الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

المستشار السياسي المصريي: حسين موسى :19-3-2020-القاهرة-مصر

برز على الساحة الدولية مصطلح النظام الدولي الجديد ليعبر عن حقبة جديدة في العلاقات الدولية لها سماتها وخصائصها المميزة والتي بشر بها البعض على أنها نهاية التاريخ بينما يراها الأكثرية مجرد مرحلة من مراحل تطور العلاقات الدولية التي مرت عبر تاريخها بالعديد من الدورات والنظم وستأتي وتنتهي كغيرها ليحل محلها نظام دولي جديد ومرحلة لاحقة من مراحل العلاقات بين الدول. ويقصد بالنظام الدولي مجموعة الوحدات السياسية -سواء على مستوى الدولة أو ما هو أصغر أو أكبر- التي تتفاعل فيما بينها بصورة منتظمة ومتكررة لتصل إلى مرحلة الاعتماد المتبادل مما يجعل هذه الوحدات تعمل كأجزاء متكاملة في نسق معين. وبالتالي فإن النظام الدولي يمثل حجم التفاعلات التي تقوم بها الدول والمنظمات الدولية والعوامل دون القومية مثل حركات التحرير والعوامل عبر القومية مثل الشركات المتعددة الجنسية وغيرها.
ثانيا : خصائص النظام الدولي الجديد:
• القطبية الأحادية Uni-polarity
• تعدد الفاعلين الدوليين
• تعدد الدول وجود السلاح النووي وسيادة مبدأ توازن الرعب النووي
• اضمحلال دور القانون الدولي وازدواجية المعايير
• تآكل سيادة الدول واستمرار عدم التوازن في القوى
• تغير مفهوم القوة وظهور المنظمات الاقليمية
• الميل نحو التكتلات الدولية الكبيرة
• الثورة التكنولوجية وظهور خاصية اللاتجانس
• تصاعد التوترات والصراعات
شكل الصراع في النظام العالمي قبل ظهور الفيرس ( ما قبل 2020م ) :
السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية :
تصف استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية التي نُشرت في وثيقة الرئيس الأمريكي ترامب عام 2017، أن الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران والمنظمات الإسلامية المتطرفة يعملون كوكلاء يقاتلون الولايات المتحدة من أجل السيطرة على النظام العالمي، وعلى الرغم من أن هذه الوثيقة تخدم المصلحة الأمريكية في المقام الأول، إلا أنه وصف حقيقي لهيكل النظام الحالي المتعدد الأقطاب، وذلك على عكس ما حدث في الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، فإن هذه القوى التي تتنافس حاليًا ضد فكرة الديموقراطية والليبرالية ليس لديهم قيادة مشتركة ولكنهم يأتون من أماكن مختلفة ويحملون أيدولوجيات مختلفة والقاسم المشترك بينهم هو العداء لفكرة الليبرالية والديموقراطية، ويتصرفون بدافع الإذلال الذي مارسه الغرب وأضر بمكانتهم.
السياسة الخارجية للصين :
يُعتبر الرئيس الصيني شي جين بينغ، من ممثلي القوى المتنافسة على النظام العالمي، حيث يدعو إلى محو الإهانة التي تعرضت لها الصين من قبل الاستعمار الغربي في منتصف القرن الـ19، ويسعى جاهدًا لإعادة الصين إلى موقعها العالمي المتقدم، وتتحدى الصين الديموقراطية الغربية الليبرالية كنموذج للحكم في العالم من خلال تقديم نموذج حُكم آخر ألا وهو “الاستبداد الرأسمالي” أي اقتصاد مركزي إلى جانب اقتصاد السوق الحُر، والإشراف الهائل عليها والاختراق من خلال التكنولوجيا، وقمع الأقليات ومعارضي النظام، ووفقًا لهذا النموذج تنبع شرعية النظام من إنجازاته وليست من الدعم المجاني الذي تقدمه للمواطنين. ميل النظام الرأسمالي الاستبدادي الصيني لأن يصبح أكبر اقتصاد في العالم، إذ يستثمر بطرق مختلفة تريليونات الدولارات في عشرات البلدان وذلك من خلال مشروع الحزام والطريق وهو عبارة عن “حزام قاري من البنية التحتية تم إنشاءه على طريق الحرير البحري لجذب الاستثمارات الأوروبية والأسيوية والأفريقية”، حيث تعمل الصين على دفع الولايات المتحدة الأمريكية خارج نطاق المحيط الهادي/الهند، وتعمل من أجل تغيير النظام العالمي والمؤسسات الدولية التي تم تطويعها من أجل خدمة أهداف الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من ذلك فإن الصين لا تسعى إلى استبدال الولايات المتحدة كدولة رائدة على العالم، وذلك يرجع بشكل رئيسي إلى الآثار المترتبة عليها حيث المسؤولية والعبء الاقتصادي.
