الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

طهران-ايران-رباب حدادة-9-1-2021

“أرض الآريين “.. هذا المعنى لكلمة إيران في اللغة الفارسية القديمة ليس مجرد تسمية وإنما شعور بالتميز يحمله الإيرانيون بانتمائهم إلى أحد أقدم الأعراق البشرية، لذلك كانت السياسة الخارجية الإيرانية متلونة بنزعة توسعية ثقافية تقوم على إعادة إنشاء الإمبراطورية الفارسية وحكم الآريين ..هذا التوجه القومي في السياسة الخارجية بدأ منذ فترة حكم الشاه الذي طالب بجزر الإمارات والبحرين كـ”حق طبيعي باستعادة الأراضي التاريخية”.

غير أن هذا التوجه رافقه توجه ديني بعد ثورة 1979 وإرساء ولاية الفقيه بزعامة الإمام الخميني لينضاف إلى الإنتماء الفارسي انتماء ديني يقوم على نشر المذهب الشيعي الجعفري الذي دخل بلاد فارس مع الصفاويين في 1501 ميلادي.

أصبح التوسع الإيراني يستمد شرعيته من مبدإ “تصدير الثورة” ونشر الفكر الشيعي ما جعله في تنافس مع الدول التي تتزعم الإسلام السني سوى العراق في فترة حكم صدام حسين أو المملكة العربية السعودية وتركيا في الفترة الحالية، لذلك تسعى إيران إلى فرض وجودها كقوة إقليمية والتذكير بمكانتها السياسية في منطقة الشرق الأوسط، من ذلك مواجهتها لتنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق الذي كان بطاقة الدخول الإيراني إلى العراق والتدخل في السياسات الداخلية لدول المنطقة.

منذ 2003 تغيرت الخارطة الجيو سياسية في منطقة الشرق الأوسط وتدعّم الوجود الإيراني منذ تلك الفترة خاصة في إقامة تحالف مع النظام السوري ودعم وصول الحركات الشيعية إلى السلطة في العراق وذلك في إطار عرض قوي معهود تقوم به إيران للتذكير بمكانتها الدولية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والإتحاد الأوروبي.

تمكن النفوذ الإيراني أكثر من خلال الثورات العربية في 2011 إذ استغل إرساء أنظمة جديدة ليبسط نفوذه فكان دعم المسلحين في سوريا الى جانب التدخل في اليمن ودعم الحوثيين بالأسلحة لتضييق الخناق على المملكة العربية السعودية، وقد رافق ذلك تدخلات عديدة في دول شمال إفريقيا من خلال تسليح الميليشيات في ليبيا والتوغل الثقافي في الجزائر.

إلى جانب دول الشمال الإفريقي، عرفت مناطق إفريقية أخرى تدخلا إيرانيا مثل القرن الإفريقي ودول غرب القارة كنيجيريا وساحل العاج والسنغال وهي مناطق ذات أهمية إستراتيجية عالية.

ونجحت إيران في أن تجد لها موطئ قدم في بعض دول المناطق المذكورة بسياسة خفية وناعمة على عكس سياستها في الشرق الأوسط التي قامت على التسليح والدعم العسكري.

وتختلف السياسة الخارجية الإيرانية في إفريقيا عن سياسات باقي الدول التي تسعى إلى بسط نفوذها من خلال التعاون مع حلفاء شرعيين في السلطة، إذ تعمل إيران على بسط نفوذها من خلال دعم الأقليات والتنظيمات المنشقة والأطراف الداخلية واكتساب دعم شعبي من الشيعة في بعض الدول وأن تكون حليف من لا حليف له بالتعاون مع الدول التي فرضت عليها عقوبات إقليمية مثل أوغندا وغامبيا .

