الأحد. نوفمبر 24th, 2024

بحث واعداد: خولة كلاحشي باحثة في العلوم السياسية والاتصال السياسي بمركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية. 

مراجعة : الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 

إن الوصول إلى السلطة هو هدف الأوحد لكل مجموعة سياسية “حزبية “، مهما كانت أيديولوجيتها أو توجهها، وعندما يتعلق الأمر بالبلدان الديمقراطية فإن بلوغ سدة الحكم يكون عن طريق الانتخابات التي هي: اختيار المواطنين لبعض الأفراد من أجل تسيير أمور الدولة، حيث يسمح هذا الإجراء بصورة مباشرة باختيار توجهات سياسية معينة مبنية على برامج مدروسة مسبقا. 

وتشترك الأنظمة الدستورية المعاصرة في تكريس مبدأ تمتع الفرد بالحقوق السياسية ووضع الضمانات التي تكفل استمر ار على نحو سليم وفعال للحقوق الضرورية للشعوب، خاصة إذا ما علمنا انه بهدف الى اشراك الفرد في الحكم وارادة الأفراد في المجتمع. 

 وهذا لم يغب كذلك عن واضعي المواثيق الدولية لحقوق الانسان الذي نص صراحة على ضرورة تمتع المواطنين بهذه الحقوق، وإذا كانت الحقوق السياسية تهدف الى المشاركة في الحكم، فإن الحق في الانتخابات يتصدر قائمة هذه الحقوق. 

وإذا كان حق الانتخاب الذي سبق ذكره أهم الحقوق السياسية، كان لزاما أن تكفل النظم الانتخابية ممارسته على نحو يلاحظ فيه وجود مجموعة من الضمانات المحاطة به، حتى لا ينحرف في استعماله، لان أي مساس في صحته، يمثل في الحقيقة إخلالا جسيما بإرادة الناخبين وهدما لأسس ومبادئ الديمقراطية، لعل هذا ما يطرح فكرة الحماية القانونية للعملية الانتخابية التي سارعت القوانين الانتخابية الى تحديدها وجعلت له صورا مختلفة تتوزع على مراحل متعاقبة زمنيا تصب في مجملها في فكرة الحق في الانتخاب بالمعنى الواسع. 

وينبغي لقيام أي نظام ديمقراطي حقيقي أن تقوم الدولة بكفالة الحقوق السياسية وحمايتها بنصوص دستورية وتشريعية، بالقدر الذي يشجع المواطن على المشاركة في العملية الانتخابية ويضمن إعلاء إرادة أفراد الشعب. 

ويمكن تعريف الانتخابات بأنها عملية مركبة من سلسلة من المراحل، تبدأ بدعوة الناخبين وتنتهي بإعلان النتائج، وتتوقف صحة وبطلان هذه الأخيرة على مدى سلامة وصحة مختلف مراحل العملية الانتخابية. 

ومبدئيا الدعوة للانتخابات هي ابتداء مرحلة المسار وهي الفترة الزمنية التي يمنح فيها للمرشحين حرية واسعة ليتعرفوا على ناخبيهم ويعلنوا على برامجهم ومبادئهم. ويطلق على هذه الظاهرة السياسية والإعلامية اسم الحملة الانتخابية أو المباراة الانتخابية التي يمارس من خلالها المرشح أو الحزب حالة انتخابية معينة تهدف لتحقيق الفوز بالانتخابات، عن طريق الحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات الهيئة الناخبة، وهو ما يطلق عليه اصطلاحا العملية الانتخابية. 

غير أن سلامة العملية الانتخابية تتوقف على مدى سلامة الأساليب والوسائل المستعملة في الحملة الانتخابية، وعلى مدى تقيد المتنافسين بالمبادئ التي تحكم سياق الحملة الانتخابية، ومن ثم فإن أي تنظيم دستوري وتشريعي للحملة الانتخابية ينبغي أن يتميز بالوضوح والصرامة، بما يمنع أي مساس بحرية المشاركة السياسية في العملية الانتخابية حتى تضمن المساواة وحياد السلطة الإدارية وسلامة الإجراءات والوسائل المستخدمة. 