السياسة الخارجية لروسيا :
يُعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ممثل آخر للقوى المتنافسة على الساحة العالمية، والذي يسعى إلى إعادة مجد روسيا القيصرية ومكانتها في التاريخ على الساحة الدولية. و كانت الهيمنة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة حالة شاذة سمحت للولايات المتحدة تفعيل عدد من الإجراءات والأدوات (التدخل العسكري، العقوبات، حرب المعلومات) لتعزيز مصالحها على حساب لاعبين آخرين في الساحة الدولية- لاسيما على حساب روسيا – لذلك تعمل روسيا على تغيير هذا الواقع واستعادة الوضع الذي تعتبره مناسبًا لها كقوة عالمية. ويُدرك بوتين تمامًا أن روسيا غير قادرة على التنافس اقتصاديًا مع الولايات المتحدة والصين، وبالتالي فهي تدعو إلى خلق عالم “متعدد الأقطاب” تحظى بموجبه روسيا باعتبارها واحدة من القوى العُظمى على امتيازات تعترف بنفوذها
الشرق الاوسط وثورات ربيع عربي ونزاعات اهلية :
لا تزال الاضطرابات في الشرق الأوسط مستمرة، فقد تم إسقاط القادة الاستبداديين البارزين، بمن فيهم عبد العزيز بوتفليقة (الجزائر)، وعمر البشير (السودان)، حيث كانت الاضطرابات بسبب النظام الاقتصادي في المنطقة(بطالة الشباب، والفساد، واقتصاديات الظل، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، والاعتماد على النفط) بالإضافة إلى الصراع على الهوية (الدينية والطائفية والقبلية) والذي لم يتم حله منذ عام 2011، كذلك تم الإطاحة برؤساء مصر واليمن وليبيا في الموجة الأولى من الاضطرابات عام 2011 ، وفي سوريا والتي بدأت الاحتجاجات بها عام 2011 أدت الاضطرابات إلى اشتعال حرب أهلية دموية، أدت إلى بقاء بشار الأسد في الحكم، فعلى الرغم من المؤازرة الكبيرة من قبل إيران وحزب الله وروسيا، إلا أن بقائه كان ممكنًا لأن السوريين خلّصوا إلى أن حكمه الديكتاتوري أفضل من الفوضى التي خلقتها الحرب ومن البديل الإسلام الراديكالي. والوضع في ليبيا ايضا مضطرب بين الجيش الليبي وحكومة الوفاق ويستثنى من ذلك مصر التى استطعت ان تخرج من ازمة الربيع العربي باقل خسائر ممكنة
الروية التحليلية للنظام العالمي :
تتفق القوى المتنافسة على النظام العالمي، حول وجهة نظر تتعلق بهشاشة الديموقراطيات الغربية الليبرالية وضعفها الهيكلي، وذلك الأمر ظهر من خلال الخسارة التي يتعرض لها كلا الجانبين، حيث صعوبة التعامل مع الحروب طويلة الأمد، والقيود الناشئة عن استراتيجية الحرب التي تبناها الغرب والتي اعتمدت على التكنولوجيا المتقدمة. والآن يتحول القرن الـ21 إلى مجموعة أيدولوجيات عالمية كبيرة، حيث يُشدد معارضو فكرة الديموقراطية الليبرالية على مركزية الدولة القومية والتي تمتلك السيادة على مؤسساتها ويتحكمون في الترتيبات الدولية ويتعاملون بشكل أكبر مع شؤون دولهم من خلال متابعة ما يجرى خارج حدودهم، وذلك على عكس الشيوعية والفاشية، الذين لا يقترحون فكرة أيدولوجية عالمية مثل “الحرية” و “المساواة” والتي يجب أن تُساهم في إرشاد جميع مواطني العالم، كما أنهم يتفهمون أيضًا أن اقتصاد القرن الـ21 والذي ساهمت العولمة في تشكيله لا يسمح بعزل الدول حتى لو كانت قوية جدًا في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية، لذلك يتم تحديد بعض الدول على أنها أمة ذات سيادة ولها هوية فريدة، ووفقًا لهذه الفكرة ستحترم كل دولة هوية وسيادة جيرانها حتى يستطيعوا العيش مع بعضهم في سلام
فيروس كوفيد -19 ( كرونا ) بين الظهور الطبيعي والتخليق الصناعي :
