الأحد. ديسمبر 22nd, 2024

ستراتيجيا نيوز-تونس-18-2-2020

شارك المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، في الندوة المغاربية التي احتضنتها المغرب أيام 14 و15فبراير الجاري حول التشغيل والسلم الاجتماعي في البلدان المغاربية والتي نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية ومنظمة العمل المغاربي بالشراكة مع مؤسسة هانس زايدل والمركز الدولي للدراسات والتوعية القانونية وماستر القانون الاجتماعي ومنازعات الشغل.

وشاركت رئيسة المركز الدكتورة بدرة قعلول في الندوة بمحاضرة تحت عنوان” الشباب بين المسؤولية والوعي والحقوق من اجل بناء السلم المجتمعي.

المحاضرة كاملة:

إعداد: الدكتورة بدرة قعلول :رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس

عندما يطرح اليوم موضوع الشباب و السلم المجتمعي فإننا وضعنا أصابعنا على بيت الداء و المعضلة الكبرى في مجتمعاتنا العربية. فهشاشة الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي سببه الأصلي هو الاستثمار في الطاقات الشبابية و تفعيل مشاريع الوعي و الحقوق و الواجبات لدي الشباب.
إذا فموضوع السلم الاجتماعي و مسؤولية الشباب في البناء أصبح اولاوية يجب أن تضع على طاولة رجل السياسية و الفاعلين الاجتماعين و الناشطين لان الشباب اليوم و في ظل التغيرات و التحولات المتسارعة يجد نفسه في مأزق كبير و هو عدم وضوح الرؤية له بين الماضي و الجذور و الحاضر الذي يعيشه، بين بحثه على السلم المجتمعي و اندماجه داخل مجتمعه و بين الإقصاء و عدم مشاركته في الفعل المجتمعي و التغيرات الكبرى.
الرهانات و التحديات كبرى من اجل المراهنة على الأجيال القادمة لتمسك المشعل و من اجل تحمل المسؤولية و ان تكون فاعلة في المشهد.
تعرف الأمم المتحدة “الشباب” بأنهم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة دون المساس بالتعاريف الأخرى من جانب الدول الأعضاء، وفي الواقع، تستند جميع إحصاءات الأمم المتحدة المتعلقة بالشباب إلى هذا التعريف، كما يتضح من الحولية السنوية للإحصاءات التي تنشرها منظومة الأمم المتحدة عن الديموغرافيا والتعليم والعمالة والصحة، يعرف الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18ـ29 سنة.
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر 1999، قرارها رقم 120/54، بإعلان 12 أغسطس يومًا دوليًا للشباب، وذلك عملًا بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب، والذي عُقد في الفترة من 8 إلى 12 أغسطس 1998 بمدينة لشبونة.
ومنذ اعتماد مجلس الأمن للقرار رقم 2250، في عام 2015، تزايد الاعتراف العالمي بأن إدماج الشباب في جدول أعمال السلام والأمن وفي المجتمع على نطاق أوسع، هو عنصر أساسي في بناء السلام واستدامته، كما يؤكد قرار مجلس الأمن رقم 2282 لعام 2016، على الدور الهام الذي يمكن أن يؤديه الشباب في ردع الصراعات وحلها، باعتبارهم عناصر أساسية في ضمان نجاح جهود حفظ السلام وبناء السلام على حد سواء.
فالشباب تاريخيا هو طليعة التغيير الاجتماعي لما يمتلكه من قوة و حماسة و تجديد للأفكار و إرادة للتغير، قادوا العديد من الثورات وكثيرا ما يمتلكون الإبداع والمبادرة والوقت لتطوير طرق أكثر سلاما للعيش معا. فالشباب هو من ينادي بالسلم و التطور و ينادي بحقه في الكرامة و حقه في العيش لكن دائما يجد من يقف ضده و يدخل في صراع الأجيال و صراعا مع رجل السياسة الذي لا يحب التغير و ليست له ثقة في الشباب.
فالمطروح اليوم لرجال الدولة و صناع القرار إعداد إستراتجية شاملة لإدماج العنصر الشبابي و تأهيله و توعيته و توفير الإطار المناسب للعمل الايجابي داخل بيئته حتى يشعر بالمسؤولية و الواجب و يكون عنصرا فاعلا من اجل التقدم و الحفاظ على السلام المجتمعي و يكون هو من يصنع السلام.
فان تطرح اليوم موضوع السلم و الأمن و على من يحمل مسؤولية السلم المجتمعي تتفرع و تختلف الآراء لكن تبقى دائما تحديد المصطلحات مهم جدا في هذا الطرح: مصطلح المشاركة – مصطلح الشباب – مصطلح المسؤولية- مصطلح الوعي – مصطلح الواجب و الحق- مصطلح السلم و الأمن.