وكذا الشأن بالنسبة للدولة التونسية التي راهنت مبدئيا على نظام ديمقراطي تكفله المبادئ الدستورية ويضمنه القانون عدد 16 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء والمسمى فيما يلي “القانون الانتخابي” داعم بشكل كبير الحقوق الانتخابية للمواطنين التونسيين في مختلف الميادين وفقا ما تقضيه الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعززا الشفافية العملية الانتخابية إلا أن هذا القانون حافظ في بعض جوانبه على توجه تقييدي الانحيازي لتغول على السلطة وعبر عن تململ الواضح عبر تتالي تنقيحاه و المطالبة الدائمة بتعديله و تقديم عديد المقترحات و المشاريع من جهات عدة سياسية كانت أو قانونية.  

النظام القانوني: Le système juridique   

ينظم العمليّة الانتخابية في تونس دستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 ، المعلق حاليا، والقانون الانتخابي لسنة 2014 وقانون الهيئة  العليا المستقلة للانتخابات، والقانون المتعلق العليا المستقلة الاتصال السمعي البصري المؤسس للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري “الهايكا” و الذي تم الغائهم بصفة مباشرة بمقتضى قرارات يوم 25 جويلية 2021 الصادرة عن رئيس الجمهورية “قيس سعيد”.  

وبشكل عام يتوافق نظام للانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة و البلدية في تونس مبدئيا مع المعايير الدوليّة على مستوى النص،كما أنّه يوفّر أساساً ملائما لإجراء الانتخابات بما يتماشى مع الصكوك الدوليّة التي صادقت عليها تونس وكذلك مع أفضل الممارسات الدوليّة في هذا المجال. ولكن هذا لا ينفي أنّه يمكن العمل على تحسين بعض الجوانب في الإطار القانوني و جعله اكثر مرونة وفاعلية على مستوى العملي، بما في ذلك وضع أطر زمنيّة نهائيّة ومناسبة لمختلف مراحل العملية الانتخابية، ومراجعة النصوص القانونية  المتعلقة بالحملة الانتخابية، بما في ذلك سقف تمويل وتشديد على الزامية تطبيق الاحكام الصادرة عن محكمة المحاسبات و إعادة النظر في تحوير النتائج الانتخابية، بالإضافة الى توضيح أحكام القانون الانتخابي التي تمنح للهيئة العليا المستقل للانتخابات سلطة تغيير النتائج الأولية للانتخابات بنا ًء على الانتهاكات التي بتت فيها، ومراجعة تقسيم الدوائر الانتخابية واعتماد تزكيات اكبر عدد للناخبين في الانتخابات الرئاسية. 

الامن القانوني: La sécurité juridique   

إن فكرة الانتخابات تعد من الأفكار الإنسانية القديمة، والتي تساهم في وضع سياسة الدولة وبرنامجها الاجدر بحسب الأغلبية، ليمتد طيلة فترة الحكم، وقد عرف الرومان القدماء فكرة الانتخابات في اختيارهم للقادة، والشخصيات البارزة لتولي المناصب، والمهام في الدولة، كما أنها عرفت في العالم العربي الإسلامي عندما كان الصحابة – رضي الله عنهم – يختارون خليفة للمسلمين عن طريق الإجماع على اسم صحابي منهم وهي من مظاهر الديمقراطية ومشاركة المواطنين في الحكم والقرار. 

لقد عاشت تونس منذ سنة 2011 أريع محطّات انتخابية. خصصت الأولى والتي أجريت سنة 2011 لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وخُصِّصت انتخابات سنتي 2014 و2019 للانتخابات التشريعية والرئاسية بينما شهدت سنة 2018 انتخابات بلدية.  

وعليه، تم الاعتماد على التعديل القانوني “خاصة في المادة الانتخابية” لتغببر بعض النصوص او ادخال إجراءات جديدة او تقديم إضافة على مستوى الصياغة النصية او الشكل الاجرائي وقد دخل في حقيقة الامر الى دوامة من التنقيحات دون أثر ثابت، وهو ما جعل من القانون الانتخابي في حالة ديناميكية متسارعة التي تتنافى مع الأصل ومبدأ الثبات والاستقرار النسبي للقاعدة القانونية للقول بناجعتها عملا بمبدأ الامن القانوني.  