تساءل الجميع عقب ظهور فيرس كوفيد – 19 هل هذا الفيرس مخلق أي انه اصطناعيا من صنع البشر ام انه ناتج من تفاعل البشر مع الطبيعة واخلاله لقوانين التوافق التي خلقه الله عليها وفى كلتا الحالات فان هذا الفيرس يمثل تحولا كبيرا على كافة المسارات الدولية الاقتصادية والسياسية والانسانية ايضا فتعد فيروسات كورونا فصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب اعتلالات تتنوع بين الزكام وأمراض أكثر وخامة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV)، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس) (SARS-CoV). ويُمثِّل فيروس كورونا المستجد (nCoV) سلالة جديدة لم يسبق تحديدها لدى البشر من قبل. وتعد فيروسات كورونا حَيَوانِيّة المَصْدَر، ويعني ذلك أنها تنتقل بين الحيوانات والبشر. وتوصَّلت الاستقصاءات المستفيضة إلى أنَّ فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس) قد انتقل من سَنَانير الزبَّاد إلى البشر، بينما انتقل فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية من الجمال الوحيدة السنام إلى البشر. وينتشر العديد من فيروسات كورونا المعروفة بين الحيوانات، ولم تُصيب البشر بعد .وتشمل الأعراض الشائعة للعدوى أعراضًا تنفسية والحمى والسعال وضيق النفس وصعوبات في التنفس. وفي الحالات الأكثر وخامة، قد تسبب العدوى الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم، والفَشَل الكُلَويّ، وحتى الوفاة.
كوفيد -19 سلاح بيولوجي غير الخريطة الاقتصادية العالمية :
الصراع الصيني الأمريكي :
تنبأ بعض المفكرين السياسيين أمثال الفرنسي ( جاك أتالى ) ان عام 2019 سوف تكون سنه المواجهة بين الصين والولايات المتحدة – فقدد اعلن الرئيس الأمريكي ترامب حرب تجارية من طرف واحد تجاه الصين ثم تفاعلت الصين لاحقا مع هذه الحرب . والحقيقة ان الصراع بين الولايات المتحدة والصين هو صراع اممى وليس صراع دول فهو تجاوز صراع بسط النفوذ والاقتصاد والسيطرة الى مرحلة صراع الافكار والمفاهيم والمناهج والآليات منطق القوه هنا يختلف فالقوة الامريكية هي قوة النفوذ العسكري والهيمنة في المؤسسات الدولية اما مفهوم القوة لدى الصين هو امتلاك وسائل الدفاع عن النفس لتحقيق السلم وليس الحرب فعملت على تطوير منتجات الذكاء الصناعي وتطوير قدراتها الدفاعية الالكترونية والدخول في عالم السيطرة الفضائية وفيما يلى نستعرض ملامح هذا الصراع :
• أشار رئيس منظمة التجارة العالمية البرازيلي روبيرتو أزيفيدو إلى أن هناك مؤشرات قوية لاندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين وقال أزيفيدو في ذات المقابلة بأن مستقبل العالم الاقتصادي سيكون مظلما في حال نشوب حرب كهذه ، وعلى نفس الوتيرة يتنامى الصراع التجاري الأمريكي الصيني يوما بعد يوم ، وقد دخل هذا الصراع مراحل حساسة سواء من حيث زيادة حجم الرسوم الجمركية المفروضة من الطرفين أو من خلال توسع وتنوع المجالات الاقتصادية التى تستهدفها حكومات البلدين بهذه الرسوم.هذه الوضعية أربكت السوق العالمية حيث توقع العديد من خبراء الاقتصاد حصول كساد عالمي بسبب التوتر التجاري بين قطبي الاقتصاد العالمي، وقد زاد من هذه المخاوف الدعوات المتتالية من الاتحاد الأوربي بضرورة حل المشاكل التجارية العالقة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بشكل عاجل حيث أن تنامى هذا الصراع و توسعه يهدد الاقتصاد العالمي بأزمة عنيفة بدأت بعض ملامحها تجتاح دول العالم. تسلط هذه المقالة الضوء على تطورات الصراع التجاري الأمريكي – الصيني وتداعياته على الاقتصاد العالمي.
