الأحد. نوفمبر 24th, 2024

ضمن فعالية ختام 16 يوم ل “مناهضة العنف ضد المرأة”، نظم “تحالف نساء من أجل السلام في اليمن”،فعالية مميزةعن واقع المرأة العربية بعد سنوات من الحرب والصراع، بحضور كوكبة من القيادات النسوية العربية من اليمن وسوريا وليبيا والأردن وتونس ومصر.

كان في الإعداد وإدارة الفعالية الأستاذة نورا الجروي رئيسة التحالف، أ. عبدالكريم الآنسي إعلامي وناشط حقوقي، د. طه الهمداني متداخل وأحد الفاعلين.

الندوة حملت ثراءًامعرفيًا كبيرًا برغم مأساوية ما طرح، إلا أنه كشف جانب مظلم جدًا عن واقع المرأة العربية وعلاقتها بالرجل والمجتمع وكذلك الأنظمة عمومًا، والتبعات التي تتحملها المرأة بمختلف أعمارها ولونها نتيجة للصراعات والحروب والثارات والعادات والتقاليد، وعدم إعمال القوانين والتشريعات، وكذلك الاتكاء على موروث أقل ما يمكن وصفه أنه مفخخ لا علاقة له برسالة الإسلام ولا المنطق ولا العدل والكرامة ولا الحرية ولا المساواة.

  • سبعة ناشطات وأوراق مهمة

أوراق العمل قدمت من قبل نورا الجروي رئيس “تحالف نساء من أجل السلام في اليمن” والتي ظلت حاضرة طيلة الندوة تضع المداخلات والاضافات والعديد من النقاط، أ. لبنى القدسي محامية نائب مدير الإدارة القانونية باللجنة الوطنية للمرأة، أ. دينا فايز رئيس نادي السيدات الخيري البريطاني، أ. فاطمة غندور أكاديمية ومدير عام ميادين للصحافة والنش ليبيا، أ. صباح موسى صحفية وناشطة مصرية متخصصة في شؤون السودان، د. عزيزة أحمد عوني سفير السلام لدى الأمم المتحدة، أ. نسرين الصبيحي نعمان مخرجة وصانعة أفلام وثائقية اغلبها عن معاناة المرأة.

بداية تحدثت الجروي عن حال المرأة في اليوم العالمي كمدخل لبداية الفعالية، كما رحبت بجميع المشاركات عن واقع المرأة،واستعرضت جزء ما بعد الصراع والحرب وكيف تراجع وضع المرأة في دول كثيرة من ضمنها اليمن.

وذكرت بأن هذه الفعالية تأتي وهناك ما يقارب (1081) امرأة معتقلة لدى مليشيا الحوثي إضافة إلى أحكام الإعدام، متمنية الخروج بتوصيات جادة وفاعلة حتى تتكلل مثل هذه الفعاليات بالنجاح والاستدامة.

كما أشارت إلى أن هناك توجه أو محاولة للخروج بتكتل نسوي من جميع نساءالوطن العربي الأمر الذي طرحه الأستاذ عبد الكريم الآنسي أيضًا.

  •  من التنظير إلى العمل

ورقة فاطمة غندور من ليبيا. الحقيقة حملت الورقة لغة مباشرة،وقد سعت من خلالها الدعوة إلى تأطير العمل وجعله واقعًا، وتجنب لغة التنظير الذي عادة ما يظل حبيس الورق، وقد ذكرت أن الجميع في مرحلة؛ بقدر ما يقدَّم من خلال الأنشطة إلا أنه ما نزال بحاجة لجهودحقيقة لإثبات ذواتنا.

وقد عرجت على نموذج (نظام ليبيا)، وكيف كانت المعلومات غائبة خلال العقود الماضية في مجتمع وصفته بالمحافظ، والذي لا يعالج الكثير من الحالات. ناهيك عن تضخيم السلطة دائمًا بأن الأمور بخير.

تقول: قاربتُ كثير من القضايا، منها: اغتصاب المرأة وكذلك العنف الممارس داخل المنزل وغيره من التجاوزات التي تعتبر بمثابة ظلم واضح لشخص المرأة وكرامتها، كما تم معالجة الكثير من الأمور التي لم تكن مطروحة، وقد تم الاشتغال عليها كثيرًا.

