الأحد. نوفمبر 24th, 2024

تونس-إسلام النفزي-19-8-2021

في مراجعة لسيناريو التسعينات الأفغاني أين كانت حركه طالبان تناهض كل مظاهر الحياة في أفغانستان وتقطع مع ثقافة المجتمع وتنبذ كل أساليب الفن والإبداع بعد أن فرضت في فترة حكمها للبلاد بين سنه 1996 و 2001 قيودا متطرفة تتماشى ورؤيتها للشريعة الإسلامية، وقد كبّلت الحركة المتطرّفة المرأة ومنعتها من ممارسة حياتها الطبيعية والتمتّع علاوة على حرمان النساء من العمل من العمل ومنع الفتيات من الدراسة وحتى التمتع بأبسط حقوق الإنسان..

وبعد عقدين من الزمن كانا متنفسا وسكينة للمرأة الأفغانية عادت طالبان لتستبدل الانفتاح بالانغلاق بعد أن سيطرت على أفغانستان وبسطت نفوذها وأسقطت العاصمة كابول، وإنطلقت في عمليات تضييق الخناق على النساء الافغانيات عبر إصدار قوانين الغاب.
وشهدت الساحة الإعلامية الدولية مؤخرا حادثة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت خلالها مراسلة السي إن إن ‘كلاريسا وورد’ الأمريكية مرتدية للحجاب، أثناء نقلها لما يحدث قرب السفارة الأمريكية في العاصمة بعد وقوعها تحت سطو طالبان، وعلّق متابعون “كل ما يعجبك والبس ما يعجب طالبان”.

وأحدثت هذه الحادثة تساؤلات وانتقادات ما أثار التخوفات من مراجعة احترام حرية الصحافة الأجنبية في هذا البلد كما أوجبت هذه الحركة تجديد التفكير في وضعية المرأة الأفغانية تحت سيطرة المتمردون.

ولم تتوانى حركة طالبان بعد إسقاط كابول عن الشروع في إصدار قوانين تُعيق حركة المرأة وتُكبل نشاطها المهني و الدراسي والوجودي.

إذ لم تعد المرأة الأفغانية قادرة على مغادرة منزلها لأي غرض كان دون مرافقة زوجها أو أحد أقاربها، دون أن ننسى أنها غير مخيرة فيما يمكنها ارتداءه من ملابس فقد عاد ستار البرقع بعودة طالبان، ذلك الرداء الأزرق سميك الملمس، الذي يُغطّي جسد المرأة من الرأس إلى أخمص القدمين مدّعين أن “وجه المرأة مصدرا للفساد” إضافة إلى عدم السماح لهن بالمعالجة و الكشف من قبل طبيب رجل علاوة على أن طالبان تقوم باقتحام منازل للمواطنين لإعداد قوائم للنساء اللاتي تتراوح أعمارهم بين 12 و45 عاما بغرض تزويجهن قسرا من المقاتلين الإسلاميين.

وعمّ الخوف في السيطرة على أحاسيس نساء أفغانستان خاصة الحالمات بمستقبل زاهر ملأه التنوير الفكري و تبدّدت أحلامهن بمسار أكاديمي وفي هذا الإطار تتنزل وضعية الشابة عائشة البالغة من العمر 22عاما توشك على ختم مسارها الدراسي اختصاص علاقات دولية في جامعة كابول، حيث تقول عائشة معبرة عن ألمها “الآن يبدو أنني لن أتخرّج أبدا” على غرار جملة النساء اللاتي نجحن في الانخراط في الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية كفاعلات في المجتمع من صحفيات وحقوقيات وطبيبات ومعلمات وعاملات، يبدو أن في انتظارهن تحديات معلنة الخسارة مسبقا فقد نشرت بعض الناشطات في المجتمع المدني الأفغاني -خاصة منهن من عرفن بالفكر النسوي- فيديوهات استغاثة يسردن فيهم المضايقات و الهجمات التي تعرضن إليها من قبل حركة طالبان حيث بكت مخرجة أفغانية قائلة “طالبان جاءت لقتلنا” حيث أن هذه الحركة لا تؤمن بفاعلية المرأة في المجتمع وتنكر قدراتها الذهنية والجسدية لاترى لها مكانا أنسب من المنزل للعيش وهكذا يتشكل اليقين بأن المرأة في رؤية طالبان المتطرفة كائن سلبي الوجود، مجمد الحركة و عديم النفع لا يثير إلا المتاعب والمشاكل في الحياة.

ونشير إلى أن كل ثائرة لا تلتزم بقوانين طالبان تتعرّض للجلد بالسياط كما تعددت مشاهد النساء اللواتي تدفن نصف أجسادهن في التراب وتتطاير فوقهن حجارة الموت لترجمن كالشيطان من زمرة من الذكور القتلة الجهلة على غرار الإعدام العلني باسم الدفاع عن الشرف، مشاهد تثير الاشمئزاز والعار في هذا الزمان خاصة مع ما توصّل له العالم من تحضر و انفتاح..

الآن تقبع النساء الأفغانيات في منازلهن يحملن ملامح الإرهاق القلق التي رسمت على وجه الحسناء الأفغانية التي مثلت الجمال الأفغاني في العالم، الوجه الجميل قديما المنهك حاليا لتهاجر وطنها الذي كانت رمزا لجماله في اتجاه باكستان تعبيرا منها على هلاك الأحوال واستحالة العيش فيه، جميع نساء أفغانستان تتملكهن الحيرة حول مآل أوضاعهن وأوضاع البلاد الذي لا ينذر بالخير مطلقا..


فمتى تُستردّ حقوقهن لتحقيق وجودهن؟

By Zouhour Mechergui

Journaliste