• هبطت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة – وهي أكبر سوق للمنتجات الصينية – بنسبة 16 % لتصل إلى 44.4 مليار دولار تحت ضغط التعريفات الجمركية العقابية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في معركته لكبح طموحات بكين التوسعية. وبالرغم من تواصل المفاوضات بين واشنطن وبكين إلا أن حرب الرسم الجمركية لا تزال مستعرة ، فقد بلغت قيمة التعريفات الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية 360 مليار دولار ، بينما بلغت قيمة الرسوم الجمركية الصينية على المنتجات الأمريكية 110 مليار دولار.
• اصدر لرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى اغسطس 2019 “أمرا واجب النفاذ” للشركات الأمريكية بمغادرة الصين بعد إعلان بكين فرض تعرفات جمركية على سلع ومنتجات أمريكية وتعهد ترامب بالرد على بكين بعد أن كشفت السلطات الصينية النقاب عن خطة لفرض تعرفة جمركية بواقع 10 في المئة على سلع ومنتجات أمريكية بقيمة قد تصل إلى 75 مليار دولار سنويا.
• غرد ترامب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قائلا: “لا نريد الصين، وبصراحة، سنكون أفضل بكثير بدونهم”. أضاف: “بلادنا فقدت، بغباء، تريليونات الدولارات أثناء التعامل مع الصين على مدار سنوات عدة. لقد سرقوا حقوق الملكية الفكرية الخاصة بنا، والتي تُقدر بمئات المليارات سنويا. إنهم يريدون الاستمرار في ذلك، لكنني لن أسمح لهم”
كرونا المستجد ونظرية الحسم :
اعلن تشاو لي جيان، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، عن وجود اثباتات تؤكد على أن وكالة المخابرات المركزية هي التي نشرت فيروس كورونا في الصين. وأشار الدبلوماسي الصيني، إلى وجود أدلة تؤكد أن فيروس COVID-19 تم إنشاؤه من قبل علماء أمريكيين عام 2015.ويذكر أن الولايات المتحدة زودت الصين بجميع المعلومات التي بحوزتها عن فيروس كورونا المستجد. وقد اكتشف خبراء الصين في الأرشيف مقالة منشورة عام 2015 في مجلة Nature Medicine، تؤكد على أن علماء الولايات المتحدة تمكنوا من الحصول على نوع جديد من فيروس كورونا، له تأثير مباشر في الإنسان.والحقيقة اذا تتبعنا النقاط التالية سوف تتكشف لنا الحقيقة حيث :
1- اذا ما نظرنا إلى توقيت انتشاره، والذى يتزامن مع توقيع المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بشأن خلافاتهما التى طفت على السطح منذ صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض قبل 3 أعوام، على اعتبار أن اختلال الميزان التجارى بين البلدين، من وجهة النظر الأمريكية يرجع في الأساس إلى تلاعب صيني سواء بعملتها، أو عبر تقديم منتجات مصنوعة بمواد أقل جودة من نظيرتها الأمريكية، وبالتالي يمكن بيعها بأسعار أرخص، وإغراق السوق الأمريكية على حساب المنتج الأمريكى. وهنا يمكننا القول بأن انتشار الفريس الخطير في الصين، يعد بمثابة مرحلة حاسمة فى الصراع الأمريكى الصيني، حيث أنه يقدم نقاط إضافية لواشنطن فى صراعها التجاري مع بكين، من خلال مزيد من الإجراءات الأمريكية المتوقعة تجاه كل ما هو قادم من الصين، سواء من الأشخاص أو المنتجات، بذريعة المخاوف من تفشى المرض بين المواطنين الأمريكيين، وبالتالى التنصل من التزامات واشنطن رغم التوصل إلى اتفاق مبدئي، يفتح الباب أمام جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين.