ثم أتت على ذكر قضايا متنوعة، منها زواج القاصرات وضرورة الاشتغال النسوي على ذلك، والشغل الإعلامي،وكل هذا بحسب قولها يدعم المرأة، وقد ارتفعت العديد من الأصوات خلال السنوات الأخيرة، وهناك سيدات ناضلن وتم اغتيال الكثير منهن، وقد قدمن اثمانًا غالية وهن يمهدن الطريق إلى الحرية والتوعية.

أيضًا تطرقت للجانب السلبي الذي تعكسه بعض النساء نتيجة للواقع، حيث أن هناك العديد منهن يستسلمن للأمر الواقع، أو يتقاعسن عن جهل ولعدم درايتهن أو وجود من يدعمهن بالتوعية للتعرف على حقوقهن والتمسك بها كونها ثوابت لا يجب التفريط بها.

تضيف عندور. بأنهن ذهبناباتجاه مجتمع مدني، ودعونا إلى التشبيك والتعاون بين النساء، وهناك مدن ما زالت تتعلم الدرس وأخرى ما زلن في طور البداية، فبعضهن يسمعن عبارة “المجتمع المدني” لأول مرة.

وتؤكد على أنها قامت بالاشتغال على تدريب العديد منهن وبعض الإعلاميين، مبينة أنه يجب سماع صوت المرأة. الأمر يتطلب ثقافة مجتمعية حيث لا يكفي أن نتحدث أو نركز على الجانب الإغاثي دون التطرق لدور المرأة وما تتعرض له من انتهاكات جسيمة.

كما أكدت على غياب دور النساء وروح العمل عن كثير من النقابات المناهضة للعنف اللفظي والجسدي، وكشفت أن الرجل أيضا يتحمل تبعات وهو مساءل دائما ويتعرض للكثير من العنف، فالرجال دافعوا وضحوا بالمقاتلين بالمقابل هناك نساء رملت.

في الختام أكدت أنها شاهدت نساء يرفعن أصواتهن واخريات يقمن بالمظاهرات يطالبن بحقوقهن وهذا لم يشاهد من قبل، لذا ينبغي ألا تنكفئ المرأة في وقت التصويت والعمل،ويجب مناهضة العنف من خلال آليات كجزء من المعالجات الضرورية.

الأمر الأهم التي تطرقت إليه غندور، عملية”اظهار المرأة لقصصها” من أجل الأجيال القادمة، وفهم طبيعة الصراع من أجل التغيير، ولا بد من تواجدها في المكتبات والنوادي حتى تبرز ذاتها وكيانها. تقول. هذه خطوط عريضةفأنا أخشى من الجانب التنظيري دون الفعل على الأرض وسرد التجارب.

كما تحدثت عن المرأة الريفية وكيف تعمل بكد وتعب، متشاركة مع الرجل ولم تكن تطرح السؤال حول التمرد أو غيره من أشكال الدعوات التي تبحث عن دور للمرأة في كل مكان.

  • المرأة اليمنية تستحق أن تعيش

في الورقة الثانية للناشطةلبنى القدسي والتي توقفت عند قضاياونقاط مهمة، حول تبعات الحرب والنزاع المسلح داخل اليمن، وكيف أفرز العديد من الانتهاكات الإضافية على الجنسين، ونتيجة لفقدان معظم الخدمات؛ ما أدى إلى حالة من الإحباط والعنف في إطار الأسرة، والقتل المباشر والنزوح، وتسرب كبير من التعليم، وارتفاع نسبة زواج القاصرات والزواج الاجباري، والاعتقالات والاختطافات على خلفية النزاع السياسي.

ناهيك عن فقدان الرعاية الصحية وموت الأجنة بسبب سوء التغذية. تقول كل ذلك تحملته المرأة، إضافة إلى الضرب المبرح، والاعتداء على الناشطات، والترهيب والتخويف، وكذلك حالات الطلاق، وحرمان الكثير من النساء من أولادهن أو ابتزازهن وكذلك حرمانهن من الميراث.

الأخطر من ذلك حسب قولها: تقييد لحرية التنقل بين المحافظات والاستجوابات في كثير من الأحيان، والزام النساء بالتحرك ومعها محرم أي مرافق قريب لها. وتحدثت عن مظاهر عديدة تعرضت لها المرأة كمظهر من مظاهر العنف، على سبيل المثال فصلها من العمل أو فقدانها وظيفتهاوعملها بسبب النزاعواضطرارها للنزوح من منطقة إلى أخرى وأحيانا خارج البلد.

