قسم الأخبار الدولية 17/02/2025
شن رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، هجوماً لاذعاً على الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، مندداً بمطالبتهما بوقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات، ومؤكداً أن أي حكومة تُفرض من الخارج لن تجد قبولاً داخل السودان. جاءت تصريحاته في أعقاب قمة الاتحاد الأفريقي الـ38، التي ر/ف/ضت رفع تعليق عضوية السودان واشترطت وقف الحرب لاستعادة الحكم المدني.
تصعيد حاد ضد التدخلات الإقليمية والدولية
جاءت تصريحات البرهان خلال مؤتمر عقده في بورتسودان، حيث هاجم بشدة ما وصفه بـ”التدخلات غير المقبولة” من الاتحاد الأفريقي و”إيغاد”، مؤكداً أن الشعب السوداني يرفض أي حلول تُملى عليه من الخارج. وقال بلهجة غاضبة: “لن نقبل أن تُفرض علينا حكومة، سواء كان حمدوك أو غيره، ومن يريد حكم السودان فليأتِ ويقاتل مع السودانيين، فالأفضلية الآن لمن يحمل السلاح دفاعاً عن البلاد”. كما دعا الاتحاد الأفريقي إلى التوقف عن مساعيه قائلاً: “وفروا جهدكم، ولا تتعبوا أنفسكم في قضايا لا تحظى برضا السودانيين”.
تصريحات البرهان لم تقتصر على انتقاد الاتحاد الأفريقي فقط، بل امتدت إلى مهاجمة بعض الدول الأعضاء التي دعمت مشاركة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في القمة. وأبدى استغرابه من مطالب بعض العواصم بعودته إلى الحكم، مشدداً على أن “الشعب السوداني وحده من يقرر مصيره”.
رفض أي حلول سياسية وقطع الطريق على المفاوضات
أكد البرهان أن السودان لن يقبل أي ترتيبات انتقالية تُفرض عليه من الخارج، متهماً قوى سياسية سودانية بالتحرك بالتنسيق مع أطراف دولية لإعادة الحكم المدني عبر الضغوط الخارجية. كما نفى بشكل قاطع وجود أي تواصل بين الجيش وتحالف “قوى الحرية والتغيير”، مضيفاً: “لا نتحدث إلا مع من يقاتلون في الميدان، أما من يقاتلوننا من الخارج أو يسعون لفرض أنفسهم بالوساطات، فلا شأن لنا بهم”.
وفي إشارة واضحة إلى أن الجيش لن يسمح بأي دور سياسي لقادة الثورة المدنية، قال البرهان: “السودان لن يحكمه من طُرد من الداخل، ولا نقبل أن يأتينا أحد بحكومة جاهزة من الخارج”. هذه التصريحات تعزز موقف المؤسسة العسكرية الرافض لتسوية سياسية شاملة، وتؤكد أن الجيش يسعى لحسم النزاع عسكرياً، دون منح القوى المدنية أي دور في المرحلة المقبلة.
استمرار المعركة حتى “القضاء على التمرد”
أعاد البرهان التأكيد على استمرار الحرب حتى “القضاء على التمرد”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع، مؤكداً أن الجيش لن يوقف عملياته العسكرية قبل ضمان استعادة السيطرة الكاملة على السودان. وأضاف: “لن تتوقف معركتنا حتى يصبح السودان خالياً من أي سلاح خارج إطار الدولة، وسنواصل القتال حتى دحر التمرد، وإفشال أي مؤامرة ضد البلاد”.
وفي هذا السياق، أكد البرهان أن الجيش يعمل على إعادة بناء المؤسسة العسكرية بحيث تكون “قومية ومهنية”، بعيداً عن الولاءات السياسية أو العقائدية، وهو ما يعكس سعي القيادة العسكرية لإعادة تشكيل الجيش بعد الصراع الدامي مع قوات الدعم السريع.
توتر متصاعد مع المجتمع الدولي
لم تقتصر رسائل البرهان على الاتحاد الأفريقي و”إيغاد”، بل وجه أيضاً انتقادات للمجتمع الدولي، محذراً من استمرار الضغط على السودان ومحاولة فرض حلول خارجية. وقال: “لا تتعبوا أنفسكم، فالشعب السوداني قال كلمته، ومن يريد مساعدة السودان، فليفعل ذلك من الداخل وليس عبر الإملاءات الخارجية”.
كما أشار إلى أن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي دعمت حكومته وامتنعت عن المشاركة في مؤتمر قمة لدعم السودان، معتبراً أن القمة كانت “مؤامرة تستهدف تمرير أجندات معينة لصالح المعتدين على الشعب السوداني”.
رسائل حادة وإصرار على الحل العسكري
تصريحات البرهان تعكس موقفاً متشدداً من أي مبادرة دبلوماسية لحل النزاع السوداني، حيث يسعى إلى استبعاد القوى المدنية من أي ترتيبات سياسية مستقبلية، ويرفض أي ضغوط خارجية لوقف القتال. كما تؤكد هذه التصريحات أن القيادة العسكرية باتت أكثر اقتناعاً بأن الحل العسكري هو الخيار الوحيد المتاح، في ظل غياب أي توافق داخلي أو خارجي على تسوية سياسية.
هذا التصعيد في الخطاب يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما يعمّق عزلة السودان على المستوى الإقليمي والدولي، في ظل رفض القيادة العسكرية لأي مساعٍ لتخفيف حدة الصراع عبر الوساطات الدبلوماسية.