الثلاثاء. ديسمبر 24th, 2024

فاتن جباري باحثة بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية و العسكرية .

فى الثامن من مارس كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، في مختلف البلدان وذلك تقديرا لدورها وجهودها في المجتمع وأيضا إنجازاتها في شتى المجالات البحثية و العلمية و الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والفنية و حتى الامنية وغيرها، فتحتفل الأمم المتحدة بهذا العيد فيما يتعلق بقضية أو حملة أو موضوع معين في حقوق المرأة، فهو يوم عطلة رسمية في بعض بلدان العالم.

مجلة الاحوال الشخصية

صدرت مجلة الأحوال الشخصية بموجب الأمر العلي المؤرخ في 13 أغسطس 1956 ودخلت حيز النفاذ في غرة جانفي 1957. وهي اول نص صدرت بعد الاستقلال في 20 مارس 1956وتهدف المجلة إلى إقامة المساواة بين الرجل والمرأة في عدة مجالات. إذ أعطت للمرأة مكانة هامة في المجتمع التونسي خصوصا والوطن العربي عموما، حيث تم إلغاء تعدد الزوجات ووضع مسار إجراءات قضائية للطلاق واشتراط رضاء الزوجين لإتمام الزواج.
وقد سعت المجلة للتوفيق بين تعاليم الدين الإسلامي الحنيف إذ شارك في صياغتها العديد من كبار علماء وشيوخ تونس من جامع الزيتونة وعلى رأسهم الشيخ محمد الفضال بن عاشور الذي كان عضو لجنة الصياغة أو تم استشارتهم في بعض أحكامها كالعلامة محمد الطاهر بن عاشور ومفتي الديار التونسية الشيخ محمد عبد العزيز جعيط، وبين مقتضيات الحداثة الناجمة عن التفاعلات والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، علاوة على استنادها على مبادئ الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية.
تم تنقيحها عشر مرات منذ صدورها لعل أهمها بموجب القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993.

  • مكانة المرأة في المحيط الدولي ؟

إعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في 20 ديسمبر 1993 بموجب القرار عدد 48/104 وعَرَفتْ المادة الأولى منه مصطلح  العنف ضد المرأةبأنه  كل فعل عنيف تدفع إليه عصبية للجنس ويترتب عليه ,أو يرجع أن يترتب عليه ,أذى أو معاناة للمرأة ,سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية ,سواء حدث ذلك في الحياة العامة والخاصة.

رغم التطورات الكُبرى التي شهدها واقع المرأة دولياً منذ عقود إلاّ أنه ما زال العنف ضد المرأة وصمة عار في جبين الإنسانية، فواقع الإنسانية يقول: إنَّ من بين كل ثلاث نسوة في العالم تتعرض واحدة على الأقل في حياتها للعنف، وهناك أكثر من 60 مليون أنثى حُرمن من الحياة جراء عمليات الإجهاض الانتقائية الرامية إلى التخلص منهن ومن جنينهن. ترتفع هذه النسب بشكل مريع جراء ما تعانيهالمرأة في العالم من مخلفات الحروب و الصراعات و الدمار و الفقر حنى اصبحت النساء اللاجئات بأطفالهن و المهاجرات عرضة الى الاتجار بهن وبيعهن في سوق النخاسة و استعمالهن في بؤر الدعارة و مختلف الجرائم التي تعرض حياتهن و كرامتهن للخطر .

ولا يمر عام إلا وتتعرض الآلاف من النسوة للاغتصاب على أيدي الأقرباء أو الأصدقاء أو الغرباء أو أرباب العمل أو الزملاء في العمل أو جنود وأفراد الجماعات الإرهابية المسلحة! وتحت مسميات أخرى كملك اليمين” ونكاح الجهاد” وغيرها.أما العنف العائلي فقد صار هو الآخر بلاءً مستوطنًا في جميع أنحاء العالم والأغلبية الساحقة من ضحاياه هم من النساء والفتيات، وكثيرًا ما يربط بعض الناس العنف ضد المرأة بالدين الإسلامي إلا أنه كالإرهاب لا دين له فهو غير مرتبط بدين ولا بلد، ففي الولايات المتحدة -مثلاً- تشكّل النساء نحو أكثر من 80% من ضحايا العنف المنزلي، وضحايا الاغتصاب والإجهاض ليست ببعيدة عن مثل هذه البلدان.