إذا من أهم الحلول الملحة اليوم المشاركة الفعّالة للشباب في عملية الوقاية من النزاعات الداخلية وبناء السلم الاجتماعي، وهو ما نص عليه القرار 2250 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يهدف إلى إدراج آراء الشباب ومقترحاتهم في سياسات وبرامج الدول، وحثهم على لعب دور فعال في إرساء السلام داخل محيطهم الضيق و الموسع.
موضوعي السلم والأمن.
و أهم بند يجب أن تتبناه دولنا العربية هو إشراك شبابها في صنع القرار سوى الذاتي أو الوطني و ذلك بالاعتماد على سياسة التوعية الحقيقية من خلال مناهج تكوين و تعليم حديث تفاعلي و تشاركي و الابتعاد عن تعليم التلقين، و إدراج برامج و حملات توعية كبرى من أجل العمل الوطني و فهم الواقع و التعويل على الذات و عدم التواكل و قبول الآخر المختلف عنا. فمثلا قامت الثورة التونسية على المطالبة بفرص للعمل ولبناء مستقبل يحترم حقوقهم وكرامتهم. لكن انحراف هذا المسار زاد الأمر تعقيدا، فلم تصنع اغلب الدول العربية سياسات وطنية تحصّن الشباب ضد كافة أشكال التهميش والإقصاء المولدة لمشاعر الإحباط و خاصة عدم الوعي بما لك و ما عليك، وأن يتضمن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي و التنمية الشبابية في كل بلد بنود حول التعليم وتمكين الشباب، بما في ذلك المسؤولية و الواجب و الحقوق و خاصة حق الشباب في السلم المجتمعي و في الأمن و الشغل و توفير مقومات العيش الكريم و الكرامة البشرية، و في نفس الوقت واجب الشباب لبناء السلم المجتمعي التعويل على الذات و الأخذ بزمام الأمور و فرض قوانينه و إن لا يكون لعبة تتقاذفها القوى الداخلية و الخارجية، و هذا مهم جدا في الفترة الراهنة التي تعيشها بلداننا العربية من تقلبات و أزمات و دخول وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت نقمة في أغلب الأحيان و مصدرا للتشويه و بث الكذب و الإشاعات و السموم و الأمراض الاجتماعية، و كذلك أصبحت مصدرا للتواكل و انتظار الحلول الجاهزة و الاستقطاب للتطرف و الإرهاب.
في هذا السياق، يؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان على أهمية أن ترتبط السياسات السكانية بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والصحية فيما يتعلق بتمكين الشباب و الاندماج الاجتماعي، حيث أن توفير التعليم وفرص العمل والمعلومات الخاصة بالصحة الإنجابية سوف تساعدهم على اتخاذ قرارات حول أولوياتهم، بما في ذلك سن الزواج وعدد الأطفال الذين يرغبون بإنجابه.
و يعتبر السلم المجتمعي هو غاية و هدف لجميع الأمم و الشعوب و لا يتحقق إلا إذا كان توجها و إستراتجية الدولة و القيادة السياسية، لأن تراجع السلم الاجتماعي يؤدي مباشرة إلى العنف الإيديولوجي و العنف الفكري و التطرف ليصل إلى الإرهاب الذي نعيشه اليوم خاصة و إن هناك أقلية تتحكم في اللعبة و تنشرها على الشباب الذي يريد منفذا و أملا لبناء مستقبله داخل الإطار المجتمعي السليم و بفكر متنور يزرع لديه ثقافة حب الحياة و ليس ثقافة الموت و الحقد و الكراهية و التشويه و الكذب و ما إلى ذلك من الأمراض النفسية و الاجتماعية.
أن المبدأ الأساسي في العلاقات بين البشر هو مبدأ السلم والتعايش، فالسلم الداخلي عند المجتمعات هو أساس الأمن القومي الذي يعطي مساحات للعيش و الإبداع و الشعور بالمسؤولية من اجل الحفاظ على الوطن و المساهمة في بناءه و ليس في دماره، فأن تكون من شريحة الشباب فمن حقك أن تضمن لنفسك الحقوق و المصالح المشروعة، و منها يتم التصالح وترك النزاع داخل المجتمع و في نفس الوقت يجب أن تقوم بواجبك نحو وطنك و الأمن القومي.