ويعد مبدأ الأمن القانوني أحد أهم الأسس التي يقوم عليها بناء الدولة القانونية ذلك أن فكرة الأمن القانوني تعنى بضرورة التزام السلطات العامة في الدولة بتحقيق قدر من الثبات النسبي للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية المختلفة بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة بين أطراف العلاقات القانونية. 

يهدف مبدأ الأمن القانوني إلى إستقرار القواعد القانونيّة بما من شأنه أن يضمن حقوق الأفراد والمؤسّسات وذلك بالحفاظ على حد أدنى من إستقرار المراكز القانونيّة بما يتيح للأفراد والمؤسّسات ترتيب أوضاعهم دون أن تتعرّض لمفاجآت غير متوقّعة يكون من شأنها زعزعة الثّقة في القانون والدّولة. وذلك بالمراجعة المتكرّرة للقوانين التي تؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار القانوني الذي سيؤثر بصفة حتميّة في إستقرار الإجتهاد القضائي وحسن سير القضاء أو ما يسمّى بالأمن القضائي الذي هو مرتبط بصفة وثيقة بالأمن القانوني. 

ولا شك أن الأمن القانوني هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها تلك العناصر الأساسية المكون لفكرة العدل. وعليه فإننا نتفق مع ما عرفه البعض لمبدأ الأمن القانوني أحد أهم الأسس التي يقوم عليها بناء الدولة القانونية من أنه يعني: “ضرورة التزام السلطات العامة بتحقيق قدر من الثبات النسبي للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية المختلفة بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة بين أطراف العلاقات القانونية. 

وعليه، فان الامن القانوني يوجب وضع قانون انتخابي مستقر قابل لتعديل، لكن ليس بما معناه ان يتغير القانون بحسب المناخ السياسي المتغير او اهواء الساسة، كما يجب منع القيام بالتعديلات الظرفية او المرحلية التي تسبق موعد الانتخابات بفترة قصيرة من بدئها وما يخفي ذلك رغبة الأطراف المبادرة في تغيير قواعد العملية الانتخابية بما يخدم مصالحها الخاصة. 

ومما لا شك فيه ان تعديل القانون الانتخابي الحالي من الأهمية بمكان، وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب وقت كي لا نتزعزع المنظومة الانتخابية في فترة المسار الانتخابي القادم كما هو الحال في الانتخابات السابقة مما أتاح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وضع نصوص ترتيبية لدرء نقائص القانون الانتخابي وشكل مشكل في المجال التطبيقي حيث تجاوز عدد النصوص التشريعية والترتيبية ذات العلاقة بالانتخابات سواء سنة 2014 او 2019 خمس وثلاثين نصا قانونيا. 

وتبعا، الأمن القانوني يدعم العمل على تطبيق القاعدة القانونية حيث يستوعب مجالها ويوضح نقائصها أو إشكاليات تطبيقها، وهو ما يوجب حينها اخضاعها الى التعديل لتلافي المشكل. 

النظام السياسي l’ordre politique   

الانتخابات هي إجراء دستوري لاختيار الفرد، أو مجموعة من الأفراد لشغل منصب معين، وتعرف أيضاً بأنها مجموعة من المبادئ القانونية التي تتكون من نظام تشريعي الهدف منه تنظيم عملية الانتخاب حتى ينتج عنها تطبيق قانون جديد، أو تعديل قانون قائم، أو فوز أحد المرشحين للانتخابات، أو غيرها من الأحداث الدستورية المرتبطة بالانتخابات ارتباطاً مباشراً. 

ومن اهم أسباب الأزمة في تونس، تكمن في نظامها الانتخابي الذي يمنع استفراد أيّ حزب بغالبية حكم ويؤدي قانون أكبر البقايا دوما إلى برلمان مفتّت، الأمر الذي يقود في النهاية إلى ارتهان الحكومة إلى الأحزاب القوية مما يصعّب مهامها او لصعوبة لملمة فتات حزبي لتمرير قانون. 

ويعتقد سياسيون وخبراء قانون أنه بوسع تعديل القانون الانتخابي أن يخفف من وطأة الصراعات السياسية، وأن يعيد الاستقرار من خلال القضاء على التشتت البرلماني والحزبي. 

