الأربعاء. ديسمبر 25th, 2024

يتابع البروفيسور جيفرى وورو، أستاذ التاريخ العسكري بجامعة تكساس الأمريكية، في كتابه “الرمال المتحركة.. سعي أمريكا إلى السيطرة على الشرق الأوسط” بقوله: لكي يبرر جورج دبليو بوش الحرب ضد العراق فى عام 2003، ضخم غارات العراق الجوية ضد الأكراد كدليل على إرهاب دولة البعث.
في عام 1984 أعاد الرئيس رونالد ريغان العلاقات الدبلوماسية العادية مع العراق التي كانت قد قطعت في أثناء حرب الأيام الستة عام 1967، وقال ريغان إن الولايات المتحدة “لا يمكنها السماح بهزيمة العراق”، وقد برز صدام حسين كزعيم لا يمكن الإستغناء عنه، وكرجل استطاع توحيد نخب بغداد تحت ضغط حرب لا يمكن كسبها وحشد العراق ضد إيران. وهكذا قام ريغان بهدوء بنقل العراق من قائمة واشنطن الخاصة بالدول الراعية للإرهاب في فبراير 1982، وبدأ في توجيه اعتمادات التصدير والمعونة الغذائية والدعم العسكري إلى صدام.
ولا يذكر قرار مجلس الأمن القومي، الذي كتب بدهاء، إلا القليل عن “مفهوم ريغان الإستراتيجي للتخطيط قصير المدى”، ويكاد يكون هناك تعتيم تام عليه، ولكن القرار أشار إلى أن هدف واشنطن هو فرض قبول إسرائيل على العراق. وأعرب ريغان عن أسفه لاستخدام العراق الأسلحة الكيميائية، ولكنه أوضح أن النفط هو أسمى اهتمامات أمريكا: “بسبب الأثر الحقيقي والنفسي لانقطاع تدفق النفط من الخليج الفارسي على النظام الإقتصادي الدولي، يجب أن نؤكد استعدادنا للتعامل الفوري مع الأفعال التي تستهدف قطع مسار هذا التدفق”.
وسوف يكوّن ذلك فيما بعد رؤية جورج دبليو بوش، وهي: إجبار العراق على الإعتراف بإسرائيل، وضخ النفط.
ولكي يجمع ريغان هذه الأهداف أرسل دونالد رامسفيلد إلى بغداد كمبعوث خاص فى عام 1983 ثم في عام 1984.
وفي اجتماع ودي دام تسعين دقيقة، ضغط رامسفيلد على صدام لكي يمد خطوط أنابيب جديدة عبر العراق إلى المملكة العربية السعودية والأردن، حتى يمكن زيادة صادرات النفط إلى الغرب، التي قطعتها المعارك الإيرانية في الخليج وكذلك إغلاق سوريا لخط الأنابيب فيها.
وظهر رامسفيلد في بغداد وهو يصافح صدام في نفس اليوم من عام 1984 الذي أصدرت فيه الأمم المتحدة تقريرًا ينتقد الرئيس العراقي بشدة بسبب استخدامه اليومي لغاز الخردل وغاز الأعصاب مثل غاز التابون ضد إيران.
وكان رامسفيلد قد شغل منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس جيرالد فورد، وهو الذي سيقوم بعد عشرين سنة بإدانة استخدام صدام الأسلحة الكيميائية. في عامي 1987- 1988 عادت واشنطن إلى الميل إلى جانب العراق.
وبدأ السلاح البحري الأمريكي في رفع علم الولايات المتحدة على ناقلات النفط الكويتية في الخليج الفارسي لحمايتها من الهجمات الإيرانية وحماية عوائد النفط العراقي، وبدأ كذلك في قصف منصات النفط الإيرانية والسفن الطافية.
وبفضل صفقة إيران – كونترا بقي الجيش الإيراني يقاتل حتى السنة الأخيرة من الحرب، ولكن ما أفدح الثمن! إذا ألقينا نظرة شاملة على مشهد عام 1989 الفاسد، لوجدنا أن إدارة جورج هـ.دبليو بوش القادمة تكرر نفس الكلام، ومفاده أن “السبيل إلى نفط الخليج الفارسي وأمن الدول الصديقة الرئيسية أمران حيويان للأمن القومي الأمريكي..
وكانت الولايات المتحدة تبدي رغبتها في دعم القوى الخليجية المحلية “لتمكينها من لعب دور أكثر فاعلية في دفاعها عن نفسها، وبذلك تخفض الحاجة إلى التدخل العسكري الأمريكي الأحادى”، وكانت إدارة ريغان باستراتيجيتها وأعبائها المالية الهائلة ومناهجها الإقتصادية الحافلة بالشعوذة، قد حملت الولايات المتحدة بدين قومى بلغ 2.6 تريليون دولار، وجعلت واشنطن في حاجة إلى التخلي عن أكبر جانب ممكن من أعباء أمنها القومي “للدول الغربية الحليفة واليابان”، وكذلك “للدول الإقليمية الصديقة”.
وكانت المملكة العربية السعودية هي الصديق الوحيد الباقي، ولكن بوش كان تواقًا إلى إقامة علاقات أفضل مع العراق وحث صدام على أن يكون معتدلًا فى خطبه المعادية لإسرائيل، وعلى التخلي عن أسلحة الدمار الشامل.. يتبع…

By Zouhour Mechergui

Journaliste