تقول. المشكلة أن هناك بعض مظاهر العنف تتقبله المرأة لأسباب بيئية عديدة لا تستطيع تجاوزها أو غير قادرة على مواجهتها بسبب نظرة المجتمع وكذلك قصور في التشريعات أو تطبيقها.

هذه النقطة تحديدًا كان هناك إجماع كبير عليها من قبل المشاركات بشكل عام في اطار الأوراق المقدمة وهو جهل المرأة حقوقها وذاتها، سواء عن ليبيا أو السودان أو اليمن وكثير من البلدان العربي وهذا بسبب الأمية والجهل بشكل دقيق والتباس بعض المورثات التي تصبح ثوابت.

النقطة الأخرى التي تشاركت فيها (غندور والقدسي) محدودية المنظمات الاغاثية التي تهتم كثيرًا بالمساعدات الإنسانية العينية والمادية دون الالتفات لوضع المرأة المزر ومحاولة معالجته وهو من صمم العمل الإنساني.

وأخيرًا أكدت أن الأمر بحاجة إلى دراسات مستفيضة حول العنف وعمل البرامج والمعالجات، واشارات إلى أن اتجاه المنظمات نحو الجانب الإغاثي لا يكفي ويجب عمل برامج حماية تعمل على مساعدة النساء على حقوقها ورفض مظاهر العنف ومعاقبة الجاني، وكذلك إيجاد إجراءات صارمة لمن يعنف المرأةأيا كان. نحن بحاجة لدولة ولتفعيل القانون للحد من كل هذه الانتهاكات، ونحتاج لمراكز تقدم استشارات للنساء حول كيفية المطالبة بحقوقهن والدفاع عن أنفسهن.

  • العنف المقدس والايديولوجيات

بالنسبة لورقة د. عزيزة أحمد عوني من تونس فقد دارت حول العنف القائم على النوع الاجتماعي، موضحة أنه يجب كشف الصورة النمطية التي تعاني منها المرأةوالتي يجب أن تتغير بشكل كامل، لأن العنف ضد المرأة يعرضها للكثير من الأضرار والمتاعب، وهو ويشمل التهديد والحرمان والكبت حسب طرحها.

عوني حاولت تقديم بعض التعريفات في هذا الجانب، أي العنف ضد المرأة!. والتي وردت في لوائح الأمم المتحدة وما يترتب عليها من تعب شديد على المرأة، كما أوردت أن من أسباب العنف التمييز وعدم المساواة، وبسبب الازمات والحرب يتضاعف العنف بنسب كبيرة وهذا يمس الصحة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وحددت أن (تونس) في المرحلة رقم 124 فيما يعرفبالعنف أو الفجوة المبنية على النوع الاجتماعي والمرتبة رقم 95 في عدم المساواة.

في السياق ذاته أشارت إلى أن وتيرة العنف ضد المرأة تختلف باختلاف الأيديولوجيات، وفي الفترة الأخيرة تعرضت المرأة لكثير من العنف، بسبب ارتفاع نسب البطالة وهذا ينعكس على المرأة مباشرة وعلاقتها بمحيطها.

وهناك عوامل أخرى ساهمتفي ارتفاع العنف والتي منهاانتشار المخدرات أوساط الشباب ما أدى إلى القتل والاغتصاب والعنف المنزلي وهناك ظاهرة أخرى وهي سكوت المرأة نفسها المتواصل عندما تتعرض للعنف من قبل الزوج مثلًا ويسمى هذا بالعنف بالمقدس.

ظاهرة الزواج المبكر أو القسري كانا لهما نصيب في الطرح وهو منتشر في كثير من الدول العربية وخاصة التي وقعت فيها نزاعات مسلحة، لكن على مستوى تونس تشير إلى أن هناك إيجابيات فمؤخرًا بدأ نقاش كثير من المواضيع والظواهر تحت قبة البرلمان بسبب تواجد نسبة كبيرة للمرأة فيه. وهناك تحقيق مبدا التنافس في الوزارات.

