الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

تونس-28-11-2022

 وقّع المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس اتفاقية شراكة مع المركز الصيني لدراسات العالم المعاصر،  وذلك خلال منتدى أقيم عبر منصة “الزوم” بعنوان” الصين بعيون عالمية”.

 ورحّبت رئيسة المركز الدكتورة بدرة قعلول، بالشراكة  متمنية أن تدعّم بمزيد الانشطة الثنائية بما فيه من مصلحة للبلدين.

 كلمة الدكتورة قعلول:

“السيدات والسادة الحضور، السيد الوزير ليو جيان تشاو يسر المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية وفريقه من باحثين ودارسين أن يأسس هذه الشراكة الواعدة مع المركز الصيني لدراسات العالم المعاصر.

كما يشرفني أن أمثل جزءا من هذا المنتدى بعنوان “الصين بعيون عالمية”، وأن أكون فردا من الحاضرين، والملتزمين مثلنا، بقيم الصداقة والثقة التي تربط دولنا اليوم، والساهرين على الدفاع عن الانسجام بين الشعوب والتلاقح بين الحضارات، وخاصة العلاقة الواعدة والتاريخية بين الصين والدول العربية والافريقية ومن بينها الجمهورية التونسية.

يسرني أن أكون اليوم هنا بينكم، مواطني العالم، الذين تجمعنا بهم لغة واحدة لغة السلام والانسانية لهدف واحد يرنو لمستقبل تسوده قيم الإنسانية والتنمية المشتركة والسلام الانساني الدائم.

لطالما كانت العلاقات الإفريقية الصينية علاقات مميزة، فهي من جهة علاقات موغلة في تاريخ التعاون السياسي على غرار مخرجات مؤتمر “باندونغ” الذي ضم أكثر من 29 دولة إفريقية وآسيوية، حيث كان للصين في ذلك دور ريادي في دعم عمليات التحرر وتمتين علاقات اقتصادية عميقة ذات طابع تعاوني بعيد عن منطق النهب والهيمنة والاستعمار.

وكنا قد أشرنا في مؤتمرنا المنعقد في 5 جويلية 2022 تحت عنوان: “مبادرة الصين من أجل سلام انساني دائم وتنمية مشتركة”

أن جمهورية الصين الشعبية تؤكد في كل مرة على علاقاتها الوطيدة مع أغلب دول العالم وخاصة مع القارة الافريقية، وذلك يعود إلى الانفتاح الذي يحرك الرؤية السياسية والثقافة والديبلوماسية التي ترتكز عليها جمهورية الصين الشعبية في استراتيجيات تعاملاتها مع بقية دول العالم والهادفة في جوهرها إلى تحقيق “السلام الانساني الدائم“.

فضلا عن مبدأ التعاون الذي تسعى الصين إليه وتعمل على تركيزه كدعامة أساسية لكل عملية سلام سياسية، بالإضافة إلى استراتيجيات تحويل قيمة السلام الإنساني الدائم إلى ثقافة علائقية تحرك مجمل العلاقات الدولية.

تدعمت هذه الخيارات السياسية في علاقات الصين الشعبية الدولية بخيارات اقتصادية مع أغلب دول العالم وأكسبتها ثقة بحثت عنها الدول النامية وخاصة دول إفريقيا التي تمثل الرابط والأصل حيث تعتبر بوابة ثروة أوروبا، واليوم قد تكون الحليف الاكبر للصين استنادا لمنهج الدعم والتعاون اللا مشروط بين قارة الثروات وقارة التكنولوجيا، والذي يقوم أساسا على نظرية” الرابح – رابح” التي تأصل اقتصاديا لرفاه الشعوب وتهدف انسانيا إلى خلق علاقات التآخي والتعاون وشراكات تهدف في مجملها إلى سلام المنطقة وشعوبها سلاما دائما.

إن تضافر التعاون السياسي بالتعاون الاقتصادي يرتبط أساسا بالأمن القومي كأحد أهم الأهداف الدولية، والذي لا يستند لمنطق بسط النفوذ والاحتلال والتسابق المرضي نحو التسلح وبسط النفوذ.

لذلك دأبت الصين إلى ترسيخ وتركيز خطط أمنية تدعم مشروع السلام الإنساني وتُترجم عمليا المبادرة الصينية التي تنطلق من السياسات السلمية مرورا بالتعاون الاقتصادي وصولا إلى مخططات وخرائط أمنية هادفة في غاياتها الكونية إلى تحقيق سلام انساني دائم.

