الأثنين. ديسمبر 23rd, 2024

تونس-10-4-2021


نظّم المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس وسفارة جمهورية الصين الشعبية بتونس، ورشة عمل تركزت فعالياتها على دور الصين الشعبية من أجل التنمية والسلام ‘إفريقيا نموذجا’،وذلك يوم الخميس8 أبريل2021.

وأثّث اللقاء مجموعة من الباحثين في الشأن الإفريقي، وقد تحدثوا عن تجارب مختلفة وأهمية تطوير العمل والشراكة في مجالات التنمية بين الصين الشعبية وتونس وبقية بلدان القارة الإفريقية على قاعدة”رابح-رابح”.

وفي افتتاح المؤتمر شددت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، على أهمية العلاقات الإفريقية الصينية التي تعتبر مميزة بعيدا عن العلاقات الاستعمارية أو الهيمنة .

وأوضحت أن العلاقات الصينية الإفريقية تعتبر متميزة على جميع الأصعدة وخاصة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والتي مافتئت تتطور سنة بعد سنة في جميع المجالات ارتكازا على مبدئي المصلحة المشتركة والاحترام المتبدل بين الطرفين.

ولفتت إلى ان الصين تمثل رابع أكبر شريك تجاري مع تونس وثالث مصدر للسوق التونسية كما أصحبت سوقا إستراتيجية هامة بالنسبة لقطاع السياحة في تونس وذلك بالنظر إلى الزيادة السريعة التي سجلها عدد السائحين الصينيين في تونس خلال السنوات الأخيرة .

وتحدثت قعلول عن إرساء مفهوم السلام لدولة الصين الشعبية بمفهومه الجديد والذي أعلن عنه الرئيس الصيني شهر سبتمبر 2013، ضمن خطة جديدة وهي” حزام واحد طريق واحد”.

وتحدثت المتحدثة عن تجربة البناء والطريق والعلاقات والتعاون والشراكة التي تطلقها الصين مع الدول التي تتعامل معها وهي ضمن مفهوم العلاقات المشتركة الرابح-رابح ويتم تطبيقها مع الدول الإفريقية.

وتطرقت قعلول إلى أهمية إبراز المفهوم الحقيقي والواقعي للعلاقات الصينية- الإفريقية وأهمية طريق الحرير وكذلك العلاقات الصينية التونسية المتطورة والخطة الإستراتيجية الصينية لمفهوم علاقات الرابح-رابح حتى تتمكن تونس من تطوير هذه العلاقات وفتح أفاق جديدة والانفتاح على القطب القوي والمهم في العالم.

وأفادت بدرة قعلول بان العلاقات الصينية الإفريقية من العلاقات المتميزة ويتضح ذلك من أوجه التعاون المختلفة بين الصين والقارة الإفريقية في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والأمن .

وذكّرت بان العلاقات امتدت منذ زمن لكنها نشطت وتقدّمت القرن الماضي ما طرح تساؤلا عما اذا كانت هذه العلاقات بديلا عن النفوذ الغربي في القارة.

وشددت على ان العلاقات الصينية الإفريقية قامت على أسس سياسية واقتصادية أوسع وأعمق من الاستحواذ على موارد القارة الأولية وخاصة النفط كما ان الصين قد استعملت آليات جديدة لتعزيز العلاقات مع إفريقيا كالديبلوماسية الشخصية والروابط الاقتصادية والمساعدات التقنية ونقل التكنولوجيا والتواصل الثقافي.

من جانبه قال سفير جمهورية الصين الشعبية بتونس زيهانق جينقو، في كلمة ألقاها إن تونس تمثل شريكا مهما للصين، لافتا إلى أهمية تطوير العلاقات وتوطيدها في مختلف المجالات .

وتطرّق زيهانق جينقو، إلى الأزمة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا والتي أثرت على جميع المستويات.
ولفت إلى أن شعوب العالم لديها رغبة كبيرة في التغيير والسلام ما يتطلب جهودا دولية ضخمة.

وتحدّث السفير عن التطورات الكبيرة التي عاشتها البشرية منذ قرن قبل إن يدخل العالم مرحلة الاضطراب، مشيرا إلى إن شعوب العالم لديها رغبة كبيرة من أجل السلام والتنمية والتقدم، أما جائحة كورونا فقد أثبتت إن أي بلد لا يمكن لوحده مواجهتها بل يتطلب الأمر إستجابة وهبّة جماعية.

بدورها أرجعت قعلول تباطؤ تطوير العلاقات الصينية- التونسية لضعف أداء الحكومات داعية إلى تفكيك العلاقات الكلاسيكية والاتجاه نحو جمهورية الصين الشعبية والقارة السمراء التي تعتبر مستقبل العالم.

وعبّر السفير عن سعادته بالمشاركة في الملتقى الذي نظمته سفارة بلاده مع المركز، وقال انه استمع بكامل اهتمام لجميع ملاحظات الضيوف ومداخلاتهم، وأضاف” أدركت الرغبة التي تحلو الجميع في تطوير العلاقات بين الصين وافريقيا من قبل أصدقائنا التونسيين والأفارقة “.

وفي مايتعلق بمداخلة لمتدخّل من ليبيا، أكد لسفير إن الصين تنتهج دوما سياسة من اجل السلام في ليبيا وأشار إلى الأسباب التي أدت الوضع الكارثي الذي عاشته ليبيا منذ 2011 وقال إن ذلك كان بسبب تدخل الغربيين في الشؤون الداخلية لليبيا.

ورحّب بالتقدم الكبير لعملية السلام في ليبيا معبرا عن استعداد الصين للرجوع إلى ليبيا وخاصة الشركات الصينية وقال” كان هناك العديد من الشركات الصينية تعمل في ليبيا قبل التدخل العسكري الذي حصل من قبل الغربيين.

وقال السفير الصيني، ” منذ وصولي إلى تونس تناقشت مع عدد من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين واعتقد إن موضوع إعادة الاعمار في ليبيا يلقى اهتمام من قبل الجميع وكل واحد لديه مصالحه، ولدينا في المقابل فكرة أودّ اقتراحها على أصدقائنا التونسيين لديكم علاقات متينة وخاصة ومميزة مع الشقيقة ليبيا ويمكن عن طريق شركات صينية ان نتمكن من تأسيس تعاون ثلاثي للمساعدة في إعمار ليبيا وهنا يجب على الشركات الصينية ان تبذل جهودا إضافية ثم ننظر مع أصدقائنا التونسيين إمكانية توقيع اتفاق بشن عدد من المشروعات للوصول إلى تعاون ثلاثي صيني- تونسي- ليبي.

وفي توضحيه حول سؤال يتعلق باختلال الميزان التجاري التونسي الصيني لصالح الأخيرة بين لسفير الصيني ان التعاون الثلاثي الذي اقترحه( الصين تونس ليبيا) يمكن ان يعوض بعض الشيء الخلل في الميزان التجاري الذي تعاني منه تونس).

وفي هذا الصدد أيضا ولتعديل جزء من الميزان التجاري السلبي بالنسبة لتونس قال إن قطاع السياحة بين البلدين يستحق التطوير وأشار إلى انه في 2017 ونتيجة رفع إجراءات التأشيرة عن الصينيين بدأنا نرى تطورا في أعداد الصينيين لتونس حيث بلغ عدده 30 ألف وشدّد على ضرورة إن” نبقى على تواصل مع المسؤوليين التونسيين والمؤسسات المعنية بالأمر بالتفكير معا في مابعد جائحة كورونا، وقال لدينا قناعة تامة بتطوير السياحة الصينية في تونس.

بدورها عبّر وزير التربية التونسي الأسبق حاتم بن سالم عن سعادته بالفرصة للتفكير اليوم في موضوع بالغ الأهمية لتونس وللقارة الأفريقية التي ننتمي إليها جميعا ، معبرا عن فخره بالانتماء ، متابعا’ اليوم لا يمكننا أن نتكلم عن الصين وأفريقيا دون أن نغادر السياق الدولي الذي تتعزز فيه العلاقات الدولية ، فنحن نعيش الآن فترة محورية في حياة الأمم، في حياة البشرية في وضع نهج جديدة في العلاقات الدولية ، لا سيما في ميدان التعاون ، و الأهمية الأولى اليوم فهم هذه الفترة المحورية لأنه لا يمكنك بناء المستقبل دون أن تكون لديك فكرة موضوعية واضحة ، بل وحتى حاسمة بالنسبة لحالة العلاقات الدولية اليوم،وسأبدأ سريعا بالاقتباس أو التحدث إليكم عن مفارقة تتمثل في أن تكون الولايات المتحدة اليوم قوة عالمية.