وذكرت في ختام ورقتها أن هناك العديد من المفاهيم المغلوطة التي ساهمت وتساهم في تصاعد حدة العنف مؤكد على أن العنف يبقى عنف وليس له مبررات أو مدلولات ولذلك لا بد من الدعوةلمحاربته واحتوائه، فالمرأة نصف المجتمع والآياتالقرآنية تثبت ذلك وهناك سورة كاملة باسمها أتت لتكرم المرأة.

صناعة الأفلام طريق ذكية لكشف ومناهضة العنف

ورقة نسرين الصبيحي من الأردن صانعة أفلام ومن أهم الناشطات العربيات التي زرن اليمن في العهد القريب، وخرجن بانطباعات مخيفة، حسب ما أوردت من تفاصيل ومفاهيم ربما لم تكن تتوقع الاصطدام بها أو بالأصح لم يخطر على بالها أن ترى مثل هذا التفكير القائم على العنف والاقصاء الذي قد يصل على حد قتل المرأة لأسباب مختلفة ومنها أنها عورة وفتنة.

الصبيحي خصصت ورقتها للحديث أو تناول العنف من خلال زيارتها لليمن والريف على وجه الخصوص، وأوضحت أن هناك أشكال عديدة من العنف يمارس ضد المرأة الريفية، وأنها سوف تورد بعض مما حاولت توثيقه من ممارسات وجوع ممنهج تقوم بها مليشيا الحوثي في مناطق عديدة أهمها محافظة حجة وصعدة ومن ثم تعز.

تقول: هناك أنواع عديدة من العنف الذي يمارس ضد المرأة التي لا تعرف في كثير من الأحيان تاريخ ميلاده، ويتم اجبارها على الزواج وعلى الانجاب في نفس الوقت على حساب صحتها وبنيتها ومستقبلها.

الأمر يتجاوز ذلك فهي تبين أنه من غير الممكن استخدام حبوب أو وسائل منع الحمل لأن هناك حاجة للأنجاب، وفي حال توقف ذلك فإن الزوج أمام خيار الزواج من ثانية وثالثة، أي أن العلاقة أو النظرة هنا تجاه المرأة قائمة على أنها آلة أو أداة انجاب لا أكثر.

ومن المشاهد الغريبة في محافظة صعد تقول: وصلت المدينة ولم أرى امرأة واحدة فسألت بتعجب أين النساء؟.، فكان الجواب أن المرأة من بيتها على قبرها. حتى أنه تم الاعتذار عن عدم دخولها المطعم أثناء الغداء بحجة أنهم لا يستقبلون عوائل ولا يوجد قسم لذلك، رغم أنها كانت تلبس البالطو والخمار واللثام وكل شيء يجعلها تظهر في كامل حفاظها.

ومما واجهته اثناء التصوير بصعدة القديمة أحدهم يسأل من هذه ثم بدأ يهدد بقتلها لأن النساء سبب دخولهم النار، وقد وثقت حالات عدة في مستشفى صعدة من سوء التغذية. كما تشير إلى أنها اثناء تجولها داخل المستشفى سمعت ضوضاء فاعتقدت أن هناك رجل متوجع وإذا به شخص يصيح ويريد القاء عليها ماء النار فقط لأنها كشفت جانبًا من وجهها.

تلك مواقف بسيطة من ضمن عشرات المواقف التي اعترضتها اثناء زيارتها لليمن، ولعل الأفلام التي وثقتها منها ما يزيد عن الساعة والنصف، قد كشفت الكثير من المآسي التي تقع على المرأة والعنف الذي تتعرض له بصور مختلفة.

من تعز أوردت قصة فتاة فقدت أطرافها قبل زفافها بثلاثة أيام ولم تحصل على أطراف لأنها امرأة،ولان الأطراف لا تنفع إلا مع الرجال، وكيف قامت منظمة أطباء بلا حدود بتبني تلك الشابة حيث سافرت ورجعت لبلدها والآن عندها دكان صغير وهي تصرف على أسرتها ولديها أطراف صناعية.

فيلم “خديعة الخيام” حاولت فيه توثيق العنف الذي كان يمارس ضد المرأة في المخيمات،حيث يتم تحويل المرأة إلى متسولة من قبل الأطراف المتصارعة تقول: مدة الفيلم ساعة ونصف غطت فيه مخيم (السلام –الكدحة–ضوران –خمر) كله يدور حول المرأة البائسة التي تتسول من أجل الحصول على القليل من الطعام لتسد به رمقها هي وأولادها.

