الخميس. ديسمبر 26th, 2024

فاتن الجباري.. باحثة بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس

تقديم :

منذ القرن التاسع عشر تحولت البلاد التونسية ، ولأسباب مختلفة الى وجهة للأطماع التوسعية للقوى العظمى فالموقع الجغرافي للقطر التونسي و البحث عن أماكن لإنشاء وكالات للشركات متعددة الجنسيات لعديد القوى الأوروبية ،في مجالات مختلفة ( الصناعات المنجمية، الفسفاط ، الغاز،  الكهرباء ، الرخام ،الجبس، القطاع الزراعي …) هذه الأطماع الخارجية وقعت تتمتها بواسطة عقود ومعاهدات طويلة الأمد ساهمت بشكل كبير في مزيد توطين السياسة الاستعمارية المتواصلة حتى اليوم .

إبان الاستقلال كانت البلاد التونسية بحاجة الى اثبات خطها الراديكالي المناهض للاستعمار .حيث طالبت تونس منذ مؤتمر 1961 بقرارات إكتستأهمية سياسية إقليمية ودولية طالبت من خلالها بالاستقلال الفوري ودون شروط لكل الشعوب الافريقية وبجلاء القوات العسكرية الأجنبية الكامل عن إفريقيا كما عبرت عن تأييدها لمقترح قيام وحدة إفريقية سياسية وإقتصادية على مستوى القارة ومثلت بعض مخرجات هذا المؤتمر نجاحا بالنسبة الى السياسة الخارجية لتونس في وجه السياسة الغربية – الأوروبية المجحفة بحق الشعوب الإفريقية .

ومع تطور مسيرة العلاقات الدولية خلال العقدين الماضيين برز الاتحاد الاوروبي كقوة دولية في نظام عالمي قائم على شكل استعماري جديد سمي” بالاستعمار المقنع “شانها شان بقية الدول الكبرى المشاركة في صنع القرار الدولي وقيادة المجتمع الدولي إلا وأن ماشهدته الساحة الدولية منذ نشأة الحرب الروسية –الأوكرانية  أدت الى قلب النظام القديم من عالم أحادي القطبية إلى صعود القطب الأوحد القطب الصيني الروسي . لم تكن تونس بمنئ عن هذه المتغيرات بل كان لهل نصيب من إنعكاسات علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي و كذلك البنك الدولي  وهو ما يفسر التوجه الجديد الذي تختاره تونس قد يكون بعيدا عن سياسة الحياد الدولي المعروفة عنها .

فحيث تقوم العلاقات الدولية اليوم على مفهوم سياسة المصالح فعلاقة أوروبا بإفريقيا وعلى وجه الخصوص دول شمال افريقيا كانت مبنية بالأساس على الشراكة الأورومتوسطيةتشكل الأوضاع في تونس، برأي محللين، مثالا على ضعف التنسيق بين الدول الأوروبية وتباين سياساتها، ففي الحالة التونسية تتقاطع ملفات عديدة مثل الهجرة غير النظامية الى جانب التحديات الأمنية ومكافحة الارهاب الدولي وإشكالية ازدواجية المعايير في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان مقابل المصالح الاقتصاديةو التي تشكل جانبا رئيسيا من علاقة تونس بالاتحاد الاوروبي وهو مايعكس وان كل انتقال سياسي أو اقتصادي او أمني  يحصل في تونس هو محل اهتمام ومتاعبة  من الاتحاد الاوروبي فما دلالات توصيات البرلمان الأوروبي لأوضاع حقوق الإنسان في تونس؟ وأي ورقة يمتلكها الرئيس سعيّدالذي يواجه انتقادات اوروبية لما يعتبرونها “نزعة سلطوية” في مواجهة هذا التدخل الاجنبي في شؤون بلاده وكيف ستتعامل تونس مع مفاوضات البنك الدولي؟

  1. تونس و الاتحاد الأوروبي: “الشراكة الأورومتوسطية”.

