الثلاثاء. أبريل 1st, 2025

نظّمت توغو، للمرة الأولى في تاريخها، انتخابات مجلس الشيوخ يوم السبت الماضي، في خطوة أساسية لترسيخ نظامها البرلماني الجديد ضمن الجمهورية الخامسة. وأسفرت النتائج عن اكتساح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (يونير) الحاكم، الذي حصد 34 مقعدًا من أصل 41 جرى التنافس عليها، فيما ذهبت المقاعد المتبقية إلى قوى موالية وجزء محدود من المعارضة.

تحولات دستورية تمنح الحزب الحاكم سيطرة مطلقة

يأتي تشكيل مجلس الشيوخ استجابةً للتعديلات الدستورية التي تم إقرارها مطلع عام 2024، والتي غيرت النظام السياسي من رئاسي إلى برلماني، حيث أصبح رئيس الوزراء – الذي يختاره الحزب الفائز – هو صاحب السلطة التنفيذية الفعلية، بينما تحوّل منصب رئيس الجمهورية إلى دور شرفي بدون صلاحيات.

وبموجب الدستور الجديد، يتألف مجلس الشيوخ من 61 عضوًا، يُنتخب 41 منهم بواسطة المستشارين البلديين وأعضاء المجالس الإقليمية، بينما يعيّن الرئيس الـ20 الآخرين. وقد سبقت هذه الانتخابات استحقاقات تشريعية في مايو الماضي، فاز فيها الحزب الحاكم بأغلبية ساحقة بحصوله على 108 مقاعد من أصل 113 في البرلمان، مما عزّز هيمنته المطلقة على مؤسسات الدولة.

فور غناسينغبي يرسّخ حكمه عبر تغيير الدستور

يُعد هذا التحول السياسي مفصليًا بالنسبة للرئيس فور غناسينغبي، الذي يحكم توغو منذ 2005 بعد توليه السلطة خلفًا لوالده الذي حكم البلاد 38 عامًا. فوفقًا للدستور السابق، كانت انتخابات 2025 آخر فرصة له للترشح، لكن التعديلات الجديدة سمحت له بالبقاء في السلطة كرئيس للوزراء لفترة غير محددة، مما أثار انتقادات حادة من المعارضة.

وشهدت الانتخابات الأخيرة مقاطعة واسعة من قبل تحالف يضم أحزاب المعارضة وهيئات المجتمع المدني، بما في ذلك التحالف الوطني للتغيير والجبهة الديمقراطية الجديدة. واتهمت المعارضة النظام باستخدام الانتخابات لترسيخ “حكم الفرد”، معتبرة أن نقل السلطة إلى رئيس الوزراء ما هو إلا آلية جديدة لإطالة حكم غناسينغبي عبر يونير.

في المقابل، دافعت الحكومة عن الإصلاحات باعتبارها خطوة نحو اللامركزية وتقاسم السلطة، حيث أكد وزير العمل جيلبرت باوارا أن النظام البرلماني الجديد يعزز المشاركة السياسية ويوفر تمثيلًا أوسع داخل مؤسسات الدولة.

مع سيطرة الحزب الحاكم على السلطتين التشريعية والتنفيذية، تواجه توغو مستقبلاً سياسياً يزداد انغلاقًا أمام المعارضة، التي باتت تعاني من تضييق سياسي وتشريعي. وبينما يرى النظام أن الإصلاحات تعزز الاستقرار السياسي، فإنها، في نظر خصومه، مجرد إعادة إنتاج لنفس النخبة الحاكمة تحت غطاء جديد، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوتر السياسي في المرحلة المقبلة.