الدكتورة بدرة قعلول : مركز الدراسات الامنية والاسترايتجية
يشتد الصراع يوما بعد يوم و لم يبقى إلا يوم الخميس و الجمعة و تختتم الدورة الأولى للحملة الانتخابية الرئاسية بتونس و المشهد لا يزال ضبابي و مضطرب و لم يحسم بعد
ربما يوم الجمعة تظهر بعض المؤشرات لكن ليس بالمؤكد من سينتصر لأنه سيكون هناك دور ثاني للانتخابات الرئاسية و يمكن ان تحصل المفاجآت و كل السيناريوهات واردة :
فهل يمكن ان يصل للدور الثاني مرشح من خارج النظام او بما يسمى السيستام؟
لغة سبر الآراء و استطلاعات الرأي أصبحت المعطى الوحيد الذي يعتمده المحللون و المراقبون لفهم تطورات وتفكيك ضبابية المشهد الانتخابي للرئاسات بتونس، آخر النسب التي تم جمعها من عديد المصادر المختلفة ( بالرغم من بعض الشكوك التي تحوم حول هذه الأرقام و مصادرها إلا أننا اعتمدنها) تشير إلى انحصار السباق بين خمسة مترشحين يحتكرون نسبة تقارب على 80% لكن المفاجأة في هذه الأرقام هي ظهور مترشح من خارج المنظومة 2011 هو قيس سعيد الذي يحوز على المرتبة الثانية بالداخل و الخارج.
بالنسبة للمرشح الذي حاز على الحظ الأوفر و المرتبة الأولي هو نبيل القروي كرقم نهائي في الدور الثاني بنسبة 31%، وهو رقم يصعب على أيّ من منافسيه الوصول إليه أو حتى الاقتراب منه، وبالتالي فالأمر يكاد يكون محسوما بصفة نهائية بالنسبة لنبيل القروي حسب استطلاعات الرأي و الأرقام إن لم تحصل في الإثناء و خلال هذين اليومين الأخيرين المفاجأة التي يمكن أن تغير النسق الانتخابي ككل. فتصدره استطلاعات الرأي و تصدره المرتبة الأولى و بفارق كبير هو معطى يثير مخاوف الكثيرين من المحليين و الإقليميين من إمكانية وصول متهم بالسجن و متهم بالتهرب الضريبي و تبييض الأموال و مافيوزي كما ما يروج إليه إلى كرسي الرئاسة لقصر قرطاج.
إلا انه في المقابل هناك ما يثير الاستغراب و هو بروز قيس سعيد في المرتبة الثانية بنسبة تفوق 16%، بفارق كبير على ملاحقيه المباشرين له.
و حسب نفس المصادر المختلفة فان الزبيدي في المرتبة الثالثة بنسبة 12 بالمائة و بعده مباشرة عبد الفتاح مورو بنسبة 10 بالمائة ليصل يوسف الشاهد الى المرتبة الخامسة بنسبة تقارب على 9 بالمائة بعد تلميع صورته عبر الإعلام المأجور لديه، في الوقت الذي تراجع فيه الزبيدي تحت وقع الضربات الحادة من بعض وسائل الإعلام و الإعلاميين المنسوبين على يوسف الشاهد و الحكومة (ماكينة يوسف الشاهد و المال الفاسد).
لكن اليوم هناك مؤشرات ميدانية يجب أخذها بعين الاعتبار و هو طرد و رفع شعار “ديقاح” في وجه يوسف الشاهد من عدة مناطق من الجمهورية التونسية و قد تم تداول هذه الأخبار عبر كل المواقع التواصل الاجتماعي و التي ربما ستكون سببا في تراجعه و انخفاضا في نسبة مؤيديه.
