الأحد. نوفمبر 24th, 2024

اعداد رباب حدادة: باحثة بقسم البحوث والدراسات الدولية والاتصال السياسي

مراجعة : الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية

شهدت العاصمة الفرنسية وضواحيها سلسلة من العمليات الارهابية في مساء 13 نوفمبر 2015 وقد تبنت داعش هذه العملية في بيان لاحق لها.

تمثلت هذه العملية في 4 هجمات، الاولى استهدفت مدينة سان دينيس قرب ملعب فرنسا الذي احتضن حينها مقابلة ودية بين الفريقين الفرنسي والالماني بحضور الرئيس الفرنسي فرونسواهولند،حيث قام ثلاث ارهابيين بتفجير انفسهم وكانت تلك اول عملية ارهابية انتحارية عاشتها فرنسا.

بالتوازي قام ثلاث ارهابيين بإطلاق نار عشوائي على سلسلة من المقاهي والمطاعم في الدائرة العاشرة والحادية عشر. وفي نهاية العملية فر ارهابييان وقام الثالث بتفجير نفسه.

العملية الثالثة وكانت الاكثر وحشية قد استهدفت الباتاكلان حيث تواجد اكثر من 1500 شخص لحضور عرض غنائي لمجموعة”Eagles of Death Meta”.وحسب التحقيقات الامنية كان من المنتظر ان تتم عملية رابعة بتفجير انتحاري في الدائرة الثامنة عشر غير ان العملية لم تنفذ.

انتهت هذه السلسلة من الهجمات بمقتل 131 شخص واصابة 413وتعتبر هذه الهجمات المتتالية اكبر عملية ارهابية تعيشها فرنسا وثاني اكبر عملية في اوروبا بعد هجوم مدريد في 2004 الذي تسبب في مقتل 190 شخص.

بعد مقتل باقي المنفذين،يمثل أمام القضاء اليوم منفذ واحد للعملية وهو صلاح عبد السلام الذي شارك في كل مراحل الهجوممن التخطيط الى التنفيذ،والى جانب عبد السلام، 14 متهم اخرين متورطين في التخطيط والاعداد.

لم يتم ايقاف صلاح عبد السلام في اليوم ذاته بل بعد عدة اشهر من العملية وبالتحديد في 18 مارس 2016 في مدينة “مولينبيك ” في بلجيكيا وكان عمره 26 سنة عند القيام بالعملية.وعبد السلام فرنسي الجنسية من اصول مغربية وولد في بلجيكيا.

بدأت المحاكمة منذ 8 سبتمبر 2021 وفق عدة جلسات واخر جلسة عقدت يوم الاربعاء 10 نوفمبر2021 وكان من بين الشهود شخصية مفاجئة وهو الرئيس الفرنسي فرونسواهولند الذي وقعت الهجمات فترة رئاسته.

وتأتي شهادته بمطلب من جمعية” Life for Paris” احدى المنظمات المدنية المشاركة في المحاكمة الى جانب البعض من عائلات الضحايا بالرغم من رفض مشاركين اخرين هذا الطلب.وتم ذكر اسم الرئيس الفرنسي خاصة من قبل المتهم الرئيسي صلاح عبد السلام الذي اعتبر ان الهجمات الارهابية هي جواب على تهديد الرئيس الفرنسيلداعش قائلا”عرف فرانسوا هولاند المخاطر التي يواجهها بمهاجمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا”.

بالنسبة لعائلات الضحايا فان الهجمات الفرنسية هي انعكاس لسياسة فرنسا في الشرق الاوسط ونتيجة مباشرة لتدخلها في هذه المنطقة.

دعم هذه الاتهامات التسجيلات الصوتية لرهائن الباتاكلان حيث ردد المختطفون اسم الرئيس الفرنسي وهو ما جعل الاخير”يشك في مسؤوليته عما حدث” حسب تعبيره امام عائلات الضحايا وردا على ما قاله  المتهمقال هولند”قد اعلنوا علينا الحرب فأجبنا”

وبعد ساعات من الادلاء بشهادته في المحكمة غرد على حسابه في تويتر تحت وسم 13-نوفمبر مدونا “تلك الجمل دفعتني حتماً إلى التشكيك في مسؤوليتي. وبشأن التدخلات في الخارج،قد قلت هذا في المحكمة: سأفعل نفس الشيء اليوم… سأفعل نفسالشيءمن اجل تلك الشعوب المضطهدة والمقتلة”.