واعتبر بن سالم ان والولايات المتحدة الأمريكية صوت تاريخي لليبرالية الدولية ، التي تتحول إلى بلد حمائي ، وعلى الجانب الآخر لدينا الصين الشيوعية التي تعزز تحرير التجارة العالمية، مضيفا “وهذه المفارقة ليست قصصية ، بل إنها تبين اليوم أين ستكون في السنوات العشر القادمة ، وليس فقط السنوات العشر، ولكن أيضا في السنوات القادمة. وأعتقد أن أول من فهم ذلك هو على وجه التحديد اليوم القوة الرائدة في العالم – الأمم المتحدة ، ولا أريد أن أفصل أو أعمق تحليل سياسة الرئيس ترومب تجاه الصين ، ولكن ما أريد قوله اليوم هو أننا في وقت يجب فيه اتخاذ خيارات حاسمة لبلدنا لقارتنا”.

وأردف، “وهذه الخيارات واضحة، وهي في جانب التنمية ، وكنت قادرا على العيش معنا”.

وأكمل، “لقد استطعتم يا سعادة الأصدقاء الأعزاء أن تعيشوا معنا هذه التجربة الديمقراطية لما يسمى بالربيع العربي في البلد والعواقب المختلفة التي شهدناها معا والتي من المؤسف أن نتائجها اليوم سلبية بشكل واضح، واليوم ، من الأهمية بمكان أن نركز رؤيتنا الاستراتيجية على البيانات الضرورية لتنميتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وهذا البلد ، مثل تونس ، قارة مثل أفريقيا ، لا يمكنه أن يفعل بمفرده ، على الأقل خارج نطاق القوى الدولية الجديدة التي يجري إنشاؤها”.

بدوره عنون مصطفى بن عمر الباحث في العلاقات الدولية، محاضرته كالتالي، ” البعد الاستراتيجي للعلاقات الصينية الإفريقية في إطار تلازم بين التحديات و الفرص” .

وأشار إلى إن جلّ المتدخلين أو الباحثين في إطار البحث عن العلاقات الدولية يعترفون بأن التطورات الحاصلة في علاقة الصين بالقارة الإفريقية هو أهم حدث حاصل في القرن الواحد والعشرين ، ويتأكد ذلك من خلال الأثر المباشر لهذه العلاقة على الإقتصاد العالمي و التّداعيات التي تحصل حاليا في مجال العلاقات السياسية الدولية ، هذين المصطلحين الآثار و التداعيات يتحتمّ علينا بالاعتراف بالبعد الإستراتيجي لهذه العلاقات،وفق قوله .

وطرح بن عمر أسئلة مفادها ،ما هو جوهر هذا البعد الإستراتيجي ؟ ما هي الحاصلة الإستراتيجية لذلك ؟ كيف يمكن أن نؤطر هذه العلاقة نظريا من الناحية الإستراتيجية ؟ ما هي حصيلة الأعمال التطبيقية التي حصلت على بعض المرجعيات ؟ هل يمكن لنا أن نستشرف ما هو استراتيجي ؟

وأردف، “إذا على مستوى الماهية خلال الخمسينات طغى على البحث في جدوى العلاقات ما يسمى بالعقلانية المطلقة أو العقلانية الإقتصادية خاصة في العالم الأمريكي تطورت تدريجيا إلى السبعينات ، و في العالم الفرنكوفوني بالتحديد للبحث عن الأبعاد السياسية و المجالات السياسية لدعم و إضفاء النجاعة على هذه العلاقات ، ما تسمى بنظرية الأطراف الفاعلة التي ولدت في أوروبا و تمّ استغلالها في القارة الأمريكية لاحقا .

وترى الباحثة والجامعية أميرة قدور، التي ألقت محاضرة عنونتها كالتالي،”التوجهات التنموية الصينية في افريقيا، الحظوظ ومكانة تونس”، حيث ركّزت قدور على الجانب التقني ومايتعلق بالتكنولوجيا، حيث لا تزال تونس مغيبة نوعا ما من حيث الابتكار، متابعة، “لدينا اقتناع عميق بأنه على الرغم من هذه الفترة الديمقراطية الانتقالية الصعبة ، فإن بلدنا سيتمكن دائما من إقامة هذه المبادرات الدولية البالغة الأهمية والعمل كصلة وصل بينها”.