تعتبر العلاقات التونسية مع الاتحاد الاوروبي قديمة وقوية حيث كان اول اتفاق تجاري بين تونس و السوق الاوروبية سنة 1969 تبعها اتفاقية تعاون وفي 1995 اصبحت تونس اول بلد من جنوب المتوسط التي توقع اتفاقية شراكة بخصوص احداث منطقة تجارة حرة بين الجهتين و لا يزال هذا الاتفاق هو الاساس القانوني للتعاون الثنائي علاوة علة الخطة المعروفة ” بخطة عمل الجوار” و التي أنشأت الأهداف الاستراتيجية لهذا التعاون وتم مراجعته سنة 2013 و الهدف الاساسي هو تطوير العلاقات الاقتصادية و التجارية بهدف تنصيب اتفاقية تجارة حرة شاملة ومعمقة .فالاتحاد الاوروبي هو الشريك الاول للتجارة في تونس حيث اعطت المؤشرات وان نسبة 71.3 بالمائة منذ 2011 من صادرات تونس موجهة الى الاتحاد الاوروبي وهو كذلك اكبر مستثمر خارجي في تونس حيث ادى ذلك الى اعفاء المنتجات الصناعية من الرسوم الديوانية  كل ذلك ادى الى انشاءمشروع أوروبا المتوسطي على قاعدة اللاتوازن في المصالح واعتماد ساسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير .

منذ 2021 ظهرت ردود فعل المؤسسات الأوروبية بشكل متفاوت إزاء التطورات التي شهدها مهد “الربيع العربي. إذ اتسمت مواقف البرلمان الأوروبي بخطاب إدانة صريح للتدابير الاستثنائية التي أقدم عليها الرئيس سعيّد والتي أدت إلى إيقاف مسلسل الانتقال الديمقراطي في “البلد الاستثناء” بالمنطقة، وقاطع البرلمان الأوروبي في مراقبة العمليات الانتخابية التي نظمت بدءًا بالاستفتاء على دستور جديد وانتخاب برلمان جديد. بينما تبَنّت المفوضية الأوروبية والدول الرئيسية ذات التأثير الأكبر في العلاقات الأوروبية التونسية وهي فرنسا وإيطاليا وألمانيا، نهجا حذرا يؤلّف بين الدعوة للحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي تحققت في البلاد بعد 2011، ومواصلة الدعم الاقتصادي لتونس ومساعدتها على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي تغرق فيها.

2-خيارات الإتحاد الأوروبي تجاه تونس وخيارات تونس تجاه الإتحاد الأوروبي ؟

في العشرين من مارس 2023 وهو التاريخ الذي يتوافق والذكرى 67 لاستقلال البلاد التونسية ، خصص مجلس الاتحاد الأوروبي حيزا من قمته للتباحث حول الأوضاع في هذا البلد المغاربي، وهي المرة الأولى من نوعها منذ عشرين عاما.

مداولات مجلس الاتحاد الأوروبي لن تنطلق من فراغ، بل مهّد لها البرلمان الأوروبي بتوصيات حادة ضد ” ما اعتبره المجلس النزعة السلطوية لدى الرئيس سعيد وتشمل توصيات البرلمان الأوروبي مستويات عديدة من القضايا السياسية والحقوقية منذ اجراءات جويلية2021 بحل البرلمان وإقالة الحكومة وحل عدد من الهيئات القضائية والدستورية وصولا إلى إيقاف العمل بدستور 2014 ، وسنّ تدابير استثنائية ثم كتابته لدستور جديد وإقرار وصولا الى الانتخابات التشريعية وتنصيب مجلس نواب الشعب .أبرز التوصيات التي حددها  البرلمان الأوروبي تعلقت بإدانة الإجراءات التعسفية للتضييق على الحريات السياسية والنقابية والايقافات التي طالت سياسيين معارضين وإعلاميين. و الدعوة لإطلاق سراحهم كما طالبت المفوضية الأوروبية بتجميد برامج دعم لوزارتي العدل والداخلية الى جانب إدانة البرلمان الأوروبي للإجراءات المتخذة بخصوص المهاجرين الأفارقة، داعياً سلطات البلاد إلى الامتثال للقوانين الدولية.