2- لعل الحديث عن الجولة الجديدة من المفاوضات بين واشنطن وبكين، يمثل مخاوف كبيرة للعديد من المتابعين، في ظل توقعات كبيرة تدور فى معظمها حول صعوبتها، نظرا لكثرة القضايا الخلافية، خاصة فيما يتعلق بمسألة القيمة الحقيقية للعملة الصينية (اليوان)، حيث أن الولايات المتحدة تتهم الحكومة الصينية بالتلاعب فى قيمة عملتها، والاحتفاظ بها فى قيمة أقل من قيمتها الحقيقية، مما يمكنها من غزو الأسواق العالمية، وفى القلب منها السوق الأمريكى، وبالتالى يبقى الفيرس القاتل فرصة أمريكية لفرض مزيد من الضغوط خلال التفاوض مع المسئولين الصينيين لإجبارهم على تقديم المزيد من التنازلات.
3- وبعيدا عن الخلافات المباشرة بين واشنطن والصين، يمثل انتشار كورونا فرصة جيدة للولايات المتحدة لاستعادة قدر كبير من مكانتها الاقتصادية، باعتبارها القوى المهيمنة على العالم، بعدما تمكنت بكين من زعزعة العرش الاقتصادي الأمريكى لسنوات طويلة، فى ظل ما قد تؤدى إليه الأزمة الحالية من تراجع فى النمو الاقتصادي الصيني، في الوقت الذى تحقق فيه واشنطن نموا اقتصاديا ملموسا منذ بداية عهد ترامب، وهو ما يرجع فى جزء منه إلى تشجيع المنتجات الأمريكية، عبر فرض إجراءات حمائية على الواردات القادمة من الخارج، سواء من الدول الحليفة، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي أو اليابان أو كوريا الجنوبية، أو الخصوم، وفى مقدمتهم الصين.
4- و يبدو أن أزمة انتشار “كورونا” تحمل فى طياتها منحة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليحقق المزيد من المكاسب، التى يمكنه من خلالها الترويج لانتصار جديد، يكمن في نجاحه في استعادة القوة الأمريكية وهيمنتها سياسيا واقتصاديا، أمام المواطن الأمريكى، ليعلن، قبل انطلاق الانتخابات الأمريكية المقررة فى نوفمبر المقبل، أنه وعد “بجعل أمريكا عظيمة مجددا”، فأوفى فى نهاية المطاف على كافة المستويات.
