الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

الدكتورة بدرة قعلول : رئيس المركز الدولي للداراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس

لم يعد يخفى على أحد اليوم الأطماع الكبرى للأتراك وخاصة من قبل رجب طيب أردوغان الذي أصبحت تصريحاته معلنة ومتكررة بالعودة إلى حكم المنطقة مرة أخرى، واحتلالها على خطى العثمانيين منذ 500 سنة.
ومن أهم المؤيدات التي يتحرك من خلالها أردوغان:
1- إطلاق الأذرع الإخوانية في كامل المنطقة العربية واستخدام عشرات الآلاف من عناصر الإخوان في داخل سوريا واستدعاء آلاف المقاتلين من الخارج حيث فتحت لهم الحدود مع سوريا من أجل تكوين عشرات الميليشيات واستخدامها لتدمير سوريا وتفكيك الدولة السورية،وضرب اقتصادها من الداخل وخاصة من خلال تفكيك مصانعها وسرقة آثارها وثرواتها النفطية ونقلها الى تركيا، كذلك التعاون الكبير ما بين مافيا الإتجار بالبشر والحكومة التركية فيما يعرف بتجارة الأعضاء لصالح مستشفيات في أوروبا، والتوسع في تجارة الرقيق الأبيض وغيرها من أعمال العصابات والمافيات.
كما تواصل استباحة الأراضي السورية باحتلال سافر للشمال السوري بإيعاز أمريكي صهيوني ضمن سياستها التوسعية
. 2- السعي المحموم لتغيير التركيبة السكانية بانتهاج سياسة توطين مئات الآلاف من “الإخوانجية” السوريين الذين لا يزالون يحلمون بالسلطنة العثمانية و”حريم السلطان” في الشريط الحدودي المحتل وإحلال اللغة التركية محل اللغة العربية، تمهيدا لمرحلة لاحقة بالتوسع العسكري عندما تسمح الظروف الدولية بذلك.
3- في البحر المتوسط نجد أنه طبقا لقانون البحار الدولي وهو المرجع القانوني الوحيد المعترف به دوليا لتحديد الحدود البحرية، نجد لتركيا مناطق محدودة في مياه المتوسط، بينما يعطي القانون كلا من قبرص واليونان المساحة الأكبر، إذ بني التقسيم على جيولوجيا الأرض وحدود الجرف القاري وهو نفس القانون الذي أعطي قطر حدودا بحرية كبيرة داخل الخليج مقارنة بالسعودية، وطبقا لهذا المحدد يتم إخراج الغاز الخاص بها.
4- في الخرطة المرفقة، نلاحظ اللون الأزرق الذي يرسم الحدود البحرية التي تريد تركيا الإستلاء عليها من المياه القبرصية واليونانية بما فيها جزر يونانية، في مخالفة للقانون الدولي.
5- مصر تعي جيدا المخطط التركي ورفضت أن تتورط في نهب ممتلكات الآخرين، لان مصر ليس لها تاريخ استعماري ولا مطامع توسعية على حساب دول أخرى.
ووقعت مصر اتفاقية رسم حدودها البحرية مع قبرص وفق رسوم القانون الدولي،ومنها يتم قطع الطريق على الأطماع التركية التوسعية، إلى جانب سبب مهم بالنسبة لمصر وهو استعمال حقها القانوني في مياهها الإقليمية للتنقيب عن الغاز.
وكانت ردة فعل تركيا على الإتفاقية المصرية القبرصية كالعادة شديدة من خلال وسائل الأعلام والتشويه والإدعاء بأن الرئيس المصري قد باع حقوق المصريين في مياه البحر المتوسط لصالح قبرص.
6- في سنة 2015 اكتشفت مصر حقل الغاز “ظُهر” وتم تحضيره في غضون سنتين ويحتوي على 30 تريليون قدم، وقد بلغ إنتاجه 3 مليارات قدم مكعب يوميا في2019.
في الوقت الي كانت تركيا مهتمة بتدمير سوريا و العراق وسرقتهما.
7- لم تتوقف تركيا عن دورها التخريبي في المنطقة وطمعها في إضعاف كل القوى الإقليمية للهيمنة والسيطرة وخاصة ما فعلته من دور مشبوه وقذر في ليبيا،إذ عملت على تسريب الإرهابيين بأسلحتهم لتمكينهم من الأرض وغايتها الأساسية الإستحواذ على الثروات الليبية والهيمنة على منطقة شمال إفريقيا وكذلك استنزاف مصر من حدودها الغربية.
في المقابل ظلت مصر واعية بما يخطط ، فقامت بتدعيم إنشاء مؤسسات الدولة الوطنية الليبية من برلمان منتخب ودعمت إنشاء جيش ليبي وطني نجح في محاربة مئات الميليشيات الليبية الإرهابية حتي محاصرتها في طرابلس.
8- زادت تركيا من التركيز على ليبيا لما أدركت ترنح “الإخوان المسلمين” وأن الوضع يمكن أن يفلت منها خاصة أن الجيش العربي الليبي بدأ يتقدم فأسرعت بتوقيع “اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وأعلنت أنها ستدعم حكومة الميليشيات الإرهابية عسكريا وإقامة قاعدة عسكرية تركية على الأراضي الليبية علما بأن تركيا كانت تسعى إلى إنشاء هذه القاعدة منذ فترة طويلة وانتظرت المباركة الأمريكية لإقامتها من أجل “حماية النفط الليبي”.
. 9- تحاول تركيا أن تتدارك الوقت وتسرع من أجل فرض هيمنتها الإقليمية والدولية وبخاصة تبرير تدخلها العسكري ووضع العالم أمام الأمر الواقع، إلا أن ردود الفعل الدولية وخاصة الأوروبية والعربية سوف تجعلها تضطرب وربما سوف توقع نفسها في فخ الإنزلاق وراء مخططها الذي قد ينقلب عليها.

10- أعلنت تركيا صراحة أكثر من مرة أنها تعمل على إعادة احتلال الدول العربية،وتبرر دعمها المجلسَ الرئاسي بأنه”شرعي ومعترف به” بينما الحقيقة التي يعرفها السراج نفسه وكل الليبيين،أن ذلك المجلس غير منتخب بل معيّن من قبل دول أوروبية طامعة في ثروات ليبيا وهو فاقد الشرعية القانونية، وهذه الشرعية المزعومة قوامها ميليشيات إرهابية مثل تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي والجماعة الليبية المقاتلة “فرع تنظيم القاعدة فى ليبيا” ومرتزقة أجانب تشاديون وآخرون تم نقلهم من سوريا عبر تركيا إلى طرابلس، إلى جانب “مجالس شورى ثوار بنغازي ودرنة واجدابيا”، وكمّ من الميليشيات التي تحالفت بعد تفكك “فجر ليبيا”، وكتيبة راف الله السحاتى الإرهابية، ومليشيا الإرهابي بشير البقرة، وغيرها من عشرات الميليشيات الإرهابية التي تدين بالولاء لتنظيميْ داعش والقاعدة،.
11- يتضح(في الخريطة المرفقة) أن الحدود البحرية التركية المزعومة هي على الجانب الشرقي الليبي المحرر وعلى الحدود المصرية مباشرة، يعني موطئ قدم لتركيا لإقامة قواعد عسكرية تستطيع من خلالها السيطرة و الهيمنة على المنطقة ، وهو الأمر الذي تدركه مصر جيدا عبر تحركات ميدانية وتحالفات سياسية دولية
. 12- الأطماع التركية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت ظاهرة، وقد رفضها البرلمان الأوروبي والإتحاد الأوروبي،بَيْدَ أن هذا الرفض طبعا مبني على المصالح الخاصة وليست مصلحة ليبيا في المقام الأول، فاللعبة الكبرى هي المصالح الإقتصادية .

By Zouhour Mechergui

Journaliste