توصيات البرلمان الأوروبي تعتبر غير مسبوقة إزاء تونس خصوصا بعد تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيببوريل التي اثارت ردود افعال مستنكرة من قبل السلطات التونسية وكذلك اراء الشعب وهو ما سيضع رئيسة المفوضية الأوروبية في موقف أكثر حرجا إذا ما أراد الاتحاد الحفاظ على نفس الإيقاع والصيغة الحذرة التي دأبعلى التعاطي بها إزاء تطورات الأوضاع في تونس. لكن ما دلالات هذه الخطوة بالنسبة للاتحاد الأوروبي؟ وهل تتجاوز سقف توصيات الإدانة وتتحول إلى إجراءات عقابية من البنك الدولي؟ وما هي هوامش التعامل معها من قبل الرئيس سعيّد؟

3-اتحاد أوروبي بسياسة مزدوجة

من المنظور الأوروبي، تضع مقتضيات اتفاقية الشراكةالأورومتوسطية الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وتونس، التي تلتزم وفقها  باحترام الحريات والمكتسبات الديمقراطية كي تحافظ بروكسل من جهتها على إدامة الدعم الاقتصادي والمالي والذي بلغ خلال السنوات العشر الماضية حوالي 3 مليار يورو.

غير أن مناقشة أوضاع تونس هذه المرة بالمجلس الأوروبي تأتي في سياق صعب ذلك أن أوروبا ستوجه بوصلتها نحو الجوار الشرقي للاتحاد أي ان معظم الاعتمادات المالية ستكون موجهة لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية وإعادة إعمارها. وهو إتجاه أكدت عليه المفوضية الأوروبية ومن شأن هذا التوجه أن يطرح إشكالات متزايدة على فرص الدعم الاقتصادي لتونس، ويرفع سقف الأصوات التي تدعو المفوضية لاتخاذ تدابير للضغط على تونس واخضاعها امام شروط البنك الدولي المجحفة بحق البلاد بالمقابل  اثار ذلك انقسامات بين الأوروبيين نظرا لتفاوت نظرتهم ومصالحهم في تونس، وابرزهم ايطاليا و فرنسا وضمنها تأتي ملفات ساخنة مثل الهجرة والأمنحيث عبرت رئيسة ايطاليا عن القلق والمخاوف الشديدة حيال الوضع  فأوروبا معرضة لخطر وصول موجة ضخمة من المهاجرين إلى شواطئها من شمال أفريقيا إذا لم يتم تأمين الاستقرار المالي في تونس.

كما تدافع فرنسا على ضرورة الحفاظ على استقرار تونس كبلد شريك وجار لأوروبا، ودعم اقتصادها كي لا ينهار ولا يتسبب بالتالي في مزيد من الهجرة غير القانونية أو المشاكل الأمنية في منطقة مضطربة أصلا، ويتدفق منها سنويا عشرات الآلاف من المهاجرين غير القانونيين.علاوة على  الدعم الذي وجهته فرنسا الى سياسة قيس سعيد ، حيث اعتبر إيمانويل ماكرون  وأن سعيّد “فعل ما لم يفعله أي مسؤول آخر ألا وهو تحييد الإسلام السياسي وهو ما يحسب له سياسا ” وذلك يصب في اتجاه الرؤية الأمنية للبلدين الأوروبيين الجارين لتونس، وخصوصا إيطاليا التي ترأسها اليمينية جيورجيا ميلوني.

تبدو تونس وفق هذا المنظور  بمثابة منطقة “رخوة يُخشى أن يؤدي تدهورها إلى انهيار إقليمي أوسع” قد تدفع ثمنه دول الجوار في ضفة شمال المتوسط وفي مقدمتها إيطاليا وفرنسا، اللتان تواجهان معضلة إقليمية أوسع تتمثل في تراجع نفوذهما في منطقة شمال أفريقيا وعلى نطاق أوسع بالقارة السمراء تحت وطأة المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة وخصوصا بفعل تداعيات حرب أوكرانيا. كمالا يبدو أن مواقف إيطاليا وفرنسا إزاء تطورات قضايا حقوق الإنسان والهجرة بتونس بمعزل عن كل من فرنسا وايطاليا إزاء حالة الاستقرار الهش التي تعيشها تونس تحت وطأة مشاكل اقتصادية في محيط إقليمي مضطرب، وخصوصا في ليبيا.

 وهذا الامر قد لا يعكس مخاوف شركاءنا التقليديين بقدر مايعكس مصالح الغرب من مواصلة انتهاج سياساتها البراغماتية المقنعة فتونس لطالما اعتبرت شرطي أوروبا الذي يحمي سواحل المتوسط من ادفاق الهجرة و لطالما تركت غنيمة وسط اطماعهم التي تستهدف الثروات والخيرات من تونس منبعا استراتيجيا لأوروبا منذ الحقبة الاستعمارية حتى اليوم وهي اتفاقيات مبطنة للغاية تخفيها فرنسا وتتناساها تونس.

ومن هنا يمكن قراءة سياق ارتفاع أصوات أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا للمطالبة بمواصلة الدعم الاقتصادي لتونس، وكذلك مساعدتها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قروض قيمتها 4 مليار يورو، لحل مشكل الديون والأزمة المالية المتفاقمة علاوة على  الدعم الذي حضي به الرئيس سعيّد من باريس، إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون يرى بأن سعيّد “فعل ما لم يفعله أي مسؤول آخر ألا وهو تحييد الإسلام السياسي وهو ما يحسب له سياسا يصب في اتجاه الرؤية الأمنية للبلدين الأوروبيين الجارين لتونس، وخصوصا إيطاليا التي ترأسها اليمينية جيورجيا ميلوني.

4-إيطاليا تنافس الجميع في المنطقة

الموقف الإيطالي الداعم لتونس يتجاوز ملف الهجرة نحو مجالات أوسع تضمن المصالح الإيطالية في المنطقة ككل فرئيسة الحكومة الإيطالية سبق وأن انتقدت فرنسا بشدة، عبر الدلالة على تاريخها الاستعماري في أفريقيا وملفها في مجال حقوق الإنسان، وهو ما يشير إلى نزوع إيطالي نحو منافسة هذه الأخيرة على أسواقها التقليدية ولا سيما في كل من تونس والجزائر.

ففي تقديرنا الخاص الدعم الإيطالي الكبير لتونس في ملفها الاقتصادي، مرتبط برغبة روما في الحفاظ على مصالحها، باعتبارها الشريك الاقتصادي الأول لتونس في الفضاء الأوروبي متقدمة على فرنسا الشريك التقليدي عقوداً طويلة”. فإيطاليا اليوم  تدعم تونس بقوة رغم عدم موافقة احزاب المعارضة في ايطاليا كالحزب الديمقراطي، الذي يشكل القوة السياسية الثانية في إيطاليا وائتلاف اليسار الأخضرورفض مواقف أوروبية سياسات تونس تجاه احزاب المعارضة في البلادوأيضاً مواقفها بشأن الأفارقة من دول جنوب الصحراء.

ويثير هذا التفاهم المتبادل بين نظام سعيد وإيطاليا أسئلة كثيرة حول خلفياته، فهل حصلت ايطاليا على ضمانات من السلطة التونسية بشأن قبول مشروع تحويل تونس إلى نقطة حدودية متقدمة لحراسة السواحل؟ خصوصا وان الدعم الإيطالي لملف تونس لدى صندوق النقد الدولي سيكون له ثمن.

هل يكترث سعيّد بالتنبيهات الأوروبية؟

رغم اعتماد تونس على الشراكة مع أوروبا والمبادلات معها بحوالي 70 في المائة، لا تبدو التنبيهات السياسية، الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، ذات أثر ملحوظ على العلاقات وتحديدا على نهج الرئيس سعيّد الذي سبق له أن طلب من مبعوثي اللجنة المعروفة باسم “لجنة البندقية”، أي “اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون”، وهي هيئة استشارية تابعة لمجس أوروبا، بسبب انتقادها للتدابير الاستثنائية ومخالفتها للقواعد الديمقراطية والشرعية الدستورية.ما يشير إلى أنه سيغير من نهجه بناء على التنبيهات التي جاءته من الامم المتحدة ، صندوق النقد الدولي و البرلمان الأوروبي.

