الخميس. ديسمبر 26th, 2024

الدكتورة بدرة قعلول : المركز الدولي للدراسات الإستراتجية الأمنية و العسكرية

بعد ان عرّت سوريا القوى الكبري و اطماعهم في الشرق و مؤامرة الخريطة الجديدة لشرق اوسط جديد من خلال نظرية الفوضى الهدامة نجدهم اليوم يتسارعون لأخذ ورقة التوت من ليبيا اعتقادا منهم ان ليبيا ستستر عوراتهم و اطمعهم لكن هل فعلا ليبيا هي الحل للتموقع في شمال إفريقيا و منها الدخول في العمق الإفريقي ؟
هل فعلا القصف سيطال الارهابيين ام من سيموت الأبرياء ؟
هل ليبيا هي الحل للازمة الاقتصادية الخانقة لأمريكا و للحلف الأطلسي؟
ماذا بعد هذا الصراع بين الجيش العربي الليبي و حكومة العصابات المفوضة من القوى الكبرى ؟ هل ستكون ليبيا عراقا جديدا للامريكان او لأي قوى تنوي الدخول ؟ هل ليبيا هي الفخ و حقل الالغام و الصحراء التي سينهزمون فيها ؟
اصبح اليوم الاسراع بتكوين تحالفات بين دول شمال افريقيا ضرورة للوقوف امام التحديات الامنية الحالية و المستقبلية و اقامة علاقات متميّزة بين دول الجوار الاقليمي في شمال افريقيا و جعلها نموذج يتم البناء عليه بتحقيق تحالفات و تعاون عربي حقيقي، هذا الموضوع نعتبره هام في هذه الفترة الحرجة التى تعشها شعوبنا و تعيشها ليبيا بالأساس و إمكانية احتلال ليبيا من قبل الدول الطامعة في ثرواتها و موقعها.

أصبح الوضع في منطقة شمال افريقيا و جنوب المتوسط مثيرا للجدل و القلق فالأرضية مهتزة جدا و الاوضاع غير مستقرة و التخطيط الاجنبي و التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة اصبح يؤثر على كل شيء بدءاً من الأمن وانتهاء بالأوضاع الاقتصادية الاجتماعية وحقوق الإنسان. وفي الوقت الذي يرى فيه العديد من المفكرين و المهتمين بان الاوضاع تزداد خطورة و لا يوجد تفعيل ميداني للتحالف بين بلدان الاقليم و لا توجد مواقف رسمية واضحة و في بعض الاحيان تصل الى توتر علاقات معلن و غير معلن، تعمل التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعائدون إلى أوطانهم من ليبيا وسوريا على إشعال نار التطرف و الإرهاب. ولكي تتم السيطرة على تلك النيران، تحتاج المنطقة إلى الانضمام إلى الشركاء إقليميين لوضع إستراتيجية إقليمية شاملة عملية يمكن تطبيقها على ارض الواقع.
الواقع الميداني الهش في المنطقة
لا يختلف اثنان على الأهمية الحيوية لمنطقة شمال إفريقيا و جنوب المتوسط من حيث الموقع الجيواستراتيجي و الثروات البيترولية و الغازية و الموارد البشرية لهذا نجد هذا الاهتمام المتزايد للقوى العالمية بالمنطقة و ذلك لارتباط المصالح و خاصة اوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و كذلك روسيا و الصين، اذ يمثل التقلب السائد في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل تهديدات كبيرة على المصالح الفرنسية والأوروبية الحيوية و كذلك على المصالح الأمريكية، وسوف يؤدي الموقع الجغراستراتيجي للمنطقة إلى ربطها بشكل متزايد بالمصالح العالمية الأوسع نطاقاً.