و إذا رجعنا إلى تساؤلنا الأول هل يمكن أن يفوز بكرسي قرطاج من كان في النظام و قد فشل على جميع الأصعدة و كرهه الشعب ؟
الملاحظة الأساسية التي تخصنا هو الخماسي الطليعة كلهم “أبناء” النظام او بما يعبر عنه التونسيين أبناء système
1- نبيل القروي هو سليل التجمع الدستوري و بعدها النداء منذ 2014
2- عبد الكريم الزبيدي امتداد للمنظومة الحالية و ابن الدولة العميقة
3- يوسف الشاهد رئيس حكومة و ابن “السيستام” الفاشل و الغبي و حاكم القصبة
4- عبد الفتاح مورو حاكم باردو وسياسيته المتلونة يجعله ابن “السيستام” بامتياز
5- قيس سعيد هذه الشخصية التي تحوز منذ بداية الأسبوع الماضي المرتبة الثانية بالرغم من إمكانياته المادية الضعيفة يتصدر المرتبة الثانية و هناك احتمال ان يدخل للدور الثاني من سباق الانتخابات، هي شخصية لم تدخل “السيستام” بل أنها انتقدته حتى أنها تم إقصاؤها من الإعلام التونسي و من الظهور، و لكن كل ظهور إعلامي لقيس سعيد كان له أثر كبير و يجلب له الأنصار خاصة من الشباب.
قيس سعيد هو شخصية من خارج منظومة الحكم، معروف بمعارضته المباشرة على منظومتها القانونية والسياسية وكل آلياتها وارتباطاتها الخارجية و لكنه دائما يغازل طبقة الشباب الثائر و الذي يعتقد ان الثورة لم تكتمل بعد و كذلك هناك من يقول انه مرشح حزب التحرير و قريب جدا منهم.
فعلا أين هو حزب التحرير من الانتخابات و لماذا يلوذ بالصمت و قواعده من ستنتخب؟ و هل فعلا لن ينتخبوا؟
إذا الخمسة الأوائل المؤهلين للدور الثاني من الانتخابات الرئيسية التونسية يستأثرون على نسبة تقارب على 80 بالمائة و هي كالتالي (31% + 16% + 12% + 11,5% + 10,5%)، ولم يبق للبقية تقريبا سوى قرابة 20% ستستفيد على الأغلب من هذه النسبة عبير موسي بقرابة 7 إلى 8%، بحيث لم يبق لبقية المترشحين الواحد و العشرون سوى 13 % او 14% سيتقاسمونها بينهم. فمثلا المرزوقي المدعوم من أموال قطر و شق من الإخوان و من الجنوب لن يصل إلى 4% على أقصى تقدير، في الوقت الذي لن يصل محمد عبو إلى 2% في أحسن الحالات، وهو ما يبرز انعدام حظوظهما في إحداث مفاجأة فيما تبقى من السباق، بل الأغلب المترشحين ستنقاد لانتكاسة شخصية وحزبية كبرى سيكون لها الأثر الكبير على الانتخابات التشريعية.
نرجع الى صاحب المرتبة الثانية قيس سعيد يصعد إذا كشخصية في السباق وكمراهن حقيقي للوصول لقرطاج حسب الأرقام و الإحصائيات، لكن مخاطر تعثره واردة جدا في آخر يوم او يوم الاقتراع، فالملاحقين خاصة مورو والشاهد يسعون بكل قوة لعرقلة الزبيدي وتجاوز أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بطرقهم المشروعة و الغير مشروعة، مراهنين على آلة التشويه بالنسبة لوزير الدفاع، وعلى غياب الإمكانيات المادية و الماكينة الانتخابية يوم الاقتراع بالنسبة لقيس سعيد لتحويل النسبة النظرية و الأرقام إلى تجسيم واقعي، في الوقت الذي يراهنون أيضا على حصول دفعة او ضربة حظ داعمة لأحدهم و هنا ستكون المفاجأة للشعب التونسي.
لكن كيف سيتقبل الشعب التونسي هذا الصعود للشاهد او لموروا و كيف سيكون الدور الثاني الذي يتنافس فيه نبيل القروي مع يوسف الشاهد؟ أو نبيل القروي مع عبد الفتاح مور؟
و عندما نرجع للمرشح ألسيد عبد الكريم الزبيدي المدعوم من شق السواحلية وعدد كبير من النخبة فضلا عن الدعم غير المباشر من الاتحاد العام للشغل، لازالت حظوظه قائمة لتخطي صاحب المرتبة الثانية قيس سعيد و ربما الظفر بتذكرة العبور للدور الثاني، مع احتداد المنافسة و الضربات القوية من يوسف الشاهد الذي يستعمل في اذرع الدولة والمال الملوث والإعلام الفاسد. و بهذا تكون إمكانية سقوط قيس سعيد و حتى الزبيدي واردة إذا ما أضفنا كل التجاوزات يوم الاقتراع، في ظل الرقابة الضعيفة بعيدا عن مكاتب الاقتراع من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومحكمة المحاسبات والنيابة العمومية و الأمن.