تفصل إيران عن إفريقيا شبه الجزيرة العربية وقد سعت إيران إلى ضمان منفذ لها على البحر الأبيض المتوسط من خلال دعم التحالف مع النظام السوري ومن خلال نفوذها في لبنان بواسطة حزب الله وحركة أمل، غير أن التدخل الأمريكي في سوريا حال دون ذلك منذ اندلاع الحرب إلى غاية 2018 حين أعاد ترامب تموقع القوات الأمريكية بسحب جزء منها من شمال شرقي سوريا وإعادة تموضعها في بعض القواعد والمعسكرات في شمال وغربي العراق ليفتح المجال مجددا أمام إيران لتجد لها معبرا بريا منفتحا على البحر الأبيض المتوسط والشمال الإفريقي .

كما تستعمل إيران،في مشروع هيمنتها العقدي،على إقامة المنظمات والجمعيات وخاصة عبر مراكزها الثقافية التي تستقطب من خلالها الكثير من الشباب والإعلام وبالتالي الدخول عبر الإيدولوجيا الشيعية مستغلة هشاشة الدولة وفقر البلدان الإفريقية التي تفتقر لكثير من مرافق الحياة كالصحة والتعليم والبنية التحية.

ومن بين أهم المؤسسات الإيرانية نجد”جامعة المصطفى” المتمركزة في 17 دولة إفريقية من خلال 100 مؤسسة ومركز تعليمي ديني وتشرف هذه الجامعة على تدريس 6 آلاف “رجل دين” إفريقي في إيران وخارجها.

ويعتبر قطاع الصحة من أهم نوافذ الدخول الإيراني إلى إفريقيا حيث قامت إيران بإنشاء العديد من المستشفيات الكبرى والمتوسطة، من أهمها مستشفى هراري في زمبابوي، ويتم تسيير أغلب هذه المؤسسات الصحية بإشراف الهلال الأحمر الإيراني (12 مستشفى).


دوافع التوسع الإيراني في إفريقيا

بالرغم من أن منطقة الشرق الأوسط تظل أرض النفوذ الإيراني في المقام الأول وحزامها الأمني غير أن إفريقيا كذلك أضحت محط اهتمام بالغ للقوى الدولية والإقليمية بما في ذلك إيران.

وتأتي في صدارة المصالح الإيرانية نشر الفكر الشيعي في الدول الإفريقية و”العمل على إعادة تشكيل الإسلام الإفريقي” بما أن أكثر من 55 بالمائة من الأفارقة مسلمون وبالتالي مشروعها ببناء دولة إسلامية شيعية ممتدة سيكون منقوصا إذا لم يتم التركيز على ما يقارب 582 مليون مسلم إفريقي.
وتعتمد إيران في نشر فكرها الديني على مؤسسات تعليمية كما سبق وأشرنا، إلى جانب الإعتماد على الجالية اللبنانية الشيعية التابعة لحزب الله والمنتشرة في عدد كبير من الدول الإفريقية حيث استقروا هناك بعد هجرتهم من لبنان بسبب الحروب الأهلية.

كما أن هذه المساعي ترمي إلى فك عزلتها على الساحة الدولية وكسر تصنيفها من قبل الولايات المتحدة صمن “محور الشر” ، من خلال اكتساب دعم دولي من المنظمات (عدد الدول الإفريقية الممثلة في منظمة الأمم المتحدة 54 دولة) ومن خلال توسيع علاقاتها الدولية مع دول من الممكن الضغط عليها واكتساب تحيزها عبر المساعدات المالية والعسكرية.. فجيبوتي مثلا كانت حتى 2016 طريقا للأسلحة الإيرانية ،نحو اليمن وفلسطين بما أنها تطل على مضيق باب المندب والبحر الأحمر،تلك الأسلحة المتأتية في جزء منها من المصانع الإيرانية للأسلحة في إفريقيا وكان أحدها مصنعا بالسودان تم تدميره في 2012.

وليست منطقة القرن الإفريقي فقط طريقا للأسلحة فهي نقطة بالغة الأهمية بالنسبة لإيران نظرا لقربها من اليمن حيث تدعم إيران الجماعات الحوثية، كما تطل على السعودية المنافس الأهم في الشرق الأوسط بعد سقوط العراق.