وفيما يبدو من الصعب تغيير النظام السياسي مبدئيا (الغير محدد الى اليوم وغير المتفق على تسميته) الذي يحتاج إلى 145 صوتا ووجود المحكمة وهو أمر صعب على مستوى إجرائي الا في حالة تعديل الدستور والابواب المتعلقة بالسلطات والمحكمة الدستورية، كما أنه بالإمكان تعديل القانون الانتخابي حيث يحتاج إلى 109 أصوات ولا يشترط تركيز المحكمة الدستورية، الا ان الوضعية الحالية للمناخ السياسية تمكن من تعديله مباشرة وبأكثر مرونة بوضع لجنة لصياغة والتدقيق وختمه من قبل رئيس الجمهورية. 

وعليه، يمكن القول بأن المشكلة الحقيقية اليوم والرئيسية هي في انعدام تطابق القانون الانتخابي مع النظام السياسي الحالي. 

وبغض النظر عن النظام القانوني الذي سيتم اختياره في الأيام القادمة، يجب العمل على إقامة مبدأ الفصل بين السلط وخاصة السلطة القضائية لعدم استدراجها الى التلون السياسي وكذا الشأن بالنسبة لسلطة التنفيذية التي نت الأجدر ان تكون ذات رأس واحد في مقابل السلطة التشريعية التي تكون ذات رأسين للدعم أليات الرقابة ووضع تدابير رقابية ممنهجة واستراتيجية عمل تكرس تحمل المسؤولية الشخصية.  

وبالتالي يجب دراسة المناخ العام السياسي الحالي وعلى أساسه وضع نظام سياسي مواتي له وليس العكس بإسقاط نظام ناجح ظاهريا في دولة أخرى على الدولة التونسية التي لها خصوصياتها واشكالياتها. 

قراءة تحليلية للقانون عدد 16 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء والمسمى فيما يلي “القانون الانتخابي”: Lecture analytique  

اعتمادا على تقنية التشخيص التي تقوم على تحديد ومعرفة طبيعة وسبب أي شيء له علاقة بمحور التشخيص. ويُستخدم هذا الاخير في العديد من التخصصات المختلفة مع التنوع في استخدام المنطق والتحليلات لتحديد العلاقات بمحور التشخيص. 

وعادةً يُستخدم التشخيص في هندسة الأنظمة وعلم الحاسوب والمواد العلمية كالطب وعلم الاجتماع وصول للعلوم القانونية، وذلك أساسا لحصر الظاهرة او الحالة وتقليل المُشكلات المنسوبة اليها، وإيجاد حلول لها. وهو ما سنقوم به من التحليل، التقييم وتقديم البدائل للقانون الانتخابي الحالي: 

يعد الانتخاب أحد أهم خصائص النظام الديمقراطي اذ يساهم الشعب من خلاله في ممارسة السلطة السياسية، وإذا ما كان الانتخاب إجراء ديمقراطيا فإنه لا يكفي بذاته لخلق الديمقراطية، ذلك أن هذه الاخيرة تستلزم ضرورة احترام الحريات والحقوق السياسية للمواطنين مع ضمان الحوار الدائم الذي لا يقتصر على فترة الحملات الانتخابية. 

وتأسيسا على ذلك، فإن الانتخاب الذي لا يرتكز على هذه الدعائم لا يعدو أن يكون إلا نظاما ديمقراطيا شكليا. وتبعا، فإن عملية الانتخاب من الأمور التي تستلزم دقة متناهية وتتطلب اعتمادات مالية، كما تستعد لها مختلف التشكيلات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية، للدخول إلى معترك الانتخابات، مسخرة لذلك طاقات بشرية ومالية، مستعملة كل الوسائل المشروعة، قصد إقناع الناخبين وحصد أصوات وتحقيق الفوز، وهو ما يصعب الإقرار بحسن حصر نطاقه ونجاعة المراقبة لمختلف اطوار الكسار الانتخابي امام تعدد وتنوع الاخلالات المتتالية وهو ما يبينه تقرير محكمة المحاسبات 2021. 

