قسم البحوث والدراسات الإستراتجية الأمنية والعسكرية 28-01-2025
تأكيد إيران شراء مقاتلات سو-35 قد يهدد التفوق الجوي الأميركي في الشرق الأوسط
أكدت إيران رسميًا شراء طائرات مقاتلة روسية من طراز سو-35وأعلن الجنرال علي شدماني، نائب رئيس الأركان في مقر خاتم الأنبياء المركزي، أن عملية الاستحواذ تهدف إلى تعزيز القوات الجوية والبرية والبحرية للبلاد.
لم يكشف عن عدد الطائرات المشتراة أو حالة تسليمها، يمثل هذا البيان أول تأكيد رسمي من مسؤول إيراني كبير بشأن الصفقة، والتي ألمح موقع Army Recognition على مدار العامين الماضيين إلى أنها تهدف إلى مواجهة المتغيرات الإسرائيلية من الطائرات الأمريكية F-35 Lightning II و F-15 Eagle و F-16 Fighting Falcon.
وتعود جهود إيران للحصول على طائرات مقاتلة روسية حديثة إلى عام 2007، عندما استكشفت شراء طائرات Su-30MK، لكن هذه المناقشات توقفت بسبب العقوبات الدولية والمخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني.
كما فشلت محاولات عام 2015 لشراء طائرات Su-30SM، بما في ذلك طلبات الحصول على حقوق الإنتاج المحلي وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية سابقًا أن الأفراد بدأوا التدريب على عمليات Su-35 في روسيا في عام 2022.
وفي عام 2023، ظهرت تقارير تفيد بأن إيران وروسيا قد أنهتا صفقة لمقاتلات Su-35SE ، بعد أن قدمت إيران طائرات بدون طيار وتكنولوجيا الصواريخ لروسيا أثناء الصراع في أوكرانيا.
الطلبات العسكرية الإيرانية
في البداية، تم طلب 25 طائرة من طراز Su-35SE، ولكن تم زيادة هذا العدد لاحقًا إلى 50 وتم تسليم الطائرتين الأوليين في أواخر عام 2024، مما يشير إلى بداية دمجهما في القوات الجوية الإيرانية كبديل لطائرات F-14 Tomcats و F-4 Phantoms الأمريكية الصنع القديمة والتي تم شراؤها في السبعينيات.
وستكمل هذه الطائرات الجديدة أسطول إيران الحالي، والذي يتضمن طائرات MiG-29 و Su-24 الروسية، بالإضافة إلى نماذج محلية الصنع مثل Saeqeh و Kowsar.
لقد قامت إيران بإجراء تحسينات كبيرة على قواعدها الجوية لاستيعاب طائرات Su-35SE. والجدير بالذكر أن أول طائرتين من طراز Su-35SE تم تسليمهما مفككتين بواسطة طائرة شحن إلى طهران، حيث تم تجميعهما لاحقًا في قاعدة همدان الجوية.
تتميز هذه القاعدة، التي يشار إليها أيضًا باسم القاعدة الجوية التكتيكية الثالثة، الآن بحظائر جديدة أكبر مصممة خصيصًا لهذه الطائرات الأكبر حجمًا. بالإضافة إلى ذلك، قامت إيران ببناء منشآت محصنة، بما في ذلك قاعدة Eagle 44 الجوية تحت الأرض التي تم الكشف عنها في أوائل عام 2023، لتعزيز الأمن والاستعداد التشغيلي لأصولها الجوية، بما في ذلك طائرات Su-35.
و تقع هذه المرافق في موقع استراتيجي بالقرب من طهران والمواقع النووية الرئيسية والمناطق التي تتطلب استجابة سريعة للدفاع الجوي. مما يضمن قدرة المقاتلات الجديدة على العمل بأمان وفعالية مع تقليل التعرض للضربات الجوية في المواقع المركزية.
إلى جانب طائرات سو-35 إس إي، استحوذت إيران على طائرات تدريب من طراز ياك-130، والتي بدأت عمليات التسليم في عام 2023، وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز مي-28، لاستخدامها من قبل الحرس الثوري.
وفي أكتوبر 2024، أشارت التقارير أيضًا إلى أن إيران أعربت عن اهتمامها بطائرات سو-30 المقاتلة وقد تسعى إلى الحصول على اتفاقية إنتاج ترخيص لكل من طائرات سو-35 وسو-30، مع خطط لإنتاج ما بين 48 و72 وحدة. ومع ذلك، فإن القيود الاقتصادية والتحديات الفنية تجعل جدوى الإنتاج المحلي غير مؤكدة.
العلاقات العسكرية الروسية الإيرانية
لقد عملت إيران وروسيا على تعزيز علاقاتهما العسكرية والاقتصادية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وخاصة في مواجهة العقوبات الغربية. وفي أوائل عام 2024، انضمت إيران إلى الكتلة الجيوسياسية لمجموعة البريكس، لتتوافق بشكل أوثق مع الدول التي تسعى إلى بدائل للنظام العالمي الذي يقوده الغرب.
وتؤكد اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين طهران وموسكو على الجهود العسكرية المشتركة ضد التهديدات المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتعاون لمواجهة العقوبات.
على سبيل المثال، دعمت إيران روسيا بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية أثناء الصراع في أوكرانيا، بينما ردت روسيا بتسليم أصول حديثة، بما في ذلك نظام الحرب الإلكترونية مورمانسك-بي إن لمواجهة طائرات إف-35 الإسرائيلية.
مقاتلات Su-35SE
تعتبر الطائرة سو-35 إس إي نسخة تصديرية من سوخوي سو-35، وهي طائرة مقاتلة متعددة الأدوار من الجيل الرابع تم تطويرها كتحديث للطائرة سو-27 فلانكر.
وهي تتضمن إلكترونيات طيران حديثة ومحركين توربينيين من طراز ساتورن AL-41F1S وفوهات توجيه الدفع، مما يساهم في قدرتها على المناورة، كما يمكن للرادار إيربيس-إي، وهو عبارة عن مجموعة مسح إلكتروني سلبي، اكتشاف وتتبع ما يصل إلى 30 هدفًا في وقت واحد والتعامل مع ما يصل إلى ثمانية، مع مدى اكتشاف أقصى يبلغ 400 كيلومتر للأهداف الأكبر.
وتم تجهيز سو-35 بـ 12 نقطة تعليق تدعم حمولة تصل إلى 8000 كيلوغرام، بما في ذلك صواريخ جو-جو وذخائر موجهة بدقة ومدفع داخلي 30 ملم GSh-30-1. على الرغم من أنها ليست مصممة كطائرة خفية، إلا أنها تتميز بأنظمة إلكترونية مضادة تهدف إلى تعطيل أنظمة الرادار والصواريخ المعادية، مما يحسن من قدرتها على البقاء على قيد الحياة.
وبفضل مدى قتالي يتجاوز 2000 كيلومتر وقدرتها على إطلاق صاروخ R-37M القادر على تتبع الأهداف على مسافات تصل إلى 400 كيلومتر، تسمح طائرة سو-35 لإيران باستعراض قوتها في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك مضيق هرمز وما بعده، فضلاً عن إجراء دوريات جوية موسعة فوق الخليج العربي.
التحديات الجديدة لأمريكا وإسرائيل
ومن الممكن أن تعمل هذه القدرات على تحسين قدرة إيران على مراقبة العمليات البحرية التركية والإسرائيلية والأمريكية في المنطقة وتحديها، وتأمين الممرات الجوية الرئيسية، وتوفير الدعم الجوي للقوات المتحالفة في مناطق الصراع مثل سوريا.
كما أن الجمع بين أنظمة الرادار والصواريخ المتقدمة في طائرة سو-35 يعزز قدرة إيران على مواجهة الغارات الجوية والدفاع عن المواقع الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نشرها في قواعد محصنة مثل قاعدة همدان الجوية وقاعدة إيجل 44 يضمن أمن الطائرة وجاهزيتها التشغيلية. وهو ما قد يؤثر على استراتيجيات الدفاع لدى الخصوم الإقليميين، بما في ذلك إسرائيل والمملكة العربية السعودية في حين يعيد تشكيل توازن القوة الجوية في الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، توفر طائرة سو-35 إس إي قدرات محددة يمكن اعتبارها مفيدة ضد النسخ الإسرائيلية من الطائرات الأمريكية إف-35 لايتنينج 2 وإف-15 إيجل وإف-16 فايتنج فالكون.
و يمكن لرادار إيربيس-إي الخاص بها اكتشاف الأهداف على مسافات تصل إلى 400 كيلومتر، مما قد يسمح لها بتحديد الطائرات غير الشبحية مثل إف-15 آي راآم وإف-16 آي سوفا قبل اكتشافها.
في سيناريوهات ما وراء مدى الرؤية (BVR)، تتمتع صواريخ R-37 التي تحملها Su-35SE بمدى أطول مقارنة بصواريخ AIM-120D التي تستخدمها هذه المقاتلات.
في الاشتباكات ضمن مدى الرؤية (WVR)تمكن محركاتها الموجهة بالدفع من القدرة العالية على المناورة، والتي يمكن أن توفر ميزة على F-15I وF-16I. في حين أن ميزات التخفي في F-35I Adir تقلل من مقطعها الراداري فإن نظام البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء (IRST) في Su-35SE .
ويمكنه اكتشاف الطائرات بناءً على التوقيعات الحرارية، مما قد يخفف من هذه الميزة. يعتمد الأداء القتالي الفعلي على عوامل مثل خبرة الطيار وأهداف المهمة والأنظمة الداعمة.