريخي مميز و من جهة اخرى يقع تهميش الأرياف والمناطق ضعيفة التمدّن ،جعلت هذه الخيارات مئات آلاف العائلات الى ترك قراهم سواء في المدن المتركزة على الشريط الساحلي و قرار الهجرة نحو البحر قاصدين بذلك قوارب الموت ” الحرقة ” … أو بالمدن الداخلية او الريفية نحو المدن الأمر الذي تسبب في تناقض كبير وفي إهمال أراض شاسعة لم تجد من يعتني بها كما أن النزوح الجماعي تسبب في تفكيك البنى القبلية والعائلية الموسعة التي كانت تستغل وتدير الأراضي ذات الملكية المشتركة . بحسب معطيات المعهد الوطني للحصاء بلغت معدلات الفقر حسب مكان الاقامة ، 10.1 في الوسط الحضري لترتفع الى معدل 26.0 في الوسط الريفي ولايزال الوسط الغربي الإقليم الأكثر فقرا في تونس حيث سجلت نسبة الفقر فيه 37% سنة 2021 مقابل 30.8% سنة 2015 وبالتالي تبقى الفجوة بينه وبين اقاليم الشريط الساحلي في مستويات مرتفعة.
إن اختلال التوازن التنموي بين الجهات والفئات الاجتماعية التي اصبحت هشة ادى الى تدني القدرة الشرائية للعائلات التونسية وهو وجه بارز من أوجه النمطية الاستعمارية التي مازالت متمركزة في الأنموذج الاقتصادي المتبع و كذلك ذهنية العديد من التونسيين الذين هم في أمس الحاجة لإعادة اكتشاف مجالهم الجغرافي المتنوع وخاصة في القطاع الفلاحي …كقطاع يهم الأمن القومي لا يجب أبداً أن يكون خاضعا لأهواء الحكومات المتعاقبة أو مضاربات المستثمرين او الهياكل الادارية الغير مسؤولة .
الإدارة الغامضة للملف الطاقي
الحديث عن وجود “لوبيات ” تستفيد من موارد الطاقة على حساب المصلحة العامة، هي حقيقة موجودة تؤكدها مؤشرات الوضع العام بالبلاد التي تخفي وجود شبكة من المتورطين في ممارسات مشبوهة في علاقة بالمؤسسات العموميّة التي تعمل في قطاع المحروقات والمعادن و في مجال الطاقة وهذا بالتواطؤ مع شركات إستثمارية متعددة الجنسيات و مقيمين بالخارج وذلك لتمكين الشركات البترولية الأجنبية من التنقيب عن النفط بتونس ونهبه دون تحقيق أي مصالح للجانب التونسي فقطاع الطاقة مليء بصفقات مشبوهة وتجاوزات تنخر المالية العمومية.
المؤشرات التي تتحدث عن ضعف القدرة الإنتاجية النفطية لتونس مقارنة ببقية الدول النفطية المجاورة ترجع المسألة اولا وبالذات الى كيفية إدارة تلك الموارد، فإيرادات النفط والغاز …تبقى ملكا للشعب التونسي وثروة وطنية يجب أن تخضع للمراقبة والتقسيم العادل وهو ما نص عليه الفصل 13 من دستور الثورة على أن ” الثروات الطبيعيّة ملك للشعب التونسي، وتمارس الدولة السيادة عليها باسمه و تعرض عقود الاستثمار المتعلّقة بها على اللجنة المختصّة بمجلس نوّاب الشعب وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة”.
على خلاف مايتم تداوله ، وعلى الرغم من نسب الفقر المرتفعة في البلاد والتي تصل إلى حدود 30 في المئة من السكان، فلدى تونس ثرواتها. والمقصود بالثروات الطبيعية هي تلك التي تمتلك قيمة تبادلية وتحويلية عالية في الأسواق العالمية على غرار النفط، المناجم، الطاقات المتجددة، المياه، والمنتوجات الفلاحية وهنا تشير أرقام وزارة الصناعة التونسية أن إنتاج تونس المرتبط بالنفط وصل خلال سنة 2012 إلى حدود 70 ألف برميل يومياً، و جرى أكثر من 750 عملية تنقيب عن النفط. لكن 115 منها فقط أدت إلى اكتشاف آبار لها قابلية للاستغلال ويستحوذ حقلي “البرمة” و”عشتارت” في جنوب البلاد على ما نسبته 85 في المئة من إنتاج النفط في البلاد، ويصنف البترول التونسي من قبل خبراء النفط على أنه الأعلى جودة في العالم حيث يباع هذا الإنتاج في السوق العالمية خاماً، في حين تستورد البلاد المنتوجات النفطية الأقل جودة ليعاد تكريرها. أما بخصوص الغاز الطبيعي فيصل الإنتاج إلى 56 ألف برميل يومياً اذ تحتكر الشركة البريطانية للغاز (British Gaz ) إنتاج الغاز من خلال استغلالها لحقلي “حنبعل” و”عشتار” وهي تغطي 60 في المئة من الاستهلاك المحلي في حين توفر الجزائر الباقي، فيُشترى منها جزء وتعطي الجزائر جزءاً آخر مجاناً مقابل استعمالها الأراضي التونسية لتصدير الغاز نحو إيطاليا.