وكذلك نشرت جمعية مراقبون تقريرا حول تشخيص وضع المنظومة الانتخابية في تونس تناول هذا التقرير الخاص بشهر جانفي 2021 الإطار القانوني للانتخابات، مسألة الجرائم الانتخابية، خروقات الدعاية والحملة الانتخابية، النزاعات الانتخابية ونقائص الرزنامة الانتخابية، ويتنزل هذا التقرير في اطار: “تشخيص وضعية المنظومة الانتخابية ما بعد الانتخابات و هي المرحلة التي من المفروض فيها استخلاص التجربة و الانطلاق في اصلاح و تطوير المنظومة الانتخابية.” 

كما دعت منظمة مراقبون الى:” العمل على تجميع مختلف النصوص في مجلد واحد للوصول الى اصدار مجلة تدمج مختلف الاحكام التشريعية والترتيبية بشكل ييسر القراءة ويحول دون الالتباس في فهم النصوص القانونية او اغفال احكام واردة في نصوص تطبيقية”. 

وتعكس الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة لسنة 2019 الانتقال السلمي للسلطة في تونس وعلى الرغم من التّراخي الذي شهده كل من التحول الديمقراطي ومسار الإصلاحات الأساسية في البلاد منذ 2011، ورغم أن تقارير الملاحظين الدوليين والتونسيين وتقارير الجهات الرسمية على غرار دائرة المحاسبات، انتهت إلى أن هذه الانتخابات كانت حرّة نسبيا، الا ان هذه التقارير لفتت الانتباه إلى عديد الاشكاليات حول سلامة عديد حلقات المسار الانتخابي من حيث احترامها للضوابط القانونية وللمعايير الدولية بشأن نزاهة الانتخابات فضلا عن المؤاخذات المتعلقة بالمتدخلين في المسار الانتخابي والمسؤولين عن الاشراف عليه وعلى رأسهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. 

صارت الحاجة الملحة إلى ارساء محكمة دستورية واضحة، حيث أنها المؤسسة الوحيدة التي لديها الصالحيّة بموجب الدستور الإعلان الشغور الدائم لمنصب رئيس الجمهوريّة والنظر فيما مدى دستورية القوانين. ومع ذلك، تظل المخاوف حول معايير اختيار أعضاء هذه المحكمة وطريقة تعيينهم التي وجب اليوم تغيير بعض الإجراءات التي تمس نجاعتها مبدئيا. 

وتجدر الإشارة الى ضرورة مراجعة الإجراءات القضائية وتقليل التأخيرات لتحسين تنفيذ القانون وتطبيق نظام عدالة بأكثر فاعلية. كما أوجب مراجعة نظام العقوبات القضائية بحسب التقسيم الثلاثي للجرائم الفصل 122م اج، فيجب معاقبة الجرائم حسب خطورتها، وتنصيص على جرائم جديدة وبعض العقوبات التي لم ينص عليها القانون المعمول به. 

من ناحيتها ترى جمعية عتيد وجود فروقات بين الجرائم الانتخابية التي عددها القانون والجرائم الانتخابية الاخلاقية بامتياز، والتي لم يجرمها القانون وهي بالأساس استعمال النسيج الجمعياتى لأغراض حزبية انتخابية والاشهار السياسي والتأثير على الناخبين من الفئات الهشة من خلال الوعود الواهية. 

ولذلك وجب اليوم التفريق المباشر بين الجرائم الانتخابية التي تضمنها قانون الانتخابات من جهة وجرائم الحق العام التي عرفتها المجلة الجزائية وكذلك الجرائم المالية من جهة أخرى والتأكيد على أن كل جريمة لها علاقة بالانتخابات تخضع لمقتضيات الباب السادس “الذي خصص 19 فصلا للجرائم الانتخابية “وأن التعهد القضائي يتم على أساس القانون الجزائي الانتخابي. 

والواقع أن ما يجعل من الصعب مقاضاة مثل هذه الجرائم وتكييفها كجرائم انتخابية هو تعقيد وتآكل الوسائل القانونية للرقابة. علاوة على ذلك، وبحسب القرقوري، فإن عملية ضبط تمويل الحياة السياسية “يجب أن تُعهد بهيكلية مستقلة، والتي ستنقل، بعد فحصها، ملفات الجناة إلى ديوان المحاسبة. وبالتالي، فإن الأمر يتعلق بالسماح لقضاة هذه الولاية القضائية بتكريس أنفسهم للمهام الموكلة إليهم “. 

