تونس-هاجر طاهري-طالبة متربّصة بالمركز الدولي
يزداد الاهتمام الدولي بخطر انتشار الإرهاب في أفريقيا وامتداد نفوذ تنظيمي داعش والقاعدة، وظهر ذلك في أحداث دامية شهدتها القارة عام 2021.
وعاشت إفريقيا عشرات العمليات الإرهابية استهدفت أهداف مدنية وعسكرية، وأخرى اقتصادية تابعة لشركات غربية ومحلية.
وإستهدفت العمليات الإجرامية المدارس والكليات ودور العبادة حيث انتشر الإرهاب في القارة السمراء كما انتشرت النار في الهشيم على حدّ تشبيه الجنرال ستيفن تاونسن، رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا، فبرغم العمليات العسكرية المشتركة بين مختلف دول الجوار الإفريقي ومنطقة الساحل والصحراء إلّا إن لم ينجح في الحدّ من توسّع رقعة سيطرة التنظيمات المتشددة ولا إضعاف قوة الجماعات المتمركزة في مختلف المناطق.
ونتيجة ذلك التوسّع الإرهابي والمخاطر الناجمة أُجبر 313 ألف شخص على النزوح الداخلي وإضطرّ235 ألف آخرين إلى اللجوء إلى دول الجوار خلال السنوات الثلاث الأخيرة؟
وقُتل 5236 شخصا في 315 هجوما نفذ منذ بداية عام2021،وفق إحصائيات الأمم المتحدة،وكان شهر يناير الماضي الأعنف من ناحية عدد ضحايا الهجمات المنفذة في القارة بواقع 1835 قتيلا،
ويمكن الجزم أن ماتشهده القارة السمراء هو تناميا مطلقا في نشاط التنظيمات الإرهابية التي تنظر إلى إفريقيا بوصفها بيئة مناسبة للانتشار حيث تتوفر فيها الظروف الملائمة لنمو تلك التنظيمات وانتشارها، ونلاحظ أن إقليم غرب إفريقيا هو أكثر أقاليم القارة تأثرا بالهجمات الإرهابية، ليس هذا فقط من الهجمات فهناك 15دولة إفريقية شهدت 66 هجوما إرهابيا في شهر يناير الماضي ماخلّف 642 قتيلا و96 جريحا مثل السودان والتي تصدرت قائمة الأكثر تضررا من حيث عدد الضحايا فيما شهد الصومال أيضا عددا اكبر من الهجمات.
يجدرالإشارة إلى أنّ إقليم شرق إفريقيا أكثر الأقاليم تعرّضا لعمليات دائمة خلال الشهر الأول من العام وفي شهر فبراير سقط ما لا يقل عن 413 شخصا في هجوم إرهابي شهدته القارة .
وجاء إقليم غرب إفريقيا كأكثر الأقاليم تضرّرا وتصدّرت نيجيريا قائمة أكثر الدول الأفريقية تضررا بالعمليات الإرهابية.
وقد أدّت الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة والعمليات المضادة للأمن إلى فرار المزيد من الأشخاص من منازلهم بحثاً عن أماكن آمنة وإلى وضع ضغوط أكبر على المجتمعات المضيفة المستنزفة، والتي تواجه أصلاً صعوبات شديدة من حيث التعامل مع هؤلاء النازحين، وهم في الغالب أقارب فروا من أعمال عنف سابقة.
كما استهدفت الجماعات المسلحة منطقة لاستضافة اللاجئين في إنتيكاني غرب النيجر، وأسفر ذلك عن لجوء أكثر من 10,000 شخص إلى مناطق أبعد داخل البلاد حول تيليمسيس حيث ساعدت المفوضية وشركاؤها في توفير حوالي 1,180 مأوى مؤقت.
وتمتدّ جذور التنظيمات الإرهابية، التي تستخدم العنف منهجاً لعملها، إلى ظهور جماعة “بوكو حرام” في نيجريا في عام 2002، والتي قامت بعشرات الاعتداءات على المدن الصغيرة والقرى، والاستيلاء على ممتلكات ساكنيها، وخطف الفتيات، والتي كان من أكبرها خطف نحو 300 فتاة من ولاية بورونو عام 2014.
ويذكر إن التنظيم قد إنشقّ عام 2016 عن مجموعة أطلقت على نفسها “الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا” امتد نشاطها في دول موريتانيا، وبوركينافاسو، ومالي، والنيجر، وتشاد، التي نشأت فيها تنظيمات متطرفة أعلنت مُبايعتها لتنظيم “داعش”.
ولم يكن تنظيم داعش اللاعب الإرهابي الوحيد، بل نافسه تنظيم القاعدة، الذي عمل في منطقة المغرب والساحل، وأنشأ التنظيم قاعدة قوية له في دولة مالي، ومنها مد نشاطه في 2020 إلى بنين وكوت ديفوار، وهناك تنظيم حركة الشباب -المرتبط بالقاعدة- في الصومال وكينيا.
وتطرّقت تقارير أممية مؤخرا إلى المخاطر المحدقة بالقارة الأفريقية بسبب تنامي وجود الجماعات المسلحة الموالية لتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية وسط تساؤلات عن الخطط الأميركية والأوروبية لمساعدة دول المنطقة في إنهاء آفة الإرهاب المتفاقمة والمتسعة.
وتعيش أفريقيا أمام تحديات وأزمات أمنية متفاقمة مع تحول مناطق واسعة منها إلى ملاذات آمنة لجماعات مسلحة إرهابية تنتمي إلى تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة، في الوقت الذي تبحث فيه عن دعم خارجي لإنهاء مخاطر آفة الإرهاب في منطقتي الساحل والقرن الأفريقيتين.