تلك التجاوزات والمآسي هي نتيجة لعد التوزيع العادل للمساعدات من قبل الأطراف المتحاربة وخاصة مليشيا الحوثي، فيتم بحسب المزاج والولاء، كما تطرقت في الفيلم نفسه إلى المراكز الصحية وحرمان المرأة من العلاج.

تذكر نموذج واحد تَمثل في امرأة مصابة بورم في رقبتها ومن حجمه فقد ضغط على ظهرها ورقبتها حتى صارت تسير منحنية، ومع ذلك لم يتم الاهتمام بها ولم تحصل على العلاج. أيضًا هناك أطفال رضع يتناولون مسكنات من الحبوب وهذا مخالف للرعاية الصحية.

المرأة اليمني عموما تجهل الكثير من حقوقها بحسب الصبيحي وقد تم توثيق عدة حالات في أروقة مستشفى الثورة العام الحكومي من الولادة الخاطئة نتيجة الزواج والحمل في سن مبكرة ما ينتج عنه العديد من المضاعفات ومن ذلك (الناسور الولادي)، والذي يؤدي بها إلى (التبول اللا إرادي) وقد حددت بأنه قابلت 8 حالات بعد موافقتهن تعرضن لأبشع أنواع العنف في هذا الاطار لأن أزواجهن يعتقدون أنهن لسن مريضات فيضربوهن ويرجعنهن لأهلهن وكذلك يتم التعامل معهن من قبل الأهل بنفس الطريقة غير مستوعبين الحقيقة.

تذكر أن إحدى الحالات أصيبت بالناسور وحين رجعت لأسرتها تم وضعها داخل قفص ظلت تكبر داخله إلى أن توفت بسبب أن أنها كبرت والقفص ما يزال صغيرًا.

نهاية حديثها التراجيدي طالبت بالمزيد من الأفلام الوثائقية حتى تكشف وتتخصص بهذه المواضيع لأننا حسب قولها في الوقت الحالي نتعامل مع جهلة ودعت إلى تكثيف الجانب المرئي فالحياة بدون امرأة لا شيء ووراء كل رجل عظيم امرأة.

المرأة السودانية واقع كئيب ومظلم

ورقة الناشطة والصحفية المصريةصباح موسىالمتخصصة في شؤون المرأة السودانية حملت خطوط عريضة تقف خلفها تفاصيل كارثية لما شهدته وتشهده مناطق شاسعة ومعزولة داخل جمهورية السودان، فحال المرأة السودانية لا يختلف كثيرًا عن حال المرأة اليمنية بل أنه أسوأ بكثير، فقد وقعت المرأة هناك ضحية للسياسيين وللواقع السياسي بحسب الباحثة صباح، فوضع المرأة في السودان معقد جدًا.

وهناك نماذج من مناطق عدة سلطت عليها الضوء منها (جنوب كردفان – جبال النوبة– دارفور) وهناك تهميش كبير للمرأة، وقد أوردت أن حرب دار فور لوحدها التي كانت بين القوات الحكومية والجماعات والقبائل نتج عنها عنف واسع وحوادث بشعة، من أهمها الإبادة الجماعية والتي تتمثل في “قتل الزوج والأبناء أمام الزوجة وحرق مخيماتهم ومساكنهم”، وهنا تصبح هذه المرأة أمام فواجع عظيمة وهي تشاهد زوجها وأولادها يقتلون أمام عينها، كذلك تم حرق قرى بأكملها.

كل تلك المآسي تؤدي بالمرأة إلى أن تصبح فريسة سهلة للعنف، واستمرار الحرب أيضا يجعل منها امرأة بائسة، وغياب مراكز التأهيل وتنقلها إلى مخيمات ومعسكرات النزوح.

وتشير إلى أن المرأة السودانية عانت جراء الحرب والعادات والتقاليد المجحفة، كما أن الحرب انعكست بشكل بشع عليها. إضافة إلى تطرقها لما تقوم به من أعمال زراعية، والسير في طرق وعرة جدًا لجلب الماء وبعض مواد المشتقات النفطية، فتتعرض في طريقها للاغتصاب ولو قاومت قد تموت قتلًا، إلى جانب سقوطها كضحية نتيجة للثارات بين القبائل وأطراف النزاع.

وهناك قوانين واعراف مجحفة على مستوى السودان عموما فالمرأة تعاقب بالجلد إذا لم تلبس زيًا مناسبًا تفرضه العادات الموجودة التي تستقي ذلك من موروث ديني وعادات متحجرة، وهذا تمييز يحتاج الى تفعيل.

أيضا حدوث حالة التنمر والاغتصاب بشكل مباشر وممنهج،وهناك تهم كثيرة وجهت للنظام السابق وملفات عديدة من التجاوزات والعنف، حتى الاستحقاقات الدستورية حرمت المرأة السودانية من المشاركة وكانت حالات مقتصرة على المرأة التي تتبع الحزب الحاكم فقط.

كما تطرقت إلى ظاهرة الختان وأن 78% يتعرضن له، قبل أن تبدأ عملية التوعية الآن من خلال مشاركة المرأة على ارض الواقع بعد أن كانت غائبة، فالمرأة السودانية في حالة “بحث دائم” عن حقوقها، وتحتاج للتوعية فهي فريسة لعادات وتقاليد وكذلك ضحية مناطق النزاع.

نقطة في غاية الأهمية ساقتها صباح وهي عملية امتهان الأعمال في المطاعم والتي تعكس مشقة حياة المرأة ومكابدتها اليومية بسبب واقع مرير.

في ختام ورقتها أكدت على أن المرأة السودانية تحتاج إلى الكثير من التوعية والمشاركات الفاعلة في عملية السلام والمؤتمرات والمفاوضات حتى يصل صوتها، والسودان ما زال يتلمس خطواته.

وحذرت الباحثة من أن هناك ما تزال نزاعات قبلية وسياسية ستأخذ منحى مخيف، كما أن المرأة السودانية تعرضت لعنف كبير هو الأبرز على مستوى الوطن العربي،فالسودان بشكل عام يعاني ويحتاج لتهيئة الأرضية للنازحات وتوفير كل المستلزمات والإمكانات.

  • انعكاس الوضع الاقتصادي

بالنسبة للدكتور طه الهمداني والذي طرح مداخلة قصيرة ومركزة، فبعد أن أشاد بأوراق العمل والمعلومات الثرية التي تم طرحها من جانب المتفاعلات في الندوة، وتنوع ما تم طرحه والتطرق إلى قضايا مهمة ومصيرية، كما ذكر أن هناك تشابه بين كبير بين أوضاع المرأة في الوطن العربي وأعمال العنف وقد تم تشخيصه نتيجة لأسباب اجتماعية كما أن هناك معاناة شديدة تمنى أن تكون هناك توصيات للتخفيف من العنف ضد المرأة.

وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي ينعكس في هذا الإطار سواء في اليمن أو لبنان أو غيره من الدول التي عانت فيها المرأةوكذلك البطالة التي تزيد من تردي الأوضاع والجوانب السياسية مهمة لأن عدم الاستقرار يخلق جو من الفوضى والعنف والتجاوزات.

وطرح بأن الجميع بحاجة لتوصيات في اتجاهين: أولًا العمل على السير تجاه السلام كضرورة حتمية،لأنه لن ينتهي العنف إلا إذا انتهت الحرب والفوضى وعم الاستقرار.

الجانب الآخر أو الاتجاه الثاني الأوضاع الاجتماعية والمتمثلة في مراجعة لبعض الموروثات والعادات والتقاليد التي تقف ضد النساء، وذلك عبر خبراء واخصائيين وكذلك مشايخ الدين الذين يجب إعادة النظر فيما يدعون إليه من بعض الروايات التي تعيق المرأة وتجعلها عرضة للعنف، وتدفع الآخر لممارسة الاضطهاد ضده نتيجة لتلك الروايات والقصص.

حقيقة إن كانت هناك من خلاصة لهذه الأوراق هي أن العنف الذي ما يزال بمارس في أغلب الدول العربية إن لم يكن كلها نقطة سوداء يجب طمسها. الأمر الآخر ضرورة إيجاد الحلول والوسائل لمحاربة هذا العنف، الوصول إلى أبعد نقطة من أجل تعليم المرأة بحقها الطبيعي، محاولة توجيه المنظمات في هذه الاتجاه بدل من المراوحة عند الأعمال الإنسانية القائمة على تقديم المساعدات.

By Zouhour Mechergui

Journaliste