وخلال فترتي الحملة الانتخابية الرئاسيّة والتشريعيّة تم احترام الحق في حريّة التّعبير والتجمع في جميع أنحاء البلاد، ولقد لعبت وسائل التّواصل الاجتماعي دورا هاما في الحملة الانتخابية الرئاسية خاصة؛ إلا مساءلة بشأن أ ن غياب التمويل الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي عكر صفو العمليّة. كما أن عدم وضوح النص القانوني فيما يتعلق باستخدام وسائل التّواصل الاجتماعي يتعل كأحد آليّات الحملة، وغياب تعريف للقواعد القانونية التي تضمن تكافؤ الفرص لجميع المتر ّشحين، أثر سلبًا على الحملة. 

ملاحظات عامة: 

أولوية تعديل الدستور بناء على ما سميّ التدرّج الهرمي للقواعد القانونيّة La hiérarchie des normes ، حيث يفرض بأن تخضع القاعدة القانونيّة الأدنى إلى القاعدة الأعلى درجة، وبالتالي القاعدة قانونيّة تستمدّ قوتها من القاعدة الأعلى، مما يفرض عليها احترامها، وعليه يجب تعديل الدستور وضبط النظام السياسي لدولة التونسية ثم الالتفات الى اهم القوانين التي تساعد على وضع مسار ديمقراطي وهو القانون الانتخابي.  

والحث على وضع قواعد ومبادئ “حقيقة” أي عدم رفع سقف توقعات المواطن، كالحق في العمل والماء وحرية الضمير المكفولة بدستور 2014 وغير كفعلة أو صعبة المنال على مستوى التطبيق. 

صياغة نصوص قانونية وواضحة ودقيقة للابتعاد على التأويلات والاختلافات خاصة على مستوى الدستور. 

الغاء خطة رئيس الحكومة وتعويضها برئيس وزراء مسؤول امام رئيس الجمهورية والشعب، وبالتالي الاعتماد على أحادية راس السلطة التنفيذية مقابل ثنائية الغرف في السلطة التشريعية “مجلس قانوني لتشريع ووضع القوانين ومجلس رقابي للمستشارين والقطاعات”.  

من الضروري ان يتم اعادة صياغة نصوص القانون الانتخابي في مرحلة ثانية وذلك في شكل مجموعة نصية متناسقة وترتكز خاصة على الاحكام المتعلقة بالحملة الانتخابية تكملة الإطار القانوني بإرساء سجل دائم للانتخابات وضع وصياغة قانون أساسي متعلق بسبر الآراء في تونس ملائمة القانون الانتخابي مع الدستور ترك المجال واسعا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتصرف الى حين تدخل المشرع في وقت لاحق نصوص تكميلية هو من المعضلات الكبرى في تنظيم المسار الديمقراطي الانتخابي. 

بحسب النظام السياسي الذي سيقع اعتماده، والمرجح أن يكون نظاما مختلط لكن يؤول الحكم لرئيس الجمهورية، 

من المستحسن ان يقع ادخال مزيد من التناسق وتدعيمه بناء على الانتخابات السابقة 2014 و2019 وهي مسالة ضرورية لإرساء الامن قانوني ودعم الاستقرار والشفافية وضمان سهولة النفاذ للقاعدة القانونية. التشديد في ضبط القواعد المنظمة الحملة الانتخابية لأنها العمود الفقري للمسار الانتخابي الشفاف وارساء الديمقراطية الفعلية. 

اعادة صياغة بعض الفصول لعدم دقتها وعموميتها. 

اعادة ضبط مجال تدخل محكمة المحاسبات. 

التخلي عن نظام اعتماد التمثيل النسبي مع أكبر البقايا التي تمثل طريقة حكم بعدم الاستحقاق وتشجع الكسل الحزبي. 

مراجعة النظام الرقابي المالي للأحزاب السياسية. النظر في ثغرات القانون الانتخابي مثل اعطاء حق اسقاط العضوية فيما يتعلق بمخالفات الانتخابية لكن يقابله في التطبيق الجزاء اجراءات طويلة ولا تتماشى مع الإجراءات الاستثنائية والمختصرة في المادة الانتخابية. 

