الخميس. أكتوبر 31st, 2024

يتابع البروفيسور جيفرى وورو، أستاذ التاريخ العسكرى بجامعة تكساس الأمريكية، في كتابه “الرمال المتحركة..

سعي أمريكا إلى السيطرة على الشرق الأوسط”، والذي نقله إلى العربية صلاح عويس، والصادر عن المركز القومى للترجمة، بقوله: اقتصرت السياسة الإسرائيلية وممارسات اللوبي فى سبعينيات القرن العشرين على دق إسفين بين واشنطن والعرب. وقد فطنت وزارة الخارجية الأمريكية إلى “المفارقة” الهائلة ومفادها أن “المبادرات العسكرية الإسرائيلية”، مثل حرب الأيام الستة أو الغارات الإنتقامية بدأت لكي “تعمل باعتبارها حافزا وفيصلا للتصرفات الأمريكية في المنطقة”، وهي حالة كلاسيكية من قلب الأوضاع.

وكان الإسرائيليون يهاجمون بتغذية الرعب الدموي في سبعينيات القرن العشرين واقترحوا القيام بنفس الرد: أي باستخدام القوة الغاشمة، وأشاروا إلى أن “تل أبيب تحتاج دعما أمريكيا بنسبة مائة في المائة في كافة المجالات، ويمكن تأمين هذا الدعم بطريقة أفضل إذا كانت واشنطن مسلوبة من الخيارات، وإذا حدث استقطاب فعال للشرق الأوسط بين العرب والإتحاد السوفياتي من جانب، وبين الإسرائيليين والولايات المتحدة من جانب آخر”.

وكان نيكسون ضعيفا أمام مثل هذه الحجج، بالإضافة إلى الضغط في واشنطن من الأيباك والسياسيين والحشود الموالية لإسرائيل. وعندما قام الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو بزيارة الولايات المتحدة تعرض للإزعاج وحاصرته بالأسئلة جماعة المحاربين القدماء اليهود في شيكاغو لبيعه أسلحة فرنسية لليبيا.

أما نيكسون الذي أعرب في الخفاء عن أسفه للمشاعر “العنيدة وقصيرة النظر” الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة، فقد أكد مع ذلك للإسرائيليين أنه لن يمارس عليهم ضغطا قويا في العلن.

والرغم من أنه هو وروجرز وكيسنغر عارضوا وجهة نظر غولدا مائير القائلة بأن “السلام الحقيقي مع العرب لن يتحقق مهما كان الثمن” خلقت الأسلحة المتقدمة التي كان ليندون جونسون ونيكسون يبيعانها لإسرائيل منذ عام 1965 ديناميكية جديدة هناك، وتذمرت السفارة الأمريكية في تل أبيب فى شهر أبريل 1972 من “أن الإسرائيليين أصبحوا أقل فأقل اهتماما بالرأي العالم، وأنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة ترى الأمور في الشرق الأوسط على طريقتها، كما أن الإسرائيليين يضعون ثقتهم في تعزيز قوة الجيش الإسرائيلي الذي تسلم من المعدات المتقدمة منذ عام 1967 أكثر مما تسلم طوال تاريخه”.

ومع ذلك مضى نيكسون والدبلوماسيون الأمريكيون في تل أبيب في طريق دعمهم لإسرائيل وأزالوا “مانعا آخر لحرية إسرائيل في التصرف أو حريتها في عدم اتخاذ أي قرار” عن طريق التخلي تدريجيا عن خطة روجرز لتسوية مصير الأراضي المحتلة وإعادة توطين اللاجئين.

وترك نيكسون تلك الخطة تذبل في مهدها حتى عندما كان يقوم بزيادة عضلات جيش الدفاع الإسرائيلى بحزم من المعونات السنوية وقيمتها 500 مليون دولار.

وقد اتضح حجم تواطؤ واشنطن مع السياسة الإسرائيلية في اجتماع محرج لمدة ساعة في المكتب البيضاوي في شهر ديسمبر 1970 جمع بين الرئيس نيكسون وملفين ليرد وزير الدفاع الأمريكي، وألكسندر هيغ نائب مستشار الأمن، وموشى دايان وزير الدفاع الإسرائيلي وإسحق رابين سفير إسرائيل.

 وقد حاول نيكسون مرارًا ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بالتنازلات الإسرائيلية عن الأراضى المحتلة وبالنسبة للاجئين، وقال نيكسون لدايان ورابين: “نحن نتوقع أن تنتقل إسرائيل إلى مائدة المباحثات.. نحن نتوقع ذلك لأن الكونغرس سوف يوافق بعد قليل على حزمة معونة تبلغ خمسمائة مليون دولار، والمحيط العالمي يفرض المفاوضات، كما أن جميع المسؤولين الأمريكيين يجمعون على هذا الأمر”.. وهز دايان رأسه وبدأ يقول بأسلوب ملتو: “إسرائيل تريد التفاوض ولكنها منعت بسبب ما أسماه “الإنتهاكات العربية” مثل قصف المصريين عبر القناة وهجمات الفدائيين.

وعندئذ حاول ديان أن يقايض الإهتمام بالمفاوضات الذي لا يزال بعيدا بشيء فورى بقوله: “إذا كانت الولايات المتحدة سوف تلتزم بتقديم دفعات من ست طائرات فانتوم وست طائرات سكاي هوك شهريا بدءً من شهر يناير 1971، فأنا متأكد من أن المحادثات (مع العرب) يمكن أن تبدأ”.

حاول نيكسون أن يكون “متشددا” مع الإسرائيليين، لكنه انتهى إلى التراجع بدلا من ذلك واعتذر قائلا: “هذا يسبب لنا مشاكل معقدة.

ويجب على إسرائيل أن تفهم أن الولايات المتحدة لا تستطيع من حين لآخر أن تلبي جميع متطلبات إسرائيل”، وتوسل نيكسون إلى دايان قائلا: “ثقوا في حسن نوايانا”، وأجابه دايان بقوله: «لا.. النوايا الحسنة ليست كافية على الإطلاق، نحن فى حاجة إلى خط أنابيب دائم لضخ المعدات العسكرية”. ورفع نيكسون العلم الأبيض مستلما، ولذلك آثر أن ينال ثقة أفضل فقال: “ليست لدى أية نية للسماح بسقوط إسرائيل، وأنا شخصيا ملتزم ببقاء إسرائيل على قيد الحياة”.

يتبع…

By Zouhour Mechergui

Journaliste