و رجوعا الى مجتمعاتنا العربية ما بعد الثورات العربية فلقد أصبح الوضع العام مثيرا للجدل وأقل سلاما وغير آمن للأجيال الحاضرة والمقبلة، حيث تمر المجتمعات العربية بمناخ سيء جدا مليء بالتوتر والعنف والقيم المتدنية والمظالم و عدم احترام حقوق الإنسان في ابسط معانيها و التخلي على كل المرجعيات.
اتخذت ثقافة العنف و التطرف مركزا مهيمنا في معظم البلدان مما يهدد مستقبل الشباب الذين يستحقون حياة سلمية ونوعية أفضل للحياة، مما يدعونا اليوم كمجتمع مدني و ناشطين سياسيين خلق استراتجية مجتمعية من اجل زرع ثقافة السلام والبيئة الحرة لحل النزاعات هذا هو المجال الذي يمكن للشباب أن يلعب فيه دورا هاما وهو بالنسبة لهم تعزيز ثقافة ” التفاعل الايجابي مع المحيط السليم” عن طريق تغيير مواقفهم تجاه الناس والتقاليد والدين والمعتقد، وأن يجمعوا ما بين حماسهم وصبرهم وإدراك أهمية العيش معا وأن يكونوا مسؤولين عن الدفاع عن حدود السلم واللاّعنف و قبول الآخر المختلف عنا.
اتسمت هذه الفترة في مجتمعاتنا العربية بزيادة الصراعات داخل المجتمع الواحد و التصدع في النسيج المجتمعي و حدة النقاشات و الاتهامات و التكفير و التضليل و استعمال الدين للتجارة و التموقع و حتى لبث الحروب و قتل الآخر فتسببت في حروب أهلية، فتجدنا أمام عالم عربي تكثر فيه الصراعات خمسة بلدان عربية تسفك دمها في حروب طائفية و إرهاب و عنف إيديولوجي، و بقية البلدان الأخرى ما بين الاضطرابات الداخلية و التهديدات الخارجية و الإرهاب و أزمات اقتصادية و سياسية و اجتماعية، و شبابها تائه بين البقاء في وطنه و بين هجرة غير شرعية تتقاذفه أمواج البحر و ترصده الأسماك لتنهش لحمه، و شباب عاطل ينتظر ضربة الحظ، شباب مهمش و عاطل على العمل يسكن المقاهي و يبحث عن ابسط مقومات الحياة، هذه الوضعية و غيرها من الوضعيات ستترك أثارا سلبية على مستوى السلم المجتمعي إن كان من الناحية الديمغرافية أم من ناحية التعايش بين مكونات الشعب الواحد وبينه وبين الشعوب الأخرى. وقد اختلفت أسباب النزاع من اشتباكات سياسية -اقتصادية وهوية.
إن بناء السلام الذي نربطه اليوم بالوعي و المسؤولية الشبابية يعتبر من المواضيع المهمة والمثيرة للنقاش، لأنه يعبر عن اهتمام كل الطبقات الاجتماعية و خاصة السياسية و رجال الدولة لتوفير السلم والاستقرار كبديل للعنف و للحروب ولإصلاح، و رغم الاهتمام بهذا المجال إلا إن بناء السلام في مجتمعاتنا العربية لا يزال يعاني من نقص مفاهيمي وعدم وجود نظرية شاملة مما يعطل وجود الحلول و تفعيلها على أرض الواقع، ما استدعى الأمر إلى إيجاد نظريات جزئية و تشخيص خطأ و حلول سطحية.
