فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية 28-06-2024
تقديم :
شكّل خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتن “حول التحالف الأمني الأوراسي” جزء من خطة الكرملين لإنشاء تحالف من الدول الصديقة لموسكو لمنافسة الغرب وحلف شمال الأطلسي.
ففي أعقاب زيارة بوتن لكوريا الشمالية وفيتنام والتي قال أحد خبراء الأمن الدولي لمجلة نيوزويك إنها “عمقت علاقة مصلحة متصاعدة بالفعل” بين موسكو وبيونج يانج.
فموسكو مستعدّة لمناقشة قضايا الأمن الأوراسية مع منظمة شنغهاي للتعاون بقيادة روسيا والصين، ورابطة الدول المستقلة بقيادة موسكو، والإتحاد الإقتصادي الأوراسي، وكذلك دول مجموعة البريكس، “لخلق أمن متساوٍ وغير قابل للتجزئة في أوراسيا”.
وتتوافق تصريحاته مع تعليقات وزير خارجيته سيرجي لافروف الذي تحدث في اجتماع لوزراء الخارجية في كازاخستان عن جهود موسكو لتشكيل “هيكل أمني أوراسي” ليحل محل نظام الأمن الأوروبي الأطلسي.
ماذا تعرف عن منظمة “شنغهاي”؟
تعد منظمة شانغهاي للتعاون (SCO) تجمع دولي سياسي واقتصادي وأمني بين دول أوراسيا، تأسست عام 2001 بمدينة شانغهاي الصينية، على يد قادة ستة دول آسيوية؛ هي الصين وكازاخستان وقيرغيزيا وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان.
وتأسس التكتل بالفعل عام 1996 باسم “خماسية شنغهاي”، دون أوزبكستان التي انضمت للمجموعة لاحقا، ليتم في 2001 الإعلان رسميا عن تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون بشكلها الجديد.
وفي 2017، انضمت الهند وباكستان لعضوية المنظمة، بينما تحظى 4 دول فيها بصفة “مراقب”.
وهي أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا وإيران، قبل أن تحصل الأخيرة على عضوية كاملة بشكل رسمي وتحمل ست دول صفة “شريك للحوار” في المنظمة وهي أرمينيا وأذربيجان وتركيا وسريلانكا وكمبوديا ونيبال.
تقويض للغرب وبديل عن الاتحاد الاوروبي
منذ حرب أوكرانيا، صعد بوتين من دعواته للابتعاد عن نظام عالمي احادي القطب باعتباره نظاما سياسيا اقتصاديا عالميا يهيمن عليه الغرب.
وتهدف منظمة شنغهاي للتعاون إلى “تعزيز سياسة حسن الجوار بين الدول الأعضاء، ودعم التعاون بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومواجهة التكتلات الدولية بالعمل على إقامة نظام دولي ديمقراطي وعادل”.
وفق أدبيات المنظمة ومنذ تأسيسها، كان التعاون الأمني أحد المهام الرئيسية للمنظمة، ولا يزال على قمة أولوياتها وهدفا رئيسيا لها في المستقبل وتقول المنظمة إنها “تعمل على مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف والحركات الانفصالية والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات” في الدول الأعضاء.
بعد انضمام باكستان والهند إليها، أصبحت المنظمة تمثل أكثر من نصف البشرية، ما يجعلها حجر الأساس في أي نظام عالمي تعددي جديد.
بحسب خبراء ووفق وسائل إعلام روسية، تعد منظمة شنغهاي أكبر منظمة إقليمية في العالم من حيث المساحة وعدد السكان، حيث تغطي دول المنظمة 60 في المئة من منطقة أوراسيا، بعدد سكان يقدر بـ3.2 مليارات نسمة، وبحجم اقتصادي يبلغ 20 تريليون دولار وخلال عام 2022.
زاد حجم التجارة بين دول منظمة شنغهاي بنسبة 37 بالمئة، مسجلا رقما قياسيا بلغ 263 مليار دولار وينظر إلى المنظمة على نطاق واسع على أنها “جبهة صينية-روسية مشتركة في مواجهة النفوذ والتحالفات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
هذا و تتمتع منظمة شنغهاي بصفة “مراقب” في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2005، ليتم في 2010 توقيع الأمانة العامة للأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون إعلانًا مشتركًا بشأن التعاون بينهما.
خلاصة
وفي الوقت الذي يراهن فيه الناتو على مواصلة تسليح أوكرانيا ورفض ألمانيا لمقترح بوتن للسلام برعاية الصين يتأكد من جديد السياسة العدائية للغرب ضد روسيا، فبعيدا عن الخيار السلمي المتاح بات من حق روسيا شرعية استخدام القوة بشكل منظم بناء على تحالفات دولية أمنية اوراسية تقوض سياسة الناتو وتستبدل اتحاد الناتو بمنظمة شنغهاي العالمية.