الأربعاء. ديسمبر 25th, 2024

مهما حاولت الدولة التركية النفي والإنكار، فإن كل ما جرى من تطورات في سوريا، عبر تنحي الرئيس بشار الأسد واستلام الحكومة الانتقالية بقيادة هيئة تحرير الشام الحكم، هو بتخطيط وإشراف تركي مباشر.

 واللاعب الأبرز في كل هذه التطورات، الذي يمكننا اعتباره الحاكم الفعلي لسوريا اليوم، هو وزير الخارجية التركية حقان فيدان، الذي تولى سابقاً رئاسة الاستخبارات التركية، والذي يُرجّح بأن يكون خليفة رجب طيب أردوغان كرئيس للجمهورية التركية ولحزب العدالة والتنمية.

ففيدان الذي وصفه أردوغان منذ سنوات بأنه كاتم أسراره، هو الذي تصدّى منذ بداية التحوّل السوري الى رسم الخطوط العريضة لما يحصل، متنقلاً من شاشة تلفزيونية محلية إلى أخرى، وكأنه “قبضاي” أنقرة الذي استطاع تجنيب سوريا الدماء، عبر عقد الاتفاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران ومع روسيا.

لذلك لا يستطيع فيدان، بعد كل ما صرّح به هو ورئيسه أردوغان حول التطورات في سوريا، وبعد الزيارة العلنية الأولى لرئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالن الى دمشق والمسجد الأموي، أن ينفي ما قاله الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مؤخراً، حول أن تركيا نفذت عملية “استيلاء غير ودية” عبر سيطرة الفصائل المسلحة على سوريا، وأنها “ستمتلك قدرة التحكم – مفتاح – بمجريات الأحداث في سوريا”.

فهو معروف لدى الجميع بأنه “رئيس المخابرات والدبلوماسي الغامض”، والشخصية المحورية في المشهد الجيوسياسي المعقد في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين. والذي عمل كرئيس لجهاز الاستخبارات الوطني التركي (MIT) من سنة 2010 إلى سنة 2023، ثم وزيراً للخارجية التركية، وقد مارس فيدان نفوذاً لا مثيل له في تشكيل السياسة الخارجية التركية واستراتيجيات الاستخبارات.

ومن بين الجوانب الأكثر إثارة للجدل في حياته المهنية هو دوره في دعم الجماعات المسلحة السورية خلال المراحل الأولى من الحرب على سوريا، بهدف الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، ثم لاحقاً دور صلة الوصل الأمنية لإعادة العلاقات التركية السورية، وأخيراً دور قائد الدفة الخارجية للتغيير السوري.

فما هي أبرز وأهم المعلومات حول فيدان وحول علاقته بسوريا وهيئة تحرير الشام؟

  • من مواليد الـ 17 يوليو 1968 في أنقرة بتركيا، ونشأ في أسرة متواضعة. وبعد إكمال تعليمه الثانوي، انضم إلى القوات المسلحة التركية، حيث خدم كضابط صف. وخلال فترة خدمته العسكرية، كان متمركزًا في الخارج، بما في ذلك في عمليات الانتشار التابعة لحلف شمال الأطلسي – الناتو في ألمانيا. وقد شكل هذا التعرض للمؤسسات الدولية تفكيره الاستراتيجي وزوده بأساس في الشؤون العالمية.
  • ترك الجيش في سنة 2001 وواصل تعليمه العالي، وحصل على درجة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من كلية جامعة ميريلاند الأمريكية. وحصل لاحقًا على درجة الماجستير والدكتوراه مع التركيز على العلاقات الدولية ودراسات الأمن. وقد استكملت خلفيته الأكاديمية بخبرته العملية، مما مهد له الطريق لمهنة تتقاطع فيها الاستخبارات والدبلوماسية.
  • في سنة 2003، تم تعيينه رئيسًا لوكيل وزارة التجارة الخارجية في تركيا. وقد أظهرت قيادته لهذا الدور ومشاركته اللاحقة في وكالة التنمية التركية قدرته على إدارة المنظمات المعقدة. وفي سنة 2010، عُيِّن رئيسًا لجهاز الاستخبارات الوطني (MIT)، وهو الدور الذي جعله في طليعة سلطة اتخاذ قرارات السياسة الداخلية والخارجية لتركيا.
  • بعد اندلاع الحرب على سوريا في عام 2011، تولى بصفته رئيسًا لجهاز الاستخبارات الوطني، دورًا حاسمًا في دعم الجماعات التي وُصفت بـ “المعارضة” ضد نظام الرئيس بشار الأسد. فلتركيا تاريخ طويل من الأطماع في سوريا، ولطالما سعت أنقرة إلى تأكيد دورها كقوة إقليمية من خلال الإتيان بنظام سياسي قريب منها في سوريا (عبر الإخوان المسلمون أم حتى عبر هيئة تحرير الشام ذات المنهج السلفي). وقد تداولت الكثير من المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث، معلومات وشهادات حول الدور التركي في تسهيل تدفق الأسلحة والأموال والمقاتلين الأجانب إلى سوريا. وبحسب ما ورد أشرف فيدان، بصفته رئيسًا لجهاز الاستخبارات الوطنية (MIT)، على هذه العمليات، ونسق مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية مثل قطر والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية. كما لعب جهاز الـ MIT دوراً محورياً في إنشاء خطوط الإمداد اللوجستي للجيش السوري الحر ولجماعات مسلحة أخرى كجبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً). وأصبحت المدن الحدودية التركية مثل الريحانية وغازي عنتاب مراكز لوجستية لهذه الجماعات.
  • بعد سنوات من فشل تركيا والجماعات التابعة لها في إسقاط الدولة السورية، تولى فيدان المفاوضات مع رئيس الاستخبارات السورية ومستشار الرئيس بشار الأسد للشؤون الأمنية علي مملوك، لإعادة العلاقات الرئيس الأسد. ووفقا للصحافة الغربية، كان فيدان هو المسؤول عن تحسين العلاقات التركية مع العالم العربي وخاصة الإمارات ومصر وسوريا وليبيا.
  • منذ بدء هجوم الجماعات المسلحة الأخير، تولى فيدان بكل قوة الترويج لهيئة تحرير الشام وتلميع صورتها خارجيا وإعلاميا، فهو الذي قال: “لا أحد يعرفهم كما نعرفهم”، مضيفا بأن بلاده “وقفت إلى جانب هيئة تحرير الشام لسنوات” وأقنعت روسيا وإيران بعدم وقف هجومها الذي أطاح بالرئيس بشار الأسد.

 

 

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *