برعاية المجموعة الصينية للإعلام الدولي، وتنظيم مجلة ((الصين اليوم)) ومعهد البحوث والدراسات العربية بجامعة الدول العربية، أقيمت ندوة “واقع وآفاق الشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية في العصر الجديد”، وذلك تزامنا مع انعقاد الدورتين السنويتين لمجلس نواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني. شارك في الندوة، التي عقدت يوم الأربعاء 8 مارس حضوريا في القاهرة بمصر وافتراضيا في الصين وعدد من الدول العربية، نخبة من المسؤولين والخبراء من الصين والدول العربية، وهم: السيد قاو آن مينغ، نائب رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي، السفير جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد تشاو ليانغ، الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر، الدكتور محمد كمال، المدير العام لمعهد البحوث والدراسات العربية، السيد هو باو مين، رئيس دار مجلة ((الصين اليوم))، الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية في تونس، السفير علي الشريف، رئيس اتحاد جمعيات الصداقة العربية- الصينية، الدكتورحسن عبد الله الدعجة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسين بن طلال بالأردن، الدكتور قاسم المحبشي أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة بجامعة عدن، الدكتور حسام الدين سالم جابر، الباحث والمحاضر في العلاقات الدولية بالبحرين، الدكتور ما فو ده الأستاذ في جامعة شيآن للدراسات الدولية بالصين، الأستاذ أحمد سلام، المستشار الإعلامي السابق بسفارة مصر لدى الصين، الدكتور حسام الدين جابر سالم، الباحث والمحاضر في العلاقات الدولية من البحرين، الأستاذ وارف قميحة، رئيس جمعية طريق الحوار اللبناني- الصيني.
افتتح الندوة الأستاذ حسين إسماعيل، نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة ((الصين اليوم)) بكلمة أكد فيها على أهمية انعقاد الندوة بالتزامن مع انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني والدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وهو الحدث الذي يعرف اختصارا بـاسم “الدورتين”. وقال إن يأتي انعقاد “الدورتين” هذا العام بعد أن أعلنت الصين في السادس والعشرين من ديسمبر 2022 تعديل إجراءات الاستجابة لكوفيد- 19، واعتبارا من الثامن من يناير 2023، خفضت الصين مستوى إدارة المرض من الفئة “أ” إلى الفئة “ب”، وفقا لقانون البلاد بشأن الوقاية من الأمراض المعدية وعلاجها. ومع استمرار وميض علامات التحذير من ركود الاقتصاد العالمي، فإن إرهاصات انتعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم في بداية العام هي إشارات إيجابية للعالم أجمع. كما تأتي الدورتان هذا العام بعد نحو أربعة أشهر من انعقاد القمة الصينية- العربية الأولى في الرياض في ديسمبر 2022، والتي مثّلت انطلاقة أخرى نحو مستقبل أكثر إشراقا لعلاقات الجانبين الصيني والعربي.
وفي كلمته، قال السيد قاو آن مينغ، إن العلاقات بين الصين والدول العربية لها تاريخ عريق، فقد شهد طريق الحرير قبل ألفي عام تبادلات ودية بين الصين والدول العربية. كما حققت أيضا الشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية طفرة كبيرة وقفزة هائلة منذ دخولها العصر الجديد. وفي عام 2013، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة بناء “الحزام والطريق” بشكل مشترك، وقد لقيت هذه الخطة العظيمة دعما واسعا ومشاركة فاعلة من المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية، مما أدى إلى تحقيق نتائج مثمرة. وفي مطلع ديسمبر 2022، عقدت القمة الصينية- العربية الأولى في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، وأصدرت القمة ((إعلان الرياض)) الذي تضمن آفاقا أكمل وأوسع لمستقبل التعاون بين الصين والدول العربية. كما اقترح الرئيس شي أثناء القمة “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون البراغماتي الصيني- العربي من أجل التنمية المستقبلية للعلاقات الصينية- العربية.
وأكد السفير جمال رشدي، على أن التعاون العربي- الصيني ليس موجها ضد أي طرف، فهو نابعا أساسا من المصلحة المشتركة ومن رؤية لدى الجانبين بأن هذا التعاون مفيد أيضا للسلام العالمي ويفيد ويركز على موضوعات لا تهم الجانبين فحسب، وإنما أيضا تهم العالم، مثل موضوعات التغير المناخي أو التنمية الخضراء أو غير ذلك، فهو تعاون لصالح الشعوب العربية والشعب الصيني.
وفي كلمته، أكد المستشار تشاو ليانغ، على ضرورة الالتزام بالاستقلالية والمحافظة على المصالح المشتركة وتكريس روح الصداقة الصينية- العربية المتمثلة، في التآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة، وتكريس روح “إعلان الرياض”، حيث يحرص الجانب الصيني على تعميق الثقة الإستراتيجية مع الجانب العربي ويدعم بثبات جهوده في المحافظة على سيادته وسلامة أراضيه وكرامته الوطنية. كما يجب على الجانبين التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعددية الحقيقية، حفاظا على الحقوق والمصالح المشروعة للبلدان النامية. ودعا إلى ضرورة التركيز على التنمية الاقتصادية وتدعيم التعاون والكسب المشترك، وقال إن “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون العملي الصيني- العربي التي طرها الرئيس شي جين بينغ تشتمل على 56 إجراء تعاون في 8 مجالات، مثل دعم التنمية والأمن الغذائي والصحة، الأمر الذي يتفق مع حاجات الجانب العربي وانشغاله في مجال التنمية، كما يحرص الجانب الصيني على إقامة آليات العمل الفعالة لتنفيذ إجراءات التعاون بما يعود بالخير على شعوب الجانبين بشكل أفضل.
وقال الدكتور محمد كمال، إن هناك توافقا بين الصين والعالم العربي بشأن السعي المشترك لبناء نظام دولي جديد، ومن المهم للجانبين العربي والصيني طرح أفكار دولية أكثر تعددية. وقال إن تصعيد التنافس بين الدول الكبرى ليس في مصلحة الدول العربية ودول العالم. ومن المهم رفض فكرة صراع الحضارات وتبني فكرة التعاون بين الحضارات المختلفة.
من جانبه قال السيد هو باو مين، إنه في السنوات الأخيرة، في ظل القيادة الحكيمة للرئيس شي جين بينغ، شهدت الصين تغيرات جوهرية وحققت إنجازات تاريخية. وقد واكبت ((الصين اليوم)) تغيرات العصر الجديد، فطورت وأنشأت مركز إعلام أوروبا الغربية وأفريقيا في عام 2021. وفي الوقت الراهن، يغطي نطاق الإعلام الدولي الصيني أوروبا الغربية والشرق الأوسط وأفريقيا، ويصدر مركز إعلام أوروبا الغربية وأفريقيا سبع مطبوعات ورقية، منها مجلة ((الصين اليوم)) بالصينية والإنجليزية والفرنسية والعربية والتركية، ومجلة ((China Africa)) باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وسبع مطبوعات على الإنترنت بخمس لغات هي: الصينية والإنجليزية والفرنسية والعربية والألمانية.
واستعرض السفير علي الشريف نشاطات اتحاد جمعيات الصداقة العربية- الصينية، مشيرا إلى أنه سيتم تنظيم معسكر في الصين لشبابا من الدول العربية في النصف الثاني من هذا العام. وقال إنه يتفق مع الدكتور محمد كمال في ضرورة إقامة نظام دولي جديد قائم على العدالة والاستقرار، وأضاف أن مبادرة “الحزام والطريق” تقوي العلاقات بين الدول العربية والصين، منوها إلى أن الصين تتبنى موقفا مؤيدا بقوة للحقوق الفلسطينية المشروعة، وشريك سياسي وتجاري مهم للدول العربية.
من جانبها، قالت الدكتورة بدرة قعلول: “نبدأ كلمتنا بالتزامن مع انعقاد الدورتين السنويتين لمجلس نواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، مما يبرهن على الإرادة المشتركة للانطلاق نحو استشراف مستقبل يرتكز على القيم التي تجمع الأمتين الصينية والعربية، وعلى تعاون مثمر ونزيه يقوم على مبدأ ’رابح- رابح‘.” وأضافت الخبيرة التونسية قائلة: ” أعبر عن مدى تقديرنا واحترامنا للدور التوجيهي لفكر الزعيم الصيني شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وحول رؤيته لإرساء علاقات دولية عادلة نزيهة متكافئة نقوم مبادئ الأمم المتحدة وعلى المبادئ الإنسانية، بعيدا عن الهيمنة والاستغلال وإرساء مبدأ “’رابح- رابح‘”، منوهة إلى أنه خلال مسيرة التاريخ، ظلت الصين والدول العربية في مقدمة الركب للتواصل الودي بين شعوب العالم، وظل السلام والتعاون والانفتاح والاحترام والاستفادة المتبادلة عنوانا رئيسيا للتواصل الصيني- العربي، وهو عنوان للاحترام والشراكة المتبادلة.
واستعرض الدكتور حسن عبد الله الدعجة، تاريخ العلاقات العربية- الصينية، منوها إلى الطبيعة التعاونية والتشاركية لتلك العلاقات التي لعب طريق الحرير دورا بالغ الأهمية فيها
وأشار الدكتور قاسم المحبشي، إلى أن الصين لديها خبرة في التعامل والتعايش، نظرا لتاريخها الطويل وتعدد قومياتها، وهي من الدول التي حافظت على قيمها وتاريخها و لغتها، ولا تشكل صراعا مع الدول الأخرى وتدعم المواقف السلمية.
وقال الأستاذ أحمد سلام، إن السنوات الأخيرة شهدت تعمق التعاون بين الصين والدول العربية على نحو مطرد، ليستشرف آفاقا واعدة. وقد أكدت وثائق القمة العربية- الصينية الأولى الانطلاق إلى آفاق أرحب، ارتكازا على ما يجمع بين الدول العربية والصين من رغبة في توثيق أطر العلاقات المشتركة بما يتناسب مع معطيات العصر، ومع ما يمتلكه الطرفان من إمكانيات بشرية وموارد طبيعية هائلة، وحرص متبادل على تحقيق نوع من التكامل في مختلف المجالات، في ظل عالم تتسارع فيه بشكل واضح خطى التعاون شرقا وغربا.
وقال الدكتور حسام الدين جابر سالم، إنه رغم الإشارة إلى أهمية النفط والطاقة في العلاقات الخليجية- الصينية، فإن هذه العلاقات أكثر تنوعا وعمقا من ذلك، سواء في مجال البنية التحتية أو التكنولوجيا الرقمية والاستثمارات وتجارة السلع والخدمات ومجالات الدفاع والأمن. وأضاف: “كما زادت زيارة الرئيس الصيني للسعودية من شعبية الصين في الأوساط العربية والخليجية خاصة، في ظل عدم وجود أي خبرات سابقة لاحتلال او سياسات اضطهاد من الجانب الصيني في المجتمعات العربية والخليجية.”
واستعرض الدكتور ما فو ده، تطور العلاقات التجارية بين الصين والدول العربية خلال السنوات الأخيرة، مشيرا بالأرقام إلى الزيادة الملحوظة في حجم التبادلات التجارية بين الجانبين.
وقال الأستاذ وارف قميحة، إن جمهورية الصين الشعبية تلتزم دوما بمقاصد سياستها الخارجية، المتمثلة في المحافظة على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، والعمل على الدفع ببناء مجتمع المصير المشترك للبشرية؛ كما تنتهج الصين السياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتطور التعاون الودي مع كافة الدول على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتتمسك بالسياسة الوطنية الأساسية للانفتاح على الخارج، وتشارك بنشاط في إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، وتكرس القيم المشتركة للبشرية، بما يوفر فرصا جديدة لدول العالم بما فيها لبنان.
حضر الندوة التي أدارها الدكتور أحمد السعيد الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكم للثقافة، لفيف من الباحثين والخبراء والصحفيين،وحظيت بتغطية إعلامية عربية واسعة النطاق.