ويأتي الاستقرار على رأس تلك المصالح طويلة الأجل على الصعيدين الوطني والإقليمي على حد سواء. ولهذه الأسباب وغيرها، تمثل المنطقة مصدر قلق متنامٍ بالنسبة لشعوبها و شعوب المنطقة و القوى الدولية.
وعلى مدار الفترة الماضية و الى الان لم تتحقق إلى حد بعيد الآمال بأن تُفضي انتفاضات “الربيع العربي” إلى ديمقراطية يافعة مستقرة بل ازدادت سوءا و بدرجات متفاوتة في كل بلد. فاكثر الصور الموجودة في واقع هذه البلدان هي الهشاشة والشقاق، التى جعلت المساحات غير الخاضعة للحكم تنتشر انتشار النار في الهشيم في دول ما بعد الحقبة الشمولية. وفي غياب سياسة العصا الغليظة لوأد الشقاق أو فرض سيادة القانون وتوزيع الموارد، توفر تلك المساحات أرض خصبة لردة فعل من قبل المتطرفين و الارهابيين و المافيا العالمية.
وللأسف، يتلقى المتطرفون الذين يستخدمون العنف تدريبات قيِّمة وخبرات قتالية في ليبيا وسوريا، كذلك يجدون الدعم الكبير من قوى فاعلة عالميا بان يشتروا منهم البيترول و يزودونهم بالأسلحة و المعدات و الذخيرة… فهذا الدعم جعلهم يتمددون من حيث الاعداد و الاماكن فلقد اصبح لهم انصار و متعاطفين و مباييعين و خليا مترصدة و حواضن اجتماعية كبرى في كامل انحاء العالم و في شمال افريقيا و المتوسط خاصة في جنوبه.
ومع التسوية في سوريا و انتقال حلبة الصراع و ظهور تحالفات جديدة و اختلاط الاوراق وخاصة العائد من بعيد الذي لم يقرأ له حساب “روسيا و ايران و سوريا” اصبحنا نرى مشهدا متسارع الحلقات و تسويات و عمل استراتيجي كبير في منطقتنا شمال افريقيا اين يجب ان تحدد المواقف و التحالفات. فعودة هؤلاء الارهابيين زادت المعارك من تشددهم إلى أوطانهم، سوف يجدون شرائحً محرومة ومستاءة على نحو متزايد تكون أكثر عرضة للأيديولوجية و الدمغجة المتطرفة، مما يمهد الساحة لصحوة المتطرفين و الى الفتنة في كامل المنطقة وهو أمر ينذر بعواقب وخيمة طويلة الأجل و ليبيا اليوم هي الدليل.
تواجه معظم دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل حالياً أزمات بدرجات متفاوتة. فالوضع الذي يغذيه تطرف الراديكاليين، وسوء الإدارة، والاضطرابات السياسية و الاجتماعية، يشير إلى اضطرابات جيوسياسية عميقة لن تؤدي سوى إلى تشجيع المتطرفين على العنف.
تونس التوتر السياسي و التأزم الاقتصادي و الاجتماعي
الجزائر حالة تأهب و ترصد و شبح العشرية السوداء لا يزال يخيم على العقول
المغرب وعدم الحسم في مسألة الصحراء الغربية حالة الاتفاق المفقود
ليبيا و حالة اللاّدولة
مصر بين الانقاد و الاصلاح و التحالفات الاقليمية
لماذا هناك أهمية في التحالفات الاقليمية : تونس -مصر-الجزائر-ليبيا-المغرب
رهانات التحالف الاقليمي و التحديات التي ستواجهها
و من منطلق هذا الواقع المتردي و الخطير جدا و الذي يمكن ان ينفجر في اية لحظة يجب اليوم تحديد المواقف و التحالفات داخل المنطقة و العمل على تفعيلها. فاذا لم يطرح و لم يفعّل التعاون الاقليمي فان التحالفات الدولية و القوى العظمى سوف تفرض على المنطقة مصالحها و املائاتها و برامجها فكل تشتت اقليمي قد افرز الفوضى الهدامة و برامج الفوضى من اجل صراعات جوفاء و تشتت لصالح اعداء الامة و للاستغلال الامبريالى و الابتعاد عن القضايا الام لبلدان المنطقة كالإصلاح و التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و استغلال ثرواتنا للتقدّم بل اصبحت المنطقة اكثر هشاشة و تباعية و تفتت و انقسام وتخضع الى اجندات تعمل لإنقاذ الازمة الاقتصادية لأوربا و امريكا و تسليح اسرائيل و سيطرتها على المنطقة.
بل لم تعد لنا برامج نطرحها و لم نستفد من قوتنا الجغرافية و لا الموارد الطاقة و لا الموارد البشرية و غرقنا في مشكل مفتعل اسمه العصابات و المجموعات الارهابية التى يغذيها التباعد و الصراعات و التشتت. فالاستثمار في مجالات الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي يعتبر متوقف ما لم تعالج القضايا المتعلقة بالأمن و الاستقرار. وربما الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هناك عدد كبير من المتطرفين من شمال أفريقيا الذين يقاتلون الآن و الذين قاتلوا سابقاً في الصراع السوري ،وفي ظل عودة الكثير منهم إلى ديارهم وتمتعهم بالمزيد من الخبرة والمصداقية المزعومة والالتزام، فقد يوجهون اهتمامهم و عمالياتهم الإرهابية إلى الحكومات الإقليمية، وهذه احتمالية مقلقة في الوقت الذي لم تتمكن أي دولة في المنطقة من إحكام سيطرتها الكاملة على حدودها أو على الجماعات المتطرفة النشطة داخلها وفيما بينها.

By Zouhour Mechergui

Journaliste