كورنا المستجد وتحولات النظام العالمي :
ان النظام العالمي بأشكاله المتعددة بات على شفير الانهيار، فالنظام المالي الرأسمالي، وتبعاته من حرية التجارة والاحتكارات، لم يعد بإمكانها الاستمرار في ظل التحولات التي يشهدها العالم، وحالة الإغلاق التي تعيشها الدول. وهذا النظام قد يكون الضحية الأولى لكورونا في الأشهر المقبلة، بعدما بدأت الدول تخرج الأموال من احتياطاتها النقدية لتغطية الخسائر الكبيرة التي منيت بها الشركات، الكبيرة والصغيرة على حد سواء. فالإغلاق ما عاد يقتصر على البشر، بل حتى على بضائع عديدة، بعدما أثبتت الدراسات العلمية أن الفيروس يتنقل على الأسطح، ويمكن أن يبقى عليها 24 ساعة، ما يعني أنه يمكن أن يدخل عبر السلع وليس البشر فقط. فالعولمة كنظام نظّر له الأميركيون كثيراً، واعتمدوه في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق، في طريقها إلى الاندثار، فالعالم لم يعد قرية صغيرة، واللكزيس وشجرة الزيتون، بحسب ما اعتمد توماس فريدمان في تبسيطه العولمة، لم يعد بإمكانهما الالتقاء. العالم اليوم بات قرى مغلقة على نفسها، تحاول الاعتماد على ما لديها من مقومات للصمود في وجه الفيروس المستجد. الأمر قد يكون متفاوتاً بين دولة وأخرى، بحسب معايير التقدم، لكن الأمر سيكون أصعب على دولة دون أخرى. وإلى الآن لم نر تأثير الفيروس على السياسات العالمية، والتدخل في الدول الذي كان سائداً قبل انتشار الفيروس، لكنه بلا شك سيكون له تأثير في مقبل الأيام، بعد حالة التقوقع التي اتخذتها الدول، ومحاولتها النجاة بنفسها فقط في مواجهة الجائحة العالمية. قليلة هي إلى اليوم مبادرات التكافل بين الدول، بعدما باتت معظم الدول بحاجة إلى مساعدات، إلى حد ما، وخصوصاً تلك التي تعيش في الأساس وضعاً اقتصادياً صعباً. فالعزل العالمي اليوم مرتكز على الدول الغربية والشرق الأوسط، بعدما كان بداية في الصين ودول شرق آسيا، والتي تقول إنها تمكنت من مواجهة الجائحة والتغلب عليها. غير أن انعدام الشفافية لدى كثير من الحكومات في تلك المنطقة، وخصوصاً الصين، يثير شكوكاً حول حقيقة الإعلانات المتتالية عن تراجع الإصابات، وما إذا كانت فعلية أو محاولة لإنقاذ البلاد من الانهيار الذي وصلت إليه بفعل توقف الصناعات والتصدير. الأمر الذي يبقي على حالة التشكيك من الدول الغربية بالإجراءات الصينية، ويحول دون عودة الحركة التجارية معها إلى ما كانت عليه.
حال الإغلاق العالمي الحالية في طريقها إلى التصاعد، والدول التي لم تتخذ مثل هذه الإجراءات، تبدو ذاهبة إليها في مقبل الأيام، رغم المخاطر الاقتصادية التي قد تنجم عنها، غير أنه لم يعد هناك خيارات كثيرة في المواجهة، فهذا الفيروس الذي لا يمكن أن يرى بالعين المجرّدة، فرض حصاراً على العالم لم يسبق له مثيل، وبات في طريقه لإسقاط النظام العالمي، بانتظار ظهور ملامح أي نظام بديل سيحلّ محله.
المراجع :
1- موقع منظمة الصحة العالمية – المكتب الإقليمي لشرق المتوسط
2- Bbc عربي نيوز
3- بشوى رمزي – كورونا”.. نقطة الحسم فى الحرب التجارية بين أمريكا والصين – جريدة اليوم السابع
4- جيمس جيفري – استراتيجية ترامب للأمن القومي: أهي عودةٌ إلى القرن التاسع عشر؟ معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى
5- د.ا ـ أمريكا تستفز التنين الصيني .. ما وراء وصول “كارل فينسون” إلى فيتنام ، مركز كاتيخون للدراسات الاستراتيجية – موسكو – روسيا
6- عبد الخالق عمر ، هواوى والصراع الامريكي الصيني – صحيفة مال الاقتصادية بتاريخ 14 يونيو 2019م
7- Minxin Pei-مجلة Project Syndicate الامريكية – حجم الصراع الصيني الأمريكى – بتاريخ 6 يونيو 2018
8- حسام كنفاني –فيرس يحاصر النظام العالمي – جريدة الحياة العربية – الجزائر بتاريخ 16 مارس 2020


By Zouhour Mechergui

Journaliste