واستهلت بقراءة موجزة لمؤشرات الظهور الاقتصادي من خلال دراسة علمية أنشأها مركز البحوث الأفريقي “برام”، حيث وضع الباحثان ، GAZBOUو BAMIA ، مؤشرات للظهور الاقتصادي تحترم خصوصية القارة الأفريقية ، واستخدمت هذه المؤشرات لوضع جدول الأعمال الأفريقي لعام 2063.

وأردفت، “إن أفريقيا تمثل للعالم أرض الفرص الاقتصادية ، كما أظهرت أفريقيا مرونة اقتصادية فيما يتصل بأزمة “كوفيد19″ (2.6%).إذا نظرتم إلى مؤشر الظهور الاقتصادي يتم بناؤه على أساس التنمية السياسية والاقتصادية والإنسانية والمجتمعات ، لذا يتم احترام الحاجة إلى نهج جنساني تحولي”.

وألقى نزار الشعري رئيس منظمة تونيفزيون محاضرة بعنوان “شباب بذكاء حنّبعل و حكمة كونفوشيوس”، كيف يكون الشباب و المجتمع المدني قوة ربط ناعمة لدعم التنمية بين السين و افريقيا؟”

وتحدّث مؤسس المنظمة العاملة في مجال الشباب و القيادة في تونس : تونيفيزيونTunivisions ” ، والتي تتوزّع على أكثر من 160 ناد بالجامعات التونسية و على أكثر من 120 ناد بالمعاهد الثانوية في تونس، ويمثلون 16000 شاب في مختلف أنحاء الجمهورية .

كما تطرّق الشعري إلى طبيعة العلاقة التي تربط تونس بجمهورية الصين الشعبية ، قائلا،” نتحدث دائما عن الصين وعن أية علاقة نريدها بيننا و بينها، وآخر حديث كان لي مع شباب المنظمة بالنادي في جامعة العلوم التكنولوجية بقليبية ، حيث جمعنا لقاء عابر للقارات عبر الانترنت مع أصدقائنا في الصين للتعرف على فرص مواصلة الدراسة بجامعاتها من خلال عدد من البرامج المدروسة و المنح السخيّة و التي تسمح فالوقت الحالي لمئات من الطلبة من تونس لفتح آفاقهم العلمية و الحضارية في جامعات بيكين و شانغهاي و جين يان و تجينجي وغوانجو و غيرها.

وأضاف الشعري وعند السؤال عن تجربتهم قالوا إنّ المقاربة الصينية للعلاقات الدولية تحترم الآخر و تحترم حضارته وتدعو الى العمل المشترك للنجاح المشترك، فالإنسان كقيمة مهم جدّا في الحضارة الصينية والتوازن المرن الذي نراه في ” اليين- يونغ” وتمظهره في طرق العيش الصينية من مدارس مختلفة كالتايشي و الهوشو و الووشونغ وعديد المدارس الصينية التي تبرز الفهم العميق للحياة ونظرية الواحد التي تعطي لكل فرد في المجتمع مكانة مهمة في المجموعة .

ويعلل كلامه بمقوله لكونفيشيوس : ” الصديق هو الصديق الذي لا يخونك أبدا ..” وهذه الحكمة هي ما يبحث عنها شباب تونس في علاقاته القادمة مع العملاق الصيني ، فشبابنا يعلم أنّ الصين عكس الامبرياليات الغربية لم تحتل افريقيا و لا تبحث من خلال مشاريعها عن الاحتلال الناعم كما يروّج لها الإعلام الغربي ، ويتساءل ، هل وصلنا معا الى فعالية حقيقية في العلاقات الصينية التونسية ؟

ويردف، “الاجابة قطعا لا ، ونحن أبعد ما نكون عن تحقيق التفاعل المرجو لأن الصين كانت تعتمد في علاقاتها مع العالم على آليات واضحة كما عهد كونفيشيوس والمنح الدراسية والموجهة للهيئات الرسمية أي الحكومات، والصين تعلم ونحن نعلم أن ضغوط الشركاء التقليديين لإفريقيا من أوروبا وأمريكا تقوم بكل ما هو ممكن لإفشال تطور هذه العلاقة بشكل حقيقي ويتماشى مع النمو المتميز للعملاق الصيني في القرن الجديد”.

By Zouhour Mechergui

Journaliste