فلقد أصبح بناء السلام محط اهتمام كل الدول إذ يعبر عن أولوياتهم وخططهم لتحقيق الديمقراطية والمصالحة و توفير السلام و المساهمة في تطوير المجتمعات و خاصة وقاية الشباب من الانحرافات والتطرف والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية كبديل لوطنه أو كبديل اجتماعي لتعطى له مكانة اجتماعية بحث عنها و لم يجدها داخل مجتمعه الأم. فبناء السلام جاء ليكمل عمليات حفظ السلام وصنع السلام لتأسيس السلام الدائم والحفاظ على النظام الدولي، فهو حسب جون بول ليدراخ ” مفهوم يضم العمليات التي تقوم بها الفواعل المحلية التي هي كل قوى المجتمع فردا وجماعة وكذا السلطة والفواعل الدولية من مؤسسات دولية ومؤسسات غير دولية ودول والتي تهدف إلى إنعاش المجتمع المدني، إعادة بناء البنية التحتية واستعادة المؤسسات التي حطمتها الحرب أو النزاعات الأهلية للمجتمعات وقد تسعى هذه العمليات إلى إقامة هذه المؤسسات إذا لم تكن موجودة بما يمنع نشوب الحرب مرة أخرى لدفع عملية بناء السلام”
فشريحة الشباب في العالم كبيرة جدا تصل الى 1,6 ميليار بنسبة شاب على كل ستة أشخاص وهذا رقم كبير و مهم ليغير مسار العالم و يكون فاعل في العالم. لكن و حسب الإحصائيات المنظمات العالمية يعيش في العالم أكثر من 600 مليون شاب في ظروف صعبة و هشة و معرضين لكل أنواع التهميش و العنف و البطالة، معرضين للعنف السياسي و الجريمة المنظمة و تجار البشر و تجارة المخدرات و هذه الشريحة المهددة تتراوح أعمارهم ما بين 15 سنة الى 29 سنة اغلبها ضحايا العنف المسلح القاتل، خاصة منها العنف الجسدي والاستغلال الجنسي. إن انعدام فرص الحصول على التعليم والخدمات الاجتماعية الأساسية والفرص الاقتصادية وغياب تطبيق قوانين العدالة وحقوق الإنسان هي السبب الرئيسي للانحراف الشبابي و ضعف الدول التي تغيب فيها الحكومة الاجتماعية وغياب منوال التنمية. هذه الأرقام وحدها تبرر إدراج الشباب في صنع السياسات والتخطيط، ولكن من الناحية العملية، فان معظم الخطابات التي تصور الشباب بأغلبية ساحقة كضحايا أو أشرار ربما تكون أحد أهم الأسباب التي تعيق المشاركة الفعالة للشباب في بناء السلام.
قد تمثل فئة الشباب في بعض الأحيان تهديدا، حيث يمكن تعبئة الشباب بسهولة للمشاركة في الأعمال التخريبية التي تؤدي إلى الصراع والعنف كمنتج ثانوي للتحديات الاجتماعية الراسخة والمستوطنة مثل ارتفاع معدلات البطالة، لا سيما في المجتمعات الخارجة من نزاع طال أمده حيث الاستقرار ضروري لإعادة البناء الاجتماعي و خاصة السلم الاجتماعي، فإن استهداف الشباب كعناصر إستراتجية لبناء السلام يكتسب أهمية خاصة كما يمكن أن تكون مبشرا للسلام و إعادة الأمان و اللحمة للمجتمعات التي مزقتها الحروب و النزعات الطائفية او الدينية،.بالإضافة إلى التعامل مع الصراعات بطرق غير عنيفة وأن ينشئوا مجتمعا يعيش بمصداقية من عدم العنف واحترام تعدد الثقافات. لا يمكن النظر إلى التمكين الاجتماعي للشباب كعامل نشط في بناء السلام دون النظر في التحديات التي يواجهونها بسبب النزاعات أو الأزمات المتعددة مثل فقدان التعليم، نقص المهارات، تدمير البيئة الأسرية المستقرة وغالبا ما يتم تجاهل الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع للشباب في سياقات النزاع حيث ينظر إليهم على أنهم المجموعة الأضعف.
مناهج تعزيز التمكين الاجتماعي للشباب من اجل بناء السلام ؟ هذه أهم مرحلة لبناء السلام و هي كالتالي:
1- حقوق الإنسان، يقوم هذا المنهج على أساس اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وبرنامج العمل العالمي للشباب
2- نهج اقتصادي يحدد الشباب على أنه عنصر أساسي للتنمية الاقتصادية لبلدهم، ويعزز حصولهم على الفرص الاقتصادية باعتبارها أساسية لتنميتهم
3- المنهج الاجتماعي والسياسي يربط الشباب بالمجتمع المدني والساحة السياسية، ويتيح لهم الفرص والتدريب والدعم لمشاركتهم النشطة ومشاركتهم في الحياة العامة.
4- المنهج الاجتماعي و الثقافي يحلل أدوار الشباب في الهياكل القائمة ويدعم الحوار بما في ذلك الحوار بين الأجيال حول هذه الهياكل
آليات العمل لتمكين الشباب في بناء السلام
و يكون ذلك عبر الآليات التالية:
1- التمكين الاقتصادي للشباب
2- المشاركة المدنية للشباب والمشاركة في صنع القرار والعمليات والمؤسسات السياسية
3- مشاركة الشباب في بناء القدرة على الصمود
4- إدراج مناهج تعليم السلام على جميع المستويات وتعزيزه باعتباره أحد أهداف التنمية المستدامة وفرصة حاسمة للنهوض بتمكين الشباب من خلال ضمان الحريات الأساسية وضمان المساءلة ومشاركتهم في عمليات صنع القرار. ويفهم “تعليم السلام” هنا “التعليم من أجل السلام الإيجابي” ليس فقط غياب العنف أو الحرب، بل إن السلام الإيجابي يشمل احترام حقوق الإنسان، والتعاون، والإنصاف، والمساواة، وتعزيز التنمية المستدامة، والأمن البشري
5- تعبئة الشباب وإعادة الإدماج ومعرفة ما هو “سياق الوطن” لإعادة إدماجهم سيكون أمرا حاسما بالنسبة لمسارات الشباب في بناء السلام
إن الإقصاء الاجتماعي و التهميش هما عاملان مهمان يؤدي إلى الانتكاس وإلى نزاع عنيف إضافة إلى ذلك، فإن المشاركة في صنع القرار تدعم قدرة الشباب على مواجهة الضغوط الاجتماعية، مما يعطيهم الشعور بالانتماء و المسؤولية.
