الأثنين. أكتوبر 7th, 2024

إسلام البياري— أستاذ القانون الدولي وأستاذ ماجستير القانون الدولي الجنائي بجامعة الاستقلال بفلسطين.


خلافاً لما كان يروج له الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب حول حل القضية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية بدون جيش في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقيام مصر بمنح أراض إضافية للفلسطينيين من أجل إنشاء مطار ومصانع وللتبادل التجاري والزراعة دون السماح للفلسطينيين بالعيش فيها والاتفاق على حجم الأراضي وثمنها وكذا إنشاء جسر معلق يربط بين غزة والضفة لتسهيل الحركة.
ولكن السؤال هنا هل يصلح الرئيس الجديد بايدن ما دمره سلفه ترامب بطرح خارطة طريق جديدة تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتعيد ترتيب الوضع بالمنطقة؟ لنعود للوراء عندما قامت اللجنة الرباعية بطرح خارطة الطريق وهو الاسم الذي أطلق على مبادرة السلام في الشرق الأوسط التي اقترحتها اللجنة الرباعية: كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا والأمم المتحدة.
كان هدف المبادرة لبدء محادثات للتوصل إلى حل نهائي لتسوية سلمية من خلال إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، كما اشتملت على ثلاثة تصورات، كان أولها تلبية الشروط المسبقة لإقامة دولة فلسطينية؛ والثاني العمل على إنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة؛ والثالث الوصول إلى اتفاق الوضع الدائم، من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية ذات حدود دائمة وإنهاء الصراع.
أتمنى على الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية عندما تفشل بإقناع المحتل الإسرائيلي ألا تستخدم عبارات أنه لا يوجد شريك فلسطيني
يقول الراحل الدكتور صائب عريقات في كتابه: “دبلوماسية الحصار” عندما تم طرح خارطة الطريق لأول مرة على الفلسطينيين تلقى مكالمة هاتفية من مساعد وزير الخارجة الأميركي ديفيد ساترفليد واجتمع الرئيس الشهيد ياسر عرفات مع ممثلي اللجنة الرباعية في 12 فبراير/شباط 2002، كانت الاستراتيجية الأميركية واضحة وضوح الشمس أن أي طرح لأي عملية سلمية لن يكون قبل موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي عليها، وكانت أيضا مبرراتها أنها مشغولة بالحرب على العراق، وأخيراً في عام 2005 الرئيس الأميركي السابق جورج بوش يبوح للعالم بأن حتى خارطة الطريق المتعلقة بالشرق الأوسط قد لا تتحقق أيضاً بعد 100 عام، إذا لم يتغير الأداء الفلسطيني في مجال الأمن وإنهاء ملف السلاح لدى المنظمات الفلسطينية؟ أعتقد أن خارطة الطريق الجديدة للشرق الأوسط ستكون أعمق من سابقتها لم تقف بالمضمون على إنهاء ما يسمى العنف لفلسطيني، وملف السلاح لدى المنظمات الفلسطينية، إنما سيكون هناك ملف آخر هو تجديد الشرعيات للمؤسسات الفلسطينية من أجل الهروب من الضغوطات التي سوف تمارس على اللجنة الرباعية و الإدارة الأميركية الجديدة من أجل الوفاء بتنفيذ تعهداتها بإنهاء الاحتلال وتطبيق مبدأ حل الدولتين.
لذلك أحاول أن أرجع للوراء بالذاكرة عندما عقد اجتماع الدول المانحة بتاريخ 19 – 20 يناير/ كانون الثاني 2003 بلندن، وهو في الحقيقة كان اجتماعاً دولياً للتدخل في الشأن الفلسطيني من خلال طرح استحداث منصب رئيس الوزراء الفلسطيني، وكان حاضراً في هذا الاجتماع كل من د. سلام فياض ود.نبيل شعت ود.صائب عريقات وياسر عبد ربه، رغم أن الرئيس ياسر عرفات كان يعلم جيدا أن بعض هؤلاء مع طرح استحداث منصب رئيس الوزراء الفلسطيني، رغم أن باعتقادي وإيماني، العملية الديمقراطية حق دستوري ولكن التدخل الخارجي أمر مرفوض عندما يكون الهدف منه هو خلق الانقسام بمؤسسات الدولة وبين أبناء الشعب الفلسطيني وهذا ما حدث بالفعل، لذلك نحن الفلسطينيين ليس المسألة عندنا من أبوها وأمها وأخوها وعمها بخارطة الطريق الجديدة، لذلك إن أرادت الإدارة الأميركية بعث روح جديدة بخارطة طريق، تعيد الحقوق لأصحابها على أساس قرارات الشرعية الدولية، يجب عليها أولا أن تبدأ بالعمل على إقناع المحتل الإسرائيلي بإزالة المستوطنات غير المشروعة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية بالمنطقة، وأن تحترم إرادة الشعوب بالمنطقة، لذلك أتمنى على الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية عندما تفشل بإقناع المحتل الإسرائيلي ألا تستخدم عبارات أنه لا يوجد شريك فلسطيني.
رغم أنني أعرف أن الولايات المتحدة تتبوأ مركز القيادة في كل شيء بعد أن وقعت مجموعة من الدول الأوروبية وهي إيطاليا وإسبانيا، والبرتغال، وبريطانيا، والدنمارك وتشيكيا، وسلوفوكيا، وهنغاريا، وبولندا على وثيقة تقول إن “التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية أهم من الوحدة الأوروبية”.
في نهاية مقالي لا أعتقد أن حماية وتطبيق خارطة الطريق للشرق الأوسط ستكون أهم من حماية دولة الاحتلال الإسرائيلي وأهم من كل الوحدة الأوروبية عند بعض الدول.

By Zouhour Mechergui

Journaliste