عدم التدخل الخارجي في شؤون بلاده السيادية ودعوة الاتحاد الاوروبي الى تفهم الوضع الاستثنائي الخصوصي في تونس هي الموقف الرئيسي الذي أعلنه قيس سعيد  في مواجهة أية تدخلات أوروبية أو غربية حول الأوضاع السياسية في بلاده اذ تمتلك تونس ورقة أخرى جيوسياسية في طيات تحالف جزائري –ايطالي لدعم تونس امام الاتحاد الاوروبي و شروط البنك الدولي وياتي ذلك في تحد واضح تجاه السياسة الاستعمارية و التسلطية التي انتهجها الغرب وخاصة فرنسا التي تقود القاطرة الاوروبية والتي تبدي تحفظا حذرا حيال الوضع القائم  . وهذا مايفسر انضمام تونس الى تحالف ثلاثي جديد بين تونس وايطاليا و الجزائر هذا في خضم رؤيا استراتيجية جديدة لاتزال تبنيها تونس وهي الانضمام المعلن الى البريكس الروسي – الصيني في وقت تعرف فيه القارة العجوز مخاوف على مصالحها الاستراتيجية في افريقيا و هي التي كانت تنصب نفسها وصية على ثروات القارة… بما يرغم فرنسا وأوروبا على الدخول بأسلوب جديد تريده تونس ان يقطع نهائيا مع غول الاستعمار الذي كبدها خسائر خانقة طوال سنوات مضت وإملاءات البنك الدولي المجحفةبما يشكل رهاناً قوياً على تونس، وأولوية مطلقة لها في مستوى العلاقات، بقطع النظر عن كل الوضع الحقوقي والسياسي التونسي.

 5- صندوق النقد الدولي

رغم الوضع الاقتصادي الصعب والمتعثر على غرار أغلب دول العالم نتيجة لعوامل خارجية (جائحة كوفيد – 19 والحرب الروسية الأوكرانية) إلا و أن الوضع الحالي في تونس لا يصل الى مرحلة الانهيار ويقوض ذلك تصريحات  مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيببوريل، الذي أعرب عن مخاوف الاتحاد من انهيار الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وفتح الباب على مصراعيه امام المهاجرين غير النظاميين مستبعدا مساعدة تونس إذا لم توقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي. هذا وقد أبدت الخارجية التونسية رفضهالهذه التصريحات مبينة أنها « غير متناسبة سواء بالنظر إلى القدرات الراسخة والمشهود بها عبر التاريخ للشعب التونسي على الصمود، وكذلك في ما يتعلق بالتهديد الذي تمثله الهجرة من دول الجنوب إلى أوروبا .

 الأزمة الاقتصادية الخانقة في أوروبا في تراجع الطلب الخارجي للبلاد خاصة ان تراجع النمو في أوروبا بنقطة يؤدي الى انخفاض النمو بنحو 7،0 بالمائة في تونس ذلك ان تعثّر الاقتصاد في تونس متأت أيضا من عدة أسباب داخلية أهمها توسع العجز الطاقي والتجاري وبالتالي ارتفاع العجز الجاري وتردّي التوازنات المالية العمومية إضافة الى تعمق العجز التجاري الغذائي بسبب انحباس الأمطار وتواتر فترات الجفاف إضافة الى زيادة نسبةالبطالة مما ساهم في إختلال ميزانية الدولة واللجوء نحو تعبئة الموارد عبر القروض الداخلية والخارجية .

تعامل صندوق النقد الدولي مع تونس بسياسة الكيل بمكيالين وعدم منحها التمويلات المنتظرة بقيمة 1.9 مليار دولار على اربع سنوات رغمإستيفاء الشروط وإحترام التعهدات السابقة يبرز من خلال أسلوب البنك الدولي الذي قدّم مؤخرا، قرضا لدولة سريلانكا بنحو 9،2 مليار دولار رغم الصعوبات المالية التي تمر بها .

إملاءات صندوق الدولي، رغم استكمال كل الشروط الفنية المتمثلة في وضع برنامج الإصلاحات المطلوبة والمصادقة على قانون يتعلق بالمؤسسات العمومية وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية في قانون المالية لسنة 2023،لا تزال بحسب موقف البنك رهين التزام تونس بالديمقراطية . إلا وأن الدعم  الذي تبديه بعض الدول الأوروبية وخاصة منها إيطاليا  خاصة وان تونس هي الدولة الأفريقية الأقرب (جغرافياً) إلى إيطاليا كذلك فرنسا و الجانب الأمريكي، المؤثر الأساسي على صندوق النقد الدولي قد يعزز من فرصة حصولها على هذا القرض ،لإيمان هذه الأطراف بمكانة تونس الإستراتيجية وخطر إنزلاقها على مصالح البلدان الأخرى وسعيا منهم لتجنب تكرار حدوث المثال اللبناني في شمال إفريقيا وهو ما يضع الاتحاد الاوروبي في عمق تهديد حقيقي لمصالحه وأهم ركائزه التي يستند عليها في القارة الإفريقية و قلب المتوسط الا وان اللعبة بدأت تتغير .

 

By Zouhour Mechergui

Journaliste