فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية 01-07-2024
تقديم :
مع تمام الساعة السادسة صباحا بتوقيت غرينتش، الى حدود الساعة الرابعة عصرا فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها حيث دخلت فرنسا الإثنين أسبوعاً حاسماً من التجاذبات السياسية بعد الجولة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية تصدرها اليمين المتطرّف بفارق كبير مقتربا أكثر من أي وقت مضى من “أبواب السلطة”.
وبعد ثلاثة أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه الرئيس إيمانويل ماكرون بإعلانه حلّ الجمعية الوطنية، صوّت الفرنسيون بكثافة الأحد في الجولة الأولى من الانتخابات التي تثير نتائجها ترقبا كبيرا في الخارج وحلّ التجمّع الوطني اليمين المتطرّف وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع الذي أعقب الانتخابات الأوروبية، بفوزه بـ33,2 إلى 33,5 في المئة من الأصوات.
حيث راهن إيمانويل ماكرون على حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة “لتصحيح المسار” بحسب إعتقاده، بعد الانتخابات الأوروبية، لكنه خسر رهانه وخرج من الدورة الأولى في موقع ضعيف جدا ومرغما على إعادة بناء صورته ومصيره السياسي في ما تبقى من ولايته المهددة بالبلبلة.
ماكرون فقد الشرعية السياسية والانتخابات
تعد الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي ستجري الأحد المقبل، واحدة من أكثر الجولات حسماً في كامل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، التي تأسست في العام 1958.
معهد “بي في آ” لاستطلاعات الرأي قال في تقريره الأخير إنه رهان خاسر مع احتمال حصول حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على غالبية نسبية بل ربما مطلقة، موضحا أن إيمانويل ماكرون في مأزق في حين أنه طرح نفسه حاجزا..
ذلك أن حل الجمعية الوطنية من الخطوات الأكثر تهورا في تاريخ الجمهورية الخامسة، مبنية على التوقعات الأكثر عبثية كما أنّ الفرنسيين “أصدروا حكماً نهائياً”.
فماكرون عوّل على انقسامات اليسار متوقعا أن يأتي معسكره في المرتبة الثانية بعد التجمع الوطني الذي حصل على أكثر من 34% من الأصوات بحسب التقديرات الأولية مساء الدورة الأولى.
غير أن اليسار خاض الانتخابات موحدا وانتزع المرتبة الثانية بحصوله على ما بين 28 و29%، مرغما الماكرونيين على سحب العديد من المرشحين في بعض الدوائر إن أرادوا قطع الطريق أمام اليمين المتطرف في الدورة الثانية.
وتشير استطلاعات الرأي الى تقلص غالبيته النسبية في الجمعية الوطنية من 250 مقعدا من أصل 577 حاليا إلى 60 مقعدا بحسب التوقعات الأكثر تشاؤما، وستتشكل كتلته الجديدة حول شخصيات أخرى
“بارديلا” و”لوبان “المرشحين الأكثر حضوضا في ” الإيليزيه”
شهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة فبعد هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية، هزيمة مذلة أخرى لائتلافه الوسطي هزيمة أمس الأحد.
وجاء تحالفه في المركز الثالث بحصوله على 20.7% من الأصوات، بينما حصل تحالف الأحزاب اليسارية، الجبهة الشعبية الجديدة، على 28.1%..
حزب “لوبان” المتشكك في الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة منبوذا لفترة طويلة، لكنه الآن أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى وقالت لوبان في مقابلة صحفية: “سنفوز بالأغلبية المطلقة” متوقعة أن يصبح تلميذها “جوردان بارديل” ، البالغ من العمر 28 عاما، رئيسا للوزراء.
هذا وقد تشهد الدبلوماسية الفرنسية فترة غير مسبوقة من الاضطراب مع تنافس ماكرون – الذي قال إنه سيواصل رئاسته حتى نهاية فترة ولايته في عام 2027 – وبارديلا” من أجل الحق في التحدث باسم فرنسا” إذا فاز حزب التجمع الوطني بالأغلبية المطلقة.
“بارديلا” المعروف بتحفظه تجاه العلاقات الروسية أبدى تعهده بشأن عدم تسليح أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى كما صرح بالفعل إلى أنه سيتحدى ماكرون في القضايا العالمية رغم أن فرنسا لم تشهد في حكوماتها المتعاقبة أطرافا متنافسة على إدارة الدولة و وجهات النظر المتباينة جذريا حيال قضايا عالمية إذ من المعروف خاصة وأن الحزب يكن معارضة شرسة لسياسات الهجرة والمهاجرين.
خلاصة :
تتحسس الوتيرة العالمية طريقها نحو الانتخابات لكن هذه المرة كانت في أجواء وصفت ب “التاريخية “فمع صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الاوروبية تدور بوصلة “الاتحاد” بما سيخلق تداعيات عالمية جديدة بوصول القادة الجدد في أجواء مشحونة بالحروب وأعباء الاقتصاد والتوتر الدبلوماسي وقضايا أخرى عالقة كالهجرة والارهاب والدين العالمي وغيرها .
أما في واشنطن فلا تقل أجواء الانتخابات كارثية مما هي عليه في فرنسا .
فيما وصفته وسائل الإعلام الأميركية بـتداعيات “لعنة المناظرة الرئاسية الأولى”، بدأ الحزب الديمقراطي يحصر الأضرار.. وبحسب موقع “بريديكت إت” للتوقعات السياسية، فقد تراجعت حظوظ جو بايدن في الاحتفاظ بمنصبه رئيسا للولايات المتحدة تراجعا حادا فهل يترك بايدن السياق ويرحل ؟