إن بناء السلام قضية تعني كل بلداننا العربية خاصة التي تعيش حالة من الصراعات الاجتماعية فيجب على الدولة و الحكومات ان تتفطن الى عنصر الشباب و تعيد التفكير في إنشاء مؤسسات اجتماعية وسياسية وقضائية جديدة وهو بمثابة القوة الدافعة نحو التطور، و تتبنى استراتيجيات سياسية، أمنية وهيكلية وإشراك فواعل دولية ومحلية بضمان المشاركة النشطة والمنهجية والهادفة للشباب في قضايا السلام والأمن.
و لضمان مجتمع يحترم شبابه و يبني دولته الحديثة من خلال شبابه يجب اعتماد النقاط الثلاثة:
1- تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال وضع آلية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي
2- تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال إنشاء مدارس خالية من العنف
3- بناء التقبّل، وتعزيز التعاون، وضمان الدمج، وتطوير الاحترام، وتحمل المسؤولية، وبناء الثقة.
من هنا تتضح ضرورة الاهتمام بالتربية من أجل السلام الاجتماعي، وتزويد الأطفال والشباب بثقافة السلام الاجتماعي التي تضمن مشاركتهم الفاعلة في المحافظة على وحدة مجتمعاتهم وتنميتها وتطويرها بطرق وآليات سليمة، ومبتعدة عن العنف والتطرف.
الخلاصة
انطلاقا من معنى السلام بصفة عامة يمكن أن نقترب من مفهوم السلام الاجتماعي، فكل مجتمع يتكون من مجموعة من البشر، مختلفون بالضرورة بعضهم عن بعض، سواء في انتمائهم الديني، أو المذهبي، أو موقعهم الاجتماعي، أو الوظيفي، ولكن يجمعهم جميعا ما يمكن أن نطلق عليه عقدا اجتماعيا، أي التزام غير مكتوب بينهم، يتناول حقوق وواجبات كل طرف في المجتمع، والخروج على هذا العقد يمثل انتهاكا لحقوق طرف الأخر، وإخلالا بالتزامات طرف آخر، مما يستوجب التدخل الحاسم لتصحيح الموقف.
فالسلام الاجتماعي يعبـر عـن عمليـة اجتماعية لها العديد من المستويات، والتي تتضمن السلام على مستوى العائلـة، وعلـى مسـتوى المجتمع، ثم على المستوى الإقليمي والدولي، كما يتناول أيضا السلام الداخلي، أي السلام مع النفس، وهذا النوع ضروري من أجل خلق عالم سلمي.
وينظر إلى السلام الاجتماعي على أنه يتضمن معنيين:
1- معنى أيديولوجي: ويعني أن يعيش الإنسان حياته وهو متفق مع القيم والمعايير التي يصنعها المجتمع لأفراده، والتي تحضه على البعد عن جميع أشكال القيم السلبية المتعارف عليها محليا وعالميا.
2- معنى سلوكي: حيث ينظر له على أنه أفعال وتصرفات أفراد المجتمع التي تحث على تكوين العلاقات فيما بينهم أيا كان السن أو النوع أو العقيدة.
فتحقيق السلام الاجتماعي يؤدي إلى زيادة انتماء المواطنين لمجتمعهم، وزيادة الرغبة في المساعدة المتبادلة وسيادة قيم المشاركة والمسؤولية الاجتماعية والحفاظ على الملكية العامة وزيادة الإنتاج في المجتمع. كذلك يؤدي إلى زيادة شعور الفرد بالعدالة والاطمئنان على حقوقه، فيزيد عطاؤه وتتحول مصالحه الفردية إلى الجماعية، مما يؤدي إلى زيادة مساهمته في شؤون المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

By Zouhour Mechergui

Journaliste