لذلك ركزت إيران على كل من إرتريا والصومال وجيبوتي التي أقامت فيها مقرا للبرلمان وعدة مراكز تجارية واستغلت الموانئ البحرية، فاختارت جيبوتي الحلف الخليجي وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في عام 2016 بعد أن تم الهجوم على السفارة السعودية في إيران…

من الناحية الإقتصادية تمثل إفريقيا مصدرا هاما للتمويلات الإيرانية، وهي سوق للأسلحة الإيرانية نظرا لكثرة النزاعات في الدول الإفريقية وارتفاع نسبة التسلح.


كما تمثل إفريقيا سوقا تجارية هامة تضم أكثر من مليار شخص وبالتالي تشكل مجالا هاما لاستهلاك المنتجات الإيرانية ودعم المداخيل التجارية إلى جانب مداخيل النفط التي تعتمد عليها إيران بالأساس وتتأثر دائما بالوضع الدولي كأزمة كورونا في الفترة الأخيرة.

من جهة ثانية تمتلك أراضي القارة السمراء مخزونا هاما من اليورانيوم.. فبالرغم من أن إيران لها احتياطي يورانيوم غير أنها تبحث عن مصادر أخرى تضمن استمرارية مشاريعها النووية على المدى الطويل، وعلى سبيل المثال،تركز إيران تعاملها التجاري مع غينيا كوناكري منذ اكتشاف احتياطي هام لليورانيوم فيها في 2007 لتتنامى المعاملات التجارية بين البلدين بنسبة 140 بالمائة في 2010.


اليورانيوم ليس الثروة الوحيدة التي تبحث عنها إيران وإنما كذلك مناجم الذهب وأبار النفط، وكلها موارد اقتصادية هامة تغذي مصالح إيران خاصة في ظل ضعفها الإقتصادي الناتج عن العقوبات الاقتصادية و قلة الشركاء التجاريين.
نقاط التدخل الإيراني


الجزائر:


ربطت إيران والجزائر علاقات وطيدة في بداية الثورة الإيرانية وكانت الجزائر هي الراعي للمصالح الإيرانية في واشنطن غير أن الصراع بين الدولتين بدا عندما اتهمت الجزائر إيران بتمويل “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” وقطعت العلاقات بشكل رسمي في 1993.

عادت العلاقات الجزائرية الإيرانية في 2000 بعد لقاء الرئيسين بوتفليقة وخاتمي، غير أن الأوضاع سرعان ما عادت للتوتر بشكل أكبر بعودة الأطماع الإيرانية للتدخل في الثقافة الشعبية الجزائرية من خلال نشاط عدد من المبعوثين الإيرانيين مثل أمير موسوي وهو كاتب وإعلامي إيراني، يشغل منصب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية بطهران وتم تعيينه في 2016 ملحقا ثقافيا في السفارة الإيرانية بالجزائر، إلا أن المد الشيعي تعرض لصد قوي من مختلف الجهات في الجزائر الحكومية والمدنية ونظمت حملات مضادة لنشاط موسوي، وقال الكاتب الجزائري أنور مالك:”موسوي يقوم بنشر التشيع في الجزائر من خلال تنظيم زيارات لجزائريين إلى قم وطهران.. جرى اختيار موسوي بعناية لكونه كان يتردد على الفضائيات العربية وبات معروفاً للجمهور العربي، وتم استغلال ظهوره لنشر التشيع…تجاوز مهمته الدبلوماسية”

وأشار مالك إلى وجود”خلايا سرية لنشر التشيع في الجزائر”، وأن”موسوي التقى بضباط في جهاز الإستخبارات و”ما يقوم به يهدد الأمن القومي الجزائري”.

ظهرت منذ 2015 حركات شيعية في الجزائر لم تعرف قبل ذلك وبدأت صفحات التواصل الإجتماعي تحمل أسماء لمجموعات شيعية جزائرية مثل “شيعة الجزائر” التي يشرف عليها محمد العامري الذي اعتبر الجزائر أرضا خصبة للفكر الشيعي الذي انتشر حسب ما قاله العامري من خلال أئمة من لبنان و سوريا و العراق.