اعتماد نظام انتخابي هجين لا يعطي اغلبية حاكمة مما يولد عدم تحميل المسؤولية لجهة معينة ويترك الاخلالات دون جزاء ويخلق تهرب من الطبقة السياسية واضعاف السلطة الحاكمة. 

مقترحات لتعديل القانون الانتخابي:  

الاحكام العامة 

 التنصيص على نطاق انطباق القانون يشمل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية والاستفتاء.  

تدقيق المصطلحات خاصة التي يمكن تحديدها بمجال زمني كالحملة الانتخابية.  

تمييز بين الاشهار السياسي والدعاية السياسية فصلين 3_59. 

رفع نسبة العتبة لحصر ظاهرة “التشعب الحزبي”. 

التخلي عن النظام النسبي الذي يسمح للأحزاب الصغيرة بالحصول على عدد من المقاعد يتناسب وحجمها، في حين أنه يحد من هيمنة الأحزاب الكبيرة، واعتماد النظام المختلط الذي يقوم على نظم الانتخاب المختلطة على أساس الاستفادة من ميزات كل من نظم التعددية/الأكثرية أو النظم الأخرى ونظم التمثيل النسبي.  

وعليه، يتركب النظام المختلط من نظامين انتخابيين مختلفين عن بعضهما البعض ويعملان بشكل متوازن. ويتم الاقتراع بموجب النظامين من قبل الناخبين أنفسهم حيث تجتمع نتائج النظامين لانتخاب الممثلين في الهيئة التي يتم انتخابها. 

الحق في الانتخاب  

إضافة صور للحرمان من حق الانتخاب بالنسبة الأشخاص المرتكبون لجرائم بشعة وضد الإنسانية.  

حرمان العسكريين وقوات الامن الداخلي من الانتخاب الا في الانتخابات البلدية.  

اتخاذ التدابير اللازمة في شان الأشخاص الموقوفين ولم يصدر في شانهم حكم بات زمن فترة الاقتراع. 

 عدم رفع تحجير التصويت على قوات الامن الداخلي والمجندين. 

الحق في الترشح  

حصر حق الترشح للمناصب الحكومية في النتخابات على المواطنين التونسسين و المسجلين في الانتخابات السابقة. 

الحرمان من الترشح لمدة 10 سنوات لكل مسؤول حكومي سابق او سياسي الذي ثبتت اساءته لاستخدام المال العام. 

 التشديد على ابقاء الزام المترشح من التخلي عن اي الجنسية أخرى خلافا للجنسية التونسية فصل 74 من دستور 2014. 

سجل وقائمات الناخبين  

العمل على رقمنة التسجيل و تحيينه الدوري ووضع سجل رقمي دائم. 

 ضبط مدة النشر على ذمة العموم بصفة صريحة بالقانون و ترفيع من سقف اليوم الواحد المعمول به في القانون السابق.  

نشر قائمات الناخبين في مدة معقولة لمنح الاطراف المعنية الوقت الكافي للاطلاع عليها. 

تقديم الترشحات  

التشديد على التصريح بالمكاسب وتصريح بما يفيد القيام بخلاص المعاليم الضريبية والجبائية طيلة فترة ثلاث السنوات الأخيرة على الاقل.  

وجوبية تقديم ما يفيد المستوى العلمي الجامعي للمترشحين المجلس التشريعي. 

 عدم امكانية الترشح لأكثر من ثلاث دورات نيابية للمجلس التشريعي لكل شخص.  

التصريح بما يفيد براءة الذمة من كل فعل اجرامي B3. 

المراجع: 

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/65203

https://ar.leaders.com.tn/article

http://dspace.univ- 

http://dspace.univ-djelfa.dz 

http://thesis.univ-biskra.dz/5039 

https://scholar.google.com/scholar?hl=ar&as_sdt=0%2C5&as_vis=1&q=les+crimes+campagne+electorale&btnG

https://aceproject.org/main/francais/lf/lfd10.htm

https://www.turess.com

https://alarab.co.uk

https://ar.businessnews.com.tn

https://majles.marsad.tn/ar/event/2021/05/06/10/ri

https://www.alchourouk.com/article

https://www.ictj.org/es/node/18907

rapport_election.pdf 

isie2021.pdf 

By amine