وتعد العلاقات التونسية الصينية أحد العلاقات الراسخة على المستوى الاقتصادي والأمني، والتي تعد من الشراكات الواعدة وتتصدر الخطوات الأساسية لرؤية الصين الاستشرافية، وهو ما يجعل التساؤلات قائمة حول الخطط والخرائط الأمنية التي يمكن لتونس أن تبنيها مع جمهورية الصين من أجل شراكة دائمة هدفا ومطلبا في ظل توازنات ومتغيرات إقليمية متسارعة.

والواقع أن البلدان الآسيوية وعلي رأسها جمهورية الصين الشعبية والدول الإفريقية تعد أطرافاً رئيسيةً في مسائل القانون الدولي وخاصة تفعيله بموضوعية، فالقانون الدولي ليس شعارات ولا دول تستأثر بها على دول أخرى فالعدالة التي يجب أن تقوم على المسواة بين الشعوب والدول يجب أن يحافظ عليها القانون الدولي بكل نزاهة وموضوعية.

إن الدول الافريقية وجمهورية الصين الشعبية والدول الآسوية أصبحوا أقطابا هامة في عملية تحقيق السلم الانساني والابتعاد عن القطب الواحد المهيمن بل إن العالم اليوم أصبح يسير في اتجاه تعدد الأقطاب العالمية وبعث نموذج انساني يعتمد الربح لجميع الأطراف دون هيمنة او سيطرة أو تبعية والابتعاد عن الشعارات الكاذبة التي أصبحت مكشوفة.

لذلك لا يمكن لنموذج الرأسمالية الحالي أن يكتسب قداسة وعالمية إذ لا يمتلك نجاعة أساسية لقبوله على نطاق أوسع دون استيعاب وتلبية احتياجات وتطلعات الدول الإفريقية الآسيوية على النحو الملائم، فإفريقيا اليوم ليست افريقيا الأمس بل الشعوب الافريقية استفاقت على حقيقة ومفارقة لا غبار عليها بأنّها من أغنى الدول في العالم ولكنها في نفس الوقت من أفقرها، وبهذه المفارقة، ولهذا يجب أن تسترجع ثرواتها وتعيد حساباتها وخاصة لها الحرية التّامة في اختيار

شركائها وحلفائها وأن تخرج من الوصاية التقليدية وتذهب الى البحث عن مصالحها ومصالح شعوبها، فالشعوب الافريقية اليوم تناضل وتبحث عن استقلالها الحقيقي والفعلي وخاصة تعمل من اجل استرجاع السيادة الوطنية وهو الحال عندنا في تونس بعد تصحيح المسار، مسار 25 جويلية 2021.

كذلك من حق الشعوب الافريقية الحفاظ على أمنها واستقرارها ومحاربة الارهاب الذي يعصف بها منذ عقد من الزمن، وخاصة ونحن نتابع بقلق كبير جدا عودة جيوب الارهاب ودخول مجموعات كبيرة من الارهابيين الى الدول الافريقية، فقد تمّ زرع فروع القاعدة في افريقيا وهاهم اليوم يزرعون من جديد قوى الشر والارهاب عناصر وقيادات “داعش” الارهابية في عمق القارة الافريقية فالارهاب اليوم يتحول الى افريقيا عبر البحار.

من حق الشعوب الافريقية تحديد مصيرها وتحديد اختياراتهم وسيادتها على اراضيهم ومن حقها العيش بأمن وسلام واستقرار.

ومن حقهم أن يحددوا مصيرهم التنموي والاقتصادي وأن يحددوا مناهجهم الاجتماعية كالتعليم والصحة وحقوق الانسان وحقهم المقدس في العيش الكريم.

وكذلك من حقهم المشروع في اختيار شركائهم الاقليمين والدوليين.

نحن نطمح الى السلام والاستقرار في قارتنا السمراء مع تنمية مستدامة وحوكمة شاملة وناجعة.

القارة الأغنى في العالم والأفقر تحتاج الى شراكات واعدة تحترمها وتحترم شعوبها وخصوصياتها.

العالم اليوم يتغير ويتحرك بصورة كبيرة وسريعة ويجب مواكبة هذا التطور والعمل على الحفاظ على الاستقرار والأمن من أجل التنمية المستدامة، فلا تنمية من دون استقرار سلام انساني.

أختتم كلمتي هذه متوجهة للحاضرين معنا اليوم، والذين بدنوهم لن يكون لعبارة السلام البعد ذاته، فقيم الإنسانية والأخوة تأخذ قوتها من خلال هذه الروابط بين الأجيال والشعوب.

وأخيرا، أتوجه بالشكر إلى حكومة الصين الشعبية بصفتها شريكنا الداعم في هذه المبادرة، علماً أن الدعم والتعاون بين الدولتين مستمر نحو سلام افريقي آسيوي دائم”.

عاشت الصداقة والشراكة التونسية الصينية الافريقية.

By Zouhour Mechergui

Journaliste