السبت. أبريل 20th, 2024

يتابع البروفيسور جيفري وورو أستاذ التاريخ العسكرى البارز بجامعة تكساس الأمريكية والذى يعد من أهم الأكاديميين فى الولايات المتحدة الأمريكية فى مجال الدراسات الاستراتيجية، ومؤلف كتاب «الحرب والمجتمع فى أوروبا» وكتاب «الرمال المتحركة.. سعى أمريكا إلى السيطرة على الشرق الأوسط» والذى نقلة إلى العربية صلاح عويس والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة بقوله: لقد غيرت هجمات القاعدة فى يوم 11 سبتمبر الرئيس بوش، وكانت رئاسته آخذة في الشحوب حتى وقعت هذه الهجمات فانتعشت في ظل هذه الصدمة المروعة، وقفزت شعبيته من 55% إلى 92% ومنّت يقينا ذاتيا لدى الرئيس بأنه المخلص المنتظر.

وقال بوش لمساعده السياسي كارل روف: “أنا هنا من أجل رسالة، وسوف أنتهز الفرصة لإنجاز أهداف عظام” ولم يكن بوش يتحدث عن أرباح أدوية الوصفات الطبية أو وجبات الغذاء المدرسية، بل كان يتحدث عن أمر في مرحلة الحمل هو “مبدأ بوش” للقضاء على الإرهاب ونشر الحرية. وقال لمشيّعي جنازة الضحايا في الكاتدرائية الوطنية يوم 14 سبتمبر 2001: “مسؤوليتنا من أجل التاريخ واضحة: أن نرد على هذه الهجمات وأن نخلص العالم من الشر”.

وحوّل الجيش الأمريكى تركيزه إلى العراق حتى وهو يطارد بن لادن.

وكان هذا التحول جاريا لعدة شهور، ويَذكر بول أونيل وزير مالية بوش أن أول اجتماع للرئيس بوش مع مجلس الأمن القومي في يناير 2001 كان جدول أعماله الرئيسي هو إيجاد مبرر لشن حرب لإسقاط صدام حسين.

وكان يجرى تدبير بعض المنطق السطحي لهذا المبرر، فما دام صدام قد أمطر الأسلحة الكيميائية على الإيرانيين وكذلك على العراقيين الأكراد والشيعة في أثناء الحربين اللتين شنهما، فيفترض أن لديه برنامجا مزدهرا لإنتاج أسلحة الدمار الشامل. ظل الذعر الذي تلا يوم 11 سبتمبر مستمرا وأصر المحللون وصناع القرار- الذين لم يكن لديهم ما يقولونه لعامة الناس-على أنه يجب ألا يسمح للقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى بأن تضع أيديها على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية.

وقد برهنت عملية “العرس الكبير” التي نفذت في نيويورك وواشنطن أن القاعدة لن يثنيها أي شيء، وينبغى افتراض أن بن لادن والظواهري سوف يحاولان الحصول على أسلحة دمار شامل من أي مصدر لإبادة أهداف غربية وتثبيت دعائم الأمة الإسلامية.

وكان أسامة قد أعلن في عام 1998، في أعقاب تفجير باكستان سلاحها النووي الأول، أن حيازة الأسلحة للدفاع عن المسلمين واجب ديني.

وكشف استيلاءُ الأمريكيين على أماكن إيواء القاعدة الآمنة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها وملفاتها في أفغانستان في عامي 2001 و2002، أن أيمن الظواهري كان يدير بالفعل برنامجا مكثفا ومنظما لحيازة أسلحة دمار شامل لإصابة الولايات المتحدة بخسائر جماعية هائلة، وكان بن لادن يحاول إقامة علاقة عمل مع شبكة العالم الباكستاني عبد القدير خان من الموردين النوويين على مدى سنوات، ولهذا الجانب كان الظواهري يزرع مهندسين متعاطفين في العهد الباكستاني للعلوم النووية والتكنولوجيا، إضافة إلى مدير سابق للجنة الطاقة النووية في باكستان كان قد ألف كتابا مزعجا إلى أقصى حد عنوانه: “يوم القيامة والحياة بعد الموت: العقيدة المثلى للكون كما يراها القرآن الكريم”.

وكان رجل القاعدة الثاني يجمع قنبلة قطعة قطعة ويحاول شراء المواد القابلة للإنشطار(من الباكستانيين أو الروس) التى يمكن حشوها في نظام بسيط للإطلاق.

نُشر مبدأ بوش في شهر سبتمبر 2002 ولكن قواعده طرحت في أفغانستان.

ويرى المبدأ أن على واشنطن أن تستخدم قوتها العسكرية التي لا مثيل لها للإطاحة بنظم الحكم الشمولية التي هددت الولايات المتحدة، واستباق الهجمات الإرهابية، ونشر الديمقراطية.

وكان مبدأ بوش هو بالتحديد ما كان يبحث عنه محافظون جدد مثل بول وولفوويتز وريتشارد بيرل منذ انهيار الإتحاد السوفياتي.

وقد ظهر المحافظون الجدد فى أعقاب حرب فيتنام، والوفاق الدولي وفضيحة ووترغيت، وكانوا من الليبراليين سابقا، وقد اعتنقوا النزعة المحافظة والجدال المجافىي للواقع للإدعاء أن حرب فيتنام كان يجب تكثيفها (لا إنهاؤها) لاقتلاع جذور الشيوعية، وأن الوفاق الدولي كان تشويها ساذجا للذات أدى فقط إلى تقوية السوفيات، وحتى إلى إضفاء الشرعية عليهم، كذلك يرون أن ووترغيت كانت رد فعل هستيريا مفرطا للنصب والإحتيال الرئاسي الروتيني الذي قيد السلطة التنفيذية بدرجة خطيرة.

وجلب بوش كلا من رامسفيلد وتشيني إلى إدارته إلى جانب كوادر من المحافظين الجدد، مثل بيرل وولفوويتز، نثروا مساعديهم في كل جهة في البيت الأبيض والبنتاغون وألحوا على حجتهم القائلة بأن الولايات المتحدة – في عالم القطب الأوحد “الخالى من منافسين أنداد لها” – هي وحدها المالكة للقوة القاهرة اللازمة لطرد نظم الحكم الخطيرة أو المنفرة.
وبينما استخدام كلينتون الإقتصاديات ليوسع من نفوذ أمريكا– مثل “الدولار القوى”، والعولمة المشتركة، والأسواق الحرة وصندوق النقد الدولى– حوّل بوش اهتمامه إلى القوة العسكرية، فعلى أمريكا أن تستخدم قوتها القاهرة – كما لاحت في حرب الخليج العربي وفي الصرب وفي أفغانستان – لكي تعيد رسم الخارطة باسم “أجندة بوش للحرية”..

وكان محافظو بوش الجدد يتكلفون العظمة والنزعة المثالية وأطلقوا على أنفسهم اسم “أتباع ويلسون المتشددون”، وكان لعراق صدام حسين حصة كبيرة لديهم باعتباره مشروعهم الأول الكبير.

By admin