  • نواقيس الخطر في تونس تدق رغم ترسانة من القوانين الحمائية؟

ظاهرة العنف استفحلت في تونس حتى أصبحت هاجسا يؤرق جزءا من التونسيين الذين فقدوا الإحساس بالأمان كما أصبح العنف عقيدة الجزء الآخر من الشعب وآليته الوحيدة للتعبير حتى أن الامر تطور وبلغ حد تصدير العنف إلى ساحات قتال خارجية

اللافت في ظاهرة العنف في تونس أنها امتدت على نسبة عالية من فئة الشباب حتى أن العنف أصبح السمة الطاغية على هذه الفئة. وهو ما جعل الخبراء يدقون ناقوس الخطر إيذانا بضرورة التحرك لتطويق هذه الظاهرة والبحث في اسباب تشكّلها وآليات تفكيكها

بعض الارقام والاحصائيات المتعلقة بهذه الظاهرة تؤكد أن نسبة قضايا العنف في تونس بلغت 25 بالمائة من مجموع القضايا في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2017. حيث تكشف التقارير ”،أن المجموع العام لقضايا العنف في تونس تجاوز في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020 أكثر من 700 ألف قضية مسجلة، أي بمعدل 40% من العدد الجملي للقضاياوهو ما يعكس ارتفاع مؤشر العنف بالبلاد.

أن ما يُلاحظ هو وجود جرائم مجانية في الفضاء العام فيها الكثير من المشهديّة  وهي جرائم مجانية بلا تاريخ او أسباب واضحة وتحمل الكثير من التوحّش كما اعتبر ان ما أصبح يُميّز الجريمة هو تداخل المرجعيات فهناك جرائم لها مرجعية تقليدية مثل “جرائم العروشية “ وهناك جرائم حداثية مثل قتل الاخ لأخيه وقتل الزوجة لزوجها والزوج لزوجته .حيث تحوّلت العائلة من إطار يحمي الفرد من الجريمة إلى مصدر للجريمة .كما ان مسألة العنف المسلط على النساء إذا ظاهرة خطيرة وتتطلب النظر فيها بأكثر جدية وأغلب ضحاياه يكشفن عن العنف المادي وقد لا يتحدثن عن بقية أصناف العنف ذلك أن العنف بمعناه الشامل والذي يشمل العنف والتحرش الجنسي والعنف الاقتصادي والسياسي لا يزال التبليغ عنه ضعيفا ومن هنا لم نصل بعد إلى درجة الوعي للمعالجة والإحاطة بالنساء المعنفات والمتابعة النفسية لهن ولأطفالهن.

لا مساواة بين الجنسين

وتقيّم المنظمة هذا العام التقدم الذي أحرزه العالم في ما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين وذلك بمناسبة مرور 25 عاما على إعلان بكين في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، والذي يعتبر خارطة الطريق للنهوض بأوضاع النساء والفتيات.ورغم إحراز بعض التقدم إلا أن التغيير الحقيقي كان بطيئا بشكل مؤلم بالنسبة لغالبية النساء والفتيات في العالم.” وأنه لا يمكن لبلد واحد أن يدعي أنه حقق المساواة بين الجنسين بالكامل.

ان تحديد العنف لا يزال طبق التعريف القديم الكلاسيكي وهو ما تعكسه الأرقام الحالية فقانون مناهضة العنف ضد المرأة جاء ليكون أشمل ولحماية النساء والأسرة إلا أننا بعيدون عن الأهداف التي وضع من أجلها ذلك أن الأرقام تكشف حقيقة مفزعة وهو ما يستدعي معالجة ظاهرة العنف والإحاطة بالنساء أكثر ومحاولات إيواء الضحايا وتوفير المعالجة النفسية لهن لأن هذا هو المطلوب خاصة وأن ظاهرة العنف تؤثر على التنمية وتمس الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان وبات بالتالي من الضروري تطبيق الدستور التونسي ووضع الآليات لحماية الحقوق الاقتصادية للنساء.

By Zouhour Mechergui

Journaliste