ركزت باقي اسئلة محاميي عائلات الضحايا على  تقصير السلط الامنية في احباط عمليات ارهابية بهذا الحجم واستنكروا عجز الدولة على اخذ اجراءات استباقية في ظل ما توفر لديهم من معلومات من الاجهزة الاستخباراتية، وقد كان رد هولند عن هذه الاسئلة اما بالالتفاف على الاسئلة أو انكارها والاعتراف بالخطأ في بعض النقاط.

 وقال “كل يوم كنا تحت التهديد.عرفنا أن هناك عمليات تجري، الناس يتورطون في تدفقات اللاجئين بإقامة علاقات مع قادة في سوريا… كنا نعرف كل هذا…لكننا لم نكن نعرف أين ومتى وكيف كانوا سيضربون”.

وأضاف قائلا:

 “اعلم انه يجب أن يكون هناك احباط وافشال العمليات قبل حدوثها… ولكن كم عدد الهجمات التي تم إحباطها ؟اعلموا أن كل هذه الاجهزة قد فعلت كل ما في وسعها”.

بالرغم من دفاعه عن المجهودات الامنية لم يستطع فرونسواهولنداخفاء تقصير الاجهزة الاستخباراتية في معرفة وتحديد تحركات الارهابي عبد الحميد عبود المراس، المدبر للعملية الارهابية حيث اعتقدت الاجهزة الاستخباراتية انه في سوريا والحال انه يتنقل بين الاراضي الفرنسية والبلجيكية محضرا للهجمات الارهابية.

 وفي هذه النقطة قال الرئيس الفرنسي السابق”كنا نعلم منذ شهر اوت انهعبد الحميد عبوديعد لعملية ارهابية في فرنسا لكننا لم نعلم تاريخ دخوله الى الدولة…. مادمنا نتحدث عن عملية ارهابية فمن المؤكد اننا تركنا ثغرة، لكن اعيدها… كم سبق وافشلنا الكثير من العمليات الارهابية”.

لكن تصريحات فرونسواهولند لم تهدأ من استنكار عائلات الضحايا اللذين حملوا الدولة تجاهل المعلومات التي كانت بحوزتهم خاصة وان عبد عبود قد لمح قبل اشهر للعملية بانه يستهدف “قاعة روك” وكان بذلك يشير الى قاعة الباتلكان حيث اعتبر والد احد الشبان ضحايا عملية الباتلكان “لو حذرتمونا لما تركت ابني يذهب”.

 ولكن هولند دافع عن  قراره امام عائلات الضحايا قائلا“هل  يقع على عاتقي كرئيس ان اغلق كافة قاعات العرض في الدولة؟”

دامت المحاكمة اكثر من ثلاث ساعات بين استجواب المتهمين والشهود وركزت المحاكمة على الارهابي صلاح عبد السلام، الذي اعتبره البعض يلجأ الى “الجهاد القضائي” من خلال المطالبة بحقوقه المدنية والتشكي من التقصير في ظروف سجنه وحقوقه كسجين،دزن اي انكار للعلاقات التي ربطته بالقيادات الارهابية المنظمة وبعض المنفذين للعملية، الفرنسي الذي حملته، من جهة اخرى كان التركيز على الرئيس الفرنسي السابق الذي مثل حضوره في حد ذاته كشاهد مصدرجدل .

بعد اكثر من 5 اسابيع في الاستماع للشهود والمتهمين وتحت مطالبة 1800 طرف مدني بالتعويض مازالت المحاكمة مستمرة في انتظار القرار الاخير الذي سيصدره قصر العدالة بباريس.

By Zouhour Mechergui

Journaliste