تنظم مجلة المحروقات، كل الانشطة المتعلقة بمجال الاستكشاف والبحث عن المحروقات واستغلالها ، وقد دخلت المجلة حيز التنفيذ سنة 2000 بعد أن تم إحداثها سنة 1999 بطلب مباشر من الشركات الأجنبية لتسهيل عمليات منح وإحالة رخص البحث عن النفط، إلا أنّها بقيت كلها تدور في فلك الاتفاقيات الاستعمارية و الشركات المتعددة الجنسيات للاستثمار في قطاع النفط والطاقة مقابل تسهيلات وهذه التسهيلات هي التي أدّت إلى فقدان تونس ممارسة السلطة والسيادة الفعلية على ثرواتها الطبيعية منذ تركزها بالبلاد وخاصة استشراء الفساد في مجال الصفقات و اللزمات فلا يكاد يخلو عقد من عقود الطاقة في تونس من التجاوزات القانونية سواء بعدم احترام المدة القانونية للنشاط أو عدم احترام مساحة الاستغلال أو عدم معرفة المالكين الحقيقيين.
تتوجه أصابع الاتهام إلى الإدارة الغامضة للملف الطاقي حيث تتورط الاتحادات و النقابات ورؤوس نافذة ضالعة في انتشار الفساد في اغلب دواليب الدولة وتعطيل الانتاج و اثقال كاهل الدولة بالإضرابات العشوائية و قطع خطوط و سلاسل التصدير و التوريد و هذا ليس وليد اللحظة بل منذ ابرام الاتفاقيات اللإستعمارية وهو ما يوجب ضرورة مراجعة الاتفاقية الاقتصادية و المالية لما تضمنته من بنود متعسفة والذي بقيت بموجبها الشركات النفطية غير خاضعة إلى الرقابة منذ تأسيسها في الوقت الذي حضيت فيه البلاد بثروة نفطية محترمة ثابتة تاريخا من خلال الصادرات منذ إنضمام تونس سنة 1986 إلى المنظمة العربية للدول المصدرة للنفط حيث قدرت صادرات تونس من المنتجات النفطية ب50 بالمائة في تلك الفترة .
يدار قطاع المحروقات من قبل الشركة التونسية للأنشطة البترولية بالشراكة مع شركات أجنبية حيث تهمين الشركات الأمريكية على الحصة الأكبر بنصيب الاسد من السوق تليها الشركات الأوروبية ، والكندية ثم الأسيوية حيث تحصلت هذه الشركات على عديد الامتيازات خاصة الجبائية و الضريبية منها، كما تم منح بعض الشركات التي لا ترغب في الانضمام إلى قانون 99 الحق في ذلك وبالتالي أي تجديد أو تمديد أو ترخيص للاستغلال، لا يمر بالضرورة عبر البرلمان بل يتم بمجرد قرار من السلطة المركزية .
يرى عديد الخبراء و المختصين في المجال وان مجلة المحروقات التي انشأت منذ سنة 1999 قد جردت الدولة التونسية من كل وسائلها الرقابية على منح الرخص واستغلال الآبار والمحاسبة على الإنتاج وكميات الإنتاج حيث ورد في تقرير لدائرة المحاسبات ان 50 بالمائة من عدادات الإنتاج في حقول النفط في تونس لا عدادات بها وأكثر من ذلك ما تسجله الشركات النفطية من إنتاج لكميات دون أن يكون هناك عداد موازي سواء في النفط أو في الغاز طبق ما توجبه المعايير الدولية في الشفافية في الصناعات الاستخراجية وهو امر على غاية من الدقة و الخطورة خصوصا على مستوى رقابة أو مراجعة فواتير التصدير وكلها طرق تخول للدولة مراقبة كميات الإنتاج إلا أن ذلك لم يتم حتى اليوم فالتعتيم لا يزال يحوم حول “اللغز الكبير” ل بعض حقول النفط ومنها حقل “نوارة” فليست هناك من ارقام رسمية بخصوص كميات الانتاج الحقيقية او طرق التسيير او طرق التحكم .