خرجت التحركات الشيعية في الجزائر وقد لوحظ انتشار الرسوم الحائطية وتبعه توزيع للمنشورات الداعية إلى الفكر الشيعي خاصة في ولايات خنشلة وغرداية و بسكرة.


السنغال


السنغال من الدول الواقعة في أقصى الغرب الإفريقي ولها واجهة بحرية ممتدة على المحيط الأطلسي لذلك استقطبت أنظار إيران خاصة أن لها عوامل تسهل التدخل الإيراني من خلال جالية لبنانية في السنغال تتراوح بين 20 و 30 ألف نسمة وتتركز في المدن الكبرى كدكار، تياسي ،مبكي ولوغا .

بدا تشييع الشباب السنغالي من خلال إرسال موسى الصدر لرجل الدين اللبناني عبد المنعم الزيني الذي ذكر في كتاب له مجهودَه في تشييع السنغاليين. وكان للتعاليم الدينية أثر كبير في نشر الفكر الشيعي، وقامت إيران بفتح فرع لجامعة المصطفى في السنغال تستقطب سنويا قرابة 150 طالبا إلى جانب مؤسسات شيعية أخرى مثل مؤسسة “المزدهر” و”الفجر” وتعمل هذه المؤسسات على التوغل في المجتمع من خلال أنشطة ثقافية واجتماعية، كما تقوم بتقديم العديد من الخدمات المجانية وتمويل الأنشطة الشبابية .

هذا التأثير المجتمعي رافقه تدخل رسمي من إيران بافتتاح المشاريع الصناعية وتبادل الزيارات الدبلوماسية بين الدولتين. نتيجة لذلك ازداد عدد الشيعة في السنغال في العقود الأخيرة غير أن المد الشيعي وجد له مكانة متنامية في المجتمع السنغالي وبات عدد الشيعة فيه غير معروف.


منطقة القرن الإفريقي


تعد هذه المنطقة ذات أهمية كبرى خاصة دول البحر الأحمر وخليج عدن وهي الصومال وإريتريا وجيبوتي لما تمكنه من السيطرة على حركة التجارة والطرق العسكرية بين البحر الأحمر وقناة السويس إلى الشرق الأوسط وأوروبا، وقد كان لإيران كباقي الدول نفوذ في هذه المنطقة إذ مثلت جيبوتي لسنوات محطة عبور للأسلحة الإيرانية نحو اليمن، كان ذلك مقابل الدعم العسكري البحري من إيران إلى جيبوتي خاصة في نزاعاتها الحدودية مع إريتريا والتي تعهدت في المقابل بعدم دعمها.

كما عرفت انتشارا للفكر الشيعي من خلال دعاة إيرانيين في زياراتهم العديدة إلى جيبوتي إلى جانب المراكز الدينية الإيرانية كمؤسسة “أهل البيت” التي أقيمت في 2014.

تغير الموقف الجيبوتي من إيران في السنوات الأخيرة وأصبحت الدولة تدعم استعادة الشرعية في اليمن غير أن التوتر لم يمنع الوجود الإيراني في موانئ جيبوتي حتى اليوم.

وتعد إريتريا من أهم نقاط التمركز الإيراني عسكريا في ميناء عصب وهو ثاني اكبر ميناء في الدولة حيث قامت إيران بتركيز قواعد للصواريخ بعيدة المدى وأرسلت العديد من قوات فيلق القدس الذراع العسكرية لإيران، والأكثر غرابة أن الدولة تجمع بين مركز عسكري بحري لإيران وبين ثاني أكبر قاعدة عسكرية إسرائيلية خارج الأراضي المحتلة.

أما مذهبيا فقرب إريتريا من اليمن جعلها تضم عددا من الشيعة اليمنيين الداعمين لإيران الذين عملوا على نشر الفكر الشيعي بمساعدة المؤسسات الإيرانية، كما استطاع الفكر الشيعي التمدد من خلال احتواء الحركات الصوفية سواء في دول القرن الإفريقي أو السنغال وتتمتع هذه الطرق الصوفية بقوة تأثير شعبي تضمن لها انتشارا سريع وخفيا في الفكر المجتمعي.


السودان


كان السودان أول مناطق التدخل الإيراني بعد الثورة وعرف خلال فترة الثمانينات مدا شيعيا كبيرا من خلال المراكز الدينية التي افتتح أولها في 1988 تحت حكم الصادق المهدي وانتشرت الحركات الشيعية وأهمها الحسينية التي أشارت التقارير إلى أن عددها بلغ 20 مجموعة في العاصمة الخرطوم

تنامي الفكر الشيعي رافقته أصوات منادية بإقامة نموذج سياسي إيراني ما دق ناقوس الخطر للدول الإقليمية وعلى رأسها مصر والمملكة العربية السعودية التي ضغطت بكامل ثقلها السياسي لوقف المد الشيعي ما أدى إلى ظهور ردود فعل سودانية طالبت بصد الفكر الشيعي فقامت الحكومة السودانية بإغلاق المراكز الإيرانية وقطع العلاقات مع إيران، وبلغ التوتر بين الدولتين أوجه بعد سقوط حكم البشير.

تم كذلك إضعاف الوجود العسكري الإيراني من خلال توجيه هجمات جوية ضد المصانع الإيرانية ونقاط التمركز العسكري خاصة من قبل القوات الإسرائيلية المتمركزة في أسمرة .


الخاتمة


إن السياسة الخارجية الإيرانية تعرف ضعفا هيكليا واضحا فهي تعجز عن الحفاظ عن حلفائها في إفريقيا ما يجعلها في تنقل دائم للبحث عن وكلاء جدد. كما أنها لم تستطع إقامة علاقات وثيقة مع الجزائر وخسرت حلفائها في الشرق الإفريقي نظرا للضغط الإسرائيلي والأمريكي والخليجي الرافض لتصاعد الوجود الإيراني في البحر الأحمر بل يبقيه في مستوى تعجز فيه إيران عن تهديد مصالحه.

أما وجوده في مناطق الغرب فهو وجود فكري ضعيف لا يملك ما يكفي من الثقل لتحريك الأوراق لصالح إيران إلا في فرضية واحدة هي عمل إيران بسياسة المدى الطويل.. فارتفاع عدد الشيعة الإيرانيين في دول الغرب الإفريقي يتنامى ببطء ولكنه في العقود القادمة قد يصبح ذا تأثير لدعم النموذج الشيعي الإيراني .

ما يضعف الإشعاع الدبلوماسي الإيراني هو صورة إيران الدولية وإشعاعها الفكري خارج حدودها، فمثلا الفكر الشيوعي برغم انطلاقه من روسيا استطاع نسخ النموذج الإشتراكي في دول عديدة مشكلا القوة السوفيتية التي سيرت العالم لفترة طويلة.

لكن إيران تعجز عن هذا التناسخ لأنها لا تملك تماسكا داخليا كافيا، فهي تعيش أزمة تصدع في الداخل بين تيار حداثي يطالب بانفتاح خارجي وتطوير الآليات الحكم والتعامل الخارجي وبين شق راديكالي متصلب يعمل على الإبقاء على الهيكلة السياسية الدينية ما يجعل قادة السلطة في إيران يتبعون سياسة صارمة للحفاظ على وحدة الموقف السياسي أمام تصاعد نفوذ الفقيه وضعف المؤسسات السياسية الأخرى.

كما أسهم عدد أحكام الإعدام للمعارضين وسجن الناشطين الحقوقيين والتضييق عمل المجتمع المدني بطاقة رابحة لمنافسي إيران في توجيه الإنتقادات الدولية وإطفاء أي محاولة لإشعاع النموذج الإيراني، وبالتالي لم تستطع إيران أن تصنع بيئة عمليات ملائمة لتدخلها في أي دولة باستثناء العراق الذي لعب عامل القرب الجغرافي وعامل الإنتشار الشيعي دورا هاما في صنع مناخ للسيطرة الإيرانية في العراق تواصل اقتسامه مع الولايات المتحدة الأمريكية الرافضة للتراجع عن وجودها في العراق نظرا لأهمية الدولة في تسيير منطقة الشرق الأوسط